درس الاتساق مع النكبة الفلسطينية والإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
حين يتذكر الفلسطيني نكبته، التي ورثها عن آبائه وأجداده بعد 77 عام، اوما أحدثه قيام كيان صهيوني استعماري استيطاني إحلالي فوق أرضه، فذلك لا يعني توقفه عند تخوم النكبة عام 1948، فالوعي التاريخي بجريمة اقتلاع سكان فلسطين بالمذابح، وتدمير مدنهم وقراهم وطردهم خارج وطنهم، لم يدفع ضحايا النكبة إلى دفن قضيتهم في مقابر شعارات عربية أنجبت لهم هزيمة جيوشهم.
لعل ما نعايشه في زمن عربي وفلسطيني يحمل كثيرا من فجاجة الأجوبة، خصوصا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فنحن جميعا لا نراقب نكبة فلسطينية لعمل "فلاش" باك لذاكرة المنكوبين الجماعية، فأبناء وأحفاد هؤلاء فهموا درس الخذلان التاريخي لهم ولأرضهم وقضيتهم منذ واقعتي النكبة 48 والهزيمة العربية عام 67، بل نتابع مجريات إبادة جماعية وجرائم حرب وضد الإنسانية في غزة لضحايا النكبة الأولى ونسلهم، وما يجرب في بقية مدن الضفة والقدس من سيناريوهات ما بعد النكبة في العصر الحالي؛ يمكن اعتبارها اختصارا لكل تفاصيل الأجوبة التي ساقتها سردية أبناء النكبة.
نتابع مجريات إبادة جماعية وجرائم حرب وضد الإنسانية في غزة لضحايا النكبة الأولى ونسلهم، وما يجرب في بقية مدن الضفة والقدس من سيناريوهات ما بعد النكبة في العصر الحالي؛ يمكن اعتبارها اختصارا لكل تفاصيل الأجوبة التي ساقتها سردية أبناء النكبة
فالحركة الصهيونية لم تغير مبادئها وأهدافها لإبادة شعب فلسطين، عملها على الأرض يجري وفق مخطط الآباء المؤسسين لفاشية صهيونية تتجسد كل يوم أمام سمع وبصر مجتمع دولي تُنتهك كل قوانينه وأعرافه وتشريعاته.
في سياق كل ذلك، يطرأ تبدل بالمواقف من هذه الفاشية، ومن جرائم الإبادة الجماعية، خصوصا عند النظام العربي الرسمي الذي كان لسياساته من قضية فلسطين وشعبها دور أصيل بدوام النكبة، وشاهد زور في مواكبة أحداث الإبادة في غزة، والتي سبقها قبول ما كان مرفوضا لفظيا، من سلوك ووجود حركة استعمارية استيطانية بالانتقال من حالة الرفض اللفظي لها إلى الاستعداد للتطبيع والتحالف معها؛ انطلاقا من نبذ وحصار وشيطنة كل أفعال ضحايا الفاشية من شعب فلسطين، ونعتهم مع مقاومتهم بأوصاف تلائم جاهزية النظام العربي للاستسلام الكلي أمام الحركة الصهيونية، ومحاولة فرضها على الشعب الفلسطيني كقدرٍ لا مفر منه.
استبدال ما تردد على ألسنة أجيال فلسطينية وعربية، من مؤامرة سهلت نكبة فلسطين، إلى معانٍ أقسى بالتواطؤ والمشاركة بجرائم الإبادة الجماعية، تفسر بما يُنقل عبر شاشات عربية، وبشكل مباشر، من أخبار تزويد سفن الاحتلال بالمؤن، ونقل السلاح والغذاء والوقود له من مطارات وموانئ وحدود عربية، في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل جرائم حرب وتجويع ضد الفلسطينيين تحصد مئات الضحايا يوميا، وهذا يُعد أحد النجاحات الكبرى للحركة الصهيونية بعد 77 عاما على جريمة النكبة الأولى.
فتكفي إشادة نظام عربي بقوة إسرائيل على أنها "عامل قوة إيجابي" لعلاقة نظامه بالمؤسسة الصهيونية، ليتضح بأن من يحمي جرائم الإبادة هو نفسه الذي حمى النكبة الأولى، ويدفع باتجاه شيطنة كل ما يتعلق بثوابت الفلسطينيين من التمسك بأرضهم ومقاومتهم لمحتل غاصب، إلى تحميلهم مسؤولية كل هذا الإخفاق والعجز العربي، وبأنهم السبب لكل ما يجري لهم، لرفضهم الاستسلام كليا للمشروع الصهيوني وعدم الانصياع لنصيحة عربية بقبول أي شيء يُطرح عليهم ويُبقيهم على قيد الحياة تحت الرحمة الصهيونية، اتساق الخذلان لم يتبدل في مشهد غزة وفي ما تبقى من أرض فلسطين، التي يعيد شعبها أسئلته في زمن تعاقب النكبة والإبادة الجماعية عليه، لأنظمة عربية تتبرع بصكوك الغفران للمحتل بخطاب وسلوك تنقصه مبادئ الحرية والعدالة والشهامة والغضب التي تضاعف من محنته، وهي مؤشرات تعيدنا في واقع الأمر للأداء العربي والفلسطيني، التي تتناسق كلها مع عناصر التوجه الإسرائيلي الذي يكاد يتخذ عنوانا رئيسا وحيدا في هذه الفترة؛ القضاء على المقاومة وتنفيذ التطهير العرقي في غزة، وضم كل الأرض الفلسطينيةعلى اعتبار أن الكلفة العربية مرهقة للنظام العربي، وأصبحت موضع تمنين ومزايدة على ضحايا النكبة، فإن الهروب للأمام في سياسات عربية من مسؤوليات تاريخية ومصيرية هي التي تتصدر المشهد اليوم.
منذ 17 شهر، لم يَعدم ضحايا النكبة الفلسطينية في غزة وسيلة لاستنهاض همم وشهامة عربية، لا للدفاع عنهم بل لمدهم بوسائل الحياة البسيطة ولكسر الحصار والضغط لوقف إبادتهم، لكن كل ذلك فشل، كما فشلت كل المحاولات التي أعقبت النكبة الفلسطينية لجعل قضية فلسطين قضية عربية بشكل فعلي وخارج مقبرة الشعارات المرتبطة بها. ونتذكر هنا في أي سياق كان الخطاب الأخير للشهيد عبد القادر الحسيني وهو يتصدى للعصابات الصهيونية على تخوم القدس عام 48 في معركة القسطل، وفي خطابه لقادة جيش الإنقاذ العربي وكيف سُخِر من مطلبه وخطابه، وبقيت صرخات عجائز فلسطين وأطفالها ونسائها تصدح بنداءٍ أخير لإيقاظ ضمائر زعامات عربية كل يوم وساعة يواجه فيها الفلسطينيون عدوان العصابات الصهيونية منذ القسطل وحتى غزة.
يشير كل تفصيل أخير من حياة ضحايا الإبادة الجماعية في غزة، للتذكير بوقائع النكبة وخذلان شعب فلسطين فحين يصدح فلسطيني في غزة "رغيف خبز يا مصر"، ويسمع العالم استغاثة الطفلة هند رجب واستهدافها مباشرة، ويشهد العالم قتل الصحفيين وعمال الإغاثة، وتدمير القطاع الصحي والمدارس، وتحطيم كلي لحياة الفلسطينيين في غزة، وينتشي الفاشي المأفون بتسلئيل سموتريتش برغبة صهيونية بإعادة احتلال غزة والاستيطان فيها وطرد سكانها، فذلك يعني أن التفصيل الذي جاء في رسالة الحسيني قبل 77 عاما بطلب المدد العربي ثم التعبير عن غضبه من الخذلان؛ يعني أن اتساق الخذلان لم يتبدل في مشهد غزة وفي ما تبقى من أرض فلسطين، التي يعيد شعبها أسئلته في زمن تعاقب النكبة والإبادة الجماعية عليه، لأنظمة عربية تتبرع بصكوك الغفران للمحتل بخطاب وسلوك تنقصه مبادئ الحرية والعدالة والشهامة والغضب التي تضاعف من محنته، وهي مؤشرات تعيدنا في واقع الأمر للأداء العربي والفلسطيني، التي تتناسق كلها مع عناصر التوجه الإسرائيلي الذي يكاد يتخذ عنوانا رئيسا وحيدا في هذه الفترة؛ القضاء على المقاومة وتنفيذ التطهير العرقي في غزة، وضم كل الأرض الفلسطينية وجعل الفلسطيني معزولا ودون أي إسناد ولو نظري..
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الفلسطيني النكبة عربية غزة إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة عرب نكبة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة النکبة الأولى فی غزة
إقرأ أيضاً:
خلال استقبال مدبولي لرئيس وزراء فلسطين .. مصر تؤكد موقفها الثابت من القضية الفلسطينية ورفض التهجير
خلال استقباله رئيس وزراء فلسطين:مدبولي يؤكد موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية والرفض التام لأي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينييناستمرار مصر في تقديم مختلف أوجه الدعم اللازم لقطاع غزة من خلال معبر رفح الذي يعمل على مدار الساعةتمسك مصر بوحدة الأراضي الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة تحت رئاسة السلطة الفلسطينيةرئيس الوزراء الفلسطيني يشيد بالموقف المصري الداعم للشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس السيسي في ظل هذه المرحلة الخطيرة د. محمد مصطفى: الأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني ستتذكر الموقف المصري الصلب والمعارض للتهجير الذي لولاه لما كنا نتحدث اليوم عن القضية الفلسطينية
رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لعدم الالتفات للأصوات المناوئة للدور المصري تجاه القضية الفلسطينية
استقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم؛ الدكتور محمد مصطفى، رئيس وزراء دولة فلسطين الشقيقة، وذلك بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لبحث واستعراض مستجدات الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وحضر اللقاء من الجانب المصري كل من الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلميّ، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والسفير إيهاب سليمان، سفير مصر في رام الله.
وحضر من الجانب الفلسطيني كل من اللواء زياد هب الريح، وزير الداخلية، والدكتور ماجد أبو رمضان، وزير الصحة، والدكتور استيفان سلامة، وزير التخطيط، والدكتورة سماح حمد، وزيرة التنمية الاجتماعية والإغاثة، والسفير دياب اللوح، سفير دولة فلسطين بالقاهرة.
ورحب رئيس الوزراء، في مستهل اللقاء، بالدكتور محمد مصطفى، والوفد المرافق له، في بلدهم الثاني مصر، مطالباً بنقل تحيات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لشقيقه الرئيس محمود عباس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين.
وجدد الدكتور مصطفى مدبولي التأكيد على موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وتضامنها قيادة وشعباً مع الأشقاء الفلسطينيين في محنتهم، والحرص على توفير مختلف أوجه الدعم اللازم لإنهاء الحرب على قطاع غزة، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة لاسيما حقه في تقرير المصير عبر استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على الرفض التام والقاطع لأي محاولات أو مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وخلق واقع جديد يستحيل العيش فيه، وتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك الرفض التام لاستمرار سياسات هدم المنازل والتوسع الاستيطاني بمختلف الأراضي الفلسطينية.
وأكد رئيس الوزراء استمرار مصر في تقديم مختلف أوجه الدعم اللازم لقطاع غزة، وذلك من خلال معبر رفح الذي يعمل على مدار الساعة، وكذا استمرار مصر في بذل المزيد من الجهود التي من شأنها نفاذ المزيد من المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي استمرار الجهود المصرية المكثفة في العديد من المحافل الدولية، وكذا في إطار الوساطة مع كل من دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف العودة الى وقف إطلاق النار وصولا إلى انهاء الحرب، وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل مستدام، وكذلك عقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار.
وشدد رئيس الوزراء، خلال اللقاء، على موقف مصر الثابت بضرورة احترام مقررات الشرعية الدولية تجاه القضية الفلسطينية، وكذا تمسك مصر بوحدة الأراضي الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة تحت رئاسة السلطة الفلسطينية.
ولفت رئيس الوزراء إلى ما توليه مصر من أهمية لتنفيذ مخرجات مؤتمر التسوية السلمية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عقد في نيويورك برئاسة كل من السعودية وفرنسا في 28 يوليو الماضي، واعتبار ذلك خطوة على المسار الصحيح لإنقاذ حل الدولتين ولوضع سقف زمني محدد للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية استناداً لمقررات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، هذا إلى جانب ما نشهده من توسيع في مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأكد رئيس الوزراء استمرار جهود التنسيق والتعاون بين الجانبين المصري والفلسطيني فيما يتعلق بمختلف التفاصيل الخاصة بانعقاد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار بقطاع غزة الذي تعتزم مصر استضافته بعد وقف إطلاق النار.
من جانبه، أشاد الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، بالموقف المصري الداعم للشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في ظل هذه المرحلة الخطيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني سيحفظ هذا الموقف، كما ستتذكره الأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه لولا هذا الموقف المصريّ الصلب والمعارض للتهجير لما كنا نتحدث اليوم عن القضية الفلسطينية.
كما أكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن الخطة العربية الإسلامية تؤكد أنه يمكن إعادة الإعمار بدون تهجير الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنهم يشدون على أيدي القيادة المصرية، مطالبا بعدم الالتفات للأصوات المناوئة للدور المصري تجاه القضية الفلسطينية.
وخلال اللقاء أيضا، أكد الدكتور محمد مصطفى أن التحديات الحالية تدفع إلى المزيد من التنسيق والتشاور فيما يخص القضية الفلسطينية، موجها الشكر لجميع مؤسسات الدولة المصرية التي تبذل جهودا كبيرة في سبيل دعم قطاع غزة، خاصة الدور المتميز لوزارة الخارجية، الداعم لإعداد وحشد المشاركة في مؤتمر حل الدولتين الذي عقد في مدينة نيويورك مؤخرا، موضحا أنهم يعولون على استمرار الدور المصري لدعم الشعب الفلسطيني.
وفي الوقت نفسه، تناول رئيس الوزراء الفلسطيني الاتصالات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول المانحة للشعب الفلسطيني في إطار الإعداد لمرحلة إعادة الإعمار بقطاع غزة، مؤكدا أنهم يعملون على مختلف الجوانب المتعلقة بعملية إعادة الإعمار، بما تتضمنه من خطط، وتمويل، ووسائل تنفيذ.
بدوره، أشاد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، بمستوى التنسيق بين الجانبين على مختلف المستويات، ولاسيما فيما يتعلق بالإعداد لمؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة، عقب التوصل لوقف إطلاق النار.
وأشار وزير الخارجية إلى أهمية التنسيق بين الجانبين والجهات المانحة الدولية التي سيكون لها دور مهم في عملية التعافي المبكر وإعادة الإعمار، موضحا أن وزارة الخارجية ستستمر في التنسيق مع الجانب الفلسطيني الشقيق فيما يتعلق بترتيبات عقد مؤتمر التعافي المبكر، ولاسيما فيما يتعلق بتوقيتات وجلسات المؤتمر، مشددا على أهمية التمسك في ذات الوقت بالأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية والمتمثل في حل الدولتين.