يعيش الرئيس السوري أحمد الشرع مأزقا كبيرًا يهدد بلاده بالفناء والدخول في فوضى قد تستمر عشرات السنين القادمة فالرجل الذي جاء ليغير معادلة سياسية كبرى داخل البلاد ظناً منه أن القضاء على نظام الأسد سوف يسمح له ولسوريا بالاستقرار وفتح خطوط التواصل الدولي والإقليمي ورفع العقوبات وإعادة بناء سوريا المدمرة والحفاظ على نسيجها الاجتماعي تحت حقوق المواطنة والوطن للجميع، كل ذلك كان رهاناً خاسراً لأن أمريكا وإسرائيل لا تعطيان حقوقاً مجانية ولا تنفذان لأحد في عالمنا العربي أمنياته وأحلامه.
الشرع تم إدخاله في لعبة كبرى ما ظهر منها كان هو الاتفاق على التخلص من نظام الأسد ولكن الجزء الاخير الذي يكتشفه الرئيس السوري الآن أن دوره الوحيد المسموح به هو إسقاط الأسد ثم تسليم سوريا للاستعمار الجديد تقسيما وتدميرا بل وشطباً لهذه الدولة من الخارطة الكونية. الشرع ككل الحكام العرب يظن أن الصراع مع إسرائيل وأمريكا هو صراع حدود ومصالح وانه اذا ما قام بتأمين حدود إسرائيل وحماية مصالح أمريكا والدول الغربية فسوف يسمح له بالبقاء آمناً مستقراً في حكم سوريا.
وهذه الفرضية التي كانت سائدة في أدبيات العرب السياسية أفشلها اليوم تحالف ترامب / نتنياهو وتم استبدالها بأن قبول الحاكم العربي العمل وشعبه كعبيد عند بني صهيون هو الطريق الوحيد للبقاء على قيد الحياة والعرب الذين قامت ثورتهم وظهرت حميتهم عندما انتصر الشرع وسقط الأسد لم يتجرأُوا على إدانة ما تقوم به إسرائيل من عمليات تدمير واحتلال لسوريا ولا ابداء القلق من تلك الشروط الاستعمارية التي تعلنها أمريكا ودول أوروبا حتى يتم السماح للشعب السوري بالحصول على قطعة خبز وهكذا تم إحكام الخناق على الشرع بعد أن قامت إسرائيل بتدمير كل القواعد العسكرية ومنظومات الدفاع الجوي وكافة القدرات السورية العسكرية ودخلت واحتلت أرض وعقول طوائف سورية لصناعة أكبر فوضى في تاريخ العرب.
الرجل لا يستطيع ان يصد الطائرات الإسرائيلية الحديثة وإن قام بإطلاق صاروخ او طائرة مسيرة واحدة فان 17 قاعدة أمريكية في سوريا ستقوم بتدمير ما تبقى من البلاد كما أن الرجل لا يستطيع فرض الأمن وهيبة الدولة على جميع ربوع سوريا لأن الدروز محمية إسرائيلية والأكراد محمية أمريكية والعلويين في ساحل سوريا محمية روسية والحدود مع العراق تخضع لنفوذ الحشد الشعبي والحدود مع لبنان تخضع لبقايا حزب الله ومأزق الشرع أن طوائف الداخل تغرق في وهم الدويلات المستقلة التي تصنع بيد وتحت عين الاستعمار وأن الحكام الشامتين العرب يفضلون الانتقام منه لأنه أسقط حليفهم على بقاء الدولة السورية واحدة ومستقلة وقادرة على رد العدوان الذي يستهدف الجميع كما انه قد بالغ كثيرا في الرهان على الدور التركي في حماية نظامة وغاب عنه أن مؤسسة الأمن القومي التركي تعتقد أن هناك خطة أمريكية إسرائيلية لتدمير تركيا عبر توريطها عسكرياً في سوريا.
بل إن البعض في تركيا يعتقد أن روسيا يمكنها أن تقف الى جانب التحالف الأمريكي الإسرائيلي اذا ما تورطت في حرب مع إسرائيل وحاولت حماية النظام السوري الجديد.
والغريب أن الشرع وقواته اليوم أضعف بكثير مما كانت عليه قبل إسقاط الأسد فقد تم تدمير معظم مخزون قوات الشرع من الطائرات المسيرة والصواريخ المصنعة محلياً وجميع تلك الأسلحة التي تم استخدامها في مواجهة الجيش السوري واستطاعت بها قوات الشرع السيطرة على الحكم في أقل من سبعة أيام ويبقى أن أحمد الشرع ليس وحده في مأزق ولكن يبدو أن كل حكام وشعوب العرب في مأزق أكبر.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
سوريا.. الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات ومصير تلك المفروضة على نظام الأسد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— أعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، "مبدئيا" على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك في إعلان يأتي بعد أيام قليلة على إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خطط رفع العقوبات عن سوريا خلال زيارته السعودية ولقاء الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه: "وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب السوري على مدار الأربعة عشر عامًا الماضية، منخرطًا في البحث عن حل سياسي، وقاد جهود تقديم المساعدات المالية. كما اعتمد الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد نظام الأسد الإجرامي، وبعد سقوط نظام الأسد، اعتمد الاتحاد الأوروبي نهجًا تدريجيًا وقابلًا للعكس لدعم المرحلة الانتقالية والتعافي الاقتصادي في سوريا. في فبراير، علق الاتحاد الأوروبي بعض عقوباته الاقتصادية".
وتابع: "تماشيًا مع هذا النهج، يعلن الاتحاد الأوروبي عن قراره السياسي برفع عقوباته الاقتصادية عن سوريا، الآن هو الوقت المناسب للشعب السوري ليحظى بفرصة إعادة توحيد وبناء سوريا جديدة، شاملة، تعددية، وسلمية، خالية من التدخلات الأجنبية الضارة".
وأضاف: "سيُبقي الاتحاد الأوروبي على العقوبات المتعلقة بنظام الأسد، تماشيًا مع دعوته للمساءلة، بالإضافة إلى العقوبات القائمة على أسس أمنية، بما في ذلك الأسلحة والتكنولوجيا التي قد تُستخدم للقمع الداخلي، إضافةً إلى ذلك، سيُطبّق الاتحاد الأوروبي تدابير تقييدية إضافية مُستهدفة ضد منتهكي حقوق الإنسان ومن يُؤججون عدم الاستقرار في سوريا".
ومضى البيان: "سيواصل الاتحاد الأوروبي التعاون مع الحكومة الانتقالية بشأن الخطوات التي تتخذها لتحقيق تطلعات الشعب السوري كافة، دون تمييز، وصون حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وسيواصل الاتحاد الأوروبي رصد التطورات الميدانية، بما في ذلك التقدم المُحرز في مجال المساءلة فيما يتعلق بأحداث العنف الأخيرة، بالإضافة إلى آثار قرار اليوم، بما في ذلك في ضوء اجتماعات مجلس الشؤون الخارجية القادمة. وسيُبقي المجلس على نظره في مسألة التدابير التقييدية والعقوبات المتعلقة بسوريا".