الإقالة بعد الكارثة… عقوبة أم غطاء للهروب؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في كل كارثة تهز العراق، من حرائق الأسواق والمولات، إلى انهيار الأبنية أو فواجع المستشفيات، تنتهي فصول المأساة بخبرٍ معتاد إقالة المسؤول الفلاني أو تقديمه الاستقالة ، وكأن الأمر مجرد إجراء إداري أو خطوة لتهدئة غضب الشارع. لكنّ السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم بوضوح هل الإقالة عقوبة؟ أم وسيلة لحماية المقصر من المساءلة والمحاسبة الحقيقية؟
الإقالة أو الاستقالة لا تعني بالضرورة الإدانة، بل في كثير من الأحيان تكون بوابة للخلاص من المسؤولية.
في الدول التي تحترم شعوبها، تكون الاستقالة تسبق الكارثة من باب المسؤولية الأخلاقية لا تأتي بعدها كهروب من العقوبة. أما في العراق، فالمسؤول لا يغادر موقعه إلا بعد ثبوت الكارثة، وليس قبلها، وعادة ما يخرج مرفوع الرأس ، وربما يُعاد تدويره لاحقاً في منصب جديد، في وزارة جديدة، بحكومة جديدة، بلا أي خجل أو حساب.
الاستقالة أو الإقالة يجب ألا تُغني عن المساءلة القانونية. إذا ثبت التقصير أو الإهمال أو التورط في الفساد الذي أدى إلى وقوع الكارثة، فالمسؤول لا ينبغي أن يكتفي بترك المنصب، بل يجب أن يُحال إلى القضاء، ويواجه العقوبة التي يستحقها، كبقية المواطنين. فهل تُعفى ممرضة أو سائق أو معلم من المحاسبة لو تسبب بإهماله في ضرر للناس؟ فلماذا يُعفى المسؤول الذي بين يديه أرواح وحقوق الناس؟
للأسف، تتحول الإقالة في العراق إلى غسل سمعة أو حتى إلى صفقة سياسية ضمن ترتيبات ما بعد الكارثة، فيتم إسكات الناس، وطيّ صفحة التحقيق، وتبقى دماء الضحايا على الورق، لا في ميزان العدالة.
إن بناء دولة مؤسسات حقيقية يبدأ من مبدأ ربط المنصب بالمسؤولية القانونية والأخلاقية. يجب أن يعرف كل مسؤول أنه لن يفلت من العقوبة بمجرد توقيع كتاب استقالة، بل إن المنصب مضاعفة للمحاسبة، لا حصانة منها.
المواطن العراقي لم يعد يثق بعبارة أُقيل المسؤول الفلاني، بل ينتظر عبارة أكثر عدلاً تمت إحالته إلى القضاء، وصدر بحقه حكم بالسجن أو الغرامة أو المنع من تولي المناصب . عندها فقط، نستطيع القول إن الكارثة لم تذهب سدى، وأن دماء الضحايا لم تُهدَر مرتين: مرة في الحريق، ومرة في أوراق الإقالة.
ختاما ما لم تكن الإقالة بوابة للمحاسبة، فهي مجرد قناع… يخفي العار، لا يفضحه.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
قبل ثانيتين من الكارثة!
#سواليف
يلعب العامل البشري دورا ملحوظا في #الكوارث_الجوية حتى في الأوقات العادية حين تكون #محركات و #أجهزة #الطائرات سليمة تماما. هذا بالتحديد ما جرى في #حادث #تصادم “شيزوكويشي” المأساوي.
أحد طرفي هذه #الكارثة_الجوية، طائرة مقاتلة تابعة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية من طراز “إف – 86 إف”، كان يقودها متدرب يبلغ من العمر 22 عاما هو الرقيب “يوشيمي إيتشيكاوا”.
هذه المهمة التدريبية كان يقودها في طائرة مرافقة من نفس الطراز، النقيب “تاموتسو كوما”.
مقالات ذات صلة طلبات البطالة ترتفع.. وسوق العمل الأميركي يتمسك بتوازنه 2025/08/02الطائرتان المقاتلتان اليابانيتان أقلعتا ظهر يوم 30 يوليو 1971 الساعة 01:28 من قاعدة “ماتسوشيما” الجوية للتدرب في سماء محافظة “إيواتي” بمنطقة “شيزوكويشي”، في فضاء يبعد 9 كيلو مترات عن أحد مسارات الطائرات التجارية.
الطرف الثاني طائرة ركاب “بوينغ – 727- 281″، كانت متوجهة في الرحلة الداخلية رقم 58 من سابورو إلى طوكيو وعلى متنها 162 شخصا بينهم 155 راكبا معظمهم كانوا في رحلة العودة من هوكايدو إلى فوجي.
طائرة الركاب اليابانية كان يسيرها طاقم بقيادة سابورو كاوانيشي، البالغ من العمر 41 عاما، وكان في رصيده 8000 ساعة طيران، ومساعد طيار شاب يبلغ من العمر 27 عاما، وميكانيكي عمره 30 عاما، إضافة إلى ثلاث مضيفات.
تصادف أن تم إغلاق المجال الجوي الذي كان مقررا أن تجري فيه الطلعة التدريبية وعلى ارتفاعات تتراوح بين 7600 إلى 9450 مترا، أمام الرحلات الجوية باستثناء رحلات الطوارئ.
وصلت طائرة البوينغ في الساعة 13:59 إلى سماء محافظة “إيواتي” وكانت تطير بسرعة 902 كيلو مترا في الساعة على ارتفاع 8535 مترا.
بعد دقيقتين، بدأت الطائرتان المقاتلتان في الانعطاف يمينا بسرعة 824 كيلو مترا في الساعة بزاوية 180 درجة مع الصعود أعلى.
فجأة رأى المدرب أن طائرة المتدرب تتجه مباشرة نحو طائرة الركاب، فأمره بالانعطاف يسارا فورا، وفي نفس الوقت أوعز لطاقم طائرة الركاب أيضا بالانعطاف يسارا.
الوقت لم يسعف. بعد ثانيتين من ذلك، في الساعة 14:02 اصطدم الجناح الأيمن للطائرة المقاتلة التي يقودها المتدرب بمثبت طائرة الركاب الأفقي الأيسر. تمزق جناح الطائرة المقاتلة وهوت بشكل حاد وتحطمت في حقل للأرز، في حين تمكن المتدرب من القفز بالمقعد الصاروخي والنزول بسلام بالمظلة.
فقد الطاقم السيطرة على طائرة الركاب بعد الاصطدام، وبدأت في السقوط، أدرك قائدها “كاوانيشي” استحالة معالجة الموقف وتمكن من إرسال إشارة استغاثة إلى برج المراقبة.
هوت طارة الركاب إلى الأرض بسرعة متصاعدة، وعلى ارتفاع 4600 اخترقت حاجز الصوت وبدأت في التفكك بسبب قوة السحب الديناميكية الهوائية الهائلة.
سقط حطام “البوينغ” على مشارف بلدة “شيزوكويشي”، ولقي جميع الركاب حتفهم، وبقيت هذه الكارثة الجوية حتى عام 2013 الثالثة الأكبر في تاريخ اليابان والثانية بالنسبة لطائرات بوينغ – 727.
تبين لاحقا أن الطيار المدرب صاحب الخبرة الطويلة في قيادة الطائرات، قاد من دون قصد المتدرب الذي لم يتجاوز رصيده 21 ساعة طيران إلى مسار جوي تجاري مرتين أثناء المهمة التدريبية.
التحقيق توصل إلى أن السبب الرئيس في الكارثة الجوية، خروج الطيار المدرب من المجال الجوي للتدريب ودخوله ممرا جويا تجاريا من دون أن يُكتشف.
من سوء الحظ أيضا أن المدرب لم ير طائرة البوينغ 727 إلا قبل ثوان من الاصطدام.
بالمقابل، رصد طاقم طائرة الركاب الطائرتين المقاتلتين قبل 7 ثوان من الاصطدام، لكنه لم يسارع للقيام بأي مراوغة لتفادي الكارثة. رجح الخبراء أن الطاقم استهان بالخطر.
من أسباب الكارثة الجوية أيضا أن طائرتي “إف – 86” لم تكونا مزودتين برادار للكشف عن الحركة الجوية، علاوة على ازدحام الأجواء والاعتماد على الرؤية البصرية لعدم وجود تنبيهات تصادم آلية.
أدين النقيب المدرب بتهمة القتل غير العمد، وقضت المحكمة بسجنه لمدة 3 سنوات مع وقف التنفيذ، في حين تمت تبرئة المتدرب.
إثر هذه الكارثة الجوية التي تعد واحدة من أخطر حوادث الطيران في اليابان، استقال كل من مدير وكالة الدفاع اليابانية ورئيس أركان قوات الدفاع الجوي.
من المأساة استخلص اليابانية الدروس وقاموا بتوسيع نطاق تغطية الرادار، كما شُددت ضوابط المجال الجوي، وجرى تحسين طرق تدريب الطيارين في البلاد. مع كل ذلك تبقى احتمالات “الخطأ البشري” قائمة دائما ولا يمكن تفاديها بشكل نهائي على أي حال.