منذ يوم 7 تشرين الأول الجاري الذي شهد على إطلاق حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل، يواصل الجيش الإسرائيلي إستخدام "قنابل فوسفورية" خلال هجماته على غزة من جهة وعلى حدود لبنان من جهة أخرى.. فما هي هذه القنابل وماذا نعرف عنها؟ الفوسفور الأبيض، الذي يمكن استخدامه كستار دخان أو كسلاح، لديه القدرة على التسبب في أضرار للمدنيين بسبب الحروق الشديدة التي يسببها وآثاره طويلة الأمد على الناجين.

مع هذا، ينتهك استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المكتظة بالسكان في غزة متطلبات القانون الإنساني الدولي التي تقضي بأن تتخذ أطراف النزاع جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إصابة المدنيين والخسائر في الأرواح.

ويسلط ذلك الضوء على الحاجة إلى إعادة النظر في حالة وملاءمة البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية، وهو القانون الدولي الوحيد المخصص حاليا لتنظيم الأسلحة الحارقة.

ما هو الفوسفور الأبيض؟ هو مادة كيميائية منتشرة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، تشتعل عند تعرضها للأكسجين. وينتج عن هذا التفاعل الكيميائي حرارة شديدة تصل إلى 815 درجة مئوية، وضوء ودخان كثيف يستخدم في الأغراض العسكرية، إلا أنه يسبب أيضا إصابات مروعة عندما يتلامس مع جسم الإنسان. ولا يعتبر الفوسفور سلاحا كيميائيا لأنه يعمل بشكل أساسي بالحرارة واللهب وليس بخصائصه السمّية. ويمكن توصيل الفوسفور الأبيض عبر قطع من اللباد المنقوعة بالفوسفور، تنبعث منها رائحة "الثوم" المميزة.

كيف يتم استخدام الفوسفور الأبيض؟ يستخدم الفوسفور الأبيض في المقام الأول للتعتيم على العمليات العسكرية على الأرض، حيث يصدر عنه ستارة من الدخان ليلا أو نهارا لإخفاء الحركة البصرية للقوات. كما أنه يتداخل مع بصريات الاشعة تحت الحمراء، وأنظمة تتبع الأسلحة، وبالتالي يحمي القوات العسكرية من الأسلحة الموجهة مثل الصواريخ المضادة للدبابات.

وعند الانفجار الجوي، يغطي الفوسفور الأبيض مساحة أكبر من التي يغطيها عند الانفجار الأرضي، ويكون مفيدا لإخفاء تحركات القوات الكبيرة. ومع ذلك، فإن ذلك يؤدي في الوقت نفسه إلى نشر التأثيرات الحارقة على مساحات أوسع، وفي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل قطاع غزة، فإن ذلك يزيد من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون.

عندما ينفجر السلاح أرضاً، تكون منطقة الخطر أكثر تركيزا، ويظل ستار الدخان لفترة أطول، فيما تعتمد سحابة الفوسفور الأبيض، عند الانفجار الجوي، على الظروف الجوية، لهذا لا يمكن تعميم المدة التي يبقى فيها ستار سحابة الفوسفور الأبيض في الهواء.

كذلك، يمكن كذلك استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح حارق، حيث استخدمته القوات الأمريكية أثناء معركة الفالوجا الثانية في العراق عام 2004، "لإخراج" المقاتلين المختبئين، الذين تعرضوا بعد ذلك للهجوم.

ويسبب الفوسفور الأبيض حروقا شديدة، غالبا ما تصل إلى العظام، وتكون بطيئة في الشفاء، ومن المحتمل أن تتطور إلى التهابات، وإذا لم تتم إزالة جميع شظايا الفوسفور الأبيض، فإنها من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الجروح بعد العلاج، وتشتعل مجددا عند تعرضها للأكسجين. وحروق الفوسفور الأبيض التي لا تتجاوز 10% من جسم الإنسان غالبا ما تكون قاتلة، ويمكن أن تسبب كذلك تلفا في الجهاز التنفسي، وفشلا في الأعضاء.

وغالباً ما يعاني أولئك الذين ينجون من إصاباتهم الأولية من معاناة مدى الحياة، حيث يواجهون أعراضا مثل التقلصات والشد الدائم للعضلات والأنسجة الأخرى وإعاقة الحركة، في حين أن صدمة الهجوم الأولى والعلاجات المؤلمة والندوب متغيرة المظهر تؤدي إلى ضرر نفسي واستبعاد اجتماعي.

كذلك يمكن للحرائق الناجمة عن الفوسفور الأبيض أن تدمر المنشآت والممتلكات المدنية، وتلحق الضرر بالمحاصيل، وتقتل الماشية. علاوة على ذلك، فإن عدم كفاية الموارد المتاحة لمقدمي الخدمات الطبية في مناطق النزاع المسلح يؤدي إلى تفاقم العملية الصعبة بالفعل المتمثلة في علاج الحروق الخطيرة.

ما هو وضع الفوسفور الأبيض بموجب القانون الدولي؟ عند استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح، فإن الذخائر التي تحتوي على الفوسفور الأبيض هي أسلحة حارقة. وبرغم أن الأسلحة الحارقة ليست محظورة صراحة بموجب القانون الإنساني الدولي، إلا أن القانون الإنساني الدولي العرفي يتطلب من الدول اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين بسبب تلك الأسلحة.

إضافة إلى ذلك، تخضع الأسلحة الحارقة للبروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية. وقد انضمت فلسطين ولبنان إلى البروتوكول الثالث، في حين لم تصدق إسرائيل على هذا البروتوكول الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة الملقاة جوا على "تجمعات المدنيين"، إلا أن هذا القانون يتضمن ثغرتين كبيرتين.

أولا: هو يقيد بعض وليس كل الأسلحة الحارقة التي يتم إطلاقها من الأرض حيث توجد تجمعات المدنيين، وهو ما قد يشمل الضربات المدفعية بالفوسفور الأبيض في غزة.

ثانيا: يغطي تعريف البروتوكول للأسلحة الحارقة "المصممة أساسا" لإشعال النيران وحرق الأشخاص، وبالتالي يمكن القول إنه يستبعد الذخائر متعددة الأغراض، مثل تلك التي تحتوي على الفوسفور الأبيض، إذا تم استخدامها كستار من الدخان، حتى لو تسببت نفس المواد الحارقة في تأثيرات على البشر.

وأوصت "هيومان رايتس ووتش" وعدد من الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة التقليدية بسد هذه الثغرة وتعزيز القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الحارقة المطلقة من الأرض.

وتؤيد "هيومان رايتس ووتش" الدعوة المدعومة على نطاق واسع للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة التقليدية للاتفاق في اجتماعها، نوفمبر 2023، على تخصيص وقت لإجراء مناقشات مخصصة حول حالة وملاءمة البروتوكول الثالث. (روسيا اليوم)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: استخدام الفوسفور الأبیض الفوسفور الأبیض فی

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية: إسرائيل تروج لوهم الإغاثة وتواصل استخدام التجويع سلاحا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ استئناف عمليات إنزال المساعدات جوا في قطاع غزة المحاصر، بعد أشهر من التجويع الشامل، يروّج لوهم الإغاثة بينما تواصل الآلة الإسرائيلية استخدام الجوع سلاحا ضد المدنيين.

واعتبر المرصد، في بيان له اليوم الأحد، أن الإنزالات الجوية "للمساعدات في غزة تهدف إلى تضليل الرأي العام العالمي والتقليل من وقع جريمة التجويع"، ووصفها بأنها "حلقة إضافية في إذلال الفلسطينيين وامتهان كرامتهم".

كما أوضح بيان المؤسسة الحقوقية أن الإنزالات الجوية تمثل "مخاطر جسيمة على حياة المدنيين في ظل تكدّسهم في أقل من 15% من مساحة القطاع".

وذكر البيان أن استئناف عمليات إنزال المساعدات جوا، بعد أشهر من التجويع الشامل، لا يلبّي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية، ولا يُخفف من الكارثة التي تسببت بها سياسة التجويع المتعمّدة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي".

وكان جيش الاحتلال قد سمح بالإسقاط الجوي لكميات محدودة من المساعدات على غزة. وقد جاءت تلك الخطوة في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن معالجة المجاعة في غزة لا تتم من خلال "حلول شكلية أو استعراضية، بل عبر إنهاء الحصار بشكل فوري وفتح ممرات برية آمنة وثابتة، تتيح تدفقا منتظما وكافيا للغذاء والدواء والوقود".

وحثّ المرصد الأورومتوسطي الدول والكيانات على ممارسة جميع الضغوط الممكنة على إسرائيل لإجبارها على التوقف عن تنفيذ جريمة التجويع.

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاتلة مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تضغط على لبنان بشأن نزع سلاح الحزب.. وهذا ما طلبه بري ورفضته اسرائيل
  • خداع منهجي يخفي تدفق الأسلحة الكندية الهائل إلى إسرائيل
  • الاعتصام بحبل الله.. اعرف كيف يكون وماذا يتضمن وما ثمراته
  • حملات أمنية موسعة بمديريات أمن أسيوط ودمياط وأسوان لضبط الخارجين على القانون
  • بعد القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة.. تعرف على الاتهامات والعقوبة التي يواجهها
  • جعجع: سلاح حزب الله بلا فائدة ولم يعُد يُخيف إسرائيل
  • منظمة حقوقية: إسرائيل تروج لوهم الإغاثة وتواصل استخدام التجويع سلاحا
  • ابي رميا عن سلاح حزب الله: تحوّل إلى عبء ويجب تسليمه
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • نادي بنش يفوز على تفتناز بثلاثة أهداف دون مقابل في المباراة التي جمعتهما على أرضية ملعب إدلب البلدي