علي بن عبدالوهاب الحرمي **

 

تُعد مؤشرات الأداء الرئيسية أدوات مهمة تستخدم لقياس وتقييم فعالية وكفاءة العمليات في مختلف المجالات، سواءً كانت اقتصادية، اجتماعية، أو إدارية، وفي سياق العمل البلدي، تبرز أهمية هذه المؤشرات في قدرتها على تقديم صورة شاملة ودقيقة حول مدى تحقيق الأهداف المرسومة وجودة الخدمات المقدمة للجمهور.

لذلك، فإن تطبيق مؤشرات الأداء لتطوير ومراقبة أداء العمل البلدي يُسهم بشكل كبير في استدامة نظافة المدن وتطويرها وازدهارها.

ومؤشرات الأداء، والمعروفة اختصارًا بـ(Key Performance Indicators - KPIs)، هي مجموعة من المقاييس الكمية والنوعية التي تُستخدم لتقييم مدى نجاح منظمة أو إدارة معينة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وهذه المؤشرات تتنوع لتشمل جوانب مختلفة من العمل مثل الكفاءة، والجودة، والاستدامة، والفعالية. وتهدف إلى توفير بيانات دقيقة تُسهم في اتخاذ قرارات مبنية على معلومات موثوقة، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام. وفي إطار العمل البلدي، تُعتبر مؤشرات الأداء أداة أساسية لتحسين جودة الخدمات المقدمة. فهي تُمكن البلديات من تحديد مستويات جودة الخدمات وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير. على سبيل المثال، يمكن لمؤشرات الأداء قياس مدى رضا المواطنين عن خدمات النظافة، وبالتالي تحديد المناطق التي تعاني من نقص في هذه الخدمات والعمل على تحسينها بشكل فعّال. بهذا، تُسهم مؤشرات الأداء في رفع مستوى الخدمات العامة المقدمة للسكان.

علاوة على ذلك، تُسهم مؤشرات الأداء في تعزيز الاستدامة في العمل البلدي. من خلال قياس الأداء البيئي، يمكن للبلديات تحديد مدى تأثير عملياتها على البيئة والعمل على تحسينها بما يتماشى مع أهداف الاستدامة. على سبيل المثال، يُمكن استخدام مؤشرات الأداء لقياس كفاءة استهلاك الموارد الطبيعية، مما يُساعد في تقليل الهدر وتعزيز الاستدامة البيئية في المدن. وتعد الرقابة والمساءلة من الجوانب الأساسية التي يُمكن تعزيزها بفضل مؤشرات الأداء. فهذه المؤشرات توفر وسيلة موضوعية لتقييم الأداء البلدي، مما يعزز الشفافية ويضمن مساءلة المسؤولين عن تحقيق الأهداف المرسومة. إضافةً إلى ذلك، تعزز هذه المؤشرات من ثقة الجمهور في قدرة البلديات على تقديم خدمات عالية الجودة وفاعلة، مما ينعكس إيجابيًا على العلاقة بين المواطن والبلدية.

وفيما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، تُسهم مؤشرات الأداء في دعم هذه العملية داخل البلديات. من خلال جمع وتحليل البيانات، يمكن للمسؤولين وضع خطط استراتيجية تستند إلى معلومات موثوقة تعكس الواقع الحالي وتحدد الاحتياجات المستقبلية. وهذا يُساعد في توجيه الموارد بشكل أمثل لتحقيق الأهداف وتحسين الخدمات العامة بما يتناسب مع تطلعات المواطنين. إنّ تطبيق مؤشرات الأداء ليس مجرد عملية تقنية أو إدارية، بل هو عنصر أساسي في تحقيق استدامة نظافة المدن وتطويرها وازدهارها. فالنظافة، على سبيل المثال، تُعد من العناصر الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة المواطنين والمقيمين. من خلال تطبيق مؤشرات الأداء المتعلقة بالنظافة، يمكن للبلديات مراقبة وتقييم جهود النظافة بفعالية، مثل قياس كمية النفايات التي يتم جمعها ومعالجتها وتحليل مدى فعالية عمليات إعادة التدوير. وهذا يؤدي بدروه إلى تحسين النظافة العامة وتقليل التلوث، مما يعزز من استدامة المدن وجعلها ملائمة أكثر للعيش.

أما بالنسبة لتطوير البنية الأساسية، فإن مؤشرات الأداء تُسهم كذلك في تطويرها بشكل مستدام. فمن خلال قياس مدى فعالية مشاريع البنية الأساسية مثل الطرق، والجسور، والمرافق العامة، يمكن للبلديات تحديد جوانب القوة والضعف في هذه المشاريع والعمل على تحسينها. وهذا بدوره يعزز من جودة الحياة ويحقق التنمية المستدامة التي تصب في مصلحة المدن وسكانها. علاوة على ذلك، تسهم مؤشرات الأداء في خلق بيئة ملائمة للاستثمار والتنمية الاقتصادية. فالمدن التي تتمتع بخدمات عامة عالية الجودة واستدامة بيئية تجذب الاستثمارات وتوفر بيئة مواتية للأعمال، مما يؤدي إلى ازدهار اقتصادي واجتماعي. هذا الازدهار يعزز من مكانة المدن ويجعلها مركزًا للجذب السكاني والاقتصادي، ما يؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للسكان.

وبالرغم من الفوائد الكبيرة لتطبيق مؤشرات الأداء في العمل البلدي، إلّا أن هناك تحديات قد تواجه البلديات في هذا الصدد. ومن أبرز هذه التحديات الحاجة إلى بناء قدرات بشرية وتقنية قادرة على جمع وتحليل البيانات على نحو دقيق وفعَّال. كما يتطلب الأمر توفير موارد مالية كافية لدعم هذه العمليات. ومع ذلك، يمكن للبلديات تحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال الاستثمار في التدريب والتطوير وبناء شراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني. كذلك، يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين عمليات جمع وتحليل البيانات؛ مما يُسهم في تعزيز الكفاءة والدقة في الأداء البلدي.

وعليه.. يمكن القول إنَّ مؤشرات الأداء تمثل أداة أساسية لتطوير ومراقبة أداء العمل البلدي، وإن تطبيقها بفعَّالية يُمكن أن يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات، وتعزيز الاستدامة، وزيادة مستوى الرقابة والمساءلة، وكل ذلك يُسهم في استدامة نظافة المدن وتطويرها وازدهارها، ويجعل من تطبيق مؤشرات الأداء خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لتحقيق التنمية المُستدامة في المدن.

** باحث في مؤشرات الأداء

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني

الدوحة - أشاد محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي بالمواقف الثابتة والراسخة لدولة قطر، تجاه دعم العمل العربي المشترك، والقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بقيادة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، مثمنًا الجهود التي يقوم بها سموه من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ومواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية والأولى للعرب جميعا.

جاء ذلك خلال لقاء رئيس البرلمان العربي مع السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر، وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها رئيس البرلمان العربي إلى دولة قطر على رأس وفد برلماني، والمشاركة في المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الذي يعقد على أرض دولة قطر بمشاركة دولية واسعة.

كما أشاد رئيس البرلمان العربي والوفد المرافق، بالدور البارز الذي يقوم مجلس الشورى القطري في تعزيز التضامن العربي، وحرصه على تنسيق وتوحيد المواقف البرلمانية بين المجالس التشريعية العربية بما يمكنها من مواجهة التحديات المختلفة، ودعم القضايا العربية والإسلامية المركزية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما ثمن الجهود الحثيثة التي يقوم بها معالي السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر في مجال الدبلوماسية البرلمانية وتعزيز العمل العربي البرلماني المشترك، ومواقفه الثابتة تجاه دعم كافة القضايا العربية.

وأكد "اليماحي" حرص البرلمان العربي على تعزيز قنوات التواصل والتنسيق المستمر مع مجلس الشورى بدولة قطر لتبادل الرؤى بشأن كل ما يخدم العمل البرلماني العربي المشترك.

ومن جانبه، أشاد السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر بالدور الذي يضطلع به البرلمان العربي في دعم العمل العربي المشترك، وتعزيز التنسيق بين البرلمانات الوطنية في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشددًا على أهمية تطوير العمل العربي البرلماني المشترك، وتفعيل الحضور العربي في المحافل الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح العليا للشعب العربي الكبير.

وأكد الجانبان أهمية مواصلة ما تحقق من تنسيق وتعاون خلال المسيرة البرلمانية المشتركة، والعمل على تنسيق المواقف البرلمانية بما يعزز من فاعلية العمل العربي المشترك، ويسهم في دعم القضايا المحورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وفي ختام الاجتماع، أعرب رئيس مجلس الشورى القطري عن تطلعه لأن تسهم هذه الزيارة في دفع التعاون البرلماني العربي إلى آفاق أرحب، وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، لاسيما وأن طبيعة المرحلة الراهنة والتحديات والأزمات التي تواجه الأمة العربية، تتطلب التضامن والتعاون على كافة المستويات.

 

حضر اللقاء من جانب البرلمان العربي، معالي النائب ممدوح الصالح عضو البرلمان العربي، ومعالي النائب ناظم الشبلاوي عضو البرلمان العربي، ومعالي النائب محمد لحموش عضو البرلمان العربي. ومن الأمانة العامة، سعادة الدكتور مضر الراوي مدير إدارة شؤون الرئاسة، والدكتور أشرف عبدالعزيز المستشار السياسي لرئيس البرلمان العربي ومدير إدارة العلاقات الخارجية.

 

مقالات مشابهة

  • أمانة الباحة تدعو للمشاركة في هاكاثون الابتكار البلدي الأول لصيف 2025
  • محمد بن حمد: «المتسوّق السرّي» عزز كفاءة الأداء بالفجيرة
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني
  • رئيس جامعة أسيوط يتابع سير العمل بالمدن الجامعية والقرية الأوليمبية
  • رئيس المركز يوجه يتابع إنتظام العمل بمستشفي ابشواي المركزي
  • رئيس جامعة أسيوط يتلقى تقريرًا حول متابعة سير العمل بالمدن الجامعية والقرية الأوليمبية
  • أمانة الباحة تدعو للمشاركة في هاكاثون الابتكار البلدي الأول لصيف 2025م
  • أمين البحوث الإسلامية يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهمية تطوير الأداء
  • هنو يوجه بضرورة تسريع وتيرة العمل بمشروع تطوير ورفع كفاءة قصر ثقافة الفيوم
  • هنو يتابع تنفيذ تطوير قصر ثقافة الفيوم ويشدد على ضرورة تسريع وتيرة العمل