محللون: نتنياهو في أضعف لحظاته ولا يمكنه التراجع عن الصفقة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
مع بدء العد التنازلي للحظة وقف إطلاق النار التي انتظروها 15 شهرا، يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة حالة هدوء حذر، بينما يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إقناع الإسرائيليين باتفاق لا يبدو هو نفسه مقتنعا به، كما يقول محللون.
فقد أعلنت الخارجية القطرية ومكتب نتنياهو وكذلك الجيش الإسرائيلي أن الاتفاق الذي أعلن من الدوحة -يوم الأربعاء الماضي- سيدخل حيز التنفيذ في الثامنة والنصف صباح غد الأحد بالتوقيت المحلي للقطاع.
ومن المقرر أن تحصل إسرائيل على 33 من أسراها لدى المقاومة خلال المرحلة الأولى من الصفقة والتي ستبدأ صباح الأحد بتسليم 3 من النساء، لا يُعرف إن كن أحياءً أم أمواتا.
فقد أكد الصحفي بالجزيرة تامر المسحال أن إسرائيل رفضت توفير هدوء ميداني قبل يومين من موعد سريان الاتفاق حتى تتمكن المقاومة من تنفيذ استحقاقات اليوم الأول.
ووفقا لما قاله المسحال خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، فإن عملية التبادل الأولى ستشمل 33 أسيرا إسرائيليا من النساء ثم المجندات ثم الرجال ثم الجثامين. وسيتم الإفراج عن 3 نساء يوم غد الأحد فإن لم يكن هناك أحياء من النساء فسيتم الإفراج عن 4 أو 5 مجندات تختارهن المقاومة.
إعلانوسيتم إطلاق سراح كل واحدة من النساء المدنيات الإسرائيليات مقابل إطلاق سراح 30 امرأة أسيرة فلسطينية، في حين سيتم إطلاق 30 فلسطينية و20 أسيرا من ذوي المحكوميات العالية مقابل كل أسيرة مجندة، وفق المسحال.
وبعد الانتهاء من النساء والمجندات، سيتم الانتقال إلى مرحلة الرجال ثم الجثامين، وقد رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -وفق المسحال- مبادلة جثامين بجثامين وتمسكت بإطلاق كافة النساء والأطفال الذين اعتقلهم الاحتلال من غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
نتنياهو في أضعف حالاته
وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الاتفاق لا يضمن وقفا دائما للقتال ولا انسحابا لقواته من محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، إن نتنياهو بدا في أضعف حالاته منذ دخوله عالم السياسة تقريبا.
ويرى مصطفى أن نتنياهو "ظهر ضعيفا جدا في كلمته التي حاول خلالها إقناع الشارع الإسرائيلي باتفاق يعرف الجميع أنه هو نفسه غير مقتنع بل ومكره عليه بسبب ضغوط داخلية وخارجية".
وفي الأثناء واصل المتظاهرون الاحتشاد في تل أبيب للمطالبة بالبدء فورا في الاتفاق على تفاصيل المرحلة الثانية من الصفقة والتي يفترض أن تشمل إطلاق سراح 66 أسيرا، وذلك خشية أن يعمد نتنياهو لإفشال الصفقة بعد المرحلة، كما يقول مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام.
لكن مصطفى يستبعد إفشال الاتفاق بعد المرحلة الأولى رغم قناعته بإمكانية سعي نتنياهو لذلك، مؤكدا أن إسرائيل "تتوقع تصاعد المواجهة في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة، وهو ما أكده رئيس الشاباك خلال جلسة التصديق على اتفاق غزة".
واتفق الباحث السياسي سعيد زياد مع حديث مصطفى بقوله إن نتنياهو لا يمكنه إعلان نهاية الحرب حتى لا تفتح أمامه أمام المحاسبات، مشيرا إلى أنه قال الأمر نفسه على اتفاق لبنان ثم خرج الوسطاء وأكدوا أن الاتفاق يشمل وقفا نهائيا للحرب.
إعلان
أمل مشوب بالحذر
ويأمل الفلسطينيون في أن يضع هذا الاتفاق حدا للحرب التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها أودت بحياة نحو 50 ألف مدني 60% منهم من النساء والأطفال، فضلا عن آلاف الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.
كما دمرت الحرب أكثر من 90% من البنية التحتية في القطاع بما في ذلك طرق ومستشفيات وجامعات ومدارس ومحطات مياه وكهرباء وغيرها.
وقبل ساعات من موعد سريان الاتفاق، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه سيبدأ تطبيق الخطط الميدانية المضمنة في الاتفاق عند الساعة الثامنة والنصف صباحا، وأكد استعداده كذلك لتنفيذ ما قال إنها توجيهات تلقاها من المستوى السياسي الليلة الماضية.
وبعد يومين من القصف العنيف لمختلف المناطق، خفف جيش الاحتلال قصفه لمدينة غزة لكنه واصل نسف وحرق ما تبقى من المنازل في شمال القطاع وخصوصا في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، حسب ما أكده مراسل الجزيرة أنس الشريف.
كما واصلت مقاتلات الاحتلال ومسيرات تحليقها المكثف في سماء القطاع، وهو أمر قال الشريف إنه يبث القلق في نفوس السكان الذين يأملون في انتهاء الساعات المتبقية من الحرب دون خسارة مزيد من الشهداء.
وقصف الاحتلال مناطق في رفح جنوب القطاع مما أدى لسقوط نحو 10 شهداء وعدد من المصابين، وفق ما أكده مراسل الجزيرة مؤمن الشرافي.
وفي وسط وجنوب القطاع، تصاعدت عمليات النسف والقصف المدفعي التي يشنها الاحتلال من محوري نتساريم وفيلادلفيا، لكن مصادر أكدت للجزيرة أن هذه القوات بدأت تفكيك بعض المواقع وأبراج الاتصال والمراقبة، حسب ما نقله مراسل الجزيرة أشرف أبو عمرة.
وسيبدأ النازحون من مدن وسط وجنوب القطاع العودة لمنازلهم غدا الأحد، في حين سيكون على سكان الشمال الانتظار 7 أيام حتى تبدأ قوات الاحتلال الانسحاب من شارع الرشيد ومحور نتساريم حيث طريق العودة لبيوتهم، حسب كلام المسحال.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مراسل الجزیرة من النساء
إقرأ أيضاً:
في "مصائد الموت".. هكذا امتهن جيش الاحتلال كرامة نساء غزة
غزة- مدلين خلة - صفا في طابور طويل تحت لهيب الشمس، وقطرات العرق تتصبب من جبين أمهات غزة، بانتظار الحصول على بعض المساعدات من إحدى نقاط مراكز توزيع المساعدات الأمريكية، كانت" أم زهير" تُعد الدقائق لانتهاء كابوس الانتظار والعودة إلى أطفالها ببضع حفنات من الدقيق أو الأرز، كي تسد رمقهم، كونهم لم يتذوقوا الطعام منذ أسبوع. الخمسينية "أم زهير" اعتقدت أن المعاملة هناك ستكون مختلفة عما يحدث مع الرجال، بعد إعلان خُط بحروف عريضة: "نساء غزة نحن في انتظاركن"، إلا أنها وقعت ومثيلاتها من النساء في "مصيدة الموت". الصورة الوردية التي رُسمت في مخيلتهن سرعان ما أصبحت قاتمة، بعدما وجد النساء أرضية المركز تحتوي على عدد قليل من الطرود، التي لا تكفي لذلك العدد من السيدات، تلاها فتح النيران عليهن واستشهاد إحداهن وإصابة أخريات. مصائد الموت مع صباح يوم الخميس الماضي، انطلقت "أم زهير"، من جباليا نحو منطقة الشاكوش غربي مدينة رفح، وسارت مشيًا على الأقدام لساعات طويلة متحاملة على جوعها، لكنها عادت خالية الوفاض محملة بآلام جسدها. تقول لوكالة "صفا": "وقفنا في طوابير طويلة، ولم نرَ سوى أربعة طرود حصلت عليها عشر نساء، ثم طلبوا منا المغادرة، وعندما اعترضنا، رشّونا بغاز الفلفل". وتضيف "إحدى النساء كانت قد أحضرت صغيرها فاحترق جسده ولم تعد الرؤية واضحة، ثم بدأ الرصاص ينهال علينا من كل حدب وصوب حتى سقطت النساء أرضًا من الذعر والخوف والتعب". وتتابع "أخذت النسوة بالركض والنجاة بحياتهن وكأنه يوم القيامة دون النظر خلفهن، لقد كانت مصيدة، وليس مركز لتلقي المساعدات". وتردف "خرجتُ للحصول على بعض الطعام لصغاري كون زوجي كفيف ولا يستطيع إعالة الأسرة، إلا أنني وقعت في شباك الموت لأنجو منه بأعجوبة". وتمنع سلطات الاحتلال تدفق الغذاء والدواء والوقود إلى قطاع غزة، وتفرض قيودًا مشددة على إدخال المساعدات، ثم تحوّل نقاط توزيعها المحدودة إلى ساحات قنص وقصف وقتل جماعي. ذل وإهانة لم تكن "أم زهير" الوحيدة التي اضطرها الجوع للتوجه نحو "مصائد الموت"، بل كانت شبيهاتها كُثر، لتعود الحاجة "إم إسماعيل" (56 عامًا) خالية الوفاض تجر أذيال الخيبة، بعدم حصولها على قوت لأسرتها. تقول "أم إسماعيل" لوكالة "صفا": "لقد رأينا إهانة وذل، ذهبتُ لإحضار الطعام لي ولزوجي، لا نملك شيئًا نأكله، ولم أتخيل أن أتعرض للاهانة بهذه الطريقة". وتضيف "كنت أمنع أولادي من الذهاب هناك، خشية أن يأتيني أحدهم بكيس، وعندما سمعتُ عن يوم النساء، قررت الذهاب إلا أنني عُدت برصاصة في قدمي اليسرى". وتؤكد أن المعاملة هناك كانت وحشية وتتشابه كثيرًا مع ما يحدث للشباب، فالرصاص والدخان والإهانة اللفظية والدهس على المصابات والشهداء كان سيد الموقف. ويشهد القطاع أزمة إنسانية حادة ومجاعة حقيقية، جراء استمرار الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على الغزيين منذ 2 آذار/مارس الماضي، ومنع إدخال المساعدات والمواد الغذائية وحليب الأطفال. ومنذ بدء عملها في قطاع غزة في نهاية مايو/أيار 2025، شهدت مراكز توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية بشكل شبه يومي عمليات قتل واستهداف للمجوّعين. وحسب وزارة الصحة في غزة، بلغ إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 1,179 شهيدًا وأكثر من 7,957 إصابة.