انعكاسات اتفاق وقف إطلاق النار على الضفة
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
القدس المحتلة- بينما كان الوسطاء وأطراف الحرب يضعون لمساتهم النهائية في الدوحة على اتفاق وقف إطلاق النار المستعرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي دفع المزيد من قواته إلى الضفة الغربية ونشر 7 سرايا بدءا من أمس الأحد بالتزامن مع إطلاق أول دفعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل المتفق عليها.
وعلى أرض الواقع، عاشت الضفة ليلة الأحد/الاثنين على وقع انتشار مكثف للجيش الإسرائيلي وإغلاق عشرات البوابات على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، بالتزامن مع هجمات للمستوطنين أسفرت عن إصابات وحرق ممتلكات فلسطينية.
وجاءت تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي، اليوم الاثنين، عن الاستعداد "لحملات ملموسة" في الضفة في الأيام القليلة المقبلة "وذلك لنسبق المخربين والقبض عليهم قبل أن يصلوا إلى مواطنينا" وفق تعبيره، لتكمل الصورة عن المشهد القادم.
في قراءتهما لانعكاسات اتفاق غزة على الضفة الغربية، يرى محللان تحدثا للجزيرة نت أنها ستكون على أبواب تصعيد إسرائيلي ميداني، ومزيد من التدخل الإسرائيلي في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية.
عاجل | الجيش الإسرائيلي: تعزيز الدفاعات وعمليات لإحباط الإرهاب في الضفة الغربية استعدادًا للإفراج عن السجناء pic.twitter.com/ODDiqHFY24
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) January 19, 2025
إعلان تهديد ووعيديشير المحلل الفلسطيني وديع عواودة إلى "مخاوف حقيقة" على الضفة، في ظل ازدياد التهديد والوعيد الذي بدأ قبل الحرب وخلالها نتيجة موقف الضفة من الحرب وتأييدها والعمليات المستمرة ضد الاحتلال.
ويوضح أن قادة الأحزاب المكوِّنة للحكومة الإسرائيلية "يؤمنون بحسم الصراع مع الفلسطينيين كوزير المالية زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش وأمثاله، لذك يحاولون فرض حقائق على الأرض".
ولفت المحلل الفلسطيني إلى ازدياد كبير في عدد القتلى والجرحى من الجانبين، خاصة الجانب الفلسطيني في الضفة خلال الحرب.
وفي ظل تزايد الشعور داخل إسرائيل بأن الحرب لم تنجح في تحقيق أهداف مركزية، مقابل شعور بالانتصار لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "فهذا من شأنه أن يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمحاولة التعويض، وربما يحافظ على الائتلاف لتصعيد محتمل في الضفة".
ووفق عواودة، فإن خروج نتنياهو من الحرب بضغط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "قد يدفع لمحاولة إسرائيلية لفرض مزيد من الحقائق الجديدة في الضفة الغربية برضى أميركي".
وبرأي الكاتب الفلسطيني، فإن بإمكان السعودية منع التصعيد الإسرائيلي في الضفة من خلال رفض دخول دائرة التطبيع مقابل "وعود" فقط بدولة فلسطينية، "فالسعودية والدول العربية لديها الحد الأدنى من القدرة على منع فرض حقائق جديدة على الأرض تتنافى مع مفهوم حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".
من جهته، يقول المحلل السياسي والاقتصادي أحمد صفدي من القدس إن قرار الحكومة الإسرائيلية، في اجتماع الجمعة الماضي، للمصادقة على صفقة الأسرى امتد ساعات طويلة، في ظل تهديدات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وسموتريتش بالانسحاب من الحكومة.
وأضاف أن ذلك جعل نتنياهو يضيف هدفا آخر للحرب وهو بسط السيادة على الضفة وتوسيع الاستيطان، والاقتحامات المتواصلة لإرضائهما كهدية مقابل عدم تصويتهما على الانسحاب من الحكومة.
إعلانوتابع أن هدية نتنياهو تعني أن "ما يواجه الضفة والقدس مشروع خطير جدا من اليمين المتطرف".
واعتبر أن نشر الفرق العسكرية في الضفة قد يسبب انتفاضة ثالثة مسلحة لطالما حذرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منها.
دور السلطة
وفي ظل المخاطر الإسرائيلية على الضفة، يقول عواودة إن السلطة الفلسطينية "في هذه اللحظة التاريخية لديها مسؤولية تاريخية، وعليها أن تتجاوز الماضي وتتطلع للأمام وتضع في الاعتبار مصلحة غزة والشعب الفلسطيني قبل المصلحة هذا الفصيل أو ذاك".
وتابع أن أي رجوع من قبل السلطة للخلف والحديث عن محاسبات فصائلية يعني "خراب بيت، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
وقال إن المطلوب من حماس والسلطة "تليين موقفيهما نحو قرار مشترك لعمل كينونة مشتركة على أساس هدف مشترك يتعلق بغزة ومستقبل أهلها".
أما الصفدي فتوقع اتساع نطاق اقتحام مناطق الضفة لتعمد إحراج السلطة الفلسطينية، "بل وسيعمد الاحتلال لهدم منازل الفلسطينيين، خاصة في مناطق (ج)، ومصادرة الأراضي والاعتداء على القرى والبلدات وترك المستوطنين يكملون الدور معه دون حسيب أو رقيب وتكثيف اقتحام الأقصى من اليمين المتطرف والانقضاض على القدس وسكانها ومحلاتها التجارية".
وقال إن قدوم ترامب، الذي منح القدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الأميركية وصادق على الاستيطان في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، يتطلب أعلى مستوى من وحدة الكل الفلسطيني لمجابهة المشاريع الإسرائيلية.
وصباح أمس الأحد، بدأ سريان وقف إطلاق النار في القطاع يستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض على مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الضفة الغربیة على الضفة فی الضفة
إقرأ أيضاً:
لإنهاء المقاومة.. الاحتلال ينقل نموذج تدمير رفح لشمال الضفة الغربية
منذ شهور متواصلة، تقوم قوات الاحتلال بإجلاء كل الفلسطينيين مما تسميه "مثلث المقاومة" المتمثل في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بزعم تمكينها من العمل هناك دون عوائق، بعد أن وصلت لواقع إشكالي للغاية من الناحية الأمنية، وأصبح كل دخول لهذه المنطقة يتطلب عملية عسكرية كاملة، مع قتال مع المسلحين في الطريق، الأمر الذي دفعها لاتباع نموذج إخلاء الفلسطينيين، وتطهير المنازل من منزل لآخر، في محاكاة مكشوفة لما يتم من تدمير وتخريب في غزة.
وذكر أمير بار شالوم المراسل العسكري لموقع زمان إسرائيل، أنه "منذ عام ونصف، تم الحفاظ على المهمة التي حددتها القيادة السياسية للجيش بكثافة متفاوتة، بخفض مستوى عمليات المقاومة في الضفة الغربية لأدنى مستوى، وجاءت الهجمات الأخيرة التي قتلت عددا من المستوطنين تذكيرا بالإمكانات المتفجرة في هذه الساحة، وتحت رادار وسائل الإعلام، يطبق الاحتلال في الضفة الغربية ما يسميه نموذج رفح من خلال التدمير الواسع".
مثلث الهجمات
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "مثلث الهجمات المسلحة المتركزة في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، أصبح خالياً من الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، ويعمل الجيش فيه دون مقاومة تقريبا، عقب تحولها في العامين الأخيرين لنوع من المناطق المستقلة، حيث تخشى السلطة الفلسطينية دخولها، بينما يقاتل الجيش داخلها كلما كان ذلك ضروريا لتنفيذ اعتقالات أو عمليات تفتيش".
ونقل عن ضابط كبير أن "الواقع الأمني في هذه المخيمات بات إشكاليا للغاية، وأصبح الوضع فيها أسوأ وأسوأ، لأنه مع كل عودة للجيش، تشتد المعارك بشكل كبير، وتصبح أكثر تعقيدًا، مما دفعه للجوء لنموذج إخلاء السكان، والتطهير من منزل لمنزل".
وأشار أن "تقديرات الجيش تتحدث عن إجلاء عدة آلاف من الفلسطينيين، أو تركهم في المخيمات الثلاثة، عقب تدهور الوضع الأمني، وزيادة التهديدات المتمثلة في تحولها إلى مختبرات للمتفجرات، اعتمادا على المعرفة والتمويل من الخارج، واستخدام مواد مزدوجة الاستخدام قادمة من دولة الاحتلال ذاتها، وقد تم مؤخرا اكتشاف مختبر ضخم في طولكرم، يحتوي على 200 شحنة جاهزة للتفعيل، و150 أكسيداً وأسمدة زراعية تستخدم كمواد خام، وقد أطلق على هذه الظاهرة من المنظمات المحلية اسم "الكتائب".
وذكر ان "هذه الكتائب تعتمد على فلسطينيين محليين يعرفون كل حارة وزقاق، واستفادت من مبالغ مالية كبيرة تصلها من الخارج، وهي في الغالب من العملات المشفرة عبر المنصات الرقمية، بحيث يمكن تحويل آلاف الدولارات من خيمة في غزة، أو مكتب في بيروت، وباتت أجهزة الأمن ترى هذه التحويلات المالية من المنطقة بأكملها: لبنان، وإيران، والأردن، وسوريا، وحتى غزة".
تحديات ماثلة
وزعم أن "مخيم جنين هو أحد المعاقل الأكثر صعوبة في الاقتحام منذ سنوات، وقام الاحتلال في السنوات الأخيرة بمداهمته عشرات المرات، وفي كل مرة نجحت البنية التحتية للمقاومة في التعافي، لكن اجتياح المخيم مؤخرا أدى لتشتّت التنظيمات المحلية، والبحث عن مأوى في المجتمعات المحيطة، فيما توقفت كتائب جنين عن الوجود، وأصبحت ملاحقة، وفي الوقت الحالي، تتضمن قائمة المطلوبين لدى الاحتلال عشرة أسماء، جميعهم من منطقة مثلث مخيمات اللاجئين".
وأوضح أن إطلاق الجيش لعملية "السور الحديدي في هذا المثلث تعتبر حلا جزئيا لمرة واحدة، وبدون خطة شاملة فإن نتائجها ستتآكل، وقد طرح الجيش على المستوى السياسي ثلاث مشاكل أساسية، وبدون حلها فإن النجاح الحالي في خفض مستوى الهجمات سيكون مؤقتا فقط، أولاها الحدود الشرقية مع الأردن، فرغم الجهود المكثفة التي يبذلها الجيش والشاباك والشرطة، فلا تزال مخترقة، ومن خلالها تتدفق كميات كبيرة من الأموال والأسلحة للضفة الغربية، ويعمل الجيش حاليا على إنشاء الفرقة الشرقية، للمحافظة على هذا الخط، ولكن دون وجود عائق مادي كالموجود على حدود لبنان ومصر، فلن يتم إغلاق الخط".
العرض والطلب على السلاح
ولفت المراسل إلى أن "المشكلة الثانية هي المعابر وحاجز التماس، فرغم العمل المكثف هنا منذ سنوات، لكنه لا يزال مفتوحا، ويؤكد الجيش على الطبيعة الإشكالية للمعابر، لأنه تعمل باتجاه واحد فقط، وتقوم بفحص المركبات الداخلة من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وليس العكس، وبدون التفتيش المزدوج، سيكون صعبا للغاية التعامل مع تدفق المواد ذات الاستخدام المزدوج والأسلحة القادمة من الداخل المحتل، وقد كشفت حرب غزة كيف أن السوق الإسرائيلية أغرقت المناطق الفلسطينية بالأسلحة".
وشرح ذلك قائلا إنه "قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كان سعر القنبلة اليدوية في الأراضي الفلسطينية 3000 شيكل، قرابة 800 دولار، أما اليوم فهو 400 شيكل، أي 110 دولارا، وهذه حالة نموذجية للعرض والطلب، ولسد هذه الفجوة، من الضروري مضاعفة القوى العاملة، ووسائل التفتيش على المعابر، وهذا مشروع سيكلف مليارات الدولارات".
وختم قائلا إن "المشكلة الثالثة هي التوجيه الرقمي، من حيث المعرفة والمال، وهذا العمل معقد، ويتطلب حلاً شاملاً يشبه ما كانت عليه وحدة "تسالسيل" التابعة للموساد التي تعاملت مع طرق تمويل التنظيمات المسلحة، وقد وافق رئيس الأركان إيال زامير فور توليه منصبه على خطة العمليات في شمال الضفة الغربية، وأمر بإضافة كتيبتين إضافيتين لضمان عدم امتداد هجمات المقاومة من الشمال إلى ما وراء الطريق السريع.