الأسباب الحقيقية لشن هجوم "طوفان الأقصى" المستمر على إسرائيل منذ فجر السبت الماضي ليس عنف المستوطنين الإسرائيليين ولا تدنيس المسجد الأقصى ولا حصار غزة، كما تقول "حماس"، بل هو محاولة من الحركة "لعرقلة التطبيع الإسرائيلي السعودي" بوساطة أمريكية، وقد يغير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.

تلك القراءة طرحها كيفن سابو، في تحليل بموقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أنه "بعد اتفاقيات إبراهيم الناجحة في عهد إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب، حافظت إدارة (الرئيس الحالي جو) بايدن على تركيزها الأساسي على لتطبيع الصراعات والقضايا في الشرق الأوسط".

واتفاقيات إبراهيم هي اتفاقيات لتطبيع العلاقات وقَّعتها إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب في 2020.

سابو قال إن جهد إدارة بايدن  "أدى إلى المفاوضات الثلاثية، التي قادتها الولايات المتحدة، بين إسرائيل والسعودية".

ومقابل التطبيع مع إسرائيل، وفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، تمتلك السعودية 4 مطالب هي: توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة والحصول منها على أسلحة أكثر تطورا ودعم لتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، إلى جانب التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية. 

سابو أردف أن "السعودية (أكبر دولة مصدرة للنفط) كانت على استعداد لزيادة إنتاج النفط لتأمين صفقة (التطبيع) مع إسرائيل، وسيكون تعزيز إنتاج النفط خطوة ضد إجماع جميع الدول المنتجة للنفط بما فيها روسيا (أوبك وأوبك +)".

واعتبر أنه "تماما مثلما اندلعت الانتفاضة الثانية (الأقصى عام 2000) لعرقلة اتفاقات أوسلو (تسعينيات القرن الماضي)، كانت حماس تستهدف من خلال هذا الهجوم (طوفان الأقصى) أن ترد إسرائيل بهجمات على فلسطين، ما يُخرج عملية التطبيع الإسرائيلية السعودية عن مسارها".

و"يبدو أن هذا المنعطف الحرج يصب في صالح المصالح الإيرانية، التي ترفض أي شكل من أشكال التطبيع مع الدولة اليهودية"، بحسب سابو.

اقرأ أيضاً

جيش وحكومة واستخبارات.. "طوفان الأقصى" يجرف أُسس إسرائيل

أسئلة جيوسياسية

سابو رجح أن العديد من الأسئلة الجيوسياسية ستطفو على السطح نتيجة هجوم "حماس" والعمليات الإسرائيلية المضادة، وأهمها سيكون مصير مفاوضات الرياض وتل أبيب و"إمكانية تحقيق أكبر انفراج في الشرق الأوسط بعد اتفاقيات إبراهيم".

وأردف: "في هذه اللحظة يبدو الأمر صعبا بسبب الدمار الشامل في إسرائيل وغزة، كما سيكون هذا تحديا لحملة بايدن الرئاسية لعام 2024، والتي كان من المقرر أن تعزز دوره كوسيط ناجح بين إسرائيل والسعودية".

واعتبر أنه "من خلال هذا الهجوم، تهدف حماس أيضا إلى عرقلة التقدم المحتمل في إعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران (الداعمة لحركات المقاومة الفلسطينية) والقوى الكبرى، بقيادة الولايات المتحدة (خطة العمل الشاملة المشتركة)".

و"بعد إعلان إسرائيل الحرب، بدا أن السعودية وقطر وإيران تلوم إسرائيل على هجمات حماس في ظل الاحتلال الإسرائيلي؛ مما ينذر بجمود محتمل للغاية في جهود التطبيع الإسرائيلية السعودية"، كما تابع سابو.

ورأى أن الوضع الراهن "يشكك أيضا في الممر (الاقتصادي) الذي تم الإعلان عنه (بمشاركة بايدن) مؤخرا بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي يبدو أنه يمثل تحديا لمشروع الصين (المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة) الرائد مبادرة الحزام والطريق".

وزاد بأنه "على الجانب الآخر، قد يساعد هذا الوضع (الفلسطيني الإسرائيلي) بشكل أكبر في تقدم الاتفاق الذي توسطت فيه الصين (مارس/ آذار الماضي) بين إيران والسعودية"، في إشارة إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد 7 سنوات من القطيعة.

"كما تم الكشف عن أن الأسلحة والصواريخ والطائرات بدون طيار التي تستخدمها حماس تأتي من تركيا أو إيران أو كوريا الشمالية، مما يوضح التركيبة الجيوسياسية وراء حماس"، وفقا لسابو.

اقرأ أيضاً

خيارات "إسرائيل" صعبة أمام "طوفان الأقصى" .. ماذا يعني؟

تهميش حماس وإيران

"من خلال هجماتها الجريئة، لم تكن حماس تحاول ترسيخ نفسها باعتبارها المحاور الرئيسي في قضية فلسطين فحسب، بل كانت تحاول أيضا عرقلة الاستراتيجية الأمريكية الناشئة تجاه المنطقة"، بحسب هارش بانت، في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review) ترجمه "الخليج الجديد".

وأوضح أنه "بينما كانت إدارة بايدن تضغط من أجل التقارب بين السعودية وإسرائيل مقابل ضمانات أمنية وتكنولوجيا نووية مدنية للرياض، بدأت ملامح استراتيجية جديدة في الظهور في الشرق الأوسط".

وشدد على أن "هذا الاتفاق، إذا تم التوصل إليه في صيغته النهائية، كان سيؤدي إلى تهميش إيران وحماس في المنطقة، وبالتالي تم إحباطه بهجوم (...) كبير على إسرائيل".

ومضى قائلا: "الآن، بينما تقاتل إسرائيل ضد حماس والجماعات (...) الأخرى، سيجد السعوديون صعوبة بالغة في المضي قدما في التطبيع، على  الأقل في المدى القريب؛ خوفا من الرفض العام".

و"لم يعد الصراع (الفلسطيني الإسرائيلي) محليا، فالقضية الإسرائيلية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من خطوط الصدع الإقليمية الأوسع"، بحسب بانت.

وقال إن "حماس تحظى بدعم إيران، وتضامنا مع المقاومة الفلسطينية، دخلت جماعة حزب الله اللبنانية (المدعومة أيضا من إيران) القتال بالفعل، قائلة إنها كانت وراء الهجمات على جبل دوف (منطقة مزاع شبعة التي تحتلها إسرائيل جنوبي لبنان)".

وتابع أن "إسرائيل ردت على حزب الله، فيما قُتل سائحان إسرائيليان في مصر (برصاص شرطي)، وشددت قطر على أنها "تحمل إسرائيل وحدها المسؤولية عن التصعيد المستمر بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً

طوفان المقاومة.. هل يدفن صفقة تطبيع الرياض وتل أبيب تحت الأقصى؟

المصدر | كيفن تي سابو/ مودرن دبلوماسي- هارش بانت/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حماس الشرق الأوسط إسرائيل تطبيع السعودية فی الشرق الأوسط طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني يتحدث عن العلاقات مع أحمد الشرع وإمكانية التطبيع مع إسرائيل

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تحدث الرئيس اللبناني جوزاف عون، الجمعة، عن عدم إمكانية تطبيع العلاقات بين بلاده وإسرائيل في الوقت الحالي، وعن العلاقات مع النظام السوري الجديد والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع.

وقال جوزاف عون إنه بوحدة اللبنانيين "يمكن مواجهة كل الصعوبات والمخاطر ومن دون هذه الوحدة لن يكون من السهل تجاوز التحديات التي تبرز أمام لبنان وشعبه"، حسبما أوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وأكد عون خلال استقباله وفد مجلس العلاقات العربية والدولية على أن "القرار بحصرية السلاح قد اتُخذ ولا رجوع عنه لأنه أبرز العناوين للسيادة الوطنية، وتطبيقه سيراعي مصلحة الدولة والاستقرار الأمني فيها حفاظا على السلم الأهلي من جهة، وعلى الوحدة الوطنية من جهة أخرى"، لافتا إلى أن "تجاوب الفرقاء اللبنانيين وتعاونهم مع الدولة عامل ضروري لحماية البلاد وتحصينها ومواجهة ما يمكن أن يخطط لها من مؤامرات"، طبقا للوكالة الوطنية.

واعتبر الرئيس اللبناني أن "تغير الظروف التي تمر بها المنطقة يسهل في إيجاد الحلول المناسبة للمسائل الدقيقة التي تواجه اللبنانيين ومنها مسألة السلاح"، لافتا إلى أن "قرار الحرب والسلم هو من صلاحيات مجلس الوزراء الذي يرى أين هي مصلحة لبنان ويتصرف على هذا الأساس".

وقال جوزاف عون لأعضاء الوفد إن "تطبيق القرار 1701 في منطقة جنوب الليطاني يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل)، في كل الأماكن التي انسحب منها الإسرائيليون الذين يعرقلون حتى الساعة استكمال انتشار الجيش حتى الحدود المعترف بها دوليا، بسبب استمرار احتلالهم للتلال الخمس التي لا فائدة عسكرية منها"، طبقا لما نقلت عنه الوكالة الوطنية اللبنانية.

وردا على سؤال حول ملف العلاقات اللبنانية -السورية، أكد الرئيس اللبناني على ثابتتين أساسيتين: "الأولى: الحرص على إقامة علاقات جيدة مع النظام السوري الجديد ورئيسه أحمد الشرع، والثانية: عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل من البلدين".

وردا على سؤال آخر، ميز الرئيس عون بين السلام والتطبيع، معتبر أن "السلام هو حالة اللاحرب وهذا ما يهمنا في لبنان في الوقت الراهن. أما مسألة التطبيع فهي غير واردة في السياسة اللبنانية الخارجية الراهنة".

مقالات مشابهة

  • مختص: مبادرتا «السعودية الخضراء» و «الشرق الأوسط الأخضر» أسهمتا بتخفيض الحالات الغبارية
  • “ماذا قال السنوار؟”.. باحث مصري يكشف “سببا صادما” لتوقيت تنفيذ عملية “طوفان الأقصى”
  • مختص : مبادرتا السعودية والشرق الأوسط الأخضر خفضتا الحالات الغبارية 59% .. فيديو
  • خبير استراتيجي: «مصر تركز على الاتفاقيات لوقف إطلاق النار وإعادة الاستقرار للشرق الأوسط»
  • مسؤولون اسرائليون .. نتنياهو تعمّد إطالة أمد حرب غزة وغلّب مصلحته السياسية والشخصية
  • الرئيس اللبناني يتحدث عن العلاقات مع أحمد الشرع وإمكانية التطبيع مع إسرائيل
  • الرئيس اللبناني: مسألة التطبيع مع إسرائيل غير واردة.. سوريا تنفي نية التصعيد!
  • الرئيس اللبناني يستبعد التطبيع مع إسرائيل
  • رئيس لبنان: التطبيع مع إسرائيل غير وارد.. تحدث عن حصر السلاح
  • رئيس لبنان: التطبيع مع إسرائيل غير وارد حاليا