«مصر بلا غارمات».. فك الكرب ولمّ شمل الأسرة
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
لم تكن تتخيل أن ينتهى الحال بها يوماً لأن تصبح نزيلة فى واحد من مراكز الإصلاح والتأهيل التابعة لوزارة الداخلية، 9 أشهر قضتها خلف الأسوار، كل شهر منها مر عليها كعام كامل، ولكن كيف لها أن تصبر على باقى سنوات العقوبة.
تتذكر فاطمة السيد، من إحدى قرى مركز ومدينة فايد فى محافظة الإسماعيلية، ما حدث لها قبل عام ونصف العام، إذ تعرضت للحبس بسبب استدانتها من أحد الأشخاص مبلغاً مالياً لشراء أجهزة كهربائية لإكمال زواج شقيقتها الصغرى، إلى جانب دين آخر كان عليها لتاجر الأجهزة، تحكى لـ«الوطن»: «سدّدت جزءاً للتاجر، لكنه قرر تقديم إيصالات الأمانة للنيابة، وبمجرد صدور الحكم علىّ بالحبس قدّم الشخص الدائن هو الآخر إيصال الأمانة، لأجد نفسى أمام قضيتين مختلفتين وعلىّ سداد مبلغ 36 ألف جنيه».
لم يكن باليد حيلة، فقضت «فاطمة» 9 أشهر فى السجن من ثلاث سنوات هى مدة العقوبة فى إيصال الأمانة الأول: «كنت بادعى ربنا فى كل ليلة يرفع عنى البلاء، وإنه يسخر لى اللى يقف جنبى ويفك كربى، ويسدّد جزءاً من ديونى، كان نفسى أخرج لأولادى وأسرتى، وحشونى».
تابعت: «فاكرة كلام المحامى فى أول جلسة محاكمة، قال لى موقفى صعب لاتهامى من شخصين مختلفين بعدم تسديد الفلوس، لكن زوجى استطاع الوصول إلى إحدى مؤسسات التحالف الوطنى للعمل الأهلى، اللى تدخلت وسدّدت عنى الدين ضمن مبادرة الرئيس (سجون بلا غارمات) وخرجت الحمد لله لأسرتى فى مارس الماضى».
«قابلت الكثير من الحالات زيى فى السجن، اللى استدانت بسبب زواج بناتها، أو بسبب مرض حد من أفراد الأسرة، وانتهى بيهم الأمر خلف الأسوار، لكن الدنيا لسه بخير، كل شهر تقريباً كان فيه حالات بتخرج بعد تسديد إحدى المبادرات أو الجمعيات ديون الغارمات أو بعفو من الرئيس السيسى، وحقيقى اللحظة بين الأسرة تستاهل مليون شكر كل يوم لله أولاً وللرئيس اللى كان سبب فى فك كربنا».
هناء عبدالحميد، سيدة فى الأربعينات من عمرها، اضطرت هى الأخرى إلى الاقتراض لتسديد جزء من مستحقات جراحة عاجلة لزوجها الذى تعرّض لحادث كبير فى أثناء عودته من عمله على طريق الإسماعيلية السويس الصحراوى، غير أن دين «هناء» تم سداده قبل إلقاء القبض عليها لتنفيذ حكم الحبس: «زوجى تعرّض لحادث مرورى بعد اصطدام سيارة ملاكى بدراجته النارية قبل عدة أعوام، واحتاج إلى تدخل جراحى فى العمود الفقرى، لإنقاذه من شلل مُحقّق، واضطرينا وقتها لحجزه فى مستشفى خاص، ودلنى أحد الأشخاص على شخص أقرضنى مبلغ 18 ألف جنيه بشرط تسديده بفوائد 25%، فلم أستطع السداد بسبب تحمّلى نفقات المنزل وعدم قدرة زوجى على العمل».
قدّم الدائن إيصالات الأمانة وحصل على حكم بحبسها، فلم تجد «هناء» أمامها ملجأً إلا مؤسسة مصر الخير، أملاً فى الاستفادة من مبادرة «مصر بلا غارمات»، فقبلوا أوراقها وسدّدوا دينها: «لو كنت دخلت السجن، أولادى كانوا هيضيعوا، مين كان هيصرف عليهم، وأبوهم مريض لا يستطيع العمل»، وفّر التحالف الوطنى للعمل الأهلى مشروعاً صغيراً لـ«هناء» فى قريتها تعمل به حالياً لمساعدتها فى تربية أبنائها: «أعظم خير إنك تفك كرب إنسان احتار دليله، وفك كرب الغارمات من أعظم مبادرات الدولة والرئيس السيسى».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المبادرات الرئاسية حياة كريمة تكافل وكرامة
إقرأ أيضاً:
عبادة سهلة تدل على حسن إسلام العبد.. تعرف عليها
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هناك الكثير من الناس يتصدّرون في غير موضعهم، ويتكلمون في غير فنّهم، فيهرف أحدهم بما لا يعرف، ويتحدث فيما لا يُحسن، وكل ذلك محسوب عليه لا له.
واستشهد علي جمعة، بقول سيدنا رسول الله: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»، وهو أدب رفيع، قلّ أن نراه في حياتنا، حيث ترى كثيرًا وقال: «كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لاَ لَهُ، إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ ذِكْرَ اللَّهِ».
حسن إسلام المرءوتابع: فقد تعجب قومٌ من ذلك عند سفيان الثوري رحمه الله، فقال لهم: لِمَ التعجُّب؟! إن الله تعالى يقول: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114]، وقال سبحانه: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: 38]. فاستدل سفيان بالقرآن على صحة الحديث، وردَّ العجب الذي قد يفضي إلى إنكاره، فإن كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا في هذه الثلاثة.
وعندما يقول: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، فهي كلمة جامعة تربي الإنسان على الأدب مع الله. وقد ورد عن سيدنا أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي عن صحف إبراهيم، فقال: «عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ» [ابن حبان].
وأوضح أن هذا هو العاقل: يشتغل بما يعنيه من أمر دينه لا بما يعنيه من أمر دنياه، ويستحي من الله. ويقول: «الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».
الحياء من اللهوذكر علي جمعة، أن هذه هي حقيقة الحياء من الرب سبحانه وتعالى: أن تحفظ الرأس وما وعى، وتأمّل في بلاغته، إذ لم يقل: احفظ عينك من النظر الحرام، ولسانك من القول الحرام، وأذنك من السمع الحرام، وأنفك من الشم الحرام، بل قال: *الرأس وما وعى*، ليشمل الفكر والتخطيط الحرام.
وأكد أنه ينبغي عليك أيها المسلم أن تنزه باطنك، وتطهّره لله حياءً منه، وأن تأكل الحلال فتحفظ البطن وما حوى؛ فقد قال: «أطِبْ مَطْعَمَك، تكن مُستجابَ الدعوة».
وأضاف أن أن تذكر الموت، فإن من ذكر الموت لا يتفسق، بل يكون على ذكر من ربه. وأن تتفكر في البلى، فما من شيء باقٍ في هذه الدنيا: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ \* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26–27]، فارجعوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة؛ يأمر بالمعروف، ويدعو إلى الجمال، ويحضّ على النظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وسوء الأدب.