هوكشتين أرجأ عودته وتل أبيب غاضبة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الاثنين الماضي، عن احتمال إطلاق ورشة لتحديد الحدود البرية للبنان مع فلسطين المحتلة، لم يكن إشارة في الهواء. بل يتصل بما كان يجري بعيداً من الأضواء، بهدف إيجاد حل لـ«المعضلة الإسرائيلية» المتمثّلة ليس بوجود المقاومة في الجنوب، بل بالخيمتين اللتين نصبهما المقاومون في منطقة مزارع شبعا المحتلة، وفق تعبير صحيفة" الاخبار".
وبعد مشاورات سياسية وأمنية وعسكرية، كُلّف رئيس الوفد اللبناني العميد منير شحادة باختيار اثنين من أعضاء الوفد العسكري العامل معه في ملف الحدود الجنوبية لحضور الاجتماع الذي ترأّسه قائد القوات الدولية بحضور أحد مساعديه فقط، وبحضور رئيس الوفد الإسرائيلي واثنين من مساعديه.
سبق الاجتماع وصول الموفد الأميركي الخاص عاموس هوكشتين إلى بيروت، نهاية آب، وإطلاقه مواقف أمام المسؤولين اللبنانيين من أنه مكلّف من حكومته بإدارة مفاوضات لمعالجة النقاط العالقة على الحدود البرية شبيهة بمفاوضات ترسيم الحدّ البحري. وأبدى هوكشتين يومها حماسة شديدة، وتحدّث عن استعداد حكومة العدو للسير في المفاوضات حتى إنجاز الخطوة كاملة، وأكّد أن إسرائيل مستعدّة للبحث في كل ما يطلبه لبنان، بدءاً من نقطة b1 في الناقورة وصولاً إلى مزارع شبعا المحتلة. وكان هوكشتين واضحاً في أن تل أبيب تستعجل إنجاز اتفاق يقايض إخلاء شمال بلدة الغجر بإزالة الخيمتين اللتين نصبهما حزب الله في منطقة مزارع شبعا المحتلة، كما كان شديد الصراحة في الحديث عن «إحراج كبير» يواجهه الجيش الإسرائيلي بسبب عجزه عن إزالة الخيمتين بالقوة، وعن رغبة العدو بإنهاء هذه الأزمة حتى لو كانت الكلفة هي السير في معالجة النقاط البرية العالقة.
عُقد «الاجتماع العسكري السرّي» الذي خلص بعده الوفد اللبناني إلى أن الجانب الإسرائيلي شديد الاهتمام بإنجاز مقايضة شمال الغجر بالخيمتين. وجرى نقاش تفصيلي، قبل أن يُتفق على إبقاء مضمون الاجتماع سرّياً. وشدّد الأميركيون والقوات الدولية على ضرورة عدم التسريب لأن حكومة بنيامين نتنياهو ستكون عندها في حالة إحراج كبير، في حال بدا أنها تتنازل أمام حزب الله.
يومها نشرت «الأخبار» خبراً صغيراً عن العرض الإسرائيلي، قبل أن تنشر في اليوم التالي تقريراً مفصّلاً لم يشتمل على التفاصيل، فأقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها، واحتجّت لدى القوات الدولية على تسريب الخبر، وطالبت بخطوات لاحتواء الموقف، بعدما ظهر الأمر في بيروت وكأنّ حكومة نتنياهو تتنازل عن أراضٍ ومناطق واسعة مقابل إزالة حزب الله خيمة واحدة. وأصدرت القوات الدولية بياناً أشارت فيه إلى ما أسمته «ضرر النشر»، فيما أصدر الجيش اللبناني بياناً نفى فيه «التوصل إلى اتفاق»، وكان واضحاً أن هدف البيانين واحد، وهو استرضاء الأميركيين، ومن خلالهم الإسرائيليين، من أجل السير قدماً في المفاوضات.
عملياً، تذرّع العدو بدايةً بالتسريب وأرجأ اجتماعاً كان مقرّراً لوضع اقتراح آلية لتنفيذ الاتفاق، ثم جاء تقاعد رئيس الوفد اللبناني العميد منير شحادة العميد منير شحادة ليمنع لبنان من إيفاد وفد إلى المفاوضات الآن. وهذا لا يعكس مشكلة تقنية فقط، بل يخفي حقيقة أن العدو لم يكن فعلاً مستعداً لهذه الخطوة، وإلا كيف يمكن تفسير موقف لـ«دولة» تقول إنها تريد عقد اتفاق له بعد إستراتيجي، ثم تقرّر التراجع عنه بسبب نشر خبر في صحيفة؟
عملياً، هناك الكثير من التفاصيل حول الاتفاق الذي كان مقترحاً، والمعالجات التنفيذية الخاصة بشمال الغجر من جهة وبالناقورة من جهة أخرى، إضافة إلى نقاش أكثر تعقيداً يخصّ مزارع شبعا والنقاط الخلافية على طول الحدود البرية. ولهذا العنوان بحثه الخاص.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القوات الدولیة مزارع شبعا
إقرأ أيضاً:
باحث في العلاقات الدولية: ما يحدث بغزة مثال صارخ على النهج الإسرائيلي اللاإنساني
قال الدكتور غسان معلوف، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن ما يجري حاليًا في قطاع غزة هو تجسيد واضح لـ«النهج الإسرائيلي الغاشم واللاإنساني» تجاه الشعب الفلسطيني، معتبرًا أن إنكار حق الفلسطينيين في الحياة هو أساس هذه السياسات العدوانية.
وأكد «معلوف» خلال مداخلة مع الإعلامية أمل الحناوي، ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية» أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة يترك آثارًا عميقة من الضغينة والدمار، مشددًا على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لفضح هذه الانتهاكات أمام الرأي العام العالمي.
وأوضح في تصريحاته أن الانطلاقة الأساسية لحشد التضامن الدولي يجب أن تبدأ من أوروبا، ثم تمتد نحو الولايات المتحدة الأميركية، مضيفًا أن القرار الحقيقي في هذا الملف لا يزال «في يد واشنطن»، باعتبارها الطرف الأكثر تأثيرًا في موازين القوى الدولية.
وأضاف الباحث اللبناني أن الدول الأوروبية، رغم امتلاكها للقدرات التجارية والعسكرية، لا تتخذ قرارات حاسمة مستقلة، لكنها تستطيع لعب دور ضاغط وفاعل على السياسة الأميركية إذا تم توحيد المواقف والتحرك بشكل منسق.
ودعا معلوف إلى تحرك سياسي وإعلامي مكثف لكشف حجم المأساة الإنسانية في غزة، وتحفيز القوى الفاعلة في المجتمع الدولي على كسر الصمت وتحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يحدث على الأرض.