توماس فريدمان: الانهيار العظيم لأميركا يمضي على قدم وساق
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
حذر الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، من أن ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية لن تصيب نجاحا في السنوات الأربع المقبلة.
ويتناول مقال الرأي المعنون "انهيارٌ كبير يجري على قدم وساق" بشكل نقدي تلك الولاية، مشددًا على طبيعتها الفوضوية وما يميزها من أنانية.
ويجادل فريدمان بأن سياسات ترامب تفتقر إلى التماسك، بل إنها مدفوعة بمظالم شخصية، وسعي للانتقام، وعقلية الولاء السائدة بين أفراد إدارته.
وفي المقال الحافل بالانتقادات اللاذعة لترامب، يقول فريدمان إن ترامب هو وحده، دون أي شخص آخر، من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا، والرسوم الجمركية، والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى.
ومرد كل تلك الإخفاقات، وفقا لفريدمان، هو أن ترامب لم تكن لديه رؤية متماسكة لمجريات الأمور في عالم اليوم، وكيفية توافق أميركا معها على أفضل وجه حتى يتحقق الازدهار المنشود في القرن الحالي.
وأضاف الكاتب أن ترامب عاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض حاملا في جعبته هواجسه وغبنه القديم نفسيهما إزاء تلك القضايا، وعزز إدارته بعدد غير عادي من الأيديولوجيين الهامشيين الذين استوفوا معيارا أساسيا واحدا وهو الولاء الدائم له ولأهوائه قبل الدستور والقيم التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية أو القوانين الأساسية للاقتصاد.
والنتيجة -وفق المقال- هي ما يشهده العالم اليوم من مزيج غريب من رسوم جمركية تُفرض ثم تنقض لتفرض مرة أخرى، ومساعدات تُقدم لأوكرانيا ثم توقف وتستأنف من جديد، وإدارات حكومية وبرامج داخلية وخارجية تقلص ثم يرجع في ذلك ثم تقلص عبر مراسم متضاربة ينفذها جميعا وزراء وموظفون في الحكومة يجمعهم الخوف من تغريدة هنا وهناك ينشرها حليفه الملياردير إيلون ماسك أو الرئيس نفسه عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما حادوا عن أي خط سياسي يرسمه لهم.
ومضى فريدمان إلى القول إنه ما من أحد في العالم يمكنه أن يحكم بلدا، أو أن يكون حليفا لأميركا، أو أن يدير شركة، أو أن يكون شريكا تجاريا لها على المدى الطويل، إذا كان الرئيس الأميركي يهدد أوكرانيا، ويتوعد روسيا ثم يسحب وعيده، ويلوّح بفرض رسوم جمركية ضخمة على المكسيك وكندا ثم يؤجل سريانها، ويضاعف الرسوم الجمركية على الصين وينذر أوروبا وكندا بفرض المزيد منها.
ووفقا للمقال، فإن أكذوبة ترامب الكبرى ادعاؤه بأنه ورث اقتصادا خرِبا، مما يدفعه لفعل كل هذه الأمور، وهذا محض هراء، برأي الكاتب الذي يزعم أن الاقتصاد كان في حالة جيدة جدا في أواخر ولاية الرئيس السابق جو بايدن، على الرغم مما شهدته بداياتها من أخطاء.
ومع أن فريدمان يرى أن ترامب كان محقا في اعتقاده بأن هناك حاجة لمعالجة الخلل التجاري مع الصين، إلا أنه يرى أنه كان بإمكان الرئيس الأميركي أن يقوم بذلك من خلال زيادة الرسوم الجمركية المستهدفة على بكين، بالتنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة الذين يتعين عليهم فعل الشيء نفسه، معتبرا هذه هي الطريقة التي تجعل الصينيين يتحركون.
وأشار في المقال إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي كان قد لخص دور بلاده تجاه العالم في فقرتين في خطاب تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني 1961.
وفي ذلك الخطاب، قال كينيدي "فلتعلم كل أمة، سواء كانت تتمنى لنا الخير أو الشر، أننا سندفع أي ثمن، ونتحمل أي عبء، ونواجه أي مشقة، وندعم أي صديق، ونعارض أي عدو لضمان بقاء الحرية ونجاحها".
لكن فريدمان يقول إن ترامب ونائبه جيه دي فانس قلبا دعوة كينيدي رأسا على عقب لتقرأ على النحو التالي: "فلتعلم كل أمة، سواء كانت تتمنى لنا الخير أو الشر، أن أميركا اليوم لن تدفع أي ثمن، ولن تتحمل أي عبء، ولن تتكبد أي مشقة، وأنها ستتخلى عن أي أصدقاء وتتودد إلى أي أعداء في سبيل ضمان البقاء السياسي لإدارة ترامب حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن الحرية أينما كان ذلك مربحًا أو مناسبا لنا".
وخلص الكاتب إلى القول إذا كان ترامب يريد أن يحدث تحولا جوهريا في الاتجاه المعاكس فهو مدين للبلاد بأن تكون لديه خطة متماسكة، تستند إلى اقتصادات سليمة وفريق يمثل الأفضل والأكثر ذكاءً، وليس الأكثر تملقا من اليمينيين المتطرفين.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
حاص على أوسكار.. وفاة الكاتب العالمي توم ستوبارد عن عمر 88 عامًا
رحل الكاتب البريطاني الشهير توم ستوبارد عن عمر يناهز 88 عامًا، ليغادر عالم الأدب والسينما بعد مسيرة استثنائية جعلته واحدًا من أبرز كتاب القرن، خاصة بعد فوزه بجائزة الأوسكار عن فيلم Shakespeare in Love.
وأكدت وفاته وكالة "يونايتد إيجنتس"، التي أعلنت رحيله في منزله بمقاطعة دورست وسط أسرته.
وأوضحت الوكالة في بيانها: "نشعر بحزن عميق لإعلان وفاة عميلنا وصديقنا العزيز توم ستوبارد، الذي غادر عالمنا محاطًا بعائلته. لقد كان يتمتع بذكاء حاد وجرأة وكرم روح، إلى جانب حب عميق للغة الإنجليزية".
وُلد ستوبارد عام 1937 في ما يُعرف حاليًا بجمهورية التشيك، وعاش طفولة صعبة تأثرت بالحرب العالمية الثانية، قبل أن تفر عائلته إلى سنغافورة.
وبعد انتقاله لاحقًا إلى إنجلترا، ترك الدراسة في سن المراهقة وتفرغ للكتابة، مازحًا في أحد تصريحاته: "لو صدمتني حافلة آنذاك، لكنت واحدة من أكثر الجثث جهلاً في العالم".
وبدأ ستوبارد مسيرته مبكرًا عبر مسرحيته الشهيرة Rosencrantz and Guildenstern Are Dead، قبل أن يحصد عشرات الجوائز عن أعماله المسرحية والسينمائية.
وحقق نجاحًا سينمائيًا ضخمًا بفيلم Shakespeare in Love عام 1998، والذي نال عنه جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي.
وخلال مسيرته الطويلة، شارك في كتابة عدد من أشهر الأفلام، من بينها Brazil و Empire of the Sun و Anna Karenina، فيما واصلت مسرحياته جذب اهتمام النقاد حتى سنواته الأخيرة.
ووصف ستوبارد أسلوبه في الكتابة بأنه قائم على الحدس، قائلاً في مقابلة عام 2019: "جميع الأجزاء الجيدة لا شعورية".
كما أعرب عن رغبته الدائمة بأن تبقى أعماله خالدة، مضيفًا: "أطمح للكتابة للأجيال القادمة، أحب أن تكون أعمالي جزءًا من الأثاث".