جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-02@15:37:23 GMT

"وين الملايين"!

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

'وين الملايين'!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

عنوان هذا المقال مُقتبس من قصيدة غنائية كتبها الشاعر الليبي علي الكيلاني إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى مطلعها: "وين الملايين.. الغضب العربي وين... الشرف العربي وين". وعلى الرغم من بساطة هذه الكلمات، إلا أنها هزت ضمائر الأمة وحققت نجاحًا غير مسبوق في تحريك الجماهير العربية، بفضل الحنجرة الذهبية للفنانة جوليا بطرس رفقة زميلاتها من الكورال، ودعوة القصيدة الشعوب العربية للخروج إلى الميادين للتضامن مع الشعب الفلسطيني المجاهد، وذلك في تلك الأيام الخوالي التي كانت فيها الشعوب العربية على قلب رجل واحد من المحيط الى الخليج ولها قضية مصيرية هي استعادة القدس الشريف ومسجدها الأقصى من الصهاينة.

كم هي عظيمة غزة برجالها ونسائها وأطفالها الذين يتعرضون لأكبر محرقة في التاريخ المعاصر؛ فأنتم أيها الشرفاء من علَّمتم العالم الحر معنى التضحيات والبطولات والصمود الأسطوري الذي لا يفقهه البعض ممن لا يعلمون واجب الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأوطان، والأسوأ من ذلك كله هو الصمت والخذلان من الحكومات شرقًا وغربًا وحتى في منطقتنا العربية.

وكنتيجة طبيعية لهذه الحروب العبثية التي فُرِضت من الخارج على العرب بهدف إضعاف الجيوش العربية وجعل من القوة الصهيونية هي المسيطرة والأقوى في المنطقة، فقد استُنزِفت الأموال والأرواح في هذه الصراعات التي لا يُراد لها أن تنتهي؛ فالحكومات العربية هي الأكثر إنفاقًا على شراء السلاح في العالم، فقد خلصت مراكز الدراسات الإستراتيجية العالمية إلى أنَّ العرب أنفقوا خلال آخر عقد ونصف العقد أكثر من تريليون دولار على التسليح. وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ العرب أكثر ضحايا الحروب والتعذيب واللجوء عبر الحدود الدولية؛ بسبب قمع بعض الأنظمة والحكومات العربية الاستبدادية لشعوبها. أما معهد ستوكهولم للسلام الدولي، فقد كشف في تقريره السنوي عن امتلاك بعض الدول العربية لأكبر نسبة إنفاق عسكري على شراء السلاح من الناتج المحلي الإجمالي في العقود الأخيرة.

والسؤال المطروح: الآن أين الجيوش العربية مما يجري على أرض فلسطين من عربدة الحكومة اليمينية المتطرفة التي تعيث فسادًا في الأرض؟

الإجابة على ذلك واضحة وضوح الشمس؛ فبعض هذه الجيوش وُجدت لحماية دولة الكيان الغاصب، وذلك ضمن اتفاقيات سرية وبعضها علنية مع الغرب الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى إذلال الأمة وتحقيق ما يعرف بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، لتحقيق نبوءات كهنوتية للإنجيليين الجُدد حول موعد نزول المسيح عليه السلام. 

ومن المفارقات العجيبة أنَّ مُعظم الأنظمة العربية تقوم بشراء السلاح لمحاربة بعضهم بعضًا، وحماية الكراسي والحكام من السقوط في وجه التهديدات الداخلية من المعارضين في الداخل والخارج؛ وليس للدفاع عن الأوطان في وجه الأعداء وتحرير مقدسات الأمة، فقد أثبتت الأيام والوقائع أن كلَّ دولةٍ عربية تخشى من جيرانها أكثر من خشيتها من الأعداء المحتملين من الدول الأجنبية وخاصة الدولة المزروعة في قلب الوطن العربي من الغرب وهي إسرائيل؛ فالأسلحة الأمريكية الجديدة والتي تعد الأحدث تُستخدم الآن لقتل سكان غزة، والعالم من أقصاه إلى أقصاه يشاهد تلك المذابح عبر الشاشات دون أن يحرك أحدًا من هؤلاء الأقوام ساكنًا إلّا بإصدار بيانات الشجب التي لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به. وكم من مؤتمرات قمة عقدت خلال الـ17 شهر الماضية ولم تنجح في كسر الحصار وإيصال الأدوية والطعام للمحتاجين في القطاع المحاصر من الجميع منذ 18 سنة، فضلًا عن الوقوف في وجه المجرمين الذين أدانتهم المحاكم الدولية كمجرمي حرب وعلى رأس هؤلاء بنيامين نتنياهو.

لا شك أننا نعيش زمنًا استثنائيًا فقدت فيه الأمة العربية مشاعرها وأحاسيسها؛ بل وحتى بوصلتها عن حقيقة ما يحصل من مجازر في فلسطين المحتلة يندى لها جبين الإنسانية في هذا الشهر الكريم، وعلى وجه الخصوص قطاع غزة، الذي يتعرض مُجددًا هذه الأيام لأبشع الجرائم والإبادة الجماعية للأطفال والنساء في هذه المنطقة المحاصرة من الصهاينة، بينما العرب وقفوا عاجزين عن الدفاع عن أطفال غزة؛ بل وحتى عن إدخال الماء والغذاء والأدوية عبر الحدود في انتظار الموافقة من حكومة الكيان الصهيوني المجرمة، التي لا يمكن أن تأتي في الأصل إلا بعد التخلص من سكان غزة ومقاومتها الباسلة الذين يدافعون عن شرف الأمة ومقدساتها في الأقصى المبارك وارض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، مهما كانت التضحيات والشهداء الذين يروى تراب أرض الرباط بدمائهم الزكية.

من المؤسف حقاً أن تقف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج عاجزة ودون إرادة لتغيير المعادلة المتمثلة بعدم الاكتفاء بدور المتفرج والتسمر أمام الشاشات الفضائية فقط، اين نحن من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" (الحج: 39).      

وفي الختام، الأنظار هذه الأيام تتجه إلى جمهورية تركيا كقوة إقليمية مسلمة وكامتداد للإرث الإمبراطوري العثماني في المنطقة؛ إذ يمكن لها أن تواجه إسرائيل، وذلك إذا تحققت الإرادة الصادقة للرئيس رجب طيب أردوغان الذي اعتدنا على سماع تصريحاته الرنانة؛ فالأيام القادمة سوف تكشف عن فصول جديدة تكتب عن معادن البشر ومواقفها، فالتاريخ لا يرحم؛ فهل نتوقع صلاح الدين جديدًا يستعيد القدس الشريف لأمة محمد؟

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اختبار ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بالأشخاص الذين سيستفيدون من دواء سرطان البروستاتا

طور أطباء أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التنبؤ بالرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين سيستفيدون من دواء يقلل من خطر الوفاة إلى النصف.

وُصف "أبيراتيرون" بأنه علاج "مُغير لقواعد اللعبة" لهذا المرض، وهو أكثر أنواع السرطان شيوعا لدى الرجال في أكثر من 100 دولة. وقد ساعد بالفعل مئات الآلاف من المصابين بسرطان البروستاتا المتقدم على العيش لفترة أطول.

لكن بعض الدول، بما في ذلك إنجلترا، توقفت عن توفير هذا الدواء "المذهل" على نطاق أوسع للرجال الذين لم ينتشر مرضهم.



والآن، قام فريق من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا بتطوير اختبار ذكاء اصطناعي يُظهر الرجال الذين يُرجح أن يستفيدوا من "أبيراتيرون". سيُمكّن هذا الاختراق "المثير" أنظمة الرعاية الصحية من توفير الدواء لمزيد من الرجال، وتجنيب الآخرين العلاج غير الضروري، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

سيتم الكشف عن اختبار الذكاء الاصطناعي في شيكاغو خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري، وهو أكبر مؤتمر عالمي للسرطان.

شارك نك جيمس، أستاذ أبحاث سرطان البروستاتا والمثانة في معهد أبحاث السرطان بلندن، واستشاري الأورام السريرية في مؤسسة رويال مارزدن التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، في قيادة الفريق الذي طوره.

وقال جيمس: "لقد حسّن "أبيراتيرون" بشكل كبير التوقعات لمئات الآلاف من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا المتقدم. نعلم أنه بالنسبة للعديد من الرجال المصابين بالسرطان الذي لم ينتشر بعد، يمكن أن يحقق نتائج مذهلة أيضا".

"لكنه يأتي مع آثار جانبية ويتطلب مراقبة إضافية لمشاكل محتملة مثل ارتفاع ضغط الدم أو تشوهات الكبد. كما يمكن أن يزيد بشكل طفيف من خطر الإصابة بمرض السكري والنوبات القلبية، لذا فإن معرفة من هو الأكثر احتمالا للاستفادة أمر بالغ الأهمية".

" يُظهر هذا البحث إمكانية تحديد الأشخاص الذين سيستجيبون بشكل أفضل لأبيراتيرون، وأولئك الذين سيتحسنون من العلاج القياسي وحده - العلاج الهرموني والعلاج الإشعاعي".

يستخدم الاختبار الذكاء الاصطناعي لدراسة صور الأورام وتحديد السمات غير المرئية للعين البشرية. وقد أجرى الفريق، الممول من مؤسسة سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة ومجلس البحوث الطبية وشركة أرتيرا، تجربة على صور خزعات لأكثر من 1000 رجل مصاب بسرطان البروستاتا عالي الخطورة الذي لم ينتشر.

حدد اختبار الذكاء الاصطناعي 25% من الرجال في المجموعة الأكثر احتمالا للاستفادة من أبيراتيرون - بالنسبة لهؤلاء الرجال، يقلل الدواء من خطر الوفاة إلى النصف.

في التجربة، حصل المرضى على درجة - إيجابية أو سلبية للمؤشرات الحيوية - والتي تمت مقارنتها بنتائجهم. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أورام إيجابية للمؤشرات الحيوية، واحد من كل أربعة رجال، خفض "أبيراتيرون" خطر الوفاة بعد خمس سنوات من 17% إلى 9%.

بالنسبة للمصابين بأورام سلبية المؤشرات الحيوية، خفض "أبيراتيرون" خطر الوفاة من 7% إلى 4%، وهو فرق لم يكن ذا دلالة إحصائية أو سريرية، وفقا للفريق البحثي. سيستفيد هؤلاء الرجال من العلاج القياسي وحده، وسيتجنبون العلاج غير الضروري.

وقال البروفيسور جيرت أتارد، المشارك في قيادة الدراسة، من معهد السرطان بجامعة "يونيفيرسيتي كوليدج لندن": "تُظهر هذه الدراسة، في مجموعة كبيرة جدا من المرضى، أنه يمكن استخدام خوارزميات جديدة لاستخراج المعلومات من شرائح علم الأمراض المتاحة بشكل روتيني لتخصيص هذه العلاجات لمرضى محددين وتقليل العلاج الزائد مع تعظيم فرصة الشفاء".

وأضاف جيمس أنه نظرا لأن عدد الرجال الذين سيحتاجون إلى الدواء أقل مما كان يُعتقد سابقا، ينبغي على أنظمة الرعاية الصحية النظر في إعطائه للرجال الذين لم ينتشر سرطانهم.

وقد تمت الموافقة على استخدامه من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا لعلاج سرطان البروستاتا المتقدم، ولكن ليس لعلاج الأمراض عالية الخطورة التي تم تشخيصها حديثا والتي لم تنتشر. ومع ذلك، فقد كان متاحا للرجال الذين يعانون من هذا المرض في اسكتلندا وويلز لمدة عامين.

قال جيمس: "يبلغ سعر عبوة أبيراتيرون 77 جنيها إسترلينيا فقط، مقارنة بآلاف الجنيهات التي تكلفها الأدوية الجديدة". وأضاف: "آمل حقا أن يؤدي هذا البحث الجديد - الذي يُظهر بدقة من يحتاج إلى هذا الدواء ليعيش حياة جيدة لفترة أطول - إلى مراجعة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا لقرارها بعدم تمويل أبيراتيرون لعلاج سرطان البروستاتا عالي الخطورة الذي لم ينتشر".

ووصف الدكتور ماثيو هوبز، مدير الأبحاث في مركز سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة، اختبار الذكاء الاصطناعي بأنه "مثير للاهتمام". وأضاف: "لذلك، نؤيد دعوة الباحثين المُلحة لتوفير أبيراتيرون للرجال الذين يُمكن أن يُنقذ حياتهم - الرجال الذين، بفضل هذا البحث، يُمكننا الآن تحديد حالاتهم بدقة أكبر من أي وقت مضى".



صرح متحدث باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS): "بعد تقييم شامل قائم على الأدلة، تم تحديد توسيع نطاق الوصول إلى هذا الدواء لعلاج سرطان البروستاتا غير النقيلي كإحدى أهم أولويات الاستثمار بمجرد توفر التمويل الدوري اللازم لدعم استخدامه".

"تواصل NHS في إنجلترا تمويل دواء أبيراتيرون بشكل روتيني لعلاج العديد من أشكال سرطان البروستاتا المتقدم، بما يتماشى مع الإرشادات السريرية، ونُبقي هذا الموقف قيد المراجعة الدقيقة في ضوء الأدلة الناشئة، بما في ذلك الأبحاث الحديثة التي قد تُساعد في تحسين توجيه العلاج إلى المرضى الأكثر احتمالا للاستفادة منه".

مقالات مشابهة

  • “المسيرة الإيمانية وبناء الأمة ونجاة الفرد في ضوء الالتزام الجماعي والهجرة الإيمانية” المقاصد والدلالات التي وردت في الدرس الرابع للسيد القائد
  • دونجا: الملايين كانت تنتظر خسارة بيراميدز أمام صن داونز
  • باحث فلسطيني : الصواريخ اليمنية تترجم خطابا وطنيا وقوميا يرى فلسطين جزءاً من الأمة العربية
  • جوجل تحذر: هاكرز يستغلون الذكاء الاصطناعي لخداع الملايين وسرقة معلومات حساسة
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسد
  • تقرير صحي جديد: الأزمات العالمية تعرقل جهود الملايين في الإقلاع عن التدخين
  • بعد تسهيلات التجنيس.. عدد الأجانب الذين يحصلون على الجنسية الألمانية يفوق 250 ألفا عام 2024
  • أدولف آيخمان.. موظف “عادي” خطط لإبادة الملايين ما القصة؟
  • اختبار ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بالأشخاص الذين سيستفيدون من دواء سرطان البروستاتا