وصف ضابط استخبارات إسرائيلي سابق سماح إسرائيل المحدود بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة بأنه نتيجة "فشل إسرائيلي مستحق" منتقدًا بشدة ما اعتبره تخبطًا إستراتيجيًا لحكومة بنيامين نتنياهو وعجزًا عن تسويق الحرب للعالم بل وحتى للمجتمع الإسرائيلي نفسه.

وفي مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت، اعتبر مايكل ميلشتاين، وهو رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، أن "الهجوم الخاطف" للمساعدات الإنسانية التي تكثفت في الأيام الأخيرة يعكس "فشلاً ذريعا في إدارة المعركة في غزة" مشيرًا إلى أن هذا النشاط  الذي يشمل إسقاط المساعدات من الجو وفتح المعابر وربط منطقة المواصي بالمياه وفتح ممرات إنسانية "لا يأتي في إطار أي اتفاق مع حماس، بل كمبادرة إسرائيلية، يترافق معها كالمعتاد سيل من الانتقادات من داخل الائتلاف الحكومي نفسه".

كما أكد أن الخطأ الأكبر هو تفسير هذا التراجع بأنه مجرد "فشل في الهسبراه" (الدعاية الإسرائيلية) مؤكدًا أن "المشكلة ليست في إقناع العالم بأنه لا توجد مجاعة في غزة، بل في تفسير لماذا توجد؟".

وأضاف ميلشتاين قائلا إنه "إن لم تكن هناك مجاعة، فلماذا تبذل إسرائيل هذا الجهد الضخم لإطعام السكان؟". ورأى أن "إسرائيل باتت بلدا غير مفهوم لمعظم العالم، بسبب غياب خطة إستراتيجية أو سياسية منظمة، والاعتماد فقط على القوة العمياء".

ما الذي نفعله في غزة؟

وهاجم الضابط السابق رواية الحكومة التي تربط كل عملية عسكرية بفرضية أن "المزيد من القوة" سيجبر حماس على التراجع عن شروطها، سواء فيما يتعلق بالإفراج عن الرهائن أو بالانسحاب الإسرائيلي من غزة، في حين أن "حماس تثبت مجددًا أنها مستعدة للذهاب إلى أقصى الطريق لإفشال ذلك".

وأضاف أن صناع القرار في إسرائيل يواصلون "التجارب الفاشلة" معتبرا أن الفشل لا يقتصر على إدارة المعركة بل يمتد إلى مشاريع "الهندسة الاجتماعية" ومحاولات اختلاق واقع جديد في غزة، مثل دعم المليشيات والعشائر المحلية كبديل لحماس، وهو ما اعتبره "جانبًا مظلمًا من السياسة الإسرائيلية" موضحا أن هذه الجماعات يُنظر إليها من قبل الغزيين على أنها "متعاونة مع الاحتلال" ويُطلق عليهم لقب "جيش لحد" في جنوب لبنان.

إعلان

وأشار ميلشتاين إلى أن آلية المساعدات الإنسانية الجديدة المتمثلة بمراكز توزيع المساعدات التي يشرف عليها الجيش الإسرائيلي "أصبحت رمزًا للفشل" مشبها إياها بمشروع غربي العقلية، الذي وُلد من تخطيط بعيد عن الواقع الميداني، ونُفذ بشكل اعتباطي، دون التأكد ممن يستلم المساعدات، ودون بنية توزيع منظمة، مما حولها إلى بؤر للفوضى، بدلًا من أن تكون جزءًا من إستراتيجية واضحة.

ورأى أن القيادة الإسرائيلية تروج لـ"نجاحات ظاهرية" في حملات علاقات عامة موجهة للجمهور المحلي، وتزرع التفاؤل الوهمي، بينما على الأرض يتسع الفارق بين الوعود والواقع، قائلاً "في محاولة لملء هذا الفراغ، تُطرح أفكار هلوسية تم تسويقها على أنها مشاريع إستراتيجية".

ومن بين تلك المشاريع، انتقد الضابط السابق ما يُعرف بمشروع "المدينة الإنسانية" في جنوب غزة، والمخططات المستوحاة من رؤية يمينية دينية، تشمل "الإخلاء الطوعي" للفلسطينيين وإعادة الاستيطان في القطاع، مؤكدًا أن هذه التصورات "تثير الخوف من انفصال الحكومة عن الواقع".

انتقاد لوسائل الإعلام

ودعا ميلشتاين وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أداء دور نقدي حقيقي، وعدم الاكتفاء بترديد تصريحات الحكومة ونقل الرسائل الدعائية، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لـ"تعلم دروس 7 أكتوبر، وألا يُمنع النقد بذريعة أنه يضعف الروح الوطنية".

وأكد أن "الفصل الحالي من الحرب (عملية عربات جدعون) ما هو إلا تكرار أكثر شدةً وكلفةً للعملية التي نُفذت في شمال القطاع قبل وقف إطلاق النار الماضي، مع نتائج متشابهة: خسائر كبيرة دون تغيير حقيقي في الواقع، مما يعيد إسرائيل إلى نفس المفترق الإستراتيجي الذي تهربت منه مرارًا" وهو التصور السياسي لما بعد الحرب حسب رأي الضابط السابق.

واختتم ميلشتاين مقاله بتحذير صريح "إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما: إما احتلال كامل للقطاع والتخلي عن الرهائن، أو التوصل إلى ترتيب يتضمن وقف القتال والانسحاب. أما ما بينهما، فليس سوى أوهام مدمرة تُطيل أمد الحرب، وتزيد من عدد الضحايا، وتضاعف معاناة المختطفين، وتسيء لمكانة إسرائيل عالميًا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات فی غزة

إقرأ أيضاً:

قوافل مساعدات تدخل غزة من مصر… وإنزال جوي إسرائيلي في ظل هدنة مؤقتة

بدأت في الساعات الأولى من صباح الأحد، شاحنات المساعدات الإنسانية بالتحرك من مصر باتجاه قطاع غزة عبر معبر رفح، وفق ما أفادت به وسائل إعلام مصرية، وتحمل الشاحنات مواد غذائية ومستلزمات تأهيل البنية التحتية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأوضاع الإنسانية في القطاع.

وأظهرت مقاطع فيديو استعداد الشاحنات المصرية للدخول إلى غزة، في ظل تنسيق بين الجهات المصرية والجهات الدولية المعنية.

في السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد أنه، بناءً على توجيهات المستوى السياسي، قام الليلة الماضية بإنزال مساعدات إنسانية في قطاع غزة بالتعاون مع منظمات دولية ووحدة تنسيق أعمال الحكومة. وشملت عملية الإنزال سبع منصات مساعدات تحتوي على الطحين والسكر ومعلبات غذائية.

وتأتي هذه الخطوات بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي مساء السبت عن بدء هدنة إنسانية وتعليق مؤقت للأعمال العسكرية في عدد من المناطق المكتظة بالسكان في قطاع غزة، وذلك اعتباراً من الأحد 27 يوليو 2025 عند الساعة العاشرة صباحاً وحتى ساعات المساء، وجاء هذا القرار بعد محادثة هاتفية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الخارجية جدعون ساعر وكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية.

وأكد المتحدث باسم الجيش أن التعليق المؤقت يستهدف تسهيل مرور قوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتوزيع المساعدات الغذائية والطبية، مع تحديد ممرات آمنة لهذه القوافل.

وأضاف أن الجيش سيواصل عملياته في المناطق الأخرى لتطهيرها وتعزيز جهود تحييد العناصر والبنى الإرهابية، مشدداً على استمرار القتال حتى إعادة المختطفين وحسم المواجهة مع حركة حماس.

وأشار البيان إلى أن الجيش، بالتعاون مع شركة الكهرباء الإسرائيلية، ربط خط “كيلع” الكهربائي لتغذية محطة تحلية المياه الجنوبية، التي ستوفر ما يقارب 20 ألف متر مكعب من مياه الشرب يومياً لنحو 900 ألف شخص، بدلاً من 2000 متر مكعب فقط سابقاً.

وأكد الجيش أن حملة “التجويع” ضد غزة غير صحيحة وأن مسؤولية توزيع المساعدات تقع على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، مع دعوة لتحسين فعالية توزيع المساعدات وضمان عدم وصولها إلى حماس.

مقالات مشابهة

  • النجف.. أحكام بالسجن على أفراد عصابة يتزعمها ضابط استخبارات ونجل مسؤول حكومي
  • في حادثة يُشتبه بأنها انتحار.. وفاة ضابط احتياط إسرائيلي حدد هويات قتلى هجوم 7 أكتوبر
  • يديعوت أحرونوت: عزل ضابط إسرائيلي لرفضه تنفيذ مهمة بغزة
  • حكومة غزة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة ومصيرها
  • تضليل إسرائيلي بشأن مساعدات غزة.. ومطالبات بفتح معبر رفح (شاهد)
  • توقيف ضابط استخبارات فرنسي سابق بتهمة إدارة شبكة استغلال جنسي للأطفال عبر الإنترنت
  • توقيف ضابط فرنسي سابق بتهم اعتداءات جنسية على أطفال بأفريقيا
  • إعلام مصري: شاحنات مساعدات تتجه نحو الحدود الإسرائيلية وتبدأ دخول غزة
  • قوافل مساعدات تدخل غزة من مصر… وإنزال جوي إسرائيلي في ظل هدنة مؤقتة