العوجا..هوية بلدة الينابيع والأكثر تنوعا بيئيا في فلسطين
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
موقعها أشبه بواحة صحراوية آية في الجمال وتعد واحدة من أكثر القرى الفلسطينية تنوعا بيئيا وحيويا في الضفة الغربية، لما تتمتع به من موقع جغرافي مميز، وتنوع في التضاريس، وخصوبة في التربة، ومصادر المياه المتعددة.
العوجا بلدة فلسطينية تتبع محافظة أريحا في الضفة الغربية وتبعد نحو 12 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة أريحا على الطريق الإقليمي الشرقي الذي يربط بيسان مع البحر الميت بمحاذاة نهر الأردن، وتربطها بشمال منطقة الأغوار، وكذلك على الطريق الذي يربط فلسطين المحتلة عام 1948 شمالا بمدينة أريحا، ووصولا إلى مدينة بئر السبع جنوبا عبر أحد أهم الطرق "شارع 90"، ما يجعل من القرية ممرا ضروريا للآلاف يوميا، وسوقا اقتصاديا حيويا أيضا.
تعود جذور العوجا التاريخية إلى عهد الإمبراطور الروماني هيرودس الكبير، إذ يوجد في القرية موقع أرخليس، وهي بلدة هيروديانية أسسها هيرود أرخيلاوس، وأصبحت الآن موقعا أثريا في الضواحي الشمالية للعوجا (خربة البيودات).
ويعمل معظم سكان العوجا في الزراعة، كذلك يقطنها بعض البدو الرحل بعضهم استقر فيها والبعض الآخر انتقل إلى مواقع أخرى في الضفة الغربية ويعودون في أصولهم إلى عرب الكعابنة.
مشاهد لقرية العوجا في الأغوار الوسطى.
بلغ عدد سكانها عام 1931 حوالي 253 نسمة، ارتفع إلى 290 نسمة عام 1945، وبلغ عام 1967 حوالي 267 نسمة، ثم 958 نسمة عام 1987، وفي عام 1996 وصل إلى 1,567 نسمة. ويقدر عدد سكان القرية حاليا بالإضافة إلى الخِرب والمزارع الواقعة ضمن منطقتها الإدارية 5,000 نسمة.
في أعقاب حرب عام 1948 وبعد اتفاقيات الهدنة عام 1949 خضعت العوجا للحكم الأردني. وتم ضمها إلى الأردن عام 1950 ضمن قرار الوحدة. وبعد عام 1967 وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 1997 وبعد توقيع اتفاقية "أوسلو"، شكل اللاجئون 24.7% من السكان. وتم نقل 15.5% من منطقة العوجا التي تقع في المنطقة "أ " إلى السلطة الوطنية الفلسطينية في صفقة عام 1994 والتي شملت أيضا أريحا وغزة . أما النسبة المتبقية البالغة 84.5% من العوجا فهي المنطقة "ج"، والتي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
الاحتلال يحرم سكان العوجا من المياه للزراعة.
وتدخل بلدية العوجا ضمن مخطط الضم الاستيطاني، فالاحتلال سبق هذه الخطة، وضم أراضي عدة تحت هيمنته، إذ نهب المستوطنون خلال الفترة الحالية نحو 2000 دونم في منطقة رأس العين، لإقامة مستوطنات زراعية، ومهبط للطيران، وذلك لقربها من المستوطنات المقامة حاليا.
وتواجه العوجا خطرا حقيقيا، جراء خطة الضم، فالمناطق المهددة بالاستيلاء، ويطمع الاحتلال في نهبها هي، منطقة رأس العين، حيث يستولي الاحتلال على 20 ألف دونم من مساحتها، إلى جانب المنطقة السهلية الزراعية الشرقية، وذلك بفعل مجاورتها لحدود الأردن، ولقربها من مشروعات البنى التحتية والشوارع الرئيسة للمستوطنات الجاثمة على أراضي العوجا.
الاحتلال يسعى إلى تذويب حدود البلدة مع الأردن، وبالتالي القضاء على مساعي إقامة دولة فلسطينية، فيما سيفرض على الفلسطينيين سكان البلدة الحكم الذاتي الإسرائيلي، وفرض سلطته الأمنية والمدنية والإدارية على سكان البلدة.
أما ينابيع عين العوجا البالغة 27.5 كيلو مترا، والتي تعد المصدر الأساسي للثروة الزراعية والحيوانية لقرية العوجا، فهي مغتصبة من قبل قطعان المستوطنين، الذين نقلوها إلى المستوطنات الخمس الجاثمة على أراضي العوجا، وهي "تومر"، و"نتيف"، و"نعران"، و"إيطاف"، "عومر".
وأحد من أشهر ينابيع المياه في الضفة الغربية وهو نبع العوجا الشهير.
ينابيع عين العوجا المصدر الأساسي للثروة الزراعية والحيوانية.
وقد شكل هذا النبع موطنا لعشرات أنواع الطيور والحيوانات البرية على مدار سنوات طويلة، كما أنه المصدر الرئيس لمياه الثروة الحيوانية في التجمعات البدوية المحيطة، إضافة إلى كونه واحدا من أهم المرافق السياحية والترفيهية لآلاف الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية كافة.
وقد انخفض تدفق المياه في نبعة العوجا بشكل كبير اليوم، وتحول ما حولها إلى صحراء قاحلة، بعد أن حفرت شركة المياه الإسرائيلية آبارا ارتوازية عدة على الحوض الذي يغذي النبع، لتمد مستوطناتها بالمياه، والتي تزرع عشرات آلاف الدونمات في تلك المنطقة بالنخيل، والأعشاب الطبية، والزيتون، والورد، والعنب، فيما يجبر أهالي العوجا على شراء المياه المسلوبة منهم، لتوفير احتياجاتهم الضرورية.
وتعد عين العوجا من المناطق الطبيعية الجميلة في محيط أريحا ومياهها متدفقة طوال العام، كونها تأتي من جبال القدس والخليل وبيت لحم، وتسيل إلى أن تغذي عيون المياه الممتدة في محافظة أريحا والأغوار التي تعد أخفض نقطة في العالم.
وتكثر في البلدة زراعة الخضراوات وبيارات الحمضيات والموز والبيوت البلاستيكية والتي يستمر استعمالها على مدار العام، وتقع فيها مزارع الموز والحمضيات.
تتعرض البلدة وقرية رأس العوجا المجاورة لهجمات متكررة من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي، ويشمل ذلك منع الوصول إلى مصادر المياه، والضخ الذي يتسبب في جفاف الينابيع المحلية، وتدمير المنازل، ومصادرة المعدات الزراعية، وإتلاف الماشية، واقتلاع أشجار الزيتون والنخيل، والتدخل في الرعي والهجمات العنيفة على المدنيين الفلسطينيين. في عام 2024، تم إنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية بالقرب من العوجا والتي يشن منها المستوطنون و"شباب التلال" هجمات على السكان، بما في ذلك إلقاء النفايات في النبع المحلي.
ورغم الحصار الخانق الذي تعيشه العوجا وانعزالها عن باقي مدن وقرى الضفة الغربية، ورغم السنين العجاف التي مرت ولا زالت تمر على فلسطين لا زال نبعها ينبض بالحياة، ويأبى الجفاف والزوال.
المصادر
ـ حمزة زبيدات، "بلدة العوجا في الأغوار الفلسطينية فرص استثمار وتنمية مستدامة وتحديات بيئية"، مجلة آفاق البيئة والتنمية، 1/5/2023.
ـ "النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017"، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ـ فادي العصا، "مياهها متدفقة طوال العام.. تعرف على عين العوجا أكبر محمية طبيعية في الضفة الغربية"، الجزيرة نت، 30/5/2022.
ـ سلمان ابو ستة، أطلس فلسطين.
ـ وليد الخالدي، كي لا ننسى.
ـ "قرية العوجا"، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير الفلسطينية التاريخية قرية العوجا فلسطين تاريخ هوية قرية العوجا تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
كاتس: قواتنا ستبقى في الضفة الغربية حتى نهاية العام على الأقل
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الأحد، أن قوات الجيش الإسرائيلي ستواصل وجودها في مخيمات اللاجئين الواقعة في شمال الضفة الغربية، وعلى وجه الخصوص في مخيمات جنين، طولكرم، ونور شمس، حتى نهاية العام الحالي 2025 على الأقل، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن ومواجهة النشاطات التي تصنفها إسرائيل إرهابية.
وأشار كاتس في بيان رسمي إلى أن هذه المخيمات كانت منذ فترة طويلة تُشكل بؤرًا للإرهاب، بدعم وتمويل وتسليح مباشر من إيران، حيث أصبحت بحسب وصفه “جبهة أخرى” ضد الأمن الإسرائيلي. وأضاف أن الجيش قام خلال الأشهر الثمانية الماضية بشن حملة عسكرية مكثفة، شملت عمليات إجلاء للسكان، واشتباكات مع مسلحين، وتدمير البنية التحتية التي تستغلها الجماعات المسلحة داخل تلك المخيمات.
وتفصيلًا، قال الوزير: “سيبقى الجيش الإسرائيلي داخل المخيمات في هذه المرحلة حتى نهاية العام على الأقل، بناء على توجيهاتي، وذلك لضمان استمرار السيطرة الأمنية ومنع عودة النشاطات الإرهابية”.
وشدد كاتس على أن هذه العمليات أدت إلى تراجع واضح في حجم العمليات والهجمات الإرهابية، حيث شهدت مناطق يهودا والسامرة انخفاضًا في الإنذارات الأمنية المتعلقة بالنشاطات الإرهابية بنسبة 80% مقارنة بالفترة السابقة، ما يعد مؤشرًا على فعالية الإجراءات المتخذة.
من جانبه، أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد لفرض السيطرة الأمنية على مناطق تعتبرها إسرائيل بؤرًا للنشاط المسلح، حيث يشدد الجيش على أن العمليات تستهدف مجموعات مرتبطة بتنظيمات تصنفها تل أبيب إرهابية، ويتم دعمها من أطراف إقليمية مثل إيران.
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي قد بدأ هذه الحملة في يناير 2025، عندما شن هجومًا مركزًا على المخيمات في شمال الضفة، خصوصًا في جنين وطولكرم، مستهدفًا مسلحين كان لهم دور في تصعيد الهجمات ضد أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية.
وفي المقابل، أدانت الفصائل الفلسطينية استمرار العمليات الإسرائيلية، معتبرة أن التواجد العسكري في المخيمات يزيد من معاناة السكان المدنيين ويؤدي إلى نزوح قسري، كما يؤجج التوترات في المنطقة.
ويأتي استمرار انتشار الجيش في المخيمات في ظل تزايد الضغوط الدولية والدعوات لوقف التصعيد، لكن تل أبيب تؤكد أن عملياتها تستند إلى حقها في الدفاع عن أمن مواطنيها، معتبرة أن وجودها في هذه المناطق ضرورة ملحة لمواجهة التهديدات الأمنية المتنامية.