تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في خضم الصراعات السياسية والحروب الإعلامية، لا تتوقف الطبيعة عن إرسال إشاراتها الخاصة، وكأنها تعكس واقعًا متشابكًا يحمل تناقضات العصر،ففي زمنٍ باتت فيه الأحداث تتسارع بشكل غير مسبوق، أصبحت بعض الظواهر الطبيعية أكثر من مجرد مصادفات، بل تحولت إلى رموز تختزل معاني المقاومة والتحدي.

 ومع توسع رقعة الإعلام الرقمي، لم تعد هذه الحوادث تمر مرور الكرام، بل أصبحت مادة دسمة تُستخدم في السرديات السياسية والثقافية، حيث تختلط الحقيقة بالأسطورة، ويتحول كل تفصيل إلى إشارة ذات دلالة.

من غرابٍ ينتزع علم الاحتلال، إلى وشقٍ مصري يقتحم قاعدة عسكرية، وفئرانٍ تنهش وجوه الجنود، وصولًا إلى البرص المصري الذي أثار ذعر السلطات البيئية، باتت الطبيعة لاعبًا غير متوقع في ساحة الصراع، تقدم دروسًا عميقة عن الهشاشة والقوة، وتعيد تعريف المقاومة في أبسط صورها وأكثرها رمزية.

غراب يسقط العلم

بدأت القصة بمقطع فيديو لغراب يحلق فوق منزل في الضفة الغربية، قبل أن ينقض على علم إسرائيل المرفوع فوقه، وينتزعه رغم محاولات صاحب المنزل منعه. لم يكن الحدث مجرد صدفة، بل سرعان ما تحول إلى رمز لسقوط الاحتلال، وربطه نشطاء بقصة الغراب في القرآن الكريم الذي علّم قابيل كيف يدفن جثة أخيه، معتبرين أن "الغراب يعلمنا كيف نُواري سوأة الاحتلال".

الوشق المصري

في واقعة نادرة، اقتحم وشق مصري قاعدة عسكرية قرب حدود سيناء، متحديًا أسوار الجيش الإسرائيلي. ورغم إصابته، إلا أن مجرد مواجهته لقوات الاحتلال اعتُبر رسالة رمزية تعكس تحدي الطبيعة للأنظمة العسكرية. أثارت الحادثة تفاعلات واسعة، واعتبرها البعض درسًا في المقاومة يأتي من عالم الحيوان نفسه، وكأن الطبيعة ترفض الاحتلال بطريقتها الخاصة.

فئران تنهش وجوه الجنود

في حادثة أخرى أثارت استياءً واسعًا، تعرض جنود إسرائيليون في قاعدة عميعاد لهجوم من الفئران أثناء نومهم، ما أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة. لم يكن الحدث مجرد مشكلة صحية، بل اعتبره البعض انعكاسًا لحالة التدهور في المعسكرات الإسرائيلية منذ أكتوبر 2023، حيث باتت الظروف المعيشية المتردية تؤثر حتى على أساسيات الأمان داخل القواعد العسكرية.

البرص المصري

في عام 2022، أطلقت إسرائيل تحذيرات من انتشار البرص المصري في منطقة وادي عربة، واعتبرته تهديدًا للنظام البيئي والزراعي. لم يكن هذا المخلوق الصغير في نظر الإعلام مجرد كائن بيئي، بل تحول إلى "عدو خفي"، يُثير الذعر بأسلوبٍ بطيء ومدمر، ليصبح رمزًا لطبيعة المقاومة التي لا تعتمد على المواجهة المباشرة بل على الاختراق التدريجي.

تكشف هذه الحوادث كيف يمكن للطبيعة أن تتحول إلى سلاح رمزي في معارك الإنسان، حيث تتداخل حدود الواقع والأسطورة في تشكيل الوعي الجمعي. في ظل الصراعات السياسية، لم تعد المقاومة مقتصرة على البشر وحدهم، بل دخلت الطبيعة نفسها على الخط، تترك رسائلها بطريقتها الخاصة، وتجعل من الحوادث العادية إشارات تحمل دلالات تتجاوز المعنى الظاهر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الظواهر الطبيعية الإعلام الرقمي علم إسرائيل الوشق المصري جنود إسرائيليون

إقرأ أيضاً:

إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون

في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.

واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of list

وأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.

لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.

انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية

ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.

وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.

لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.

إعلان

وأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.

ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.

ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.

محتجون في إسرائيل يطالبون بإنهاء الحرب وإطلاق الأسرى لدى حماس (رويترز)هل يستطيع نتنياهو إنهاء الحرب والبقاء في السلطة؟

يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.

ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.

بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة

ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.

لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهز

ويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.

ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.

دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين

ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.

إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمة

وفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.

ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.

إعلان

واتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.

ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".

مقالات مشابهة

  • التغلغل التركي في قبرص الشمالية يدفع إسرائيل لخطة طوارئ
  • أبهرت السوشيال ميديا.. لي لي أحمد حلمي تتألق في أول ظهور لها
  • الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين خطوة رمزية تقلق إسرائيل
  • وفاء عامر كلمة السر.. من هي بنت الرئيس مبارك التي أشعلت السوشيال ميديا؟
  • ما حكم من ينشر فضائح الناس على السوشيال ميديا.. الإفتاء تجيب
  • هآرتس: الطبقة السياسية في إسرائيل تسير خلف نتنياهو نحو الهاوية
  • أستاذ طب نفسي يحذر من تزايد ساعات البقاء على السوشيال ميديا: تصيب بالاكتئاب
  • الفلاحي: إسرائيل يمكنها توسيع عملياتها بغزة لكنها ستدفع الثمن
  • "حماس": تصريحات سموتريتش تكشف الطبيعة الاستيطانية لحكومة الاحتلال
  • إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون