يُجري مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) تحقيقا أوليا مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) جون برينان، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، بشأن احتمال إدلاء كل منهما بـ"تصريحات كاذبة للكونغرس".

ويأتي هذا التحقيق بناء على إحالة من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الحالي، جون راتكليف، الذي أصدر مؤخرا مراجعةً لاذعةً للتقييم الاستخباراتي الصادر عام 2016 بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو التقييم الذي لطالما هاجمه الرئيس دونالد ترامب وحلفاؤه، باعتباره منحازًا لصالح خصمه الديمقراطي حينها هيلاري كلينتون.



مراجعة استخباراتية جديدة تحت المجهر
في منشور له عبر منصة "إكس"، وصف راتكليف التقييم الاستخباراتي لعام 2016 بأنه نُفذ "عبر عملية غير نمطية وفاسدة"، وبأنه تأثر بـ"بيئة سياسية مشحونة" هيمن عليها كل من برينان وكومي. 

وأشار إلى أن التقرير الأصلي لم يكن خاطئا في جوهره حين خلص إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فضل فوز ترامب، لكنه أكد أن القيادة الاستخباراتية آنذاك "تعجلت" في إصدار هذا الحكم.

All the world can now see the truth: Brennan, Clapper and Comey manipulated intelligence and silenced career professionals — all to get Trump. Thank you to the career @CIA officers who conducted this review and exposed the facts. https://t.co/S7Mxz6xA6P — CIA Director John Ratcliffe (@CIADirector) July 2, 2025
ورغم أن تقرير راتكليف لم ينقض استنتاج الاستخبارات حول نوايا بوتين، فإنه اتهم برينان وكومي بتجاوز الإجراءات المعتادة، وبتضييق نطاق الوصول إلى معلومات استخباراتية مهمة، فضلا عن تغليب "الانسجام السردي" على "السلامة التحليلية" عند مواجهة اعتراضات داخلية، خاصة بشأن المعلومات الواردة في "ملف ستيل".

ملف ستيل يعود إلى الواجهة
ويدور الخلاف بين الأطراف حول التصريحات المقدمة أمام الكونغرس بخصوص التحقيق في التدخل الروسي، خصوصا في ما يتعلق بملف جمعه ضابط استخبارات بريطاني سابق، كريستوفر ستيل، ادّعى فيه وجود علاقات بين موسكو وأشخاص مرتبطين بحملة ترامب، وهو الملف الذي موّلته حملة كلينتون الانتخابية.

وأفاد تقرير استخباراتي الشهر الماضي بأن برينان قيّد تداول بعض المعلومات الاستخباراتية الرئيسية، واعترض على إدراج مزاعم ستيل في الإحاطة الرئاسية التي قُدمت للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، مفضّلًا إلحاقها كمُلحق منفصل، بحسب ما ورد في مذكراته.


برينان وكومي يلتزمان الصمت
وفي تعليقه على الأنباء المتداولة، قال برينان في مقابلة مع قناة MSNBC: "لم يتواصل معي أحد من FBI أو وزارة العدل أو وكالة الاستخبارات المركزية، ولا أعرف بالضبط ما الذي قد يُحققون فيه بشأنه".

فيما التزم كومي ووكالة الاستخبارات المركزية الصمت وامتنعوا عن الإدلاء بأي تعليق.

ولم تؤكد وزارة العدل ما إذا كان التحقيق قد تجاوز مرحلته التمهيدية، مكتفية ببيان مقتضب قالت فيه: "نحن لا نعلق على التحقيقات الجارية".

ترامب: كومي وبرينان "شخصان غير نزيهين"
من جانبه، علّق ترامب على القضية خلال حديثه للصحفيين في البيت الأبيض، قائلاً إنه لم يكن على علم مسبق بالتحقيق، لكنه كرر هجومه على برينان وكومي، واصفا إياهما بأنهما "شخصان غير نزيهين"، في تكرار لتصريحات سابقة تتهمهما بتسييس أجهزة الدولة الأمنية لإضعاف رئاسته.

في تطور لافت، كشفت شبكة "سي إن إن" أن جيمس كومي خضع للاستجواب من قِبل عناصر في جهاز الخدمة السرية في أيار/مايو الماضي، بعد نشره صورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أصدافًا على الشاطئ كتب عليها الرقم "86 47"، وهو رمز شائع يستخدمه مناهضو ترامب للتعبير عن رغبتهم في "عزل الرئيس الـ47" من منصبه.

وبحسب مصدرين مطلعين، استخدمت الخدمة السرية تقنيات مراقبة متقدمة لتحديد موقع كومي، وانتظرت عودته إلى منزله في فرجينيا قبل اقتياده للاستجواب. 

كما لجأت إلى أمر استدعاء إداري مكّنها من الحصول على بيانات هاتفه المحمول دون موافقات قانونية مطولة، في إجراء يعكس تصاعد الاعتماد على هذه الوسائل في ظل ما تصفه الأجهزة بـ"بيئة تهديد متزايدة".

سياق سياسي مشحون وتصفية حسابات
ويعيد هذا التحقيق تسليط الضوء على العلاقة المتوترة بين ترامب ومؤسسات الاستخبارات الأمريكية منذ وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017، إذ أقال كومي بعد أشهر قليلة من تسلمه الرئاسة، حين كان الـFBI يحقق في مزاعم تواطؤ حملة ترامب مع روسيا.

ورغم أن التحقيق الذي تولاه لاحقا المحقق الخاص روبرت مولر خلص إلى وجود تدخل روسي لصالح ترامب، فإنه لم يثبت وجود تآمر بين حملة الرئيس وموسكو. ومع ذلك، ظل ترامب يستخدم نتائج التحقيق كأداة في معركته السياسية ضد خصومه في الدولة العميقة، بحسب تعبيره.

وفي عام 2018، سحب ترامب التصريح الأمني من برينان، واتهمه حينها بـ"الإدلاء بادعاءات لا أساس لها"، في خطوة اعتبرها مراقبون سابقة خطيرة لتصفية الحسابات مع معارضيه داخل الأجهزة الأمنية.

كما أقدم لاحقا على سلسلة من الإجراءات العقابية طالت مسؤولين سابقين، وشركات محاماة عملت ضده، وألغى التمويل الفدرالي لجامعات بارزة، في إطار ما وُصف بمحاولة منه لـ"تفكيك مؤسسات الدولة الموازية".


تحقيقات متشابكة.. ومصير غامض
وكانت وزارة العدل قد كلفت المحقق الخاص جون دورهام بالتحقيق في خلفيات إطلاق تحقيقات 2016 بشأن حملة ترامب، لكن نتائج دورهام لم تسفر عن اتهامات تُدين كبار المسؤولين في الـCIA أو الـFBI.

واقتصرت على توجيه التهم لثلاثة أشخاص، بينهم محامٍ في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أقرّ بتزوير معلومة في طلب مذكرة مراقبة ضد أحد مساعدي ترامب.

وحتى الآن، لم يتضح ما إذا كان التحقيق الجديد سيتطور ليشمل اتهامات جنائية، أم أنه سيظل في نطاق الضغط السياسي والإعلامي، خاصة مع استعداد ترامب لخوض حملة انتخابية جديدة، وسط انقسام سياسي غير مسبوق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الاستخبارات المركزية برينان كومي ترامب روسيا روسيا الاستخبارات المركزية كومي ترامب برينان المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستخبارات المرکزیة

إقرأ أيضاً:

ما الذي يفهم من تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن الأنفاق؟

استبق الاحتلال الإسرائيلي عملية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، وهدد على لسان وزير دفاعه يسرائيل كاتس بمواصلة الحرب على قطاع غزة بحجة تدمير أنفاق المقاومة الفلسطينية، مما يترك تساؤلات عن مدى جدية الاحتلال في الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وقال كاتس إنه أمر قوات الجيش بالاستعداد لتنفيذ مهمة تدمير أنفاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد الإفراج عن الأسرى، زاعما أن "تدمير أنفاق حماس هو معنى تنفيذ المبدأ المتفق عليه بشأن نزع سلاحها وتجريدها من قدراتها".

وتنص الخطوات التنفيذية لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة على أن تسلم حماس جميع الأسرى الأحياء الموجودين لدى الفصائل، كما تسلم الحركة أيضا رفات الأسرى الإسرائيليين بغزة.

وتشمل صفقة التبادل الإفراج عن نحو 250 أسيرا محكوما بالمؤبد ونحو 1700 أسير من قطاع غزة احتجزوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويشير النقاش العام في إسرائيل إلى أن تل أبيب تنوي من خلال الاتفاق -الذي تم بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب- حسم المعركة مع حركة حماس وتحقيق ما عجزت عنه من خلال الحرب وهو القضاء على سلاحها، وهو ما يقوله الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عماد أبو عواد، والذي لفت إلى أن ما يفهم من كلام كاتس هو أن إسرائيل ذاهبة باتجاه إطالة أمد المرحلة الثانية من الاتفاق.

ويرجح أبو عواد -في حديثه لقناة الجزيرة- أن إسرائيل ستتبنى إستراتيجية تقوم على وضع المزيد من العراقيل أثناء تطبيق المرحلة المقبلة متذرعة بوجود أنفاق وسلاح، وبأن حماس لا تزال موجودة في قطاع غزة.

ويرى أن إسرائيل تفكر الآن بأن الحرب بطريقة أخرى هي الوسيلة التي من الممكن أن تحقق من خلالها بعض الأهداف الإستراتيجية ومن أبرزها، استمرار التضييق على الفلسطينيين من أجل أن يكون مشروع التهجير حاضرا في أذهانهم وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش.

أهداف إسرائيلية

وحسب مراسلة الجزيرة فاطمة خمايسي، فإن تصريح كاتس يقرأ بأنه محاولة إسرائيلية رسمية على المستوى العسكري لتسويق الخطة التي صادقت عليها الحكومة على أنها إنجاز يحفظ الأهداف الإسرائيلية وتتمثل في "نزع قدرات حماس وإبعادها عن الحكم وضمان ألا تشكل غزة أي تهديد مستقبلي ضد إسرائيل".

إعلان

وأشارت إلى تصريحات لرئيس الأركان إيال زامير كشفت عنها هيئة البث الإسرائيلية، حيث قال خلال اجتماع الحكومة الخميس الماضي إن "الحرب لم تنته وإنما المرحلة الأولى منها انتهت".

ويرى مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد عطاونة، أن هناك نقاطا شائكة في خطة الرئيس الأميركي تحتاج إلى نقاش معمق وتفصيلي بين الوسطاء وبين الفلسطينيين، وبين الفلسطينيين أنفسهم، مشيرا إلى أن الدول العربية والإسلامية أعلنت أن السلاح هو قضية فلسطينية يحل ضمن النقاش الفلسطيني الداخلي، وأن إدارة قطاع غزة يجب أن تكون فلسطينية وليس إدارة دولية.

وتوقع عطاونة -في حديثه للجزيرة- أن تكون المرحلة الثانية من الاتفاق صعبة على مستوى المفاوضات وأكثر صعوبة على مستوى التنفيذ، لكنه شدد على أهمية الإجابة عن مجموعة من الأسئلة وتفسير بعض القضايا وتحديد المقصود منها قبل أن تتحول خطة ترامب إلى خطة دولية، كما يسعى لذلك.

وأشار إلى أن الفلسطينيين يرفضون غالبية بنود خطة ترامب وخاصة المتعلق بالمرحلة الثانية منها.

وأُعلن فجر التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2025 في مدينة شرم الشيخ المصرية عن التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة.

وأكدت حماس أنها توصلت إلى اتفاق ينهي الحرب، يتضمن انسحابا إسرائيليا من غزة وتبادل الأسرى، لكنها دعت ترامب والدول الوسيطة إلى ضمان أن تنفذ إسرائيل وقف إطلاق النار بالكامل.

مقالات مشابهة

  • ترقب أمريكي غير مسبوق لزيارة ترامب إلى تل أبيب وخطابه أمام الكنيست
  • أقصر زيارة لرئيس أمريكي لإسرائيل.. ترامب في تل أبيب 4 ساعات قبل قمة شرم الشيخ
  • النفط الروسي تحت النار.. ما دور الاستخبارات الأميركية في هجمات كييف؟
  • ما الذي يفهم من تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن الأنفاق؟
  • فتاة تصعد سيارة وتعتدى على سائق بسبب أولوية المرور.. والمباحث تتدخل
  • من هو المسؤول القطري الذي لعب دورا بارزا في إبرام اتفاق غزة؟
  • زيارة ترامب المرتقبة للقاهرة.. تأكيد أمريكي على محورية الدور المصري في تثبيت وقف إطلاق النار وصناعة السلام الإقليمي
  • محلل استراتيجي أمريكي: الواقع الآن بغزة لحظة فارقة في تاريخ المنطقة
  • مفاوض أمريكي سابق يكشف ما يتطلبه تحقيق الاستقرار في غزة
  • أول تعليق أمريكي على "جائزة نوبل للسلام"