في الأزمات .. ينجو من يخطط مسبقا
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
أُطلقت اليوم «منظومة صحار للاستجابة للطوارئ»؛ بهدف رفع جاهزية ميناء صحار والمنطقة الحرة للاستجابة للطوارئ، وتعزيز إمكاناته وقدراته بما يزيد من مستوى السلامة، ويضمن حماية الأفراد والأصول، واستمرارية العمليات ضمن المنظومة المتكاملة.
ويأتي هذا الإطلاق ليؤكد وعيا مؤسسيا بأهمية الاستعداد الشامل لمختلف أنواع الطوارئ، سواء تلك الناجمة عن التحولات المناخية أو التهديدات السيبرانية أو الأزمات الصحية العالمية.
ما قام به ميناء صحار والمنطقة الحرة يمكن النظر إليه بوصفه تجسيدا لرؤية مؤسسية عقلانية تتفوق على ردود الفعل، وتستبق الأحداث في بناء منظوماتها التي تستشرف المستقبل.
وهذا العصر الذي نعيشه يقاس فيه التفوق المؤسسي بقدرة المؤسسة على حماية الإنسان والأصل، على التعامل مع الأعاصير كما تتعامل مع الفيروسات الإلكترونية؛ ولذلك فإن جاهزية الطوارئ لم تعد متروكة للخيارات الفردية، إنما أصبحت جزءا من العدالة المؤسسية التي يجب أن تُمنح للموظف والمستثمر والمجتمع على حد سواء.
لقد برهنت الكوارث الحديثة من فيضانات رهيبة إلى انهيارات شبكية بفعل هجمات رقمية أن «غير المتوقع» صار جزءا من المشهد اليومي، وأن الاقتصاد الحديث لا يسير إلا على خطى الاستعداد. في هذا السياق لم تعد استمرارية الأعمال مجرد بند في دليل الحوكمة، بل أصبحت شرطا للشرعية الاقتصادية والأخلاقية لأي كيان مؤسسي.
اللافت في منظومة ميناء صحار والمنطقة الحرة أنها لم تنشأ كرد فعل على كارثة، بل كانت ثمرة تخطيط مشترك ورؤية منسجمة بين الميناء والمستأجرين والخبراء الدوليين. وهذا الأمر يكشف عن وعي مؤسسي ناضج انتقل بثقافة الاستجابة من الانفعال إلى التهيؤ الاستباقي.
إن ما يعيشه العالم من تحولات متسارعة ـ تقنيا ومناخيا وبيئيا وحتى على صعيد الكائنات الدقيقة غير المرئية ـ يحتم على المؤسسات والأفراد والدول بناء منظومات استجابة ذكية وشاملة، وهذه المنظومات من شأنها أن تشعر المجتمعات بالطمأنينة كما تشعرها بالثقة في مؤسساتها ودولها.
وأثبتت الأبحاث العلمية في مجال إدارة المخاطر أن الاستثمار في البنية المؤسسية للاستجابة السريعة - سواء في الأمن السيبراني أو الكوارث البيئية - يعود بأضعاف على الاقتصاد والاستقرار. كل ريال يُنفق في الاستعداد يُجنب المؤسسة خسائر محتملة مضاعفة، ويفتح الباب لبناء مصداقية طويلة الأجل.
وتبذل سلطنة عُمان جهودا كبيرة في بناء منظومات استجابة حديثة ومتطورة في التعامل مع الكوارث الطبيعية المتعلقة بالتحولات المناخية وبشكل خاص ما يتعلق بالأعاصير إضافة إلى الكوارث المتعلقة بالجوانب البيئية مثل تلوث البحار، وغيرها من الأزمات البيئية المعقدة. وهذه الجهود نابعة من فهم عميق لما يحدث في العالم من حولنا. كما أن الأمر فيما يتعلق بالمشروع الأخير في ميناء صحار ناتج عن فهم أن الاستدامة لا تعني فقط الطاقة الخضراء، بل تعني أيضًا بنية مرنة، ومؤسسات ذكية، ومجتمعات تعرف كيف تتصرف عندما يحين وقت الإنذار.
في النهاية؛ لا تقاس المؤسسات فقط بما تبنيه في الأوقات العادية، بل بما تُحسن تجهيزه قبل لحظات الخطر. والمؤسسات التي لا تملك خطط استجابة لا تفتقد الجاهزية فقط، بل تفتقد أيضا الثقة العامة، وهي أثمن رأسمال في زمن الأزمات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: میناء صحار
إقرأ أيضاً:
نائب محافظ البحر الأحمر تبحث مع وفد جامعة بكين سبل التعاون في السياحة البيئية
نيابةً عن اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر، استقبلت ماجدة حنا، نائب المحافظ، وفدًا من طلاب الدراسات العليا بجامعة بكين، وذلك ضمن برنامج أكاديمي وسياحي يهدف إلى تبادل الخبرات والانفتاح على الثقافات المختلفة.
جاء اللقاء بحضور الدكتور ماهر رشوان، رئيس فرع جهاز شئون البيئة، والدكتور محمود حنفي، وممثلي هيئة تنشيط السياحة، إلى جانب ممثلين عن جمعية هيبكا لحماية البيئة وحماية الشواطئ، وعدد من الجهات المعنية.
وتناول الاجتماع جهود محافظة البحر الأحمر في دعم السياحة البيئية والمحميات الطبيعية، والأنشطة السياحية المتنوعة التي تميز المقصد السياحي بالغردقة، بالإضافة إلى تأثير تلك الجهود في زيادة الإشغالات وعدد الليالي السياحية.
كما ناقش الحضور أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي، خاصة في ظل التغيرات العالمية، وسبل التغلب عليها من خلال التوسع في السياحة المستدامة، وتحسين جودة الخدمات، والترويج للمقاصد البيئية الفريدة التي تتمتع بها المحافظة.
وشهد اللقاء حوارًا مفتوحًا مع الوفد الصيني، تم خلاله الرد على الاستفسارات المتعلقة بتجربة مصر في التوازن بين التنمية السياحية والحفاظ على البيئة.
وفي ختام اللقاء، تم تبادل الهدايا التذكارية، وحرصت نائب المحافظ على تقديم درع المحافظة لممثلي جامعة بكين، تقديرًا لهذه الزيارة التي تسهم في تعزيز التعاون الثقافي والسياحي بين الجانبين.