بالذكاء الاصطناعي..مُفسر الدماغ يحول الأفكار إلى نصوص
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
طوّر فريق من الباحثين خوارزمية ثورية تتيح لجهاز ذكاء اصطناعي يُعرف بـ "مُفسر الدماغ" (Brain Decoder)، والمُدرَّب على شخص واحد، أن يفسر أفكار أشخاص آخرين بحد أدنى من التدريب.
اقرأ أيضاً..Grok 3.. مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الاستدلال والبحث العميق
وفقًا لدراسة جديدة، فإن هذا التقدم قد يساعد يومًا ما الأشخاص الذين يعانون من الحُبسة (Aphasia)، وهو اضطراب في الدماغ يؤثر على القدرة على التواصل والتحدث والتي تسمى أحيانًا "عسر الكلام" ما يمثل نقلة نوعية في مجال التواصل، خاصة للأفراد الذين يعانون من إعاقات تحول دون قدرتهم على التحدث أو الكتابة.
كيف يعمل مُفسر الدماغ؟
يعتمد هذا النظام على تعلم الآلة، حيث يترجم أفكار الشخص إلى نصوص بناءً على استجابة دماغه عند الاستماع إلى القصص. لكن الإصدارات السابقة كانت تتطلب من المستخدمين الجلوس لساعات داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) حتى يتمكن الذكاء الاصطناعي من فهم أنماط أدمغتهم.
ما الذي يجعل هذا التطور مميزًا؟
تدريب سريع: يمكن للخوارزمية الجديدة أن تدرب مُفسر الدماغ على أشخاص جدد في وقت قصير جدًا.
توسيع نطاق الاستخدام: لم يعد الجهاز مقتصرًا على الشخص الذي تم تدريبه عليه، بل يمكنه فهم وتفسير أفكار أشخاص آخرين بحد أدنى من البيانات.
اقرأ أيضاً..صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي: حوار مع فابيان ويسترهايد
قد يكون لهذه التكنولوجيا تطبيقات طبية مذهلة، مثل مساعدة المرضى الذين فقدوا القدرة على الكلام بعد السكتات الدماغية أو الإصابات العصبية.
وفقًا للبروفيسور ألكسندر هوث، عالم الأعصاب الحاسوبي في جامعة تكساس بأوستن، فإن الأشخاص المصابين بـ الحبسة يواجهون صعوبة في فهم وإنتاج اللغة. وهذا يعني أنه قد يكون من المستحيل تدريب نموذج ذكاء اصطناعي على أدمغتهم من خلال مراقبة استجاباتهم عند الاستماع إلى القصص.
وقال هوث: "الشيء المثير للدهشة والرائع حقًا هو أننا نستطيع القيام بذلك حتى بدون استخدام بيانات اللغة". "لذلك يمكننا الحصول على البيانات التي نجمعها أثناء مشاهدة شخص ما لمقاطع الفيديو الصامتة، ومن ثم يمكننا استخدامها لبناء وحدة فك تشفير اللغة لدماغهم."
وقال هوث إن الخطوات التالية للفريق هي اختبار المحول على المشاركين الذين يعانون من فقدان القدرة على الكلام و"بناء واجهة من شأنها أن تساعدهم على توليد اللغة التي يريدون توليدها".
أخبار ذات صلةكيف درّب العلماء مُفسر الدماغ؟
درّب الباحثون مفسر الدماغ على مجموعة من المشاركين الأساسيين باستخدام الطريقة التقليدية، حيث تم جمع بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أثناء استماعهم إلى 10 ساعات من القصص الإذاعية.
استخدم الباحثون خوارزميتين لتحويل البيانات بين المشاركين الأساسيين ومجموعة جديدة من المشاركين المستهدفين.
تم تدريب الخوارزمية على المشاركين المستهدفين أثناء استماعهم إلى 70 دقيقة من القصص الإذاعية.
وبعدها تم تدريب الخوارزمية باستخدام بيانات من 70 دقيقة من مشاهدة أفلام بيكسار الصامتة، والتي لا علاقة لها بالقصص الإذاعية.
ما أهمية هذه النتائج؟
إمكانية نقل المعرفة العصبية: يمكن لمفسر الدماغ المُدرَّب على شخص واحد أن يعمل على أشخاص آخرين دون الحاجة إلى جمع ساعات طويلة من بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي لكل فرد.
أمل جديد لمرضى الحبسة: قد تساعد هذه التقنية الأشخاص الذين لا يستطيعون التحدث أو فهم اللغة بسبب إصابات الدماغ.
تسريع تطوير واجهات الدماغ والآلة: هذه الأبحاث تمهد الطريق نحو تقنيات ترجمة الأفكار إلى نصوص بطريقة أكثر كفاءة ومرونة.
هل سنصل قريبًا إلى تقنية تتيح قراءة العقول بشكل دقيق دون الحاجة إلى تدريب طويل؟ يبدو أن الإجابة تقترب أكثر من أي وقت مضى.
ومع استمرار التطور التكنولوجي، من المحتمل أن نشهد تحسينات إضافية في دقة وسرعة هذه التقنية، مما سيزيد من نطاق تطبيقاتها وفوائدها.
وفي النهاية، فإنه على الرغم من الإنجازات المذهلة التي حققتها هذه التقنية، إلا أن هناك تحديات لا تزال قائمة، ومن أبرز هذه التحديات ضمان خصوصية وأمان البيانات العصبية للمستخدمين، حيث يتطلب الأمر وضع بروتوكولات صارمة لحماية المعلومات الحساسة.
لمياء الصديق(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التحول الرقمي الذكاء الاصطناعي السكتة الدماغية الأفكار الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.