البوابة نيوز:
2025-07-08@06:02:13 GMT

العودة إلى القيم

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

تتردد مقولةُ «القيم» على كل الألسن، البعض يتحدث عن منظومة القيم الاجتماعية على غرار علماء الاجتماع، والبعض الآخر يتحدث عن القيم الدينية.. وقد أصبح «حلف القيم» محورًا لعمل منظمة اليونسكو.

وفي السياق العربي الإسلامي، برزت مبادرة منتدى أبوظبي للسلم الذي يرأسه الشيخ عبد الله بن بية وترعاه دولة الإمارات العربية المتحدة حول حلف الفضول الجديد الذي هو حلف فضائل وقيم عالمي.

ومع أن مفهوم القيمة ظهر في الأصل في الحقل الاقتصادي، فإنه دخل في التفكير الفلسفي على يد «نتشه» خلال بلورته لمنهج الجينالوجيا الذي يحلل أصول القيم وقيمة الأصول، من منظور نقدي لا يرى في التقويمات الأخلاقية سوى مظهر من مظاهر قوة الضعفاء والعبيد. وقد كاد مفهوم القيم يختفي في الفلسفة المعاصرة، منذ أن أصبح المسلك التفكيكي غالبًا عليها، إلى حد أنها توزعت إلى مسلكين: نتشوي جينالوجي ينظر للمسألة الخُلُقية من زاوية الغرائز الحيوية، وليبرالي يستبدل القيم بالقانون المدني ويعوض الخيرَ بالعدل. ومن الاستثناءات النادرة أطروحة الفيلسوف الألماني هانس جوناس في كتابه «كيف تنشأ القيم؟» الذي صدرت ترجمته الفرنسية مؤخرًا.

في هذا الكتاب يرى جوناس أن مسألة الغيرية التي هي محور التفكير الفلسفي الراهن، تقتضي التصورَ الموضوعي للقيم، أي اعتقاد استقلالها عن الذات وعن المواقف النفسية الفردية والجماعية، والنظر إليها من حيث هي مطلقات كونية تتعالى على التاريخ والسياقات الاجتماعية.

ومن هنا اعتبر جوناس أن القيم لا بد أن تستند إلى مرجعية دينية متعالية، ويمكن لهذا التعالي أن يأخذ أشكالا متعددة، من التعلق العاطفي والمحبة الصافية إلى الانقياد الطوعي والرضى النفسي، بما يعني أن القيم هي التي تمكّن البشرَ من التواصل العمومي الحقيقي وتتيح للإنسان الخروجَ من ذاتيته المغلقة، وليست بالتالي طريقًا للتعصب أو الجمود.

في معجمنا العربي، لا نجد مكانًا للقيم بالمفهوم المعاصر، بل أن المدونة الأخلاقية التراثية تتمحور حول ثلاث مفاهيم محورية هي: الآداب والفضائل والمكارم، وكلها تدور حول معنى التسامي والترقي في السلوك والعمل، بدل معايير الفعل القابلة للتعميم الكوني كما هو تصور كانط للمسألة الأخلاقية. ومن هنا يمكن القول إن ما نعنيه حاليًا بالقيم هو نظام السلوك المتبع اجتماعيًا، أي الفضائل العامة التي لا تستند بالضرورة لمرجعية دينية، حتى لو كان الشرع اعتمدها لاحقًا، كما يستشف من الحديث الشريف «إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق».

وعلى هذا الأساس كان اعتماد «حلف الفضول» السابق على الرسالة المحمدية، بالرجوع إلى مقاصده ومراميه الثابتة. وإذا كان الكثير من المستشرقين الغربيين يرى أن الشريعة الإسلامية لا تتضمن منظومةً أخلاقية (وهو رأي الفيلسوف الألماني هيجل)، فالحقيقة أن تصورها الأخلاقي يختلف عن فكرة المعايير الذاتية المجردة والكونية التي لا ترى في القيم سوى قوانين ملزمة.

وقد حاول الفقيه الأزهري المرحوم محمد عبد الله دراز في كتابه الشهير «دستور الأخلاق في القرآن الكريم» تأصيل أخلاق الواجب الكانطية من منظور إسلامي، إلا أنه لم يدرك أن مساحة التشريع السلوكي في الإسلام لم تتجاوز الحدود القصوى في الفعل وفق سلم متدرجة من المنع إلى الوجوب مرورًا بالكراهية والترغيب، مما حدا بالإمام أبي حامد الغزالي إلى اعتبار الفقه علمًا من علوم الدنيا غرضه منع الظلم وضمان الحقوق.

القيم إذن هي الفضائل التي يعتمدها النسق المعياري العام للمجتمع، والأخلاق هي التسامي إلى أعلى درجات هذا السلم القيمي. ولقد أدرك الأصوليون هذا المنحى في القيم الشرعية من خلال أطروحة مقاصد الشريعة التي اعتبر الشاطبي أنها مشتركة بين الملل والأديان، أي أنها إنسانية كونية.

ومع أن الفكر الغربي تخلى عن نظرية الفضائل الأرسطية منذ عصور الحداثة، فإن العديد من المقاربات الفلسفية الراهنة أعادت الاعتبار لهذه النظرية باعتبار أن قوانين الواجب لا يمكن أن تغني عن ما سماه بول ريكور «القصدية الأتيقية» التي هي مصدر التقويمات الجوهرية أي تحديد معايير الخير والعدل. ما نخلص إليه هو أن القيم لا تكون إلا كونية، ومن ثم خطورة وعقم كل المقاربات النسبية للقيم من منطلق التعددية الثقافية والعقدية أو من منظور التفكيك النقدي. وهكذا يمكن القول إن الحوار المطلوب مع الثقافات الأخرى لن يكون بالضرورة إلا في نطاق هذه القيم الكونية.

*أكاديمي موريتاني

نقلًا عن «الاتحاد» الإماراتية

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

الوصل يبدأ التحضيرات بشعار «العودة للمنصات»

معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة رابطة المحترفين: قرعة الموسم الجديد تضمن استعداداً مثالياً للبطولات الخارجية بني ياس يتعاقد مع «قاهر الزمالك»!

بدأ الوصل مرحلة التحضير الداخلي للموسم الجديد، من خلال معسكره الإعدادي، ويواصل تدريباته على ملعبه حتى يوم الخميس المقبل، موعد السفر لاستئناف التحضيرات بمعسكر خارجي في هولندا يستمر حتى 31 من يوليو الجاري، ويخوض خلاله 4 وديات على أقصى تقدير.
ويستعد «الإمبراطور» لخوض موسم يتمنى الجميع داخل القلعة الصفراء أن يكون استثنائياً، بعد إعلان أهم استراتيجيات العمل التي تمت خلال الصيف الجاري من شركة الكرة بنادي الوصل برئاسة أحمد الطنيجي، حيث يحمل الفريق شعار العودة للمنافسة على جميع الألقاب والظفر بالبطولات، بالإضافة للمنافسة على فرصة الفوز بدوري أبطال آسيا 2، التي يحمل الشارقة لقبها، ويدخلها «الأصفر» بدوافع كبيرة.
وقد أعلنت الشركة عن «مشروع جديد» طموح، بهدف بناء فريق ينافس في كل المحافل وعلى كل البطولات، يقوده إيريك أبيدال المدير الرياضي للقلعة الصفراء، والذي عقد اجتماعاً حاسماً، أقنع من خلاله البرتغالي لويس كاسترو بقيادة الفريق للموسم الجديد، كما تم التعاقد مع لاعبين من العيار الثقيل لتدعيم الصفوف، حيث ضم الوصل كلاً من ريناتو تابيا، لاعب الوسط، والظهير الأيسر هوجو نيتو، والظهير الأيمن بيدرو مالهيرو، والجناح الكولومبي بالاسيوس، كما جدد عقد فابيو دي ليما لموسم إضافي.
ومن جانبه أبدى لويس كاسترو سعادته بالعمل في الدوري الإماراتي، الذي وصفه بالمتطور بشكل كبير، وأشاد بمستويات أنديته ولاعبيه، ولفت إلى أن الكرة الإماراتية تشهد تفوقاً كبيراً في آسيا والخليج، وبالتالي أراد أن تكون محطته في دورينا لقيادة فريق بحجم وقيمة الوصل الراغب بقوة في العودة للبطولات.
وقال: «قيادة الوصل هو تحدٍ كبير أقبله، ونحن مستعدون للعمل بروح عالية من أجل العودة للمنافسة، فبعد مشواري في قطر وفي الدوري السعودي، أبدأ محطة جديدة مليئة بالطموح في الكرة الإماراتية من خلال الوصل».
وأضاف: «كانت المحادثات مع أحمد الطنيجي رئيس شركة الكرة جيدة جداً، كما عرض إريك ابيدال المدير الرياضي مشروعاً طموحاً للغاية مع نادي الوصل، لقد رحبت بذلك تماماً، وقررت احتضان ذلك المشروع بعد مناقشات مستفيضة في جميع التفاصيل، وذلك أمر رائع بالفعل».
وتابع: «أرغب في تحقيق الانتصارات مع الجماهير والإدارة واللاعبين، وهذا هو ما جاء بي إلى الإمارات، فنحن جميعاً نريد العمل على تحقيق طموحات الجماهير الوفية، ولدينا رغبة كبيرة في العودة للفوز وتحقيق البطولات وتقديم أفضل ما لدينا لإسعاد الجميع».

مقالات مشابهة

  • بريانكا شوبرا تعترف بخدعة "غسيل الغسيل": حماتها ضحية خطة ماكرة
  • ما الذي يقصده قوش في الفيديو
  • معدل فقر قياسي في فرنسا عام 2023 وازدياد عدم المساواة
  • عضو ذهبي في نادي الشباب: البلطان لا يرغب في العودة.. فيديو
  • أحمد حسن: بعض وكلاء اللاعبين عرضوا على أحمد حجازي العودة للأهلي
  • زوج يلاحق زوجته بدعوى تخفيض نفقتها بعد إلزامه بـ 55 ألف جنيه
  • رياضة الغربية تنظم ندوة عن القيم الدينية والأخلاقية ودورها في بناء المجتمع
  • مصر تعفي السوريين الراغبين في العودة لبلادهم من غرامات الإقامات
  • الوصل يبدأ التحضيرات بشعار «العودة للمنصات»
  • أمين مساعد مجمع البحوث الإسلامية:القيم الأخلاقية تلعب دوراً محورياً في بناء المجتمعات واستقرار الأسر