عربي21:
2025-06-03@23:50:11 GMT

انهيار القيم الأخلاقية

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

يمر العالم اليوم بمرحلة تاريخية تتسم بانهيار القيم الإنسانية وغياب الأمن الروحي والسلام، وهو نتيجة تراجع المفاهيم التي قامت عليها الحضارة الحديثة، مثل العقلانية والحرية والعدالة والمساواة.
لم يعد الإنسان مركز الاهتمام، بل أصبح مجرد أداة في منظومة استهلاكية تديرها قوى متحكمة بالقرار العالمي، وهو واقع يتجلى بوضوح في المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، حيث تكشف الوجه الحقيقي لسياسات العولمة التي تُكرس الاستبداد والاستغلال.



إذا كانت العقلانية أنقذت البشرية من الظلامية في مراحل تاريخية سابقة، فإن العولمة المعاصرة تسير في اتجاه معاكِس، حيث أصبحت وسيلة لفرض الهيمنة والتفاهة وإضعاف الهوية الثقافية. في فلسطين، يتجسد هذا التناقض بوضوح: في الوقت الذي تتشدق فيه الدول الكبرى بقيم الحرية والعدالة، نجد أن حقوق الفلسطينيين تُنتهك يومياً، في ظل صمت عالمي وتواطؤ القوى المسيطرة. والحرب على غزة مثال صارخ على هذه الازدواجية، حيث تُقابل المذابح والتشريد بتبريرات واهية، فيما تتبنى المؤسسات الدولية خطاباً زائفاً حول حقوق الإنسان.

في العقود الأخيرة، أضحت العولمة مدعومة بثورة رقمية حولت الإنسان إلى كائن مستهلِك خاضع لإرادة الشركات العملاقة التي تسيطر على المعلومات وتوجه الرأي العام. وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يفترض أن تكون مساحة للحوار الحر، أصبحت أداة للتضليل وقمع الأصوات المعارضة. في غزة، تتجلى هذه العبودية الرقمية بأبشع صورها، حيث تُحجب الرواية الفلسطينية، وتُمارَس الرقابة الصارمة على كل محاولة لكشف الحقيقة. لقد أصبح التحكم في المعلومة سلاحاً يُستخدم لخدمة أجندات القوى الكبرى، ما يفاقم معاناة الشعوب المظلومة ويمنعها من إيصال صوتها إلى العالم.

ليس ما يحدث في فلسطين مجرد صراع محلي، بل اختبار حقيقي لضمير العالم ومصير الإنسانية. إذا استمر النظام العالمي في التواطؤ مع الاحتلال وقمع الحقوق المشروعة للشعوب، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الانهيار القيمي والتفكك الاجتماعي. العالم اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يعيد الاعتبار للمبادئ الإنسانية الحقيقية، أو يواصل السير نحو مستقبل تحكمه القوة العمياء والمصالح الضيقة.

يتوجب على المجتمع الدولي، إن كان جاداً في التمسك بالقيم الإنسانية، اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء معاناة الفلسطينيين. من بين هذه الخطوات:

• فرض عقوبات دولية على الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان في فلسطين، تماماً كما يتم فرض عقوبات على دول أخرى عند ارتكابها جرائم مماثلة.

• دعم المبادرات القانونية التي تسعى إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين في المحاكم الدولية.

• تمكين الإعلام الحر لضمان من نقل الحقيقة دون رقابة أو تزييف، ما يساهم في خلق وعي عالمي حقيقي حول الوضع في غزة.

• الضغط السياسي والدبلوماسي لإجبار الأطراف الفاعلة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وفقاً لقوانين الشرعية الدولية.

• دعم الاقتصاد الفلسطيني من خلال تشجيع الاستثمارات والمشاريع التي تعزز من صمود الشعب الفلسطيني وتحد من تبعيته الاقتصادية.

يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن الإنسانية من استعادة قيمها وإنقاذ نفسها من السقوط في فخ العولمة المتوحشة أم أن ما يحدث في غزة ليس سوى بداية لانهيار أوسع لنظام يدّعي الحضارة بينما يمارس الهمجية؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تتعلق بغزة وحدها، بل بمستقبل البشرية بأسرها.

 (الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإنسانية غزة غزة أخلاق الإنسانية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

رايتس ووتش: القضاء الليبي عاجز عن التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قطاع العدالة في ليبيا غير قادر على إجراء تحقيقات جادة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية، بسبب الانقسامات التي تمزقه.

وسجلت المنظمة في تقرير أصدرته أمس الاثنين، أن النظام القضائي في ليبيا يتسم بـ"انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة".

وأكد التقرير أن المليشيات غير الخاضعة للمساءلة تسيطر على السجون ومراكز الاحتجاز التي لا تخضع إلا ظاهريا لـ"رقابة عدة وزارات وسلطات حكومية".

وأوضح التقرير أن قانون العقوبات الليبي والتشريعات الأخرى ذات الصلة "قديمة ولا تتناول الجرائم الدولية، وتحتاج إلى إصلاح شامل لمواءمتها مع التزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان".

وتتضمن التشريعات المحلية في ليبيا أحكاما وقوانين وصفها التقرير بـ"القمعية والتعسفية الموروثة من عهد الزعيم السابق معمر القذافي"، معتبرا أنها تتعارض مع القانون الدولي.

كما أفادت "رايتس ووتش" بأن القوانين والأحكام القضائية الصادرة منذ الإطاحة بالقذافي "تُقيد الحريات ولا تتماشى مع القانون الدولي، فيما تواصل المحاكم العسكرية في الشرق والغرب محاكمة المدنيين تحت ذريعة الجرائم المتعلقة بـ"الإرهاب".

إعلان

وأشار التقرير إلى أن الإجراءات القضائية في المحاكم المدنية والعسكرية تشوبها انتهاكات "جسيمة" للإجراءات القانونية الواجبة، حيث يحتجَز "الليبيون وغير الليبيين بشكل تعسفي لفترات طويلة".

كما لفت التقرير إلى أن مرافق الاحتجاز في ليبيا "مشتتة ويسودها العنف والأوضاع غير الإنسانية للمهاجرين وطالبي اللجوء والمواطنين الليبيين على حد سواء".

وأردف التقرير أن التعذيب وسوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي، والأوضاع غير الإنسانية، بما في ذلك الاكتظاظ، ممارسات واسعة الانتشار، مؤكدًا أنها وُثقت توثيقًا جيدًا.

وأفاد بأن الجماعات المسلحة والقوات شبه الحكومية التي تسيطر على مرافق الاحتجاز "لا تنفذ دائما أوامر الإفراج أو تمتثل لأوامر المحكمة باستدعاء المحتجزين"، كما أن الحق في محاكمة عادلة "لا يُحترم في ليبيا".

ودعت المنظمة السلطات الليبية إلى إلغاء جميع القوانين التي تنتهك القانون الدولي "فورا" و"الإعلان الدستوري الليبي"، ووضع الأسس لإصلاح تشريعي شامل بمشاركة فقهاء القانون والمنظمات المدنية المحلية والدولية.

كما طالبت بتعديل قانون العقوبات لتجريم الجرائم الدولية الخطيرة على وجه التحديد، وضمان معايير المحاكمة العادلة وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة بما يتماشى مع القانون الدولي، وممارسة رقابة فعالة وحقيقية على جميع مرافق الاحتجاز.

مقالات مشابهة

  • اقتصادية حقوق الإنسان تزور جامعة بني سويف التكنولوجية
  • أسامة كمال : الغرب يتعامل مع المقدسات الإسلامية بازدواجية معايير
  • لحظة العيد.. وبحث الأمة عن بوصلتها الأخلاقية
  • الشركة التي تدير مؤسسة غزة الإنسانية تنهي تعاقدها وتنسحب من العملية
  • التضامن تعرض تجربة مصر في تعزيز دور الأسرة أمام ورشة عمل دولية
  • رايتس ووتش: القضاء الليبي عاجز عن التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان
  • رؤية الحج الإنسانية التي تتسع للعالم أجمع
  • «القيم الأخلاقية ودورها في بناء المجتمع».. ندوة توعوية لوعظ الغربية بـ التنظيم والإدارة
  • بنغلاديش تبدأ محاكمة الشيخة حسينة غيابيا بتهمة جرائم ضد الإنسانية
  • برلماني: المواطن شبع كلام من الأحزاب