الجزيرة:
2025-05-23@03:39:46 GMT

تركيا تدخل مرحلة فاصلة بعد بيان أوجلان

تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT

تركيا تدخل مرحلة فاصلة بعد بيان أوجلان

شهدت القضية الكردية في تركيا تطورًا جديدًا بعد دعوة زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، إلى التواصل مع عبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني. وقد أسفرت هذه الدعوة عن تصريح مفاجئ من أوجلان، دعا فيه التنظيم إلى التخلي عن السلاح وحلّ نفسه، وهو ما يشير إلى دخولنا مرحلة غير مسبوقة في تاريخ هذه القضية.

على مدى 41 عامًا، كلفت أنشطة حزب العمال الكردستاني الإرهابية تركيا ثمنًا باهظًا، ولم يكن من المتصور، حتى قبل أشهر قليلة، أن يصدر مثل هذا النداء عن مؤسس التنظيم نفسه. وقد نقل أوجلان رسالته هذه عبر وفد من حزب الشعوب الديمقراطي (DEM)، الذي زاره مرارًا في سجنه.

لمتابعة هذه الرسالة، أقام فرعا حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر وفان، شاشات عملاقة لبثها أمام الجمهور. ففي فان، تم عرض الرسالة في ساحة المدينة، بينما نُقل البث في ديار بكر في ميدان داغكابي. كما تمت مشاهدتها مباشرة في ملعب 12 مارس بمدينة القامشلي السورية، التي تقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG).

في كلمته، استعرض أوجلان الظروف التاريخية التي أدت إلى ظهور حزب العمال الكردستاني، وهي الظروف المرتبطة، كما هو معلوم، بإنكار الهوية واللغة والوجود الكردي نتيجة سياسات الدولة القومية.

إعلان

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أقرّ بهذه الحقيقة سابقًا، حيث اعتبر أن غياب المساحة السياسية للتعبير عن الهوية الكردية، هو ما أدى إلى نشوء التنظيم.

بيدَ أن أوجلان أكد أن هذه الظروف لم تعد قائمة اليوم، ما يعني أن استمرار حزب العمال الكردستاني في نضاله المسلح لم يعد له مبرر. فقد شدد على أن "لا مكسب ولا حق يمكن تحقيقه بعد الآن من خلال السلاح"، وهو تصريح جوهري يقوّض الأساس الذي قام عليه التنظيم، خاصة أنه صادر عن زعيمه ومؤسسه.

قبل وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى الحكم، لم تكن الدولة التركية تعترف بالهوية الكردية، مما وفّر لحزب العمال الكردستاني ذريعة للاستمرار، وإن لم يكن ذلك مبررًا لشرعيته. لكن أردوغان، انطلاقًا من قناعاته الإسلامية التي ترفض إنكار أي قومية أو حظر لغتها، اعتبر أن الحل يكمن في ترسيخ الأخوّة بين الأتراك والأكراد والعرب.

وفي 12 أغسطس/ آب 2005، أعلن أردوغان في خطاب تاريخي بمدينة ديار بكر أنه يعترف بوجود "المشكلة الكردية"، متعهدًا بحلها، على عكس السياسيين السابقين الذين تجنبوا اتخاذ خطوات جدية في هذا الاتجاه. وقد عمل أردوغان على تفكيك عناصر هذه المشكلة بجرأة لم يسبق لها مثيل، متناولًا مختلف أبعادها:

قضية اللغة الكردية. مسألة الهوية. الحق في التنظيم والتعليم. رفع حالة الطوارئ. معالجة التفاوت التنموي في المناطق الكردية.

لم يكتفِ أردوغان بالإصلاحات القانونية، بل أطلق عملية "الانفتاح" ثم "عملية الحل"، رغم إدراكه المخاطر السياسية التي قد تترتب على ذلك.

وكان جوهر عملية الحل يقوم على الاعتراف بالوجود الكردي وهويته ولغته وثقافته مقابل تخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح. ولأن التنظيم هو الطرف المسلح، فقد كان لا بد من التعامل معه لتحقيق هذا الهدف.

كيف انهارت عملية الحل؟

خلال عملية الحل، توقف إطلاق النار، ولم تشنّ الدولة أي عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، منتظرةً منه تنفيذ تعهده بالتخلي عن السلاح وسحب مقاتليه من تركيا.

إعلان

لكن التطورات في سوريا غيرت مسار الأمور. فقد حصل حزب العمال الكردستاني على دعم أميركي تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة، ما أغراه بالبقاء في المشهد المسلح.

وهنا ظهر جليًا أن القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا والنظام السوري، لم تكن معنية بحلّ القضية الكردية في تركيا، بل كانت تستخدم حزب العمال الكردستاني كورقة ضغط ضد أنقرة.

استغل الحزب توقف العمليات العسكرية ضده ليعزز انتشاره في الجبال التركية، واستفاد من البلديات التي كان يسيطر عليها حزب الشعوب الديمقراطي؛ لتجنيد المزيد من الشباب وحتى الأطفال، ما أدى في النهاية إلى انهيار عملية الحل.

مع انتهاء عملية الحل، شنت الدولة التركية حملة غير مسبوقة ضد الإرهاب، وتمكنت من القضاء على وجود حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي التركية بشكل شبه كامل. وهكذا، لم يعد الإرهاب مشكلة داخلية بقدر ما بات مصدر قلق خارجي؛ بسبب استمرار وجود الحزب في سوريا، حيث تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل؛ لاستخدامه كورقة ضد تركيا.

من خلال هذه العملية السياسية الجديدة، التي يقودها أردوغان وبهتشلي، ومع إعلان أوجلان الأخير، تم حسم البُعد الكردي من القضية. ومن الآن فصاعدًا، فإن أي جهة تتعاون مع الولايات المتحدة تحت اسم حزب العمال الكردستاني لن تكون ممثلة للأكراد، بل ستكون مجرد كيان يسعى إلى البقاء لأجل مصلحته الخاصة.

وقد أكد أردوغان مرارًا أن حزب العمال الكردستاني ليس ممثلًا للأكراد، وأنه لا بد من التعامل مع الشعب الكردي نفسه عند الحديث عن حقوقه. وتجدر الإشارة إلى أن عدد النواب الأكراد داخل حزب العدالة والتنمية يفوق عددهم في حزب الشعوب الديمقراطي، كما أن معظم الإصلاحات المتعلقة بالقضية الكردية جاءت على يد أردوغان وحزبه.

لم يقتصر إعلان أوجلان على الدعوة إلى التخلي عن السلاح، بل شمل أيضًا رفض المطالب المتعلقة بالحكم الذاتي أو الفدرالية، مؤكدًا أنها لا تحقق أي فائدة للأكراد.

إعلان

ورغم أن الاستجابة الفورية لدعوته كانت موضع شك، فإن لقاءات حزب الشعوب الديمقراطي مع قيادات حزب العمال الكردستاني في قنديل وإمرالي تشير إلى أن هناك تجاوبًا إيجابيًا. ولم يكن أوجلان ليطلق هذا النداء دون أن يكون على يقين من وجود استعداد لدى الحزب للاستجابة له.

يتزامن هذا التحول مع التغيرات في سوريا، خاصة بعد تراجع موقف النظام السوري. ولطالما كان بشار الأسد من أكبر داعمي حزب العمال الكردستاني، ما ساعده على البقاء، خاصة من خلال التعاون مع الولايات المتحدة. ومع تغير المعادلات الإقليمية، ربما وجد الحزب نفسه في مأزق، ما دفع أوجلان إلى تقديم هذه الدعوة كحل يتيح له الخروج من الأزمة.

بفضل هذه الخطوة، تدخل المنطقة مرحلة جديدة، وتثبت تركيا مرة أخرى أنها لاعب رئيسي قادر على إعادة تشكيل المعادلات السياسية في المنطقة بما يخدم مصالحها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب الشعوب الدیمقراطی حزب العمال الکردستانی الولایات المتحدة عملیة الحل عن السلاح

إقرأ أيضاً:

متى يحتكم الدوري الإيطالي إلى «فاصلة اللقب»؟

 
معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة جارناتشو يكشف عن سر «الانزعاج»! نابولي وإنتر.. سباق الأمتار الأخيرة للفوز بالدوري الإيطالي


بعد انتهاء الجولة قبل الأخيرة من الدوري الإيطالي، يتبقى سيناريو واحد يؤدي إلى إقامة مباراة فاصلة واحدة بين نابولي وإنترميلان لحسم لقب الدوري لموسم 2024-2025، ويتصدر نابولي الترتيب بـ 79 نقطة، ويحل الإنتر ثانياً بـ78 نقطة، قبل الجولة الأخيرة من الموسم التي تنطلق الجمعة.
وتعادل نابولي بدون أهداف خارج أرضه مع بارما، بينما حرم لاتسيو إنتر من فرصة الصعود إلى القمة قبل جولة من النهاية، بعد فرضه التعادل معه 2-2 في ملعب سان. 
مع تبقي جولة واحدة من موسم 2024-2025، هناك سيناريو واحد يؤدي إلى إقامة مباراة فاصلة على لقب الدوري الإيطالي، وتُقام مباراة فاصلة في حال تساوي الفريقين المتصدرين في عدد النقاط، هذا يعني أن اللقب يُحسم بمباراة فاصلة في حال خسارة نابولي أمام كالياري، وتعادل الإنتر خارج أرضه أمام كومو في الجولة الأخيرة من الموسم.
ويضمن فوز نابولي له لقب الدوري الإيطالي هذا الموسم أما تعادله أو خسارته تعني فوز الإنتر باللقب حال تغلبه على كومو، ويستضيف نابولي نظيره كالياري، ويخرج الإنتر لمواجهة كومو خارج أرضه، مساء الجمعة، في الجولة الأخيرة من الموسم.

 

مقالات مشابهة

  • متى يحتكم الدوري الإيطالي إلى «فاصلة اللقب»؟
  • اتركوا مساحة بعد الـ12.. عواقب تدخل الأهل الزائد في حياة الأبناء| فيديو
  • رقم صادم.. وزير المالية التركي يتحدث عن تكلفة الصراع مع العمال الكردستاني
  • هل يسلم العمال الكردستاني السلاح بحلول شهر سبتمبر؟
  • دور بهتشلي في مشروع تركيا خالية من الإرهاب
  • بعد اتفاق السلام.. العمال الكوردستاني يدعو أنقرة لتخفيف قيود حبس زعيمه أوجلان
  • حوار: حزب العمال الكردستاني يطالب تركيا بتخفيف ظروف احتجاز أوجلان
  • حزب العمال الكردستاني يرفض نفي أعضائه من تركيا
  • حزب العمال الكردستاني يرفض “نفي” مقاتليه خارج تركيا بعد نزع سلاحه
  • تركيا تعتقل 18 شخصا في حملة على الفساد ببلدية إسطنبول