حين تُصنع المعجزات على أطراف الفجر
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
صالح بن سعيد الحمداني
في ساعة منسية من اليوم حين لا تزال المدينة تغط في صمتها والأنوار خافتة والهواتف صامتة، هناك لحظة لا يُدرك قيمتها إلا القليلون لحظة النهوض قبل أن يصحو العالم.
قد تبدو للبعض عبئًا لا طائل منه أو نوعًا من المثالية الزائدة لكنها في الواقع واحدة من أقوى اللحظات التي تُصاغ فيها الحياة من جديد، تلك السويعات الأولى من الفجر حين تتقد الشعلة الأولى في داخل الإنسان دون ضوضاء ودون منافسة، هي اللحظات التي تصنع الفارق الحقيقي بين من يعيش عمره مجرّد رد فعل ومن يقوده بإرادته.
ليس الفجر موعدًا يوميًا اعتدنا عليه منذ الطفولة بل هو اختبار نمر به كل يوم هل سننتصر على أنفسنا أم نؤجل النهوض ليوم آخر؟ نجد في أعماقنا جواباً يقول الصباح قرار ليس مجرد توقيت.
البعض يظن أنَّ الاستيقاظ المبكر مجرد عادة للناجحين لكنه في الحقيقة فلسفة حياة، لحظة الفجر لا تتعلق فقط بالنشاط الجسدي بل تتعلق بالنقاء الذهني والصفاء الروحي والقدرة على رؤية ما لا يمكن رؤيته وسط ازدحام اليوم.
حين تستيقظ قبل الآخرين فأنت لا تسبقهم في جدولك فقط بل تسبق ذاتك القديمة، تنفصل عن الفوضى المعتادة وتمنح نفسك فرصة نادرة للسيطرة على اليوم منذ بدايته، لا أن تكون ضحية له.
العالم الحديث مشبع بالضجيج والمشتتات، بين الإشعارات والمكالمات والمسؤوليات، ننسى أن هناك مكانًا نقيًا يمكننا فيه أن نُعيد ترتيب ذواتنا إنه فجر اليوم الجديد لحظات نصنع فيها المعجزات التي لا تُصنع في الزحام.
ففي هذه الساعات تُكتب الأفكار العظيمة، وتولد المشاريع وتُراجع الخطط وتُصلّى الصلوات التي تحمل شكرك وهمّك ونيّتك، فمن يستثمر هذه اللحظة لا يحتاج بالضرورة إلى ساعات إضافية في يومه بل يستغل أفضل ما فيه.
لذلك لا عجب أن كثيرًا من المفكرين والرواد وقادة التغيير كانت بدايات يومهم في الفجر، لم يكن الأمر فقط التزامًا بجدول بل إدراكًا عميقًا أن البداية المبكرة ليست ترفًا بل ضرورة للذي يسعى للتميّز.
في لحظات السكون، تسمع صوتك الداخلي بوضوح، وضوح عالٍ حيث لا منافسة ولا مُقارنة ولا ضغوط من أحد فقط أنت وأفكارك ونواياك في سكون يسمى الفجر والحقيقة التي جربتها وعشت فيها بأنَّ الهدوء بداية الإلهام.
ففي هذا الهدوء يتجلّى الإلهام لا على شكل وميض خارق بل في وضوح بسيط تفهم أولوياتك تستشعر حلمك وتقرّر أن تبدأ.
ربما لا تكتب رواية في فجرٍ واحد أو لا تُنهي خطة عمل كاملة لكنك تبدأ، وكل بداية في هدوء الفجر تحمل في طياتها صدقًا نادرًا لا يتكرر في زحام النهار.
تأمل هذه الحقيقة البسيطة من يبدأ يومه في وعيٍ وهدوء يملك زمامه، ومن يملك زمام نهاره يملك عمره، لا أحد ينجح عشوائيًا ولا يصل إلى أهدافه مصادفة، النجاح نتيجة لتكرار محاولات وقرارات صغيرة تبدأ من اللحظة التي تسبق استيقاظ الآخرين، النهار يُكتَب فجرًا ويمضي بنا الوقت ونعيشه رويدا رويدا وقد لا ندرك وقته إلا وجدنا أنفسنا على أعتاب المساء الذي ينتهي بهدوء كما بدأ الفجر به وبالسكينة والطمأنينة.
فحين تستيقظ في وقت الفجر تصنع لنفسك هامشًا مريحًا لالتقاط أنفاسك قبل أن تبتلعك التزامات الحياة، وفي هذا الهامش تنضج الأفكار وتُهذّب النوايا وتُشحذ العزيمة.
كثيرون ينتظرون فرصة تغيّر مجرى حياتهم إلهامًا غير متوقع أو معجزة تنقذهم من الركود، لكن الحقيقة التي يغفلون عنها أن هذه "المعجزة" غالبًا ما تتخفّى في روتين بسيط أن تبدأ صباحك بوعي، فالصباح بداية لا تُؤجل.
لا تنتظر أن يُقال لك متى تبدأ لا تنتظر أن تتحسن الظروف أو يقلّ الضغط أو تأتي الإشارة كن أنت الإشارة وكن أنت المعجزة.
ليس المطلوب أن تصبح خارقًا، ولا أن تنجز عشرات المهام قبل الثامنة صباحًا، المطلوب فقط أن تختار أن تبدأ من حيث يتوقف الآخرون أن تستثمر الهدوء قبل الفوضى، وأن تُعيد لنفسك حقها في قيادة يومها، كن أنت من يصحو أولاً.
في الصباح الباكر، لا شيء يُجبرك على شيء أنت فقط من يختار أن تواصل تأجيل الحلم أو أن تبدأ في تحقيقه.
فابدأ قبل أن يصحو العالم… ففي ذلك الفجر لا يُكتَب اليوم فقط بل تُصاغ الحياة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"فى استجابة لما نشرته الفجر" تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق فى واقعة تسريب امتحان مادة الجبر للشهادة الإعدادية بأسيوط اليوم
فى استجابه سريعة للفجر عن ماتم نشره عن تسريب امتحان مادة الجبر والإحصاء فى امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية للعام الدراسي الحالي اليوم الإثنين
واعربت مديرية التربية والتعليم بمحافظة أسيوط عن بالغ أسفها لما تم رصده صباح اليوم، الإثنين الموافق 2 يونيو 2025، من تداول واسع النطاق لأسئلة امتحان مادة الجبر الخاصة بالشهادة الإعدادية على مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدء زمن الامتحان الرسمي
وفور التأكد من الواقعة، قررت المديرية إلغاء الامتحان الحالي لمادة الجبر، وتأجيله إلى يوم الأربعاء الموافق 4 يونيو 2025، وذلك حفاظًا على مبدأ تكافؤ الفرص وضمانًا لنزاهة العملية الامتحانية
وتؤكد المديرية أنها تتعامل مع هذا الأمر بمنتهى الجدية والأهمية القصوى، وقد تم على الفور تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في ملابسات الواقعة وتحديد المسؤولين عن هذا الفعل غير المسؤول
كما تم إخطار الجهات الأمنية والرقابية المختصة، وفتح تحقيق فوري للوقوف على ملابسات واقعة التسريب، وتحديد المسؤولين عنها، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يثبت تورطه.
وتؤكد مديرية التربية والتعليم حرصها الكامل على مصلحة الطلاب وتهيئة المناخ المناسب لهم لأداء الامتحانات في جو من الهدوء والعدالة وتكافؤ الفرص.
تهيب المديرية بأولياء الأمور والطلاب ووسائل الإعلام تحري الدقة وعدم تداول أي معلومات غير مؤكدة قد تثير البلبلة والقلق. وسيتم إطلاع الرأي العام على نتائج التحقيقات والإجراءات المتخذة فور الانتهاء منها.
وتؤكد مديرية التربية والتعليم أن الامتحانات مستمرة في باقي المواد وفق الجداول المعلنة، مع تشديد إجراءات التأمين والمراجعة على جميع مراحل إعداد ونقل الامتحانات، لضمان عدم تكرار مثل هذه الواقعة.
وتطمئن المديرية أولياء الأمور والطلاب أن حقوق الطلاب محفوظة، وسيتم اتخاذ ما يلزم لضمان العدالة والشفافية في التقييم، كما نهيب بالجميع تحرّي الدقة في تداول المعلومات وانتظار نتائج التحقيق الرسمية.