ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور أسامة الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ودار موضوعها حول “الصدق ومواجهة الشائعات”.

خطيب الجامع الأزهر: هدف ترويج الشائعات هو ضرب وحدة صف الأمة.. فيديوبث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر ومسجد مصر

وقال الدكتور أسامة الحديدي، إن الرهان على وعي أبناء الأمة، هو الأمل الذي تعقد عليه آمال مواجهات التحديات التي تمر بها الأمة، مبيناً أنه علينا أن نعرف أن المواجهة تبدأ من الفرد ثم الأسرة، ثم المجتمع، كل منا يقوم بأداء مهامه وواجباته نحو دينه وأمته التي قال فيها المولى عزّ وجلَّ: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن الخيرية هذه كانت ركيزتها الإيمان واليقين بالله، فمواجهة تلك المخاطر لا تكون بترويج الشائعات التي أصبحت من حروب هذا العصر، ومن أجندات خارجية، ليصنعوا لها أخباراً كاذبة، ويروجون الشائعات حتى يضربوا وحدة الأمة، ويفرقوها ويمزقوا شملها، داعياً كل فرد إلى أن يكون صادقا مع نفسه، ومع أبنائه وأسرته، مؤمنا بالله مخلصا للدين وللوطن، فالمولى عز وجل يعلمنا أن نواجه مثل هذه التحديات بأن نكون على يقين وإيمان تام بالله، وأن نتمسك بحبله المتين، وبالأخلاق الصالحة التي جاء النبي ﷺ ليتممها للأمة حينما قال ﷺ: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

كما أشار فضيلته إلى أن أعظم تلك المكارم التي نواجه بها تلك التحديات، خلق الصدق، بأن يكون الإنسان صادقا مع نفسه وأهله، ومجتمعه وأسرته، مع الجميع في كل أوقاته، يكون في ذلك نصرة للدين والأمة تطبيقا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾. فالشائعات التي تروج لضرب استقرار الأمة والوطن واتهام الناس بالكذب والافتراء عليهم، يقصد بها بلد بعينه، أو شخص بعينه، أو مؤسسة بعينها، أو حي أو دائرة،  أو حتى أسرة من الأسر، لاتهامهم على سبيل الزيف والكذب، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾. ومعنا سلاح بينه لنا الله عز وجل، ووجه إليه النبي ﷺ هو الصدق والتحقق من الأخبار يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ﴾، ولم يكن النبي يوجه القول في جيل الصحابه فقط، بل في جميع الأمة المحمدية حتى قيام الساعه، وعلينا أن نهتدي بهديه وسنته وأخلاقه التي علمنا إياها يقول تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾، مضيفا أن الصدق صفة من صفات أنبياء الله أجمعين قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾، ويقول أيضاً: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾، ثم يأمرنا ربنا بالصدق ويبين لنا أن عزّ الأمة وتمكينها لن يكون إلا بالصدق، قال تعالى: ﴿منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، فالصدق أقوى سلاح في يد المؤمنين لمواجهة أعدائهم، صدق مع النفس والخلق، في القول وفي العمل، وفي النية، وهو محرك ضمائر الإنسان نحو العمل والجد والاجتهاد حتى يقدم الإنسان كل ما هو حسن لصالح وطنه وأمته جميعا.

وضرب فضيلته بذلك مثالاً:  هناك أحد أراد أن يخذل القول، ويشتت وحدة أصحاب النبي ﷺ حتى يدب الخلاف بينهم، ويتفرق شملهم وجمعهم، وتتقطع أوصالهم، فقام أحد من الصحابة وأخبر النبي ﷺ بما فعله ذلك الرجل حتى لا يدب شره في المجتمع. فهذا من باب التحقق من الأخبار والشائعات. وكان النبي ﷺ يوم حنين يقوم بتقسيم الغنائم وعندما عاد إلى المدينة المنورة جاءه عباده بن الصامت ليخبره أن هناك شيئا ما يدور بين الناس في المدينة يكاد أن يشتت شملهم ويفرق جمعهم، فأمره النبي ﷺ بأن يجمع الناس لأنه ﷺ أراد أن يواجه تلك الشائعات، وأن يقف لها بالمرصاد حتى لا يكون هناك مجال لإضعاف ضوابط الأمة وثوابتها، فخطب فيهم النبي ﷺ، ثم سألهم: ما مقالة بلغتكم بلغتني عنكم؟ أوجدتم في أنفسكم وجدة؟ ثم دعا لهم، موضحاً أن هذا نستفيد منه أنه إذا وجدنا من يشيع خبرا لا أساس له من الصحة علينا أن نواجهه بالرفق واللين.

طباعة شارك خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر الدكتور أسامة الحديدي الشائعات الصدق

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر الدكتور أسامة الحديدي الشائعات الصدق الجامع الأزهر النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

بنعمة النظر والإمعان.. خطيب المسجد الحرام: الله خلق الإنسان وحلاه

قال الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا خَلَقَ الإِنسانَ وكَرَّمَهُ، وَمَازَهُ وفَضَّلَهُ، زَيَّنَهُ بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَحَلَّاهُ بِنِعْمَةِ النَّظَرِ والإِمْعَانِ.

حلاه بنعمة النظر والإمعان

وأوضح "بليلة" خلال خطبة الجمعة الثالثة من شهر ربيع الآخر اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه تعالى جَعَلَ كمالَهُ بِقَدْرِ مَا حَصَّلَ مِن التَّقْوَى والاتزانِ، وَنُقْصَانَهُ بِقَدْرِ مَا اتَّصَفَ بِهِ مِنَ الخِفَّةِ والعصيان.

وأضاف أنَّ مِن أَعظَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى كمال عقْلِ المَرْءِ ونُضْجِهِ، بَلْ، وعلَى وَرَعِهِ وَدِينِهِ، اشْتَغَالَهُ بِمَا يَعْنِيهِ، وَبُعْدَهُ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ، فَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٌّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ، تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ.

واستشهد بما قالَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "وقَدْ جَمَعَ النبيُّ الوَرَعَ كُلَّهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ"، فَهَذَا يَعْمُ التَّرْكَ لِمَا لَا يَعْنِي مِنَ الكَلَامِ، والنَّظَرِ، وَالاسْتِمَاعِ، وَالبَطْشِ، وَالْمَشْيِ، وَالْفِكْرِ، وَسَائِرِ الحَرَكَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، فَهَذِهِ الكَلِمَةُ شَافِيَةٌ فِي الوَرَعِ".

حسن الإسلام

وأفاد بأن المَقْصُودُ بِحُسنِ الإِسلام في هذا السياق، مشيرًا إلى أن ما يعني المرءَ، هُو كُلُّ ما يَهُمُّهُ ويَنْفَعُهُ ويُضِيفُ إلى حياتِهِ الدِّينِيَّةِ قِيمَةً وَفَائِدَةً وَثَوَابًا، مِمَّا يُقَرِّبُهُ إِلى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، مِنَ العلمِ النَّافِعِ، والعَمَلِ الصَّالِحِ.

وتابع: وكَثَرَةِ الذِّكْرِ، وقراءة القرآنِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، ونوافل العبادات، والإحسان إلى الخَلْقِ، وإِلى حَيَاتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ، مِن مَصَالِحِهِ الَّتِي لَا تَسْتَقِيمُ الحياةُ إِلَّا بها، مِنَ الكَسْبِ الحَلالِ، وَالقِيامِ عَلَى شُؤُونِ الأَهْلِ والأَبْنَاءِ، وَمَا هُوَ مِنْ صَمِيمِ مَسْئُولِيَّتِهِ، تُجَاهَ وَطَنِهِ ومجتمعه.

وأشار إلى أن مَا لَا يَعْنِي المَرْءَ- عِبَادَ الله- هُوَ كُلُّ مَا لَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَلا دُنْيَاهُ، وَفِي الاشْتِعَالِ بِهِ مَضْيَعَةٌ لِلأَوقَاتِ، وتفويت للحسَناتِ، وكَسْبٌ للسَّيِّئَاتِ، مِنَ الكَلَامِ فِي شُؤُونِ الآخَرِينَ، والتَّنْقِيبِ عَن أحوالهم.

واستطرد: والتدخُلِ فِي خُصُوصِيَّاتِهِم، الَّتِي تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وكثرَةِ الجِدَالِ والمِرَاءِ، وَتَتَّبِعِ العَوْرَاتِ وَالعُيُوبِ، مِمَّا لَا يَحِلُّ رُؤْيَتُهُ وَلَا سَمَاعُهُ، فَالسَّلَامَةُ لَا -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ".

المستشار مؤتمن

ونبه إلى أنه مما يَنْبَغِي أَن يَحْرِصَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ هو تَرْكُ فُضُولِ الكَلامِ فِي غَيْرِ فَنْهِ وَتَخَصُّصِهِ، وَأَن يَدَعَ إِبْدَاءَ رَأيهِ فِي كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، وَكُلِّ حادِثَةٍ ومُلِمَّةٍ، وَكُلِّ نَازِلَةٍ مُسْتَجَدَّةٍ، فَلِلسِّيَاسَةِ أهلها، ولِلفَتَاوَى أهلها.

وأردف: وللقضاء أهله، وللاقتصاد أهله، وللطَّبِ رِجَالُهُ، وَلِكُلِّ تَخَصُّصِ فُرسانُهُ، واحتِرَامُ التَّخَصُّصِ مَبْدَأَ عقلي، ومَقصَدٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ مِن تَرْكِ مَا لَا يَعْنِي العَبْدَ، يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أَبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْتَدِهِ.

وأكمل: وزادَ بَعْضُهُم: "وَأَقْضَاهُم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم أَجْمَعِينَ"، وَجَعَلَ مَلَائِكَةٌ تَسِيحُ فِي الْأَرْضِ تَلْتَمِسُ حِلَقَ الذِّكْرِ، فِي أَعْمَالِ وَتَخَصُّصاتٍ لَا تُحْصَى، وَلَو شَاءَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِحِكْمَتِهِ وَإِرادَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ وقُدْرَتِهِ، لَجَعَلَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ تَحْتَ تَصَرُّفِ مَلَكٍ وَاحِدٍ، لَفَعَلَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ؛ لَكِنَّهُ التَّعْلِيمُ الإِلَاهِي، وَالتَّوْجِيهُ الرَّبَّانِي.

وبين أنَّ مِمَّا يُعِينُ عَلَى هَذَا البَابِ مِنَ الأَدَبِ وَالوَرَعِ، أَن يَعْلَمَ العبدُ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِكُلِّ لَفْظَةٍ يَقُولُهَا، محاسَب عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَنْطِقُ بها، مُجازى عَلَى كُلِّ عِبَارَةِ يُسَطِّرُهَا، فِي أَيِّ مَجَالِ كَانَ، وَعَلَى أَي وَسِيلَةٍ كَانَتْ، مَرْئِيَّةً، أَو مَسْمُوعَةً، أَو مَقْرُوعَةً، فالسَّعِيدُ مَن راقَبَ رَبَّهُ، فَأَمْسَكَ عَلَيْهِ لسانه، واشْتَغَلَ بِخَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَتَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ.

طباعة شارك خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام بليلة خطبة الجمعة من المسجد الحرام حلاه بنعمة النظر والإمعان

مقالات مشابهة

  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: البحار شاهد حي على الإعجاز العلمي في القرآن
  • لا طرد ولا شكوى.. الزمالك ينفي كل الشائعات ويؤكد استقرار أوضاع اللاعبين المالية
  • الأزهر يواصل استقبال طلبات المشاركة في مسابقة حفظ القرآن الكريم لذوي الهمم
  • علي جمعة: النبي ﷺ كان يستحق مكانته عند الله تعالى ومحبتنا له
  • الجامع الأزهر يعقد المجلس الحديثي اليوم ويتناول قراءة كتاب عمدة الأحكام
  • خطيب المسجد النبوي: اللهم انصر فلسطين على الصـ..هاينة
  • أشد العوائق عن السير إلى الله وبلوغ مغفرته.. خطيب المسجد النبوي يحذر
  • بنعمة النظر والإمعان.. خطيب المسجد الحرام: الله خلق الإنسان وحلاه
  • خطيب المسجد النبوي: الاستغفار والتوبة أرجى القربات وأعظم العبادات لنيل الثواب
  • علي جمعة: حب النبي ﷺ من محبة الله تعالى