من قلب الجزيرة العربية، وتحديدًا من منطقة القصيم، انطلقت قوافل العقيلات تحمل شيئًا أكبر من التمر والسمن والسيوف. لم يكن هؤلاء مجرد تجار، بل رحّالة بمرتبة خاصة لا نظير لها في أنحاء الجزيرة.
كانوا يعبرون الجغرافيا بسلعة واحدة وثقافات متعددة، يعقدون الصفقات وينسجون العلاقات، يبيعون ويشترون، لكنهم في الوقت نفسه كانوا ينقلون صورة متكاملة عن المكان الذي جاؤوا منه.
دخلوا مدن الشام، وبغداد، والقاهرة، وسافروا إلى الهند لا كمجرد أفراد يسعون وراء الرزق، بل كوجهاء يمثلون منطقتهم ومجتمعهم، حتى أصبحوا سفراء غير رسميين للجزيرة العربية وهويتها. بلباسهم النجدي وسلوكهم المتزن، تركوا أثرًا يتجاوز التجارة، ونسجوا ذاكرة خالدة في المجتمعات التي مرّوا بها.
ورغم أن المسارات الفيزيائية لتلك القوافل قد توقفت، فإن رحلتها لم تُغلق، فمفهوم “الاتحاد التجاري والاقتصادي العابر للحدود” الذي مارسه العقيلات، كان يحمل في جوهره ملامح ما يُعرف اليوم بـ”الاندماج الإقليمي” و”الدبلوماسية الاقتصادية”.
كان اقتصادهم متنقلًا، لا يرتبط بمكان، لكنه متجذر في الانتماء، رفيع في مستوى التمثيل. ومن خلال حركتهم، أنشأوا شبكات غير رسمية للتبادل، والتفاهم، والتأثير الثقافي والاقتصادي.
وفي السياق الحديث، حيث أصبحت السياحة أداة دبلوماسية واقتصادية عالمية، من النادر أن نجد مفهومًا جديدًا لم تمارسه الجزيرة العربية (وتحديدا من مناطق المملكة العربية السعودية اليوم)، ولو بشكل فطري. وحين توجد جهة دولية تُعنى بتطوير السياحة، وتتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع الأهداف التنموية والتفاهمات السياسية، فإنها، في جوهرها، تمثل امتدادًا عصريًا لتلك القوافل التي كانت تختار المسار قبل الوجهة، وتبني الثقة قبل التبادل.
لم ينقطع الخيط بين الأمس واليوم، بل أُعيد غزله بلغة جديدة. لقد صار التمثيل لا يتم على ظهور الإبل، ( بل ينطلق من كل أرجاء السعودية)، فأضحت المنظمات الدولية، منصات تتقاطع الجغرافيا مع القرار، وتندمج الدبلوماسية بالاقتصاد. لكن المعنى بقي ثابتًا: التمثيل، الانتقال، الاقتصاد، وحضور الإنسان كجسر بين ثقافتين.
ومن رمزية القدر، أن أبناء وبنات تلك الديار، الذين حملوا الهوية في أسواق الشام والقاهرة وبغداد والهند، عادوا اليوم ليحملوها في أروقة المنظمات الدولية، سفراء لقيمهم واقتصادهم وثقافتهم، وإن اختلفت الوسائل.
فإذا سُئلنا: هل نحن دخلاء على السياحة؟
فلعل التاريخ وحده يكفي ليجيب بلغة أبلغ من الكلام .
المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة السياحة العالمية . مدريد، إسبانيا.
القصيمالسياحة السعوديةالسياحة العالميةبسمة بنت عبدالعزيز الميمانقد يعجبك أيضاًNo stories found.المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: القصيم السياحة السعودية السياحة العالمية
إقرأ أيضاً:
منافسات قوية في اليوم الثالث من العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية
البلاد (الرياض)
تواصلت فعاليات العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة في مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية بديراب، حيث شهد اليوم الثالث منافسات حافلة في فئات المهرات عمر (3) سنوات، والأفراس لأعمار (4–6) سنوات، و(7–9) سنوات، و(10) سنوات وما فوق، وسط حضور واسع من المهتمين وتفاعل لافت من محبي الخيل العربية، في دلالة على قوة المشاركة واتساع قاعدة المنافسين في هذه النسخة. وجاءت بداية المنافسات مع فئة المهرات أعمار (3) سنوات، حيث شهدت المجموعة الأولى تفوق المهرة أريانا اتش إي لمربط المدرع بحصولها على المركز الأول، تلتها أميرة اليمين لقيصر العرب في المركز الثاني، ثم لولوه رغوان لمربط رغوان في المركز الثالث، وفي المجموعة الثانية، حققت المهرة لولوة العاليات لعبدالله العبيد المركز الأول، تلتها دي رايه لمربط الراجحية في المركز الثاني، ثم إس إم مدرّه لمربط النو في المركز الثالث. وفي فئة الأفراس أعمار (4–6) سنوات، واصلت المنافسات حضورها القوي، إذ حققت في المجموعة الأولى الفرس مزون الدرعية لمسفر الهاجري المركز الأول، تلتها بي اتش إن غنايم لبدر الهملان في المركز الثاني، ثم لولوه الرفاع لمربط الصياقل في المركز الثالث، وفي المجموعة الثانية، جاءت دي دنياي لمربط القريان في المركز الأول، تلتها أسماء مزنه لفلاح العجمي في المركز الثاني، ثم ميار العمرية لمربط العريب في المركز الثالث، وشهدت المجموعة الثالثة تفوق الفرس إيكو إنستازجا لمربط هورايزن بالمركز الأول، و نوف عذبة لمربط عذبة في المركز الثاني، ثم إكسالتيد إمبارس جي إن كي لمربط النصار في المركز الثالث. وفي فئة الأفراس أعمار (7–9) سنوات، جاءت المجموعة الأولى بتفوق الفرس زهرة العناية لمربط اليمين في المركز الأول، و إس إم جي إيفانا لمربط إيحاء في المركز الثاني، ثم رويال أصيلة لمربط FRD في المركز الثالث، وفي المجموعة الثانية، حققت الفرس دي غرام للخيالة السلطانية المركز الأول، و ذاخرة عذبة لمربط المناف في المركز الثاني، ثم رشيدية الخشاب لمربط الأهلية في المركز الثالث. وفي فئة الأفراس أعمار (10) سنوات وما فوق، حققت في المجموعة الأولى الفرس جمانة دي إي أل بالازوتو لمربط كيو أم المركز الأول، تلتها اكسبكتيشن لمربط السيد في المركز الثاني، ثم أجا سلينا لمربط البارقة في المركز الثالث، وفي المجموعة الثانية، جاءت كاب بيانكا لعزام القاسم في الصدارة، تلتها ع ج رهيدا لمربط الصياقل في المركز الثاني، ثم ماي هوز ذات قيرل لمربط الخشاب في المركز الثالث. وبلغ عدد الخيل المتوّجة اليوم (90) ، فيما تأهل (18) جوادًا لمرحلة نهائيات البطولة، وبلغ عدد المرابط المتوّجة (79) مربطًا، مقابل (16) مربطًا تمكنت من التأهل. وتتواصل فعاليات العرض الدولي على مدى خمسة أيام، ضمن نسخة تُعد من الأكبر والأكثر تنافسية، بمشاركة مرابط محلية ودولية تعكس أهمية الخيل العربية ومكانتها المتنامية في المملكة.