جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@07:36:57 GMT

مُعلّقة حسن المطروشي

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

مُعلّقة حسن المطروشي

 

 

 

آية السيابية

@aya_salim7

 

يقول ابن رشيق القيرواني: "كانت القبيلة من العرب، إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها وأقامت الولائم، واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان، لأنه حماية لأعراضهم، وذبٌ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم...."

ففي التاريخ العربي، لم يكن الشعر مجرد فنٍّ لغوي أو ترفٍ بلاغي؛ بل كان جوهر الهوية الثقافية وذاكرة الأمة وأداةً لتخليد المآثر والأحداث.

كما كان وسيلة لحفظ الحقوق، ومدح المكارم، وهجاء الخصوم، ورثاء الأبطال. احتل الشعر مكانة مقدّسة في حياة العرب، ولذا كان سوق عُكاظ، المنصة التي كانت تُتداول فيها القصائد، ويتم الحكم على جودتها من قبل فطاحل الشعراء، ومن يفوز بنصيب من المجد في هذا السوق، يضمن لشعره خلودًا في ذاكرة العرب.

هكذا بدا الشاعر حسن المطروشي حين فاز بجائزة المعلّقة، التي أشرفتْ عليها وزارة الثقافة السعودية في الرياض. وكما كانت المعلقات رمزًا للخلود، ستُخلّد قصيدة حسن المطروشي بتعليقها في أحد أبرز المواقع في الرياض، وسط احتفاء يليق بعاصمة الحرف والمجد.

"المعلّقة" ليس برنامجا يتنافس فيه المتنافسون على جائزة وتكريم فقط. ولكنه استدعاء أسطوريّ لزمن "المُعلقات السّبع" التي علَّقها العرب على أستار الكعبة كفعل يعبر عن تقديس العرب للشعر. وكشاهد على سيادة الفصاحة. اليوم، وبكل فخر، تعلّق الرياض قصيدة الشاعر العماني الفائز حسن المطروشي الذي تَسيّدت حروفه بشموخ فوق المنصة. وهذا ما يجعلنا نقف بإجلال لنرى المشهد الثقافي العماني حاضرا وفي خطى ثابتة، ليتبوأ العمانيون أعلى مقامات الشعر والأدب على المستويين العربي والعالمي؛ احتفاءً بالهوية قبل كل شيء. وليس هذا بجديد؛ فالبوصلة هنا تعيد تشكيل ذاتها لتبرهن لنا أن الأدب العماني منذ الأزل هو بطاقة عبور إلى المطلق.

"النسل المطرود"، "السرير"، ثم "عابران على حافة الليل"، قصائد تحمل فلسفة ملهمة عميقة. ورسائل تشبه دهشة النبض الأول للكون. حاملةً في طيّاتها ذاكرة الجاهليين، ورؤية المعاصرين.

حسن المطروشي كان ولا يزال حارسا أمينا للغة في عُمان وخارجها. فتجد في دواوينه التي جمعتها مؤسسة الانتشار العربي ضمن مجلد واحد، تتحول قصائده إلى مدوّنة وجوديّة. ليثير من التساؤلات ما يعصف بذهن المتلقي في جدلية كبرى. يتناول المطروشي اللغة كمسار ضوئي ينير لك ما أرهقك ظلامه. لتقوم القصيدة مقام مفكّرة الفيلسوف الذي يبحثُ عن معنى الإنسان في عصر التكنولوجيا. أما عن تتويجه بالمركز الأول في برنامج المعلّقة، فما هو إلا دليل على أن الشعر جذر لا يُقتلع، حتى وإن مرَّت فوقه الحضارة بسرعة الضوء.

والمطروشي فاز بالعديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية. وله العديد من الإصدارات الشعرية والمقالات الأدبية بعضها في هواجس الذات والكتابة. وقد تم جمعها ونشرها في كتاب يحمل اسم بريد المحطات، صدر عن مؤسسة لبان في سنة 2022م.

ترجم المطروشي كتاب "اقتصاد المعرفة: البديل الابتكاري لتنمية اقتصادية مستدامة، سلطنة عُمان نموذجًا" للدكتور إبراهيم الرحبي، كما ترجم كتاب "مذكرات رجل عُماني في زنجبار" لسعود بن أحمد البوسعيدي. وقد تُرجِمَت دواوينه إلى اللغة الفرنسية والإسبانية. وله بعض القصائد المترجمة إلى اللغة الانجليزية والألمانية والإيطالية.

تبوأ المطروشي عددًا من المناصب في مؤسسات السلطنة الخاصة والحكومية. وقد تم تكريمه في العام 2021م من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

انتهى برنامج "المعلّقة" بفوز حسن المطروشي من بين نخبة من الشعراء العربي بلغ عددهم 36 شاعرًا من مختلف الأقطار العربية.

ولكن بعد المعلّقة، التي مثّلت صوت التاريخ والوجدان الجمعي، هل سوف نشهد احتفاءً في السلطنة يرقى إلى مكانة المثقف العُماني، تكريمًا لدوره اليوم واستحضارًا لإرثه عبر التاريخ؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تحولات الروح الشاعرة في بيت الشعر بالشارقة

الشارقة (الاتحاد)

في إطار «منتدى الثلاثاء» الذي يقدم في كل مرة تجارب إبداعية مميزة، نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 29 يوليو 2025، شارك فيها كل من الشعراء: متوكل زروق، وهبة شريقي، ويوسف الحمود، وذلك بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وعدد كبير من الشعراء والنقاد.
قدم الأمسية فواز الشعار، وألقى - بدايةً - الشاعر متوكل زروق نصوصاً تفيض بتجليات الوطن والشجن، وبتحولات الروح الشاعرة، وفي نصوصه الأخرى، ظهرت عاطفة الحب والشوق التي تزينت بلمسات من الصور الشعرية الرقيقة. بعد ذلك، قدمت الشاعرة هبة شريقي قصائدها، ومنها نص عنوانه «هروب حر»، الذي تطرقت فيه إلى الحياة وما في طريقها من خيبات وتجارب إنسانية، كما قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان «خلف أبواب القصيدة»، كان موضوعها يدور حول الشعر وتداعياته في دواخل الشعراء.
واختتم الأمسية الشاعر يوسف الحمود، الذي قرأ قصيدة تحمل عنوان «براري الأمس»، والتي تناول فيها أيضاً علاقة الشاعر بالعالم حوله، وفي نفس السياق، قرأ نصاً آخر عنوانه «أوج القصيدة»، عبر فيه عن تساؤلات الشاعر وأحزانه وأحلامه. وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية.

أخبار ذات صلة عزة القبيسي وسقاف الهاشمي.. من الإمارات إلى العالم «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تنظم ورشة تدريبية في أساسيات الشعر العربي

مقالات مشابهة

  • مواعيد قص الشعر في شهر أغسطس/ آب 2025
  • «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تنظم ورشة تدريبية في أساسيات الشعر العربي
  • تحولات الروح الشاعرة في بيت الشعر بالشارقة
  • عشان تعالجه صح.. اعرف أنواع تساقط الشعر
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • المقصورات... إلياذات الشعر العماني
  • 7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها
  • الكتابة من تحت الأنقاض.. يوسف القدرة: في الشعر لغة فرط صوتية ضد عار العالم
  • ملتقى مالي للشعر العربي الرابع يحتفي بمبدعي لغة الضاد
  • فلسفة الذم والشتائم في الأدب.. كيف تحوّل الذم إلى غرض شعري؟