موقع النيلين:
2025-07-29@21:16:52 GMT

د. مزمل أبو القاسم: قراءة في خطاب البرهان

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

* ما لا يحتمل الجدال أن هذه الحرب قسّمت البلاد وأهلها إلى فسطاطين لا ثالث لهما، أولهما فسطاط الحق والكرامة المصطف مع جيش الوطن في مواجهة المليشيا الغاصبة، سعياً لإفشال مخطط اختطاف الدولة السودانية وتهجير أهلها ونهب مواردها، وفسطاط التمرد والعمالة والخيانة الذي يضم المليشيا وداعميها.

* ذاك هو التعريف الحقيقي للمعسكرين اللذين أفرزتهما الحرب، وليس معسكري (نعم للحرب ولا للحرب)، كما تحاول القوى السياسية المتورطة في دعم التمرد تعريف المعسكرين وتصنيفهما، للتمويه على موقفها المخزي من الوطن وجيشه ومواطنيه.

* نثبت هنا للفريق البرهان أنه عزَّز في خطابه الأخير التعريف الموضوعي للمعسكرين، وإن تسببت إحدى عباراته في جدلٍ شديد، وهي المتعلقة بالإسلاميين تحديداً، عندما قال لهم: (ما تحلموا بأن تعودوا إلى الحكم على أشلاء ودماء الشعب السوداني)؛ لأن الموقف المعلن للإسلاميين يشير إلى أنهم أكدوا مراراً عدم رغبتهم في المشاركة في حكم الفترة الانتقالية، واصطفوا (مع قوى وطنية أخرى عديدة) إلى جانب القوات المسلحة، ودفعوا بعدد كبير من أبنائهم للقتال مع الجيش، وقدموا أرتالاً من الشهداء والجرحى والأسرى في معركة الكرامة، وبالتالي فهم غير معنيين قطعاً بالحديث عن سفك دماء السودانيين وتمزيق أشلائهم في هذه الحرب تحديداً، بقدر مساهمتهم حمايتها وحفظها وإسنادهم لجيشٍ قوي، أثبتت هذه الحرب الضروس أنه عصيٌّ على الانكسار.

* بخلاف ذلك لم يحوِ خطاب البرهان ما يسوء الإسلاميين، سيما وأنه حفظ لهم حقهم الدستوري في أن يظلوا موجودين في الساحة السياسية بلا عزلٍ ولا إقصاء، وأن يخوضوا غمار السباق الانتخابي مع بقية القوى السياسية بعد نهاية الفترة الانتقالية، إذ لم يرد على لسانه هذه المرة وصف (المحلول) ولا عبارة (ما عدا المؤتمر الوطني) المعتادة منذ سقوط حكم الإنقاذ في 11 أبريل 2019.

* من المثالب المأخوذة على الخطاب الضافي اللهجة المهادنة للقوى السياسية المتورطة بالتحالف مع التمرد، ولا نعني هنا التوجيه بالسماح لهم باستخراج جوازاتهم وبقية أوراقهم الثبوتية، لأن ذلك حق دستوري لا يجوز حجبه عن أي مواطن تحت أيِّ ظرف، بل نعني المجاهرين منهم بإسناد المليشيا الغاصبة، المتفاخرين بدعمها والكيد للجيش ومحاربته ورميه بما ليس فيه، والاجتهاد لمساواته مع الأوغاد.. هؤلاء يجب أن يؤخذوا بالشِدَّة ولا يستحقون أن يُخاطبوا بلهجة هادئة عطفاً على مواقفهم المخزية.

* بخلاف ذلك لم نجد في خطاب البرهان ما يستوجب النقد أو التصويب، لأنه أثبت لكل من ساهموا في الذود عن البلاد وأهلها حقهم، وامتدحهم ونوّه بهم، كما أثبت على القوى المتماهية مع التمرد تهمة شن الحرب على الدولة ومواطنيها، والتورط في العدوان على البلاد وإيذاء العباد، وفي ذلك حقٌ خاص لملايين السودانيين، لا يجوز له ولا يحق لأيِّ مسئول أن يتنازل عنه مطلقاً.

* من كادوا للجيش وتآمروا عليه وحاولوا إعفاء المرتزقة من تهمة قتل آلاف المدنيين العُزّل في قُرى ولاية الجزيرة تحديداً، واجتهدوا في توفير الغطاء القانوني والأخلاقي لمذابح ود النورة والتكينة والحُرقة وأب قوتة والهلالية وغيرها بالحديث عن وجود مستنفرين مسلحين سعياً لإلصاق وزر ارتكاب تلك المذابح المروعة بالجيش أصبحوا شركاء فيها مع المتمردين، ويجب أن يُحاكموا ويعاقبوا عليها بصرامة، ولا تجوز مسامحتهم مطلقاً، لأنهم ولغوا مع المليشيا في دماء أهلنا المغدورين المنكوبين ولطخوا أياديهم بها.

* وفي المجمل، أتى الخطاب إيجابياً ويرسم ملامح واضحةً لمسيرة الفترة الانتقالية، ويحدد موجهاتها، ويؤكد انتهاء عهود الاستهبال السياسي بحظر مشاركة أي حزبٍ في الحكم بلا تفويض انتخابي، وأن البلاد ستُدار بحكومة كفاءات مستقلة، يقودها رئيس وزراء مدني بصلاحيات كاملة، وأن الفترة الانتقالية ستنتهي بانتخابات شفافة وحرة ونزيهة يقول فيها الشعب السوداني كلمته، ويختار فيها من يحكمه.. وعهدنا بالقوى التي نعنيها أنها لا تطيق سيرة الانتخابات مطلقاً.

* إلى ذلك الحين نقول للبرهان يمم وجهك شطر شعبك، فهو الرصيد الأبقى والسند الأقوى ولا تحفل بالضغوط الدولية طالما أن شعبك مصطفٌ خلفك، ونقول للجميع لا تفاوض مع العملاء ولا المتمردين ولا عودة عن الاجتهاد لدحرهم، فقوموا إلى واجبكم وواصلوا إسناد جيشكم، وانصرفوا إلى الأهم وقدموه على المُهم، وتفرغوا لاستكمال مسيرة التحرير ودحر التمرد وتنظيف كل أرجاء بلادنا من دنس المليشيا الغاصبة وكفلائها الأوغاد.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة

إقرأ أيضاً:

إعلان الحكومة الانتقالية خطوة لتحقيق الاستقرار في السودان

قال مستشار قائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله حسن، اليوم الأحد، إن إعلان "تحالف السودان التأسيسي" تشكيل المجلس الرئاسي واختيار رئيس وزراء حكومة السلام الانتقالية، خطوة لتحقيق الاستقرار للشعب السوداني.

وأضاف حسن في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن هناك "العديد من الدول التي تدعم تشكيل هذه الحكومة الانتقالية".

وتابع قائلا: "الحكومة الجديدة منفتحة على كل الأحزاب لتحقيق تطلعات الشعب السوداني".

واختتم تصريحاته بالقول إن "من أهم أولويات الحكومة الجديدة هو إيقاف الحرب في السودان".

وأعلن "تحالف السودان التأسيسي"، السبت، تشكيل المجلس الرئاسي واختيار رئيس وزراء حكومة السلام الانتقالية.

وأفاد الناطق الرسمي باسم "تحالف السودان التأسيسي"، علاء الدين عوض نقد، بأن الهيئة القيادية للتحالف عقدت يوم الخميس 24 يوليو دورة الانعقاد الثانية لمناقشة عدة نقاط مهمة، من بينها تشكيل المجلس الرئاسي واختيار رئيس وزراء حكومة السلام الانتقالية.

وأوضح أنه بعد مداولات مثمرة وحوارات اتسمت بالهدوء والموضوعية، فقد توصلت الهيئة القيادية لمجموعة من القرارات وهي:

• تأسيس المجلس الرئاسي لحكومة السلام الانتقالية من 15 عضوا، من ضمنهم حكام الأقاليم.
• محمد حمدان دقلو سيرأس المجلس الرئاسي لحكومة السلام الانتقالية.
• اختيار تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء في حكومة السلام.

وكشف نقد أن الهيئة القيادية لتحالف السودان التأسيسي: "تواصل مناقشة بقايا القضايا في الأجندة المدرجة في جدول أعمال الدورة الثانية للانعقاد".

وشدد على أن الهيئة القيادية "تجدد تأكيدها على بناء وطن يسع الجميع وسودان جديد علماني ديمقراطي لا مركزي وموحد طوعيا قائم على أسس الحرية والسلام والعدالة والمساواة".

مقالات مشابهة

  • باحث علاقات دولية: خطاب الرئيس السيسي أكد محورية الدور المصري في القضية الفلسطينية | خاص
  • ???? مناوي .. شوية مع دول وشوية مع دول!
  • قوات “القاسم” تنعي الشهيد “أبو علي” عضو الهيئة العسكرية في غرب غزة
  • السيسي في خطاب شخصي الى ترامب: من فضلك اوقف الحرب على غزة
  • غزة بين فكّي الابتزاز والتصعيد: قراءة في خطاب ترامب وخيارات تل أبيب
  • أهالي أسرى الحرب في بيان: نناشد رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بالتدخل العاجل للكشف عن مصير أبنائنا الذين انقطع الاتصال بهم
  • الأكاذيب المُمأسسة وتواطؤ النخب: لماذا تحتاج تل أبيب إلى صمت العرب كي تستمر الحرب؟
  • بيت الناظر
  • حالة وحيدة تُلزم بالحصول على «شقة بديلة» قبل انتهاء الفترة الانتقالية.. اعرف التفاصيل
  • إعلان الحكومة الانتقالية خطوة لتحقيق الاستقرار في السودان