صناعة الجمال والسينما العربية … محاولة للبحث عن المثالية
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
مارس 18, 2025آخر تحديث: مارس 18, 2025
عبدالكريم ابراهيم
يلعب الجمال دوراً بارزاً في جذب الانسان إليه، ولعل وراء هذا الرغبة بواعث غريزية تتفاعل فيها مؤثرات فلسجية تسهم في جموح وتهيج المشاعر الإنسانية . صانعو السينما اكثر من غيرهم دراية في كسب هذا التوجه والعمل على استمالته بما يحقق أرباحا معنوية ومادية، لذا عمل هؤلاء إلى العناية الدقيقة في اختيار نجوم السينما، وجندوا افضل وسائل الدعاية في سبيل أن يحظى الممثلون بمكانة اجتماعية مهمة ، بل وصل الامر إلى زجهم في عالم السياسة والجاسوسية وغيرها من أساليب المخابرات العالمية التي سعت إلى تجنيد بعض النجوم لغايات معينة.
أولى صناع المحتوى الفني عناية فائقة في كيفية جذب المشاهد بعوامل مشوقة تهيج المشاعر، وتدخل السرور إلى الافئدة. فلم يجدوا غير انصياع لنظرية الجمال كوسيلة كسب مشروع يمكن أن تحقق مكاسب متنوعة على جميع الصُعد.
السينما العربية لم تكن بعيدة عما يجري في دهاليز زميلتها العالمية، بل درست بعض التجارب واكتسبت منها خبرات في كيفية توظيف الجمال في محله، فكانت البدايات الأولى وضع قواعد الأساس لما بعد هذه المرحلة. فظهر نجوم السينما العربية من كلا الجنسين بصور ابطال خارقين من ليالي الف ليلة وليلة.
ربما كان التركيز على الجنس الناعم اكثر من غيره؛ لان الوسامة عند مفهومها الذكور في عقلية المتلقي العربي هي الرجولة والبطولة . المشاهدون يرمون إلى تحقيق بواعث كامنة يمكن إن توجد في شخصية البطل : فهو شجاع مثل عنترة العبسي ، كريم كحاتم الطائي ، وسيم كوضاح اليمن، فيلسوف كابن الرشد. وهنا وجد المتلقي العربي بعض ضالته التي فقدها في حياته العامة في شخصيات بعض نجوم السينما الذين شكلوا حلم ظل يراود بين خيالات الماضي السحيق. فحكايات أبي زيد الهلالي مازالت رغبة تلاحق أحلام الكثيرين، ولكن من الصعوبة تحقيقها على ارض الواقع الا من خلال السينما ونجومها. فكانت أفلام إعادة بعض البطولات العربية بشكل يلبي الرغبة العربية الجامحة، ومحاولة لاسترداد بعض ملاحم المجد المفقود عندما سادت الحضارة العربية العالم، وادن لها الجميع بالسيادة المطلقة في المجالات كافة. فكانت سلسلة أفلام إعادة صناعة الابطال التاريخين كما في بعض افلام بدايات السينما العربية.
أما فنانات السينما فهن أكثر من غيرهن علاقة في موضوع صناعة الجمال ، لذا تم اعطاءه عناية كبيرة بحيث يكون من نوع المبهر الاخاذ للعقول. وأصبحت نجمات السينما حلم كل فتى عربي، ولعل بساطة الجمال واقترابه من الطبيعي ؛ هو الذي جعل فاتنات السينما العربية حتى يومنا هذا تحظى بمكانة مميزة مقارنة الأجيال المعاصرة التي ركزت على الموهبة ، وتركت باب الجمال موصداً مما ولد بعض النفور لاجيال متعصبة ترى في نجوم السينما يجب أن يكونوا خارقين فوق العادة حتى في الجمال كي يصبحوا نموذجاً يحتذى به في الوصف والمقارنة والتماثل أحيانا عنصر للتباهي بين الناس انفسهم في أيهم اقرب شبها لهذا الممثل أو لتلك الممثلة، حتى الشباب الباحثين عن فتيات أحلامهم فأنهم وجدوا في عيون ورشاقة نجمات السينما ما يطفئ عطشهم وشوقهم المكنون في اقتران بأقرب شكلا بالممثلات الجميلات.
وأصبحت شخصية كالفنان احمد رمزي نموذجاً حي لطموح أغلب الفتيات الباحثات عن الوسامة المقرونة بقوة العضلات أي ان تجمع الرجولة بالشكل في صورة واحدة . في حين نالت ايقونات السينما الكثير من الاطراء والمبالغة في عدم تكرار جمالهن رغم مرور سنوات طويلة من الظهور كزبيدة ثروت ، مريم فخر الدين ،هند رستم ، سهير رمزي ، شمس البارودي وليلى علوي لدرجة ان بعض المتحمسين والمتعصبين لجمالهن يقولون ” أنهن نساء خلقن من حليب وبسكويت”، وبعيداً عن هذا الرأي المتطرف والمبالغة فيه، نجد اليوم أن مقايس الجمال اختلفت عن ذي قبل بعدما امتدت يد مبضع جراح التجميل ليعيد رسم بعض الملاحم الطبيعية في محاولة للتمرد على النواميس الفطرية، وفقد المشاهد العربي لذة الجمال الحقيقي هو يتفرس بعض الوجه الجديدة كي يعرف الصناعي مما هو رباني، وأصبح المتذوق يعيش في ضبابية بعدما اختلطت عليه الأمور في معرفة مكامن الجمال الحقيقي عن المصنوع، وعزاء المتلقي العربي اليوم العودة إلى الماضي بنوع من الخشوع بعدما انتهكت ثوابت الجمال المتعارفة والمتوارثة من جيل إلى جيل، واستبدلت بقوالب جامدة لا تشع منها رائحة الانوثة، بل جعلت المتعطشين للجمال الحقيقي يعيشون في سنوات الماضي القريب ولا يريدون أن يغادرونه .
وبعد سنوات من الثقافة التراكمية التي أسست قواعد للجمال، بدأت هذا الأساس تنهار بعدما حاول بعضهم أن يغيروا قواعد الاختيار المتوارثة السابقة التي جاءت بنماذج بقيت محافظة على أثرها في نفوس الناس، وعززت مفهوم الجمال المبهر الذي أريد لهُ أن يتعرش الشاشة العربية سنوات طويلة اسعد الجميع وخلق روح المثالية في أن يكون عنصر الجمال من مؤثرات التي تسهم في إيجاد حالة من التشويق الحسي الذي يبحث عنه المشاهد العربي فضلا عن التعويض عن الفراغ النفسي الذي طالما شعر به البعض في يكون الجمال هو من يزرع بوادر الامل بعدما عجزت بعض السياسات الحاكمة في كسب المواطن العربي اليها. وربما يعد هذا الأسلوب في توظيف الجمال نوعاً من الانهزامية المحببة التي يشعر بها الكثير بحالة التعويض المفقودة التي تعطي بعض الاستقرار النفسي والمجتمعي وتصالح مع الذات الباحثة عما يبث فيها بعض الامل وينشلها من حالة الضياع المجاني التي تعيشه بعض المجتمعات .
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: السینما العربیة نجوم السینما
إقرأ أيضاً:
جمال الروح
الجمال ليس أن يكون لديك وجه جميل، بل أن يكون لديك عقل جميل، قلب جميل، والأهم من ذلك روحا جميلة.
جمال الروح هو الذي يعطي انطباعا جيدا عن الشخصية مهما كان شكله أو لونه أو عرقه، فعندما نرى شخصا للمرة الأولى نلاحظ الشكل الخارجي، ولكن عندما نتحدث معه ويطول الحديث نبدأ نكون فكرة عن صفاته وعيوبه ومزاياه وقد نجده أكثر جمالا وجاذبية دون أن ندرك ذلك والعكس صحيح.
عندما تملئين أفكارك بالطاقة الإيجابية والجمال الداخلي سيزيد تقديرك لكل ما هو حولك وستجدين كل شيء أكثر جمالا وجاذبية لأنك تعكسين إلى العالم الخارجي الجمال الكامن داخلك، فإذا ما شعرتي أنك امرأة جميلة وآمنتي بقدرتك ستزيد ثقتك بنفسك وسيظهر جمالك متوهجا لا مثيل له.
أما الجمال الخارجي هو ذلك الذي يرتبط بمعايير جسدية ومادية بحتة وكثيرا نرى نساء لا يشعرن بالثقة والراحة النفسية ولا يعجبهن شكلهن الخارجي ويقارن أنفسهن بالنساء الأخريات ولا يجرؤن على تحقيق ذاتهن.. فالوجه والجسد سيواجهان التجاعيد والتقدم بالسن أما الجمال الداخلي سيبقى يانعا طالما أسقيته بالأخلاق السامية. فجمال الروح هو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الزمن أن ينال منه، فليس هناك جميل ولا قبيح وإنما التفكير هو الذي يصور الجمال والقبح للإنسان، فكم من وجه حسن يخفى نفسا خبيثة،
لذلك الأشياء الأكثر جمالا في العالم لا يمكنك رؤيتها أو حتى لمسها ولكن تشعر بها بقلبك، وأكبر مثال على ذلك أن الحب الحقيقي هو التقاء روحين، والأرواح لا تتنافس في الجمال ولا في الذكاء لأن كل الأرواح جميلة وذكية، وهناك مقولة «الحب أعمى» وذلك خطأ، بل الحب مبصر ولكنه يرى بعين الجمال فيرى كل شيء جميلا.
وأخيرا باختصار أنت جميلة إذا آمنتي بجمالك، وأنت جذابة إذا أحسستي بجاذبيتك تنبع من داخلك فيراك الناس حسب الصورة التي ترينها أنت عن نفسك في المرآة، لذلك حاولي أن تتخطى العيوب التي تعيق تقدمك واشعري بجمالك لكي تنقلي هذا الإحساس للعالم بأسره.
أعجبني بيت الشعر:
بنات حواء أعشاب وأزهار
فاستلهم العقل وانظر كيف تختار
ولا يغرنك الوجه الجميل
فكم في الزهر سم وكم في العشب عقار.
اقرأ أيضاً«الروح الحلوة والنفس الطيبة».. رامي إمام ناعيا سليمان عيد | صورة
وزير الأوقاف: ذكر النبي يعكس الوعي الروحي ويجسد معاني الجمال في كل تفاصيل الحياة