الدراما الرمضانية.. تطبيع للانحلال وتغريب للهوية
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يمانيون/ تقارير
في وقت يحرص فيه المسلمون خلال شهر رمضان على تعزيز ارتباطهم بدينهم وقيمهم الروحية، ويشغلون أيامه بالعبادة والإصلاح الذاتي؛ يواجه المجتمع الإسلامي موجة من الهجمات الفكرية من خلال محتوى الدراما الرمضانية التي تبثها القنوات الفضائية، وتحولت إلى منصات لتمرير أجندات ثقافية تهدف لزعزعة الهوية الإسلامية وتفكيك القيم المجتمعية.هذه الحملة الفكرية ليست مجرد تكهنات، بل حقيقة تجسدها الوقائع، كما يشير إلى ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضراته الرمضانية، إذ حذر من استغلال الإعلام والفن، خاصة الدراما لتدمير وعي الأمة وتوجيهه نحو ثقافات دخيلة تهدد نسيجها الاجتماعي والديني.
وأوضح أن “الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة الحرب الناعمة، ومن يدرك حقيقة هذه المؤامرات، يستطيع أن يحصن نفسه ومجتمعه من السقوط في مستنقع الضلال والانحراف”.
التطبيع الأخلاقي:
تسعى الدراما الرمضانية إلى تكريس أنماط سلوكية تتنافى مع القيم الإسلامية، حيث يتم الترويج للرذيلة والخيانة والعلاقات غير الشرعية كجزء من الحياة الطبيعية، هذا التكرار المتعمد للمشاهد الهابطة يهدف إلى تطبيع الفساد الأخلاقي، بحيث يصبح أمراً عادياً في ذهن المشاهد، خاصة فئة الشباب الذين يتأثرون بسهولة بما يشاهدونه على الشاشات.
ما يجعل الأمر أكثر خطورة هو الأسلوب الدرامي الجذاب الذي يتم من خلاله تمرير هذه الانحرافات، حيث يتم تقديم الشخصيات المنحرفة بشكل جذاب ومحبوب، بينما يصور الملتزمون بالقيم الدينية كمتشددين أو متخلفين، هذه الرسائل الخفية تعمل على إضعاف الحصانة الأخلاقية للمجتمع، ما يؤدي إلى تحولات خطيرة في سلوك الأفراد وقيمهم.
تغريب الهوية:
إلى جانب الانحلال الأخلاقي، تعمل الدراما الرمضانية على تغريب الهوية الإسلامية عبر تقديم أنماط حياة مستوردة بعيدة عن الواقع الإسلامي، يتم إظهار الشخصيات الملتزمة بأسلوب حياتي غربي، والترويج لمفاهيم مثل التحرر المبالغ فيه، والتمرد على العادات والتقاليد، وكأنها ضرورة للتطور والتقدم في حين يُنظر إلى الالتزام الديني وكأنه قيد يجب التخلص منه.
هذا التأثير يمتد إلى إعادة تشكيل صورة الأسرة المسلمة، حيث يتم الترويج لأنماط أسرية مفككة، وتصوير القيم الأسرية الإسلامية على أنها رجعية وغير ملائمة للعصر الحديث.
المحاولات الممنهجة تلك تهدف لإيجاد فجوة بين الأجيال، بحيث يصبح الشباب أكثر ميلًا لتبني ثقافات غريبة، مما يؤدي إلى فقدان الهوية الإسلامية تدريجيا.
تدمير الوعي:
لم تقتصر الدراما الرمضانية على التأثير في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية فحسب، إنما أصبحت أداة فعالة لتوجيه الوعي العام بما يخدم أجندات سياسية وفكرية معينة، حيث تتم إعادة صياغة المفاهيم الدينية والوطنية، وتشويه الشخصيات الإسلامية والتاريخية، بهدف خلق وعي زائف يخدم مصالح جهات معينة.
أبرز مثال على ذلك مسلسل “معاوية”، الذي أثار جدلاً واسعاً بسبب تحريفه للأحداث التاريخية الإسلامية، هذه المحاولات لا تقتصر على تزييف الماضي فحسب، بل تهدف للتأثير على الحاضر والمستقبل، بحيث يتم توجيه الجماهير نحو رؤى وأفكار تتعارض مع الحقيقة، وتصب في مصلحة مشاريع غربية وصهيونية تهدف إلى تفكيك الأمة الإسلامية.
تمويل الإنتاج:
الدراما الرمضانية لم تعد مجرد أعمال فنية تُقدم للترفيه، بل تحولت إلى صناعة ضخمة تمولها جهات خارجية لها أجندات محددة، تتمثل في شركات الإنتاج الكبرى التي تسيطر على المحتوى الإعلامي وتحصل على دعم مالي هائل من مؤسسات غربية، وتسعى إلى توجيه الرسائل الإعلامية بما يتناسب مع سياساتها وأهدافها.
هذا التمويل الموجّه يجعل من الصعب العثور على أعمال درامية تعكس القيم الإسلامية الحقيقية، حيث يتم فرض سيناريوهات معينة، وتحديد موضوعات تخدم التوجهات الغربية، وهذا ما يفسر تكرار الموضوعات التي تتناول الانحلال الأخلاقي، وتفكيك الأسرة، وإعادة كتابة التاريخ الإسلامي بشكل مشوه يخدم أعداء الأمة.
تأثير الأجيال:
لا يقتصر خطر الدراما الرمضانية على الجيل الحالي فحسب، وإنما يمتد ليشكل وعي الأجيال القادمة، ليتشرب الأطفال والمراهقين القيم التي يشاهدونها، فتصبح جزءًا من ثقافتهم وسلوكهم المستقبلي، عندما يتم تصوير الانحرافات الأخلاقية كأمور طبيعية، فإن ذلك يخلق جيلا مشوش الهوية، فاقدا للقيم الأصيلة.
ذلك التأثير يتضاعف في ظل غياب الرقابة الأسرية والمجتمعية، من خلال ترك الأطفال والمراهقين عرضة لهذا المحتوى دون توجيه أو تصحيح، وهكذا تصبح الدراما الرمضانية أداة فعالة لتغيير المفاهيم والقناعات لدى الشباب، ما يسهم في إضعاف الأمة من الداخل، عبر تدمير أساسها الأخلاقي والفكري.
غسل الأدمغة:
لم يعد التأثير الدرامي مقتصراً على تسلية المشاهدين، بل أصبح وسيلة قوية لغسل الأدمغة، وإعادة تشكيل وعي الجمهور بما يخدم مشاريع خارجية، يتم تقديم رسائل خفية في سياق درامي مشوق، يتقبل المشاهد الأفكار دون أن يشعر بأنها تُفرض عليه، مما يجعل تأثيرها أعمق وأخطر.
أسلوب يعتمد على التلاعب بالعواطف، ويتم إدخال رسائل سياسية وثقافية معينة في مشاهد إنسانية أو رومانسية، وربط هذه الأفكار بمشاعر إيجابية، ما يسهل عملية تطبيعها لدى المشاهد، وهي الاستراتيجية تستخدمها جهات إعلامية كبرى لإعادة برمجة المجتمعات وفق توجهاتها الخاصة.
ضعف الرقابة:
من العوامل التي ساهمت في انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، ضعف الرقابة الإعلامية وغياب المعايير الأخلاقية في تقييم المحتوى المقدم، فغالبية المسلسلات تمر دون تدقيق حقيقي لمحتواها وتأثيرها، ما يجعلها سلاحاً خطيراً يُستخدم دون وعي من الجهات المسؤولة عن الإعلام.
في المقابل، تتحمل الأسرة مسؤولية كبرى في حماية الأبناء من هذا التأثير، عبر توعيتهم بالمخاطر الكامنة في هذه الأعمال، ومساعدتهم على تحليل المحتوى الذي يشاهدونه، بدلا من تلقيه بشكل سلبي دون وعي أو نقد.
مواجهة التحدي:
في ظل الهجمات الفكرية والثقافية، يصبح من الضروري أن يكون هناك وعي جمعي بأبعاد الحرب الناعمة، والسعي لإيجاد بدائل إعلامية تعزّز من القيم الإسلامية وتحارب موجة الإفساد الثقافي التي تجتاح الشاشات، كما ينبغي دعم الإنتاج الإعلامي الذي يحترم هوية الأمة ويعكس قيم الإسلام الأصيلة.
شهر رمضان يُعد فرصة حقيقية لإعادة بناء الذات وتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، ويجب أن يستفاد منه لتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر البرامج المضللة التي تستهدف الهوية كما قال السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي :”الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة الحرب الناعمة، ومن يُدرك حقيقة هذه المؤامرات، يستطيع أن يحصن نفسه ومجتمعه من السقوط في مستنقع الضلال والانحراف”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الدراما الرمضانیة حیث یتم
إقرأ أيضاً:
اطلاق مشروع الدراما والمسرح في السردية الوطنية الأردنية
صراحة نيوز- ناقش مختصون وخبراء في القطاع الثقافي والدرامي والفني سبل الارتقاء بالدراما والمسرح الأردني وبما ينعكس على السردية التاريخية للهوية الاردنية ، وذلك خلال اطلاق ورشات العمل لمشروع الدراما والمسرح في السردية الوطنية الاردنية بعنوان ( الهاشميون وقضايا الأمة).
واكدوا خلال ورشة العمل الأولى للمشروع التي رعاها مندوباً عن وزير الثقافة الدكتور نضال العياصرة بحضور عدد من الإعلاميين والكتاب الصحفيين والفنانين ، ضرورة توفير الدعم المالي اللازم لهذا القطاع واستغلال الطاقات الشبابية ، وإيجاد رواية وطنية تحاكي تطلعات الدولة الأردنية في الماضي والحاضر والمستقبل .
وأشاروا الى أهمية إيجاد شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص بما يخدم العمل الدرامي والمسرحي من خلال عمل تشاركي بين مؤسسات الدولة في مقدمتها وزارة الثقافة والدائرة الثقافية في امانة عمان الكبرى ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون والمكتبة الوطنية والمؤسسات ذات العلاقة في القطاعين .
و اكد العياصرة على ضرورة المشروع كمبادرة وطنية ثقافية تحمل محتوى قيمي وجمالي تترك اثر في المجتمع وتسهم في اثراء المشهد الثقافي الوطني، مثمناً دور القائمون على اطلاق المبادرة في ابراز الشواهد الحضارية على عمق تاريخ الأردن الحضاري والثقافي .
وبين ان لدينا مؤسسات وهيئات وكتاب وفنانين ومبدعين وباحثين يعملون على مشاريع وطنية قوامها البحث العلمي والوثيقة والابتكار والانجاز الذي يسهم في رفعة الوطن وتقدمه والارتقاء بخطابه الإبداعي والإنساني وتعزيز مكونات هويته وتدوين سرديته الوطنية .
ومن جانبه قال وزير الاعلام الأسبق ورئيس مجلس إدارة صحيفة الراي سميح المعايطة إن المحور الاساسي في موضوع المسرح والدراما هو المضمون، بحيث يتم الخروج بمضمون وعمل قريب من المجتمع، وسردية ونص تصل للناس، وتعمل على جذب اكبر قدر ممكن من الجمهور.
واشار الى اهمية التمويل في عمليات انتاج والخروج بمحتوى جيد يليق بثقافة المجتمع، موضحًا ان الدولة الاردنية لديها تاريخ بالرغم من التحديات والعثرات التي واجهتها الدولة.
ولفت الى انه وجود توافق حول بناء السردية الاردنية من خلال وزارة الثقافة من خلال المسرح والفن والغناء، مؤكدًا اهمية هذه المشاريع في ترسيخ الهوية الاردنية.
ولفت رئيس مجلس ادارة مؤسسة التلفزيون الاردني، غيث الطراونة، ان التلفزيون الاردني يعمل حاليًا على خطة متكاملة اساسها الدراما، والدولة مؤمنة ان صناعة الرسائل الناعمة من خلال الدراما يخلق الوعي لدى الناس، وان الاثر الدائم في وعي الناس تصنعه الدراما.
واكد على وجود دعم حكومي لتطوير مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وعودتها لما كانت عليه سابقًا والدخول لكافة منازل الأردنيين ، مشيراً الى وجوب تعزيز ثقافة (الريلز) والمقاطع القصيرة من الفيديوهات و العمل عليها .
واشار الى ان هنالك مشكلة في عملية الوصول للجمهور، وهو الامر الذي يحتاج الى جهد كبير من خلال بناء النصوص القوية وادوات التنفيذ الصحيحة والاستفادة من الخبرات الموجودة وعمليات التمويل، اضافة الى بناء شراكات فاعلة مع القطاع الخاص.
المدير التنفيذي للثقافة في امانة عمان الكبرى الدكتور ثامر الشوبكي، أشاد بمشروع الدراما والمسرح في السردية الوطنية الاردنية ( الهاشميون وقضايا الأمة)، والذي من شأنها تعزيز الهوية والسردية الوطنية، والتي ستتناول السردية الوطنية خلال فترات زمنية مهمة منذ عام 1916 ولغاية 2025.
واكد دعم امانة عمان لهذه المشاريع التي تهدف الى خلق الوعي المجتمعي لدى المواطنين من خلال الاعمال الدرامية والسينمائية، لافتًا الى ضرورة الاسراع في اثبات السردية الأردنية ، مؤكداً ان الدراما هي الأسرع في إيصال الفكرة وتثبيتها من النص .
وأشار الى أهمية الإسراع في ثبات السردية الأردنية من اعمال ونصوص درامية ومسرحية لتؤكد ، بان هذه السيرة المشرفة للدولة الأردنية واضحة ليس فقط لدى النخب بل لدى كافة أبناء وفئات المجتمع الأردني.
بدوره قال المدير العام السابق للمكتبة الوطنية الدكتور محمد يونس العبادي ان لدى الاردن تاريخ دور عظيمان على جميع الاصعدة اضافة الى ولادته من رحم الثورة العربية الكبرى، مستعرضًا العديد من المحطات التاريخية التي تعزز مكانة الاردن منذ نشأة الدولة والتي تعزز السردية الاردنية والهوية الاردنية.
ومن جانبه اكد رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الأستاذ موفق محادين ضرورة اعادة بناءة السردية الوطنية الاردنية، ودعم القطاع الفني والمسرحي ماليًا ، واننا اليوم امام تحدى إيصال هذا الخطاب للناس في القرية والمدينة في هذه السردية .
من جانبها قالت الدكتورة يسر حسان، انه يجب ان يكون هناك شراكة مع القطاع الخاص وذلك لرفد البرامج وتغطيتها ماليًا، اضافة الى دعم المؤسسات الرسمية ذات الشأن وتمكينها للخروج بمحتوى فني يليق بالسردية الوطنية ، من خلال تحديث الجيل المخاطب والفئة المستهدفة.
الفنان ساري الاسعد اكد ان سرديتنا الأردنية واضحة ويفترض علينا طرحها بقوة ، وهي اليوم بحاجة الى الصورة لإيصال الرسالة من خلال العمل الفني والدرامي ، كذلك الى أهمية تحويل عشرات الروايات الى سيناريو لتقديمهم لانطلاق مشروع السردية الأردنية .
الفنانة عبير عيسى اكد على أهمية المشروع وانه حان الوقت للأردن لتنفيذ اعمال درامية على غرار الدول العربية التي عملت عن تاريخها ، مؤكدة على أهمية إيجاد الدعم المالي المناسب لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون حتى يتمكن من انتاج اعمال وطنية تليق بتاريخنا الوطني.
من جهته اكد المدير التنفيذي للشركة الأولى للإنتاج الفني والمسرحي الكاتب محمد أبو سماقة ان الظروف المحيطة بنا وفي ظل تنامي الهويات الفرعية في منطقتنا وجدنا انه من واجبنا ان نقدم مشروع وطني للأجيال لترسيخ مفهوم الوحدة .
وبين ان مشروع الدولة الأردنية الحديثة منذ تأسيسها قامت على فكرت مشروع الوحدة ولهذا لابد من إعادة صياغة وإنتاج هوية وطنية من خلال أدوات ثقافية وبصرية لعل من أهمها المسرح والغناء والدراما ، بالإضافة الى توظيف هذه القنوات في بناء السردية الوطنية الأردنية وتعريف الأجيال بها .
وأشار الى ان الشروع يأتي من خلال سلسلة من ورش العمل الإبداعية بحيث ان كل ورشة يشارك بها خبراء ومختصون في القطاع الفني والدرامي والإعلاميين بحيث يتولى كل فريق اعداد خطة عمل لمخرجات المشروع بشكله النهائي .
يذكر ان مشروع الدراما والمسرح في السردية الوطنية الاردنية بعنوان ( الهاشميون وقضايا الأمة) تطلقه الشركة الأولى للإنتاج الثقافي والفني بالتعاون مع وزارة الثقافة وامانة عمان الكبرى وعدد من الجهات المعنية ، ويأتي من خلال