غزة- اتخذت مجموعات مسلحة خارجة عن القانون من حالة الفوضى، التي أراد الاحتلال الإسرائيلي تعميمها في قطاع غزة، غطاء لسرقة المساعدات المخصصة لأكثر من مليوني فلسطيني أنهكتهم الحرب المتواصلة منذ أكثر من 15 شهرا.

وهيأت قوات الاحتلال الإسرائيلي الظروف لعمل تلك العصابات في وسط وجنوب قطاع غزة، حيث تتخذ من الأماكن التي يوجد بها الجيش الإسرائيلي مقرا لانطلاق عمليات السطو على الشاحنات الواردة من معبر كرم أبو سالم الواقع جنوب شرق مدينة رفح.

وكشفت معلومات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت عن الدوافع الحقيقية للعصابات والبيئة المعقدة التي يعملون بها، واعترافات عدد ممن تمكنت الجهات الأمنية التعامل معهم رغم الخطر الذي يتهددهم.

خريطة لأماكن سرقة المساعدات الإنسانية (الجزيرة)  تحت حماية الاحتلال

وسُجلت أولى حالات سرقة المساعدات في مناطق جنوب القطاع بعدما تعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مطلع مايو/أيار 2023، إغلاق معبر رفح الذي كان يمد غزة بالمساعدات الواردة عبر الأراضي المصرية.

وكشف مصدر أمني -تمكن مراسل الجزيرة نت من الحديث معه- أنه مع ازدياد سرقة شاحنات المساعدات بشكل ملحوظ تبين وجود تنسيق كامل بين الاحتلال الإسرائيلي ومجموعات مسلحة، مما وفر لها غطاء أمنيا يضمن إفلاتها من العقاب.

وأكد المصدر الأمني، الذي رفض الكشف عن هويته، أن جماعات شبه منظمة وخارجة عن القانون تعمل وفق إستراتيجية محكمة تهدف لتعطيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها لمضاعفة الأزمة الإنسانية وتوظيفها كوسيلة ضغط على سكان القطاع.

إعلان

وبحسب المصدر ذاته، فإن تلك الجماعات، التي يقدر عدد أفرادها بالعشرات، تتمركز في مناطق محاذية للنقاط العسكرية الإسرائيلية، مما يتيح لها سهولة الحركة والتنسيق مع الجهات العسكرية التي تقدم لها الدعم اللوجيستي والأمني، وتجعلها أداة فعالة في تعطيل الجهود الإنسانية وخلق بيئة من الفوضى والحرمان بالتنسيق مع الاحتلال.

والمجموعات القائمة على سرقة المساعدات الإنسانية معروفة بسوابق جنائية مثبتة في المحاكم، بحسب المصدر، الذي يعزو نشاطها إلى تداخل المصالح الشخصية والجماعية مع الاحتلال، وتحقيق المكاسب المادية.

وعن مصير المساعدات التي تستولي عليها العصابات، يشير المصدر الأمني إلى أنهم يوجهونها إلى أسواق غير قانونية وجهات غير مرخصة تتاجر بها بشكل غير شرعي، لبيعها بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.

وأضاف أنه يتم استخدام المسروقات من قبل هذه المجموعات لتحسين وضعها المالي أو لتقوية نفوذها في ظل الصراع القائم والحالة الأمنية غير المستقرة، في بعض الحالات.

المساعدات تُسرق لأغراض مالية ولزيادة الضغط الإنساني بالقطاع بتواطؤ مع الاحتلال (مواقع التواصل) اعترافات متورطين

وتمكنت الجهات الأمنية في غزة من التعامل ميدانيا مع أشخاص عملوا ضمن عصابات سرقة المساعدات، واعتبروا ذلك خطوة حاسمة في الكشف عن الجناة الرئيسيين الذين يقفون خلف هذه الجرائم.

وقال المتهم (م.ذ) إنهم كانوا يسرقون المساعدات الإنسانية، التي يتم إدخالها إلى غزة، تحت غطاء أمني كامل من قبل قوات الاحتلال المتمركزة في المناطق الشرقية جنوب قطاع غزة، مضيفا أنها تذهب في معظم الأحيان إلى أفراد يعملون ضمن شبكات تساند الاحتلال، حسب ما كشفت عنه جهات أمنية للجزيرة نت. 

وأقر (م.ذ) بأنهم تلقوا تعليمات واضحة بعدم السماح للمساعدات من الوصول إلى النازحين الذين يعانون من الجوع، وذلك بتنسيق مع الاحتلال لضمان استمرار الأزمة الإنسانية.

إعلان

واعترف المتهم ذاته، بتوفير الطائرات المسيرة الإسرائيلية "كواد كابتر" حماية لفرق السطو أثناء مرو المساعدات، حيث كانت تحلق على مقربة منهم دون أن تشكل أي خطر عليهم.

من جهته، أفصح (ر.ش)، الذي قرر التوبة وتسليم نفسه للجهات الأمنية، عن تحديد قوات الاحتلال نقاط عمل لعصابات السرقة وتحذيرهم من التحرك في مناطق أخرى جنوب قطاع غزة.

وقال إنه تيقن أن السرقات تتم بتوجيه من أطراف مرتبطة بالاحتلال وتضمن لها الحماية الكاملة، والتحرك دون أي خوف من المساءلة أو الاستهداف.

وأن الهدف الرئيس كان هو نشر الجوع والفوضى وتأليب المواطنين ضد المقاومة.

وشنت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة سلسلة عمليات وصفتها بالحازمة لمواجهة المجموعات الخارجة عن القانون المتورطة في سرقة المساعدات الإنسانية.

وكشف المصدر الأمني تشكيل فرق خاصة من الأجهزة الأمنية لتعقب المجموعات وجمع الأدلة المتعلقة بنشاطاتها الإجرامية، وبناء عليها نفذت مداهمات ميدانية دقيقة استهدفت عددا منها، مما أدى إلى ضبط كميات كبيرة من المساعدات المسروقة وإعادة توزيعها على مستحقيها.

 نشر الفوضى

وفي السياق ذاته، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن قوات الاحتلال أرادت من خلال تسهيل عمل العصابات التنصل من المسؤولية المباشرة عن منع المساعدات عن غزة والظهور بأنها تسهل عملية تدفقها، لكن الواقع يشير إلى غير ذلك.

وأوضح الثوابتة -في حديث خاص للجزيرة نت- أن عشرات الشاحنات تسرق يوميا بما تحمله من مواد غذائية وأدوية ووقود للمستشفيات والمخابز عبر مجموعات خارجة عن القانون تعمل بتنسيق مع الاحتلال، مما يثير القلق حول الهدف الحقيقي وراء هذه العمليات.

ولفت إلى أن ملاحقة قوات الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الحكومية يحول دون محاسبة المتورطين بسرقة المساعدات، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لمحاسبة المتورطين في منع وصول المساعدات، وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي، وضمان تقديم الدعم اللازم للفئات الأكثر ضعفاً في غزة.

إعلان

وشدد الثوابتة على أن الاحتلال يهدف من خلال توجيه وحماية عصابات السرقة إلى نشر الفوضى وانعدام الثقة، مما يعمق من جراح المجتمع الفلسطيني الذي يعيش في حصار خانق ودمار مستمر نتيجة حرب الإبادة الجماعية.

وتعرضت مجموعات تأمين المساعدات في قطاع غزة لحوالي 149 استهدافا نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان، أسفر عن استشهاد 736 عنصرا وإصابة العديد منهم بجروح متفاوتة، بحسب البيانات الحكومية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المساعدات الإنسانیة الاحتلال الإسرائیلی سرقة المساعدات قوات الاحتلال مع الاحتلال عن القانون قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مساعدات وممر آمن.. غزة تسمع زميرًا ولا ترى طحينًا

غزة - خاص صفا

 

أحدثت "اسرائيل" زوبعة إعلامية بإعلانها المؤخر عن قرارات تنص على إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وذلك بعد إغلاق تام وحصار مطبق منذ خمسة اشهر، تسبب بحالة مجاعة أدت لارتقاء المئات جوعًا.

ولكن هذه القرارات المفاجئة والتي جاءت في وقت أعلنت فيه "إسرائيل" عودة وفدها المفاوض وانسحابها من مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة والتي استمرّت على مدار 19 يومًا، لم تكن سوى  مزامير، أرادت بها أن تهدىء من نقمة العالم على جريمة المجاعة التي تمارسها بغزة، وهي تتعامل كصاحب ثعابين يجلبها للصندوق، بهذه المزامير، كي يتقي شرها.

وقرر جيش الاحتلال يوم الأحد الماضي ادخال المساعدات لقطاع غزة، من خلال المعابر البرية والإنزال الجوي، وهدنة إنسانية في بعض المناطق لإنشاء ممر آمن للشاحنات، في مناورة، سرعان ما كُشفت على مرأى من العالم، إذ أن هذه القرارات لم ترّ على الواقع سوى محاولات إذلال المجوعين، وحرمان المساعدات من الوصول لمستحقيها.

وأكدت منظمات حقوقية وأممية دولية من بينها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان و"أونروا"، أن مناورة "إسرائيل" الإعلامية بشأن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة فاضحة ويُكذّبها الواقع وعلى المجتمع الدولي عدم التماهي مع سياسة إدارة التجويع.

وشددت المنظمات على أن جيش الاحتلال زعم أمس بدء سلسة إجراءات لتحسين الاستجابة الإنسانية في غزة لكن الواقع على الأرض كان مختلفًا تمامًا.

وأثبتت المعلومات الميدانية أنّ "إسرائيل" لم تبدأ سوى مناورة جديدة لتضليل الرأي العام العالمي من خلال الترويج لزيادة حجم المساعدات الإنسانية وفتح مسارات جديدة لإدخالها وهو ما ثبت عدم صحته بنهاية يوم أمس.

وسمحت سلطات الاحتلال بإدخال 73 شاحنة فقط إلى قطاع غزة و3 عمليات إنزال جوي بحمولة شاحنتين تقريبًا وجميعها أُجبرت على التوقف في مناطق حمراء أصدر الجيش أوامر بإخلائها.

وتؤكّد المؤسسات الدولية  والجهات الإغاثية التي تدير وتنفذ عمليات توزيع المساعدات على السكان بالقطاع ، أنها أيًا من تلك الشاحنات، كما روج الاحتلال بمناورات، وأن معظم الشاحنات المساعدات تعرضت لعمليات نهب من عصابات منظمة وسط غياب لأي مظاهر أمنية لتأمينها.

امتصاص النقمة 

ويقول رئيس الهيئة الدولية لحقوق الإنسان "حشد"، صلاح عبد العاطي لوكالة "صفا"، إن المساعدات لقطاع غزة المجاعة العالم على أن يضغط على الاحتلال، الذي حاول امتصاص هذه النقمة الدولية، بالإعلان عن هدنة إنسانية وفتح ممرات آمنة لتدفق المساعدات الإنسانية.

ويضيف "استبشر المواطنين الفلسطينيين بغزة خيراً، ولكن حتى الآن لم تدخل إلا أعداد محدودة من الشاحنات، ما لا يزيد عن بضعة عشرات من الشاحنات حيث لم يدخل بيومين سوى عشرين شاحنة من معبر زيكيم وعشرة شاحنات من كرم أبو سالم".

ويؤكد أن هذه الكميات غير كافية، موضحًا أن القطاع يحتاج لما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا بالإضافة لمستلزمات طبية بشكل عاجل وحليب الأطفال والمكملات ومختلف أنواع المواد الغذائية لتلبي احتياجات المواطنين.

وبشأن الحديث عن هدنة إنسانية حسبما روج الاحتلال، فردّ عبد العاطي بالقول "رصدنا استشهاد 60 مواطنًا بينهم 30 قرب مراكز المساعدات الأمريكية التي تحولت لفخاخ للقتل، وهذه الهدنة وهمية لم تتحقق".

تحذير من التراخي

ولذلك لا بد من استمرار الضغط العالمي من أجل إدخال المساعدات الانسانية، بمختلف الطرق وعلى رأسها الممرات والطرق البرية، وفق عبد العاطي.

وشدد على خطورة توزيع المساعدات بالإسقاط جواً، لأن هذا يمكن أن يوثر على حياة المدنيين الذين يعيش معظمهم في خيام، وقد يدفع بهذه المساعدات في مناطق يتواجد فيها جيش الاحتلال مما يودي لقتل أي من المواطنين الذين يمكن أن يذهبوا للحصول عليها.

كما قال "يجب أن يتم إدخال الشاحنات بالكميات الكافية بما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا، وضمان تدفق منتظم لها، على طوال الفترة وليس ليوم أو أيام لامتصاص النقمة العالمية".

وحذر من مغبة الاستجابة أو على الأقل التراخي الدولي في قبول هذه الممارسات، خاصة في ظل إعلان بعض الوزراء المتطرفين رفضهم دخول المساعدات وإعلان رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، بأن دخول المساعدات المحدودة هو جزء من أهداف الحرب.

ولذلك شدد على وجوب الحذر والمتابعة من أجل العمل على مستويين، هما ضمان وقف المجاعة، وإدخال المساعدات الإنسانية والعمل الجاد من أجل وقف حرب الابادة الجماعية.

وسجلت مستشفيات قطاع غزة ارتقاء ما يزيد عن 147 حالة بينها 88 طفلًا، بسبب المجاعة وسوء التغذية، الناتجة عن استمرار إغلاق المعابر منذ أشهر.

وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" حرب إبادة جماعية أدت لاستشهاد ما يزيد عن 59,821 شهيدًا بالإضافة لـ 144,851 إصابة، منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.

مقالات مشابهة

  • كيف يفكر الوحش الذي يستخدم التجويع لإخضاع الشعوب؟
  • استشهاد 13 فلسطينيًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة
  • مساعدات وممر آمن.. غزة تسمع زميرًا ولا ترى طحينًا
  • حكومة غزة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة ومصيرها
  • غزة – 87 شاحنة مساعدات دخلت القطاع اليوم
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • 4 ملايين محضر بتكلفة 14 مليار دولار.. عقوبة رادعة لسرقة الكهرباء
  • 35 ألف شاحنة مساعدات دخلت إلى غزة منذ بدء الأزمة الإنسانية في القطاع
  • غزة - الكشف عن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع اليوم