منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة

المصدر: سودان تربيون

الفاشر 19 فبراير 2025 – مع اشتداد وتيرة العمليات العسكرية في الفاشر بولاية شمال دارفور العام الماضي، اضطرت السيدة فاطمة عبد الكريم لمغادرة منزلها في المدينة التي ولدت بها، نحو قرية شقرة غربًا. لكن هجمات الدعم السريع الأخيرة على تلك القرى أجبرتها على العودة إلى مسقط رأسها الأسبوع الماضي، في رحلة نزوح عكسية.

ويواجه سكان عشرات القرى المترامية الواقعة غربي مدينة الفاشر، ومخيم زمزم للنازحين أوضاعًا إنسانية مأساوية بعد هجمات عنيفة شنتها قوات الدعم السريع حولت تلك المناطق إلى ركام، محيلة حياة المواطنين فيها إلى جحيم لا يطاق.

ونفذت قوات الدعم السريع، أواخر يناير المنصرمة، هجمات ذات طابع انتقامي طالت نحو 17 قرية واقعة في الريف الغربي لمدينة الفاشر في سياق حملة تهدف إلى تضييق الخناق على عاصمة شمال دارفور، حيث أطلق مسلحو الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها النار بصورة عشوائية تجاه المدنيين مما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة منهم بجانب قيامها بحرق المنازل بعد إفراغها من محتوياتها التي تضم المحاصيل الزراعية وقليل من النقود والحُلى الذهبية.

وعلى مدار أكثر من أسبوعين ظل جنود قوات الدعم السريع يرتكبون انتهاكات واسعة ضد المدنيين، ومعظمهم من الذين فروا من مدينة الفاشر بسبب العمليات الحربية المستمرة، حيث تعد قرى الريف الغربي مركزًا لتجميع آلاف الفارين الذين وصلوا إلى المنطقة بعد موجة التصعيد العسكري الكبير بين الجيش وحلفائه من القوة المشتركة ضد قوات الدعم السريع.

عودة عكسية

فاطمة عبد الكريم، وهي من سكان مدينة الفاشر، فرت إلى منطقة “شقرة” علها تجد الأمان هناك، لكنها اضطرت مرة أخرى إلى العودة للفاشر برغم استمرار القصف العشوائي والاشتباكات المباشرة بين أطراف النزاع، وتقول لـ”سودان تربيون”: “الجنجويد طردونا من الفاشر لشقرة ولكنهم لحقوا بنا هناك وهاجموا المنطقة مرة أخرى مما دفعنا للعودة لحي الدرجة الأولى في مدينة الفاشر”.

وتضيف: “فقدنا كل شيء في رحلة النزوح الأولى وعدنا ولا نملك شيئًا حيث نعتمد في غذائنا على ما توفره التكايا من طعام مجاني لي ولآلاف غيري من النازحين”.

التهجير القسري

وتروي عائشة علي آدم ما عاشته من أهوال جراء هجوم قوات الدعم السريع على منطقتها، وتقول لـ”سودان تربيون”: “هجم علينا الجنجويد في ليل 30 يناير الماضي وهم مدججين بالسلاح وقاموا بإطلاق الرصاص على المنازل المبنية من المواد المحلية وهي القش والحطب مما أدى لحرقها”.

وأضافت مريم التي نزحت من قرية كويْم غرب الفاشر: “سرقوا كل الماشية والذرة والحمير، وما لم يتمكنوا من حمله قاموا بحرقه أمامنا، ومن يعترض على ذلك تعرض للضرب… تركونا بلا شيء ولا مأوى ووصلنا الآن لمعسكر زمزم ونعيش في ظروف قاسية”.

وتكشف حواء محمد، وهي سيدة فارة من منطقة أم مزاليق غرب الفاشر، عن تعرضها للضرب والسحل بواسطة عناصر قوات الدعم السريع بعد أن قاومت ما قالت إنه محاولة اختطاف لابنتيها بواسطة قوات الدعم السريع، وتضيف لـ”سودان تربيون”: “مجموعة من قوات الدعم السريع داهمت منزلنا في قرية أم مزالق وطلبوا من بناتي الاثنين مرافقتهم تحت تهديد السلاح فاعترضت على ذلك فتجمعوا حولي وقاموا بضربي بعنف وتسببوا لي في كدمة في الساعد”.

وتشير إلى أنها تمكنت من الهروب برفقة بناتها وبعد رحلة سير قاسية استمرت يومين حتى تمكنت من الوصول لأطراف مدينة الفاشر، وهم في حالة إعياء كامل: “وصلنا إلى هنا ونحن لا نملك قوت يومنا، والمنطقة التي نتواجد فيها غير آمنة، فقد تعرضنا لهجوم من الجنجويد قبل أيام، ولم يعد هناك مكان آمن نلجأ إليه”، تقول حواء.

وتطالب بشدة المنظمات الدولية والحكومة المركزية بضرورة إجراء عمليات إسقاط جوي للطعام والدواء والخيام لآلاف العالقين ما بين الفاشر ومعسكر زمزم وهم بلا مأوى ولا طعام منذ 5 أيام ويعتمدون في غذائهم على قليل من الذرة الرفيعة.

وكشفت بأن النازحين يعانون من نقص كبير في مياه الشرب بعد أن دمر عناصر قوات الدعم السريع محطات المياه في معسكر زمزم وحرقها بشكل كامل، وتابعت بقولها: “هناك بعض المتطوعين تمكنوا من إيصال المياه ولكنها لم تفِ بحاجة الناس لأعدادهم الكبيرة”.

القتل على أساس العرق

وتقول سكينة محمد، وهي نازحة من قرية دقيس، لـ”سودان تربيون”: “بعد رحلة سير ثلاثة أيام استطعنا أن نصل لمعسكر زمزم والآن نعيش في العراء ونحن في حاجة ماسة للإغاثة والدواء، الجنجويد أفقرونا تمامًا ونهبوا وحرقوا كل ما نملك ونحتاج الآن لخيام وأغطية”.

ووصفت ما تعرضت له مناطق غرب الفاشر بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وأشارت إلى أن مسلحي قوات الدعم السريع يقتلون المواطنين على أساس العرق، وتضيف: “العرب يطلقون النار على الزغاوة حتى وإن كانوا أطفالًا ويقولون بأننا تابعين للتوروبورا – في إشارة للقوة المشتركة التي تقود مواجهات داخل مدينة الفاشر – الجنجويد ليست لهم رحمة يعتدون على الصغار والكبار وينهبون كل شيء حتى الحمير لم تسلم منهم”.

الهجوم على زمزم

وضاعف معاناة نازحي غرب الفاشر الـ17 الذين وصلوا لمخيم أبو شوك الهجوم الكبير الذي شنته قوات الدعم السريع على المخيم يومي 11 و12 فبراير الجاري، حيث اعتدت القوات على النازحين وتسببت في قتل العشرات منهم كما أنها دمرت مصادر المياه والمدارس والمستشفيات قبل أن تقوم بحرق السوق بشكل كامل.

أكبر كارثة إنسانية

وكشف المتحدث باسم نازحي معسكر زمزم محمد خميس دودة لـ”سودان تربيون” أن 200 ألف شخص وصلوا إلى معسكر زمزم هربًا من هجمات قوات الدعم السريع على مناطق “قولو، شقرة، سلومة، أنجمينا، أمقديبو، عرب بشير، حلة كنين” وغيرها من مناطق غرب الفاشر، ولفت إلى أن هذه المناطق تم تدميرها بصورة كاملة من قبل قوات الدعم السريع.

ولفت إلى أن آلاف الأطفال والنساء يواجهون خطر الموت لغياب الرعاية الصحية وتفشي الأمراض وارتفاع معدلات أمراض سوء التغذية.

ولفت إلى أن الوضع في معسكر زمزم بعد وصول النازحين الجدد ومع استمرار ملاحقة الميليشيات للفارين حتى داخل المخيم فإن الوضع أصبح كارثة حيث ارتفعت معدلات الوفيات بصورة كبيرة وسط الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن.

وكشف عن تعرض النظام الصحي في المخيم للانهيار الكامل لتوقف المستشفيات وخروجها من الخدمة بسبب استهدافها من قبل قوات الدعم السريع واضطرار المنظمات الدولية لتعليق أنشطتها.

وأشار لوجود نحو 47 حالة جراحية حرجة أصيبوا جراء الهجمات الأخيرة هم في حاجة لتدخل طبي عاجل فضلًا عن وجود حالات ولادة معقدة تتطلب عمليات جراحية أصبحت غير متوفرة بسبب التطورات الأخيرة وإغلاق الطريق الرابط بين زمزم والفاشر وهو ما يجعل من الصعوبة توفير الرعاية الطبية اللازمة للمتضررين.

وأوضح دودة أنه في ظل استمرار القصف والحصار وانتشار المجاعة يعيش آلاف النازحين في كارثة إنسانية تتطلب التدخل العاجل من قبل المجتمع الدولي لتدارك وقوع أكبر كارثة في العالم.

SilenceKills #الصمت يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع في السودان لايحتمل التأجيل #StandWithSudan #ساندواالسودان #SudanMediaForum

الوسومالجيش الدعم السريع السودان الفاشر القوة المشتركة شقرة شمال دارفور مخيم زمزم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان الفاشر القوة المشتركة شقرة شمال دارفور مخيم زمزم قوات الدعم السریع لـ سودان تربیون مدینة الفاشر معسکر زمزم غرب الفاشر إلى أن

إقرأ أيضاً:

اتهامات متبادلة بشأن استهداف قافلة إغاثة أممية بدارفور

الفاشر– قالت مصادر ميدانية للجزيرة نت، إن قوات الدعم السريع استهدفت قافلة مساعدات أممية كانت تنقل مواد غذائية إلى مدينة الفاشر، غربي السودان، مما أسفر عن سقوط قتلى وخسائر فادحة في الإمدادات الإنسانية.

وذكرت المصادر، أن الهجوم أدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل، منهم سائقو شاحنات ومساعدوهم، بينما تعرضت سبع شاحنات محملة بالذرة والزيت والعدس لأضرار جسيمة، مما يزيد من معاناة سكان مدينة الفاشر المحاصرين.

وفي تغريدة له عبر صفحته على فيسبوك، ندد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي بالهجوم، مؤكداً أن القافلة التابعة لبرنامج الغذاء العالمي تعرضت للاستهداف في منطقة الكومة، بعدما رفض طاقمها تغيير مسارها أو إنزال الإغاثة خارج الفاشر.

وأشار إلى أن المليشيا نهبت الشاحنات التي لم تتعرض للحريق، مستغلة ضربات الجيش ضد قواتها للإيحاء بأن الجيش هو من استهدف القافلة.

وأضاف مناوي أن الهجوم يأتي ضمن سلسلة من الاعتداءات التي تهدف إلى منع وصول المساعدات الإنسانية، حيث سبق أن تم استهداف مخازن برنامج الغذاء العالمي في الفاشر قبل أيام، لمنع تخزين المواد الإغاثية.

وفي المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع طيران الجيش باستهداف القافلة، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة اثنين آخرين. وأشارت في بيان لها إلى أن الهجوم يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، داعية المجتمع الدولي إلى محاسبة مرتكبي الجريمة.

إعلان

وفي سياق متصل، قالت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر، إن القافلة كانت محتجزة منذ ثلاثة أيام قبل أن يتم إحراقها بالكامل أمس، متهمة قوات الدعم السريع بمحاولة تضليل الرأي العام عبر الادعاء بأن الجيش هو من استهدف القافلة بطائرات مسيّرة.

وأوضحت التنسيقية في صفحتها على الفسبوك أن طبيعة الحريق تؤكد أنه كان بفعل مباشر على الأرض، وليس بضربات جوية، مشيرة إلى أن آثار الهجوم تحمل بصمات التخريب المتعمد باستخدام النيران والعبث الأرضي.

عمليات حرق تعرضت لها شاحنات الإغاثة الأممية (مواقع التواصل الاجتماعي) موقف رسمي

ونددت الحكومة السودانية بالحادثة، ووصفتها بأنها "جريمة متعمدة" تهدف إلى تعطيل جهود إيصال المساعدات إلى المواطنين المحاصرين في الفاشر ومعسكرات النازحين.

وقال مكتب المتحدث باسم الحكومة، في بيان الثلاثاء، إن الهجوم أسفر عن تدمير عدد من الشاحنات التابعة للأمم المتحدة، وسقوط قتلى وجرحى من العاملين في القافلة، إضافة إلى إلحاق أضرار بالفرق الإنسانية التي كانت تحاول إيصال الإغاثة.

وأكدت الحكومة، أن الاعتداء يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويعكس محاولات متعمدة لتعطيل عمليات الإغاثة التي تنفذها الحكومة بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وأضاف البيان: "الحكومة إذ ترفض هذا السلوك الإجرامي الذي تمارسه المليشيا، تجدد التزامها الكامل بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين في المناطق المحاصرة".

وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن في 14 مايو الماضي عن تحرك قافلة تابعة له من منطقة الدبة بالولاية الشمالية إلى الفاشر، محملة بإمدادات غذائية وتغذوية.

وشدد البرنامج حينها على ضرورة تأمين وصول المساعدات بأمان، نظراً لأنها تمثل احتياجات حيوية للأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة.

وتقع منطقة الكومة على بُعد 80 كيلومتراً شرق مدينة الفاشر، على الطريق القاري الذي يربط شمال السودان بغربه، وتحدها من الجنوب والشرق محليتا كلمندو وأم كدادة، ومن الشرق ولاية شمال كردفان، بينما تحدها من الشمال والشمال الغربي محليتا المالحة ومليط.

إعلان

وتضم المنطقة ثلاث وحدات إدارية رئيسية: الكومة، وساري أم هجيليج، والكبير وغبيبيش. ويعتمد معظم سكانها على الرعي والزراعة، حيث يشتهرون برعي الأغنام والإبل والضأن، وتخضع حالياً لسيطرة قوات الدعم السريع.

مقالات مشابهة

  • مصر تدعم الجيش السوداني ضد الدعم السريع! القاهرة توضح
  • حكومة السودان والدعم السريع يتبادلان الاتهام بالهجوم على قافلة غذاء
  • اتهامات متبادلة بشأن استهداف قافلة إغاثة أممية بدارفور
  • السودان.. آلاف الأسر تهرب من الخوي بسبب اشتباكات دامية مع قوات «الدعم السريع»
  • لجان مقاومة الفاشر مليشيا الدعم السريع قامت بحرق مساعدات إنسانية كانت في طريقه الي المدينة
  • شهادات مروعة.. العبور من مناطق وحواجز الدعم السريع في السودان (شاهد)
  • بالفيديو.. حميدتي يظهر في خطاب غاضب يهدد ويتوعد بتوسع العمليات العسكرية .. جدة تاني مافي وقوات الدعم السريع ستصل بورتسودان ويتحدث عن الدواعش وتدمير قدرات الجيش
  • بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد
  • نزوح أكثر من 2700 أسرة من الخوي بغرب كردفان بسبب هجمات ميليشيا الدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر