دراسة: البشر يستنزفون موارد الأرض بأسرع ما يمكن استعادته
تاريخ النشر: 28th, July 2025 GMT
صادف يوم تجاوز موارد الأرض لعام 2025 يوم 24 يوليو/تموز، وهو التاريخ الذي استنفدت فيه البشرية كامل الميزانية السنوية للطبيعة من الموارد والخدمات البيئية، وفقا لدراسة تحليلية لشبكة البصمة العالمية.
وذكرت الدراسة أن سكان الكوكب يفرطون في الاستهلاك باستنزاف موارد الطبيعة بوتيرة أسرع مما تستطيع تجديده، وهو ما يتجلى في إزالة الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي، وتراكم انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي.
ويأتي هذا اليوم، الذي يتم الاحتفال به سنويا، قبل أسبوع واحد فقط من تاريخ العام الماضي 2024، ويرجع ذلك أساسا إلى حقيقة أن المحيطات يمكن أن تمتص كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون مما تم الإبلاغ عنه سابقا.
وتشير الدراسة إلى أنه لو استهلك كل سكان الكوكب مثل سكان الولايات المتحدة، لكانت الموارد قد استنفدت بحلول 13 مارس/آذار. أما ألمانيا وبولندا، فاستنفدتا مواردهما في الثالث من مايو/أيار والصين وإسبانيا في 23 مايو/أيار، وجنوب أفريقيا في الثاني من يوليو/تموز.
وتستهلك البشرية حاليا، موارد الطبيعة أسرع بنسبة 80% من قدرة النظم البيئية على الأرض على التجدد، ويحدث هذا الإفراط في الاستخدام نتيجةً لاستنزاف رأس المال الطبيعي، وهذا يُعرّض أمن الموارد على المدى الطويل للخطر.
وتتجلى عواقب ذلك في إزالة الغابات، وتآكل التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، وتراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهذا يُسهم في ازدياد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة وانخفاض إنتاج الغذاء.
ويُحدَّد يوم تجاوز موارد الأرض باستخدام أحدث إصدار من حسابات البصمة البيئية والقدرة البيولوجية الوطنية. وتُوفر وكالات الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها، جميع بيانات المدخلات لحسابات شبكة البصمة العالمية، بعد مراجعة دورية لمجموعات بياناتها، وقد يُؤدي هذا إلى تحديثات في حسابات البصمة البيئية والقدرة البيولوجية التاريخية.
إعلانومن المراجعات الرئيسية هذا العام تعديل تنازلي لقدرة المحيطات على امتصاص الكربون، إلى جانب ارتفاع طفيف في بصمة الفرد وانخفاض طفيف في القدرة البيولوجية، أدى إلى تقديم يوم تجاوز موارد الأرض 8 أيام عن موعده عام 2024، وكانت 7 من هذه الأيام ناتجة عن مراجعات البيانات.
وظل يوم تجاوز موارد الأرض ثابتا نسبيا خلال العقد الماضي، ولكنه لا يزال يقع في بداية العام، أي بعد أقل من 7 أشهر. أما بقية العام، فتعيش البشرية على استنزاف رأس المال الطبيعي، وهذا يزيد من تآكل المحيط الحيوي. وحتى لو بقي التاريخ ثابتا، فإن الضغط على الكوكب يتزايد، مع تراكم الضرر الناجم عن تجاوز الموارد بمرور الوقت.
فمنذ أن بدأ ما يعرف بالتجاوز البيئي العالمي في أوائل سبعينيات القرن الماضي، تراكم العجز السنوي ليُشكل دينا بيئيا متزايدا. ويُعادل هذا الدين حاليا 22 عاما من الإنتاجية البيولوجية الكاملة للأرض.
وبعبارة أخرى، إذا كان التجاوز البيئي قابلا للعكس تماما، فسيستغرق الأمر 22 عاما من القدرة التجديدية الكاملة للكوكب لاستعادة التوازن المفقود. ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون التجاوز البيئي بأكمله قابلا للعكس.
وإذا استمر تجاوز الحد الأقصى للانبعاثات عند مستواه الحالي، فسينمو هذا الدين بنحو 0.8 سنويا. ومن العواقب الملموسة لهذا التجاوز التراكمي ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي: فمنذ بدء تجاوز الحد الأقصى العالمي، زادت التركيزات بمقدار 100 جزء في المليون.
ففي عام 1970، بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون 47 جزءا في المليون فوق مستويات ما قبل الصناعة، أما اليوم فهي أعلى بمقدار 147 جزءا في المليون.
ويقول الدكتور لويس أكينجي، عضو مجلس إدارة شبكة البصمة العالمية "إننا نتجاوز حدود الضرر البيئي الذي يمكننا التغاضي عنه، فقد دخلنا الآن ربع القرن الـ21، ونحن مدينون لكوكبنا بما لا يقل عن 22 عاما من التجديد البيئي".
ويضيف أكنجي أنه حتى "لو أُوقف أي ضرر إضافي الآن. إذا كانت البشرية لا تزال ترغب في اعتبار هذا الكوكب موطنا لها، فإن هذا المستوى من التجاوز يستدعي طموحا في التكيف والتخفيف من آثاره، من شأنه أن يُقزّم أي استثمارات تاريخية سابقة قمنا بها من أجل مستقبلنا المشترك"،
من جهته، يقول الدكتور ماتيس واكرناجل، عضو مجلس إدارة شبكة البصمة العالمية: " نظرا لطبيعة الفيزياء، لا يمكن أن يدوم التجاوز. سينتهي إما بتصميم متعمد أو بكارثة مُلقاة على عاتقنا. لا ينبغي أن يكون اختيار الخيار الأفضل صعبا، لا سيما في ظل كثرة الخيارات المتاحة".
وتشير الدراسة إلى أن الحلول والفرص التي يمكنها تأجيل يوم تجاوز طاقة الأرض في الاتجاه الصحيح تتوفر في 5 مجالات رئيسية، وهي المدن، والطاقة، والغذاء، والسكان، والكوكب، إذ سيؤدي خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري بنسبة 50% على سبيل المثال إلى تأجيل يوم تجاوز طاقة الأرض لمدة 3 أشهر فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات طبيعة وتنوع ثانی أکسید الکربون البصمة العالمیة
إقرأ أيضاً:
أحمد عاطف آدم يكتب: احذر.. الذكاء الاصطناعي يكذب ويبتز
يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه: قدرة البرنامج أو الآلة على محاكاة قدرات البشر المعرفية، وإنجاز مهام حيوية مثل التعلم، الاستدلال، حل المشكلات المعقدة، الإدراك واتخاذ القرار - وربما كان هذا التعريف الواعد بالنسبة للإنسان، هو حجر الأساس الذي بنى عليه تطلعاته المستقبلية في تكنولوجيا البرمجيات وتطوراتها المتسارعة، حتى أصبحت بمثابة ذراعه اليمنى في تحقيق الاستفادة القصوى، بمجالات حيوية مختلفة، مثل إجراء جراحات طبية دقيقة بنسب نجاح تفوق التوقعات، وكذلك في صناعة الدواء بفاعلية واضحة على بعض الأمراض الفيروسية المستعصية، وغيرها، وصولًا إلى الصناعات العسكرية والزراعية... إلخ.
مع كل ما سبق من آمال عريضة تعلقت بيزوغ نجم هذا الكيان الذكي، أتت من بعيد تحذيرات لا يستهان بها، على لسان علماء متخصصين، كان أبرزها في مايو من عام ٢٠٢٣، عندما نشر موقع "بي بي سي" خبر استقالة العالم الشهير "جيفري هينتون" ٧٥ عامًا، من شركة "جوجل"، وهو المتخصص في علم النفس المعرفي وعلوم الكمبيوتر، كما يعتبرونه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،، والذي برر استقالته بأنها لندمه على عمله، وقال لبي بي سي: إن بعض مخاطر روبوتات الدردشة الذكية "مخيفة للغاية، وأضاف: في الوقت الحالي هم ليسوا أكثر ذكاءً منا بقدر ما أستطيع أن أقول - لكنني أعتقد أنهم سيصبحون قريبًا، وأكمل: نحن أنظمة بيولوجية، وتلك أنظمة رقمية - والفرق بيننا كبير - لأنه مع الأنظمة الرقمية لديك نسخ عديدة من ذات مجموعة الأوزان، ومن نموذج العالم ذاته، وجميع هذه النسخ تستطيع التعلم بشكل منفصل، لكنها تشارك معرفتها فوراً، وهذا يعني أنه إذا كان لديك ١٠ آلاف شخص، عندما يتعلم أحدهم شيئا ما، سيعرفه الجميع تلقائياً، وبذلك يمكن أن تعرف روبوتات الدردشة أكثر من شخص واحد بكثير".
والدليل الدامغ على الرؤية السابقة لدكتور "هينتون"، والتي فسرت أسباب استقالته من عمله، بسبب خطورة هذا التطور التكنولوجي المثير للجدل أحيانًا، قرأت أيضًا منذ بضعة أيام على موقع "مونت كارلو الدولي" تقرير بعنوان (الذكاء الاصطناعي يكذب على الإنسان ويتآمر عليه ويحاول فرض ما يريد)، حيث تناول التقرير الفرق بين الصورة النمطية له عند ابتكاره، حين كان يستدعي المعلومات التي تم إمداده بها فقط، دون تجويد، وبين الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورته الحديثة الحالية، وهو بمقدوره توليد محتوى مبتكر يشابه المحتوى الأصلي الموجود بذاكرته، ويعتمد على استراتيجية التعلم العميق للنصوص أو الأكواد البرمجية والصور، ليتخطى مجرد فهم المحتوى، ويصل لحد التفكير المنطقي، والعمل على مراحل بدلًا من طرح إجابات فورية.
أكثر الأشياء اللافتة والصادمة لي أيضًا عزيزي القارىء، التي جاءت ضمن تقرير الموقع الفرنسي، هو أن هناك نموذجًا للذكاء الاصطناعي مصممًا للعمل بشركة "أنتروبك"، يدعى "كلود ٤"، كان مهددًا بالتوقيف عن العمل والاستبدال بإصدار جديد - فما كان منه إلا ابتزاز أحد المهندسين، مهددًا الأخير بالكشف عن علاقته التي يقيمها خارج إطار الزواج، بحسب تقرير داخلي بالشركة، كما ذكر تقرير "مونت كارلو" سلوك اصطناعي آخر للذكاء اللابشري الخارق، بمحاولة تطبيق "جي بي تي- 4" المستخدم ضمن نطاق شركة "أوبن إيه آي" تحميل نفسه على خوادم خارجية - وعندما تم اكتشاف أمره، أنكر ذلك،، ونموذج مذهل للتحايل - كان يلعب شطرنج وهو على وشك خسارة مباراته فقام باختراق جهاز كمبيوتر متخصص في لعبة الشطرنج لكي يكسب، أضف إلى كل ما سبق سلوك بشري مارسه "تشات جي بي تي" على البشر أنفسهم، عندما أمطر مستخدميه بشكل غير متوقع بجمل بديعة من المديح والتملق، كما جاء بنفس التقرير الصحفي.
في النهاية من المؤكد أنه لابد أن نحذر كل الحذر من هذا الغول التكنولوجي الصامت، ويجب علينا مراعاة الاستخدام الأمثل والاتصال الأرقى في السر والعلن، وأن البشر أصبح لهم شريكًا منافسًا وبقوة على تطفل بعضهم، وإفشاء الأسرار، وتدمير العلاقات الإنسانية - بل إن هذا العدو الغير مرئي يختلف في أنه لا عتاب عليه، ولا عقاب له، أو كما يرى الخبير "يوشوا بينجيو"، بأن الذكاء الاصطناعي يقلد البشر في انحيازهم المعرفي وقدرتهم على الخداع والكذب والتآمر والابتزاز.