هل حاول الحوثيون تعكير الاحتفال بذكرى استقلال اليمن؟
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
أثار مصادرة جماعة الحوثي الأعلام اليمنية خلال الاحتفالات بذكرى قيام الجمهورية -بعد إسقاط النظام الملكي في 26 سبتمبر/أيلول 1962- تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بين مندد ومبرر.
وبث برنامج "شبكات" في حلقته بتاريخ (26/9/2023) مقطع فيديو يظهر خروج مواطنين يمنيين في شوارع صنعاء للاحتفال بالأعياد الوطنية، حيث أقام الحوثيون حواجز أمنية لنزع الأعلام الوطنية من السيارات دون مراعاة مشاعر المحتفين.
وفي حين نفى رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التابعة للحوثيين نصر الدين عامر أن يكون الأشخاص الذين ظهروا بالفيديو تابعين للأجهزة الأمنية، تداول ناشطون مقاطع أخرى تُظهر أفرادا مسلحين بزي عسكري يقومون بنزع الأعلام من السيارات.
وبحسب وسائل إعلام يمنية، فإن جماعة الحوثي اعترضت السيارات التي تحمل الأعلام الوطنية وأجبرت المواطنين على إنزالها تحت تهديد السلاح، كما فرّقت محتفلين في مدينة إب بإطلاق النار.
بدوره، نقل موقع "المشهد اليمني" عن مصادر قولها، إن الحوثيين أصدروا توجيهات في وقت سابق بمنع إخراج أي أعلام وطنية، علاوة على منع محلات الطباعة والخياطة من إنتاج أعلام وطنية.
تفاعل واسع
ولأن المناسبة عزيزة على قلوب اليمنيين كان التفاعل كبيرا وقياسيا، وسط تنديد قطاع لا يستهان به بإجراءات الحوثيين على أرض الميدان، في حين ذهب البعض إلى اعتبار أن ما حدث يندرج في سياق أعمال شغب وإخلال بالأمن العام.
أنيس الشريك ألمح إلى أن الحوثيين سيعمدون إلى طمس ما حدث من خلال ملاحقة المصورين للمقاطع التي نشرت مع تجاهل من صادروا الأعلام، وقال: "ستلقوا (ستلقون) القبض على المصور، أما من قام بذلك فهي أطقم وعسكر معروفين".
ورفض عمار الشرعبي ما يتم ترويجه وتداوله لوأد الحقيقة، وأشار إلى أن "في إب حدثت ملاحقات.. في صنعاء إهانة علم الجمهورية اليمنية.. التبريرات والمغالطات ما تنفع".
أما وليد عبد الملك فقد اتخذ منحى مغايرا للتعليق على ما جرى، واعتبر ما حدث في محافظة إب هو "أعمال شغب وقطع للطريق.. ومن تسول له نفسه في إقلاق السكينة العامة سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حسب القانون والنظام".
وفي محاولة منه لاستعراض ما يقوم به الحوثيون على أرض الميدان والقتال الدائر في اليمن منذ سنوات، قال الأشتر إن "الوطنية الحقيقية ليست في رفع الأعلام بل الوطنية في الدفاع عن تراب هذا الوطن".
لكن حكيم السعدي كان له رأي مغاير، وطالب بوجود "احتفال كبير في السبعين (ميدان) مع عرض عسكري ومدني إذا كان هناك وطنية صادقة".
يذكر أن الاحتفالات بـ"ذكرى سبتمبر" في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية بقيادة معين عبد الملك وتحديدا بمحافظتي تعز ومأرب كانت مغايرة حيث رفعت الأعلام اليمنية عاليا وأوقدت شعلة الثورة مع إطلاق الألعاب النارية بكثافة وسط أفراح كبيرة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن صنعاء الحوثي العلم الوطني
إقرأ أيضاً:
سماء اليمن تُسقط هيبة الطائرات الأمريكية: “أم كيو 9” تفقد سيادتها أمام الدفاعات الجوية اليمنية
يمانيون../
نشرت صحيفة Business Insider الأمريكية تقريرًا تحليليًا موسعًا للكاتب المتخصص في الشؤون الدفاعية مايكل بيك، حمل عنوانًا لافتًا: “عهد طائرات MQ-9 Reaper يشارف على النهاية”، حيث استعرض فيه التحولات المتسارعة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، مُسلطًا الضوء على التراجع الكبير في فاعلية الطائرات الأمريكية الثقيلة وعلى رأسها “ريبر”، التي كانت تمثل لسنوات طويلة رمزًا للهيمنة الأمريكية في الحروب الحديثة.
وفي مقدمة التقرير، اعتبر الكاتب أن ما يجري في اليمن، إلى جانب تجارب مشابهة في أوكرانيا ولبنان، يكشف بداية الانحدار لهذا النوع من الطائرات، بعد أن أظهرت بيئات المقاومة الشعبية والجماعات غير الدولتية قدرتها على إسقاطها بكفاءة، رغم بساطة منظوماتها الدفاعية مقارنةً بما تمتلكه القوى العظمى.
اليمن.. النموذج الأبرز لإفشال الهيمنة الجوية الأمريكية
ركز التقرير بشكل خاص على الدور المحوري الذي لعبته القوات المسلحة اليمنية في إسقاط طائرات MQ-9 Reaper، مشيرًا إلى أن اليمن وحدها شهدت تدمير ما لا يقل عن 15 طائرة من هذا النوع منذ أكتوبر 2023، بما في ذلك سبع طائرات في شهري مارس وأبريل 2025. وقدّر التقرير الخسائر الناتجة عن ذلك بنحو نصف مليار دولار أمريكي.
ويكشف الكاتب أن الدفاعات الجوية اليمنية لم تعتمد في إسقاط هذه الطائرات على أنظمة حديثة، بل استندت في كثير من الأحيان إلى صواريخ سوفييتية قديمة من طراز SA-2 وSA-6، وهو ما يبرهن على أن “ريبر” باتت هدفًا هشًا في ساحة المعركة، حتى أمام إمكانيات بدائية نسبياً.
مثال يتكرر في أوكرانيا ولبنان
واستعرض التقرير كيف اختفت طائرات مسيرة أخرى من السماء بعد أن ثبتت هشاشتها أمام منظومات دفاعية متوسطة. فطائرات “بيرقدار” التركية، التي رُوج لها كثيرًا خلال بدايات الحرب الأوكرانية، لم تصمد طويلًا أمام الشبكات الروسية، وكذلك الحال مع طائرات “هيرمس” الصهيونية التي سقطت على يد حزب الله في جنوب لبنان. هذه الأمثلة، وفقًا للتقرير، تعزز من فرضية أن “السماء لم تعد آمنة للطائرات الباهظة والمكشوفة”.
تغيّر في العقيدة العسكرية الغربية
ولم يكتف التقرير بعرض وقائع السقوط، بل غاص في عمق الأزمة الاستراتيجية التي تواجهها الجيوش الغربية. فبينما تبلغ تكلفة طائرة Global Hawk قرابة 200 مليون دولار، وقد سبق أن أسقطتها إيران في 2019، بات من غير المنطقي الاعتماد على منظومات مرتفعة التكلفة ولا تضمن البقاء في ساحة المعركة.
ويؤكد الكاتب أن ما يجري يمثل تحولًا جذريًا في العقيدة العسكرية، من منطق السيطرة التكنولوجية إلى عقيدة جديدة تعتمد على السرعة والكثرة والمرونة. فباتت الطائرات الرخيصة والقابلة للتضحية من نوع FPV خيارًا أكثر عقلانية من طائرات يصعب تعويضها عند سقوطها.
أزمة في البدائل
وحين ناقش التقرير البدائل المتاحة أمام الجيوش الغربية، أشار إلى محدودية الخيارات. فالأقمار الصناعية المنخفضة المدار تعاني من تغطية غير دائمة، والبالونات الثابتة لا يمكن نقلها بسرعة، مما يجعل المشهد المخابراتي في ميدان القتال معقدًا للغاية.
في ظل هذه الإخفاقات، يدعو بعض الخبراء لتطوير مسيرات أكثر خفاءً وتطورًا، إلا أن الكاتب حذر من أن هذه الطائرات الجديدة باهظة التكاليف ولا يمكن إنتاجها على نطاق واسع، خاصة في ظل ميزانيات محدودة كحال الجيش البريطاني مثلًا.
اليمن يعيد رسم ملامح الحرب الحديثة
ما تكشفه تجربة اليمن، بحسب التحليل، ليس مجرد تفوق دفاعي موضعي، بل نقطة فاصلة في مسار الحروب الجوية. فالقوات المسلحة اليمنية، بإمكانات تقنية محدودة ولكن بعقيدة عسكرية مرنة وذكية، تمكنت من انتزاع زمام المبادرة في مواجهة واحدة من أكثر الطائرات تطورًا في الترسانة الأمريكية.
لقد أنهى اليمن، بحسب توصيف التقرير، “الهيبة المطلقة لطائرة الريبر”، وفرض معادلة جديدة يُحسب لها ألف حساب قبل الإقدام على أي مغامرة جوية جديدة، ليس فقط في أجواء اليمن بل في أي ساحة تواجه فيها الولايات المتحدة خصمًا يمتلك الإرادة والإبداع أكثر من امتلاكه المعدات.
ولا مبالغة في القول إن سماء اليمن تحولت إلى مقبرة للطائرات الأمريكية، وأن سقوط الريبر لا يعكس فقط فشلًا تكنولوجيًا، بل ارتباكًا استراتيجيًا في طريقة التفكير الأمريكي في خوض الحروب. فالقوة لم تعد تُقاس بقيمة الطائرة، بل بمدى قدرتها على الصمود أمام صاروخ محمول على الكتف أو منظومة صواريخ أعيد إحياؤها من المخازن السوفييتية.
وها هي القوات المسلحة اليمنية، تثبت للعالم أن الإرادة والشجاعة والدقة في التخطيط يمكن أن تهزم التكنولوجيا مهما عظمت.