اختتمت ورشة العمل التحضيرية للعملية السياسية بعد الحرب أعمالها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا هذا الأسبوع، بمشاركة واسعة من القوى السياسية السودانية، بما في ذلك شخصيات تنتمي إلى الحركة الإسلامية السودانية، وأحزاب من مختلف الطيف السياسي، إضافة إلى مجموعات مدنية.

أهمية الورشة في السياق السياسي السوداني
تأتي هذه الورشة في وقت بالغ التعقيد، حيث تستمر الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، مما أدى إلى تمزق النسيج السياسي والاجتماعي للبلاد، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.

وعليه، فإن أي محاولة لتأسيس عملية سياسية بعد الحرب تتطلب توافقًا واسعًا بين القوى السياسية والمدنية والمجموعات المسلحة، وهو ما تسعى إليه مثل هذه المبادرات.

أهداف القوى المدنية من المشاركة في الورشة
تسعى القوى المدنية، من خلال هذه الورشة، إلى تحقيق عدد من الأهداف التي يمكن أن تؤثر بشكل جوهري على مستقبل السودان السياسي، ومن أبرزها:
وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية
تعتبر هذه الأولوية القصوى للقوى المدنية التي ترى أن استمرار الحرب يعمق الأزمات السياسية والاجتماعية ويهدد بتمزيق وحدة السودان. لذلك، تحاول هذه القوى الدفع نحو اتفاق لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة.

التأسيس لحوار سياسي شامل
القوى المدنية، التي شاركت في هذه الورشة، تدرك أن أي حل سياسي مستدام يجب أن يكون شاملاً، بحيث يشمل كل الفاعلين السودانيين من مختلف الخلفيات السياسية، بما في ذلك القوى الرافضة للحرب وتلك التي شاركت فيها.
استعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي
يمثل إنهاء الحكم العسكري وإعادة السودان إلى مسار الحكم المدني مطلبًا أساسيًا للقوى المدنية، التي تسعى إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية ودستورية تعكس تطلعات الشعب السوداني.

محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات
تحاول بعض القوى المدنية الدفع نحو آلية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي وقعت خلال الحرب، سواء من طرف القوات المسلحة أو قوات الدعم السريع، وذلك لضمان تحقيق العدالة الانتقالية وعدم إفلات الجناة من العقاب.

تفكيك بنية الاستبداد وإصلاح المؤسسات

القوى المدنية تدرك أن أي تسوية سياسية بعد الحرب يجب أن تتضمن إصلاحات هيكلية في المؤسسات الأمنية والقضائية والاقتصادية، لضمان عدم تكرار التجارب السابقة التي أدت إلى إعادة إنتاج الأنظمة السلطوية.

التحديات التي تواجه القوى المدنية
على الرغم من الأهداف الطموحة التي تسعى القوى المدنية لتحقيقها من خلال المشاركة في الورشة، إلا أن هناك عدة تحديات تعترض طريقها، أبرزها:

هيمنة القوى العسكرية على المشهد: لا تزال المؤسسة العسكرية طرفًا فاعلًا في الصراع، مما يجعل من الصعب تنفيذ أي اتفاق سياسي دون موافقتها أو ضغوط دولية فعالة.
التباينات داخل القوى المدنية: عدم وجود موقف موحد بين القوى المدنية يجعل من الصعب تحقيق تقدم ملموس، خصوصًا في ظل تباين وجهات النظر حول التعامل مع الإسلاميين والعناصر المرتبطة بالنظام السابق.
ضعف التأثير في المفاوضات الدولية: القوى المدنية لا تملك النفوذ الكافي لفرض أجندتها على المفاوضات الدولية والإقليمية، خاصة في ظل تدخل قوى إقليمية ودولية ذات مصالح متباينة في السودان.

الآفاق المستقبلية
إذا تمكنت القوى المدنية من تجاوز خلافاتها الداخلية، وتعزيز موقفها التفاوضي، وتوحيد مطالبها، فقد تنجح في التأثير على مخرجات أي عملية سياسية مستقبلية. ومع ذلك، فإن نجاح أي اتفاق سياسي سيعتمد على مدى قدرة جميع الأطراف، بما في ذلك العسكريون، على الالتزام بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وتحقيق انتقال حقيقي نحو حكم مدني ديمقراطي.

في النهاية، تبقى هذه الورشة خطوة في طريق طويل وشاق، لكن نجاحها أو فشلها سيحدد إلى حد كبير ملامح السودان في المرحلة المقبلة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة هذه الورشة بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

مساعد وزير الخارجية المصري السابق : الدخول في المثلث الحدودي محاولة لجر مصر للحرب في السودان

أكد مساعد وزير الخارجية مسؤول ملف السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى أن العدوان المشترك بين مليشيا الدعم وقوات خليفة حفتر على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا هو محاولة لجر مصر للحرب في السودان.

وقال عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم، في تصريح خاص لموقع “المحقق” الإخباري، إنها محاولة لنقل الحرب للحدود المصرية السودانية، مشدداً على أن القيادة المصرية لن تنجر لحرب خارج حدودها، مضيفاً “كانت هناك محاولات عديدة في السابق لجر مصر مثلما حدث في مطار مروي في بداية الحرب، وادعاء الدعم بأن مصر ستشارك بطيرانها،

وكذلك مزاعم قائد قوات المليشيا محمد حمدان المتكررة بتدخل مصر في الحرب بالسودان”، مؤكداً أن هذه الاتهامات عارية تماما من الصحة، مشيراً إلى العلاقات الجيدة بين مصر وحفتر، وقال إن حفتر له قراراته التي تتوافق مع مصالحه.

كما أكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن مصر قادرة على حماية حدودها،
وقال تقديري أن مصر لن تنساق إلى هذا المستنقع، وموقفنا واضح في الدفاع عن الأراضي المصرية ولن نُجر إلى حرب إقليمية، مضيفاٍ أن موقف مصر الأساسي هو إيقاف القتال ووقف إطلاق النار في السودان والبدء في إعادة تعمير البلاد، موضحا أن هدف المليشيا من الدخول في المثلث الحدودي هو نقل الحرب إلى مناطق أخرى، بعد هزائمها في المناطق ذات الأهمية الكبرى في وسط السودان (الخرطوم – الجزيرة – سنار وغيرها)،

وقال إن شمال وغرب كردفان الآن تشهد عمليات كر وفر، ولذلك كان لابد من فرقعة إعلامية وسياسية لنقل الحرب لمناطق جديدة تحت سيطرة الجيش لرفع الروح المعنوية للمليشيا، لافتاً إلى أن هجمات الطيران السوداني على مطار نيالا كبدت الدعم خسائر فادحة،
وقال إن نقل الحرب للمثلث الحدودي تهدف لتشتيت جهود الجيش السوداني في مناطق جديدة

القاهرة – المحقق- صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «غرفة دبي» و«الاقتصاد»تستعرضان اتفاقيات الشراكة الشاملة أمام مجالس الأعمال
  • “التطورات الدستورية المهمة” .. السفير الزين يلتقي مفوض السلم والأمن والشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي
  • مساعد وزير الخارجية المصري السابق : الدخول في المثلث الحدودي محاولة لجر مصر للحرب في السودان
  • المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
  • السودان: حرب بلا معنى (2)
  • التجمع يطالب بإجراء الانتخابات بقائمة وطنية..ويدعو أحزاب المدنية للانضمام لها
  • رينارد يعلق بعد خسارة الأخضر أمام أستراليا
  • أزمة تجنيد الحريديم تعصف بالحياة السياسية في إسرائيل.. هل تسقط حكومة نتنياهو؟
  • حين يصير الموت مزدوجًا.. الكوليرا تُكمل ما بدأته الحرب في السودان
  • تحذير إسرائيلي من عواقب استمرار ارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين