لامخاوف منذ شهرين.. هل أصبح طريق التنمية كلمة السر لانهاء الجفاف في العراق؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
منذ حوالي شهرين من الان، خفتت "نسبيًا" المخاوف والتصريحات والتحذيرات والمشاهد المتعلقة بالجفاف في العراق، حتى كاد الموضوع أن ينسى، وبينما لايبتعد هذا الهدوء كثيرًا عن ارتباطه بالعامل الزمني من حيث انتهاء الخطة الزراعية الشتوية والصيفية وتعدل الاجواء وانكسار الحرارة، بالاضافة الى التطلعات لموسم مطري جيد قد يعوض نقص الخزين الستراتيجي، الا ان ارتفاع الاطلاقات المائية لنهر دجلة من تركيا الى الحصة الطبيعية للعراق، كان سببا رئيسيا في خفوت المخاوف بشأن الجفاف.
فمنذ شهرين وتحديدا في منتصف شهر آب الماضي تقريبا، اعلنت وزارة الموارد المائية عن ارتفاع اطلاقات تركيا لنهر دجلة وبواقع 500 متر مكعب بالثانية بعد ان كانت لاتتجاوز الـ300 متر مكعب بالثانية، ولعل ليس من الغريب ان يتزامن هذا الموعد مع المباحثات العراقية التركية في عدد من الملفات في ذلك الحين ولاسيما ملف طريق التنمية.
فتحديدًا، في 20 آب، اي في الوقت المتزامن مع ارتفاع الاطلاقات، اعلنت وزارة النقل العراقية، عن نتائج اجتماع "عراقي-تركي" في أنقرة يتعلق بخطوات الشروع بطريق التنمية، فيما اشارت الى شروع الجانب التركي بمد سكك حديد بطول 133 كم، تربط بين خط السكة الحديث من الحدود العراقية التركية وبين سكك حديد تركيا، الأمر الذي وصفته بأنه "يضمن ربط ميناء الفاو الكبير بأوروبا".
وليس بعيدًا عن هذه المعطيات، يرى النائب ثائر مخيف الكتاب الجبوري، اليوم الثلاثاء (17 تشرين الاول 2023) في حديث لـ"بغداد اليوم"، عن وجود دفعة ايجابية مع انقرة حول ملف المياه، مضمونها الاساس طريق التنمية.
وقال الجبوري لـ"بغداد اليوم"، ان "ملف المياه يحظى بالاولوية في العراق خاصة وان نتائج الجفاف في السنوات الاخيرة اظهرت مدى خطورته في الداخل وتداعياته السلبية التي يمكن اجمالها في عدة نقاط ابرزها الاضرار البيئية على المناطق الزراعية وخلق نزوح قسري وفقدان عشرات الالاف لمصادر رزقهم".
واضاف، ان "ملف المياه مع انقرة شهد مؤخرا دفعة ايجابية، مضمونها الاساس مشروع طريق التنمية الذي سيخلق افاقا اقتصادية ويغير من مسارات النقل من جنوب شرق اسيا باتجاه أوربا وسيكون حافزا لتنمية حقيقية في العراق ودول المنطقة".
واشار الى ان "انقرة ابدت رغبتها في انخراط كبير لشركاتها في مشروع طريق التنمية بسبب ايجابياته الكبيرة بالاضافة الى ان تركيا تشكل ركنا مهما في نقل البضائع القادمة من العراق باتجاه اوربا نظرا لوجود البنية التحتية للخدمات ومنها سكك القطار وبقية الاجراءات الاخرى".
وتابع، ان "مشروع طريق التنمية وشراكته الاقتصادية التي ستدفع الفوائد لمراحل اكبر ستدفع انقرة الى مرونة اكبر وسلاسة في ملف المياه من خلال ضخ اطلاقات اكبر تسهم في تحسين الواقع المائي في البلاد عبر نهري دجلة والفرات بما يمنع بروز اي ازمة تهدد المناطق الزراعية متوقعا تزايد وتيرة الزيارات الرسمية المتبادلة بين بغداد وانقرة في الاشهر الماضية لوضع رؤية جديدة حيال ملف المياه بشكل عام".
اردوغان يتطلع لعالم جديد عبر طريق التنمية العراقي
وفي 19 ايلول الماضي، وخلال كلمة القاها بقمة "كونكورديا" السنوية الثالثة عشر بمدينة نيويورك وخلال المشاركة في اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، إن مشروع طريق التنمية التركي – العراقي يتيح فرصة بناء عالم جديد.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده لمست عزما كبيرا لدى دول الخليج لتنفيذ مشروع طريق التنمية التركي-العراقي، مضيفا: "ونحن أيضا عازمون (على تنفيذ المشروع)"، مشيرا الى انه "ستتاح لنا (عبر طريق التنمية التركي-العراقي) الفرصة لبناء عالم جديد عبر هذه الخطوة التي نعتزم الإقدام عليها".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: مشروع طریق التنمیة ملف المیاه التنمیة ا
إقرأ أيضاً:
سويلم: لقد ورثت مصر إرثًا فريدًا في إدارة المياه.. كلمة وزير الري
انطلق منذ قليل أسبوع القاهرة الثامن للمياه المنعقد تحت عنوان "حلول مبتكرة للتكيف مع تغير المناخ واستدامة المياه" ، والذي يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وذلك خلال الفترة ( ١٢ - ١٦ ) أكتوبر ٢٠٢٥ .
وبدأ حفل الافتتاح بكلمة افتتاحية من الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وكلمة الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى، وكلمات لعدد من الوزراء وكبار مسئولى المياه فى دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية، وبحضور عدد كبير من السادة الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسئولين في قطاع المياه والعلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدني والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف دول العالم .
وألقى الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والري، كلمة رحب فيها بجميع الحضور فى مصر التى تستضيف للعام الثامن على التوالى هذا المؤتمر الدولى الهام المعنى بقضية المياه .
وفيما يلى نص كلمة الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى :
السادة الوزراء، الساده المحافظين
السادة رؤساء الوفود،
السادة ممثلو الوفود والمنظمات،
السيدات والسادة،
يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا في القاهرة، عاصمة التاريخ والحضارة، التي تستضيفنا هذا العام في أجواء شهر أكتوبر، شهر العزيمة والإرادة في وجدان المصريين .
نلتقي اليوم في الدورة الثامنة من أسبوع القاهرة للمياه ٢٠٢٥ تحت شعار "الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية" لنحوِّل قضايا المياه من نقاشاتٍ إلى قرارات، ونبدأ مرحلة التنفيذ القائمة على سياسات واضحة، وشراكاتٍ عابرة للحدود .
الحضور، لقد ورثت مصر إرثًا فريدًا في إدارة المياه، شكّل ما يمكن تسميته بـ مدرسة الري المصرية العريقة تلك التي أرست عبر آلاف السنين أسس التخطيط المائي والهندسة الهيدروليكية، وربطت بين النهر والإنسان والحضارة، فعلى ضفاف النيل وُلد أول نظام ريٍّ منظمٍ في التاريخ، قائمٍ على المراقبة والقياس وتوزيع المياه وفق الاحتياجات الزراعية، واستخدمت فيه أدوات مبتكرة - في تلك الحقبة - مثل الشادوف، والساقية، ومقياس النيل، وقد تحوّل هذا الإرث إلى فكرٍ مؤسسيٍّ متجذر داخل أجهزة الدولة المصرية .
ومع تصاعد التحديات الناتجة عن الزيادة السكانية، وتغير المناخ، كان من الضروري الانتقال إلى جيلٍ ثانٍ ، أكثر مرونة وابتكارًا، لتجسّد هذا التحول النوعي، عبر دمج التكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والاستشعار عن بُعد، في إدارة المياه، وتحسين كفاءتها لخدمة القطاعات المختلفة، إنها مرحلة جديدة في مسيرة الري المصرية، مرحلة تنتقل فيها مصر من الإرث إلى الريادة، ومن الخبرة التاريخية إلى الإدارة الذكية .
وترجمةً لهذه الرؤية، تتألف منظومة الجيل الثاني من عشرة محاور رئيسية، واسمحوا لي ان أتناول بعض منها :
المعالجة والتحلية من أجل الزراعة وإنتاج الغذاء، حيث يركّز التوجّه المصري على زيادة الإتاحة المائية الموجّهة للأمن الغذائي، من خلال تجميع مياه المصارف الزراعية المنتشرة في مناطق الدلتا، ليتم معالجتها واعاده استخدامها من خلال ثلاث محطات هي بحر البقر، والمحسمة، والدلتا الجديدة، لتلبية احتياجات الاستصلاح والإنتاج الزراعي فى مناطق شبه جزيرة سيناء والدلتا الجديدة .
كما تهدف مصر إلى تحلية المياه، كخيارٍ استراتيجيٍ لدعم الإنتاج الزراعي، اعتمادًا على الطاقة المتجددة، لخفض التكلفة وتحقيق الاستدامة، مع تطوير التقنيات المحلية، ودعم البحث العلمي، والتركيز على زراعة المحاصيل المتحمّلة للملوحة، وتطبيق نظم الزراعة التكاملية، مثل الهيدروبونيك والأكوابونيك، لتحقيق أعلى إنتاجية لوحدة المياه .
وفيما يخص الإدارة الذكية والتحول الرقمي .. تعتمد مصر في إدارتها الحديثة للموارد المائية على التحول الرقمي الشامل، ويشمل ذلك تطبيق نماذج متطورة للتنبؤ بالأمطار وتقدير كميات المياه الواردة، بما يسمح بالتخطيط المسبق، والتعامل المرن مع مواسم الفيضان والجفاف، كما يتم احتساب زمامات المحاصيل الزراعية بإستخدام صور الأقمار الصناعية وتقنيات الاستشعار عن بُعد، لتحديد الإحتياجات الفعلية لكل منطقة، بما يضمن إدارة دقيقة لتوزيع المياه وفقًا للتركيب المحصولي الفعلي .
كما نتجه لاستخدام الدرون لأول مرة في مصر، لرصد حالة الترع وشبكات الري، مع تقييم مستوى الأمان للمنشآت المائية، بما يتيح استجابة سريعة لأي طارئ أو خلل في التشغيل، بالإضافة إلى رصد المخالفات على المجاري المائية، كما تم نمذجة شبكات الترع لتحديث أساليب إدارة المياه، وتحسين كفاءة التوزيع والتخطيط، إلى جانب استخدام تقنيات تعلّم الآلة (Machine Learning) في تقدير المناسيب بالمواقع المختلفة على مجرى نهر النيل، واستباق أي اختناقات أو مشكلات تشغيلية محتملة .
وتستفيد الوزارة كذلك من منصة Digital Earth Africa فى متابعة أعمال حماية الشواطئ، وتحليل التغيرات الساحلية باستخدام صور الأقمار الصناعية والبيانات الجيومكانية، مما يساعد على التخطيط الأمثل لمشروعات الحماية الساحلية، ومؤخرًا تُستخدم منصة Google Earth Engine لمتابعة انتشار ورد النيل، وبما يمكن من إزالته من مواقع تجميعه على مجرى النهر، من خلال الرصد التلقائي وتحليل الصور الزمنية بدقة عالية، بالتعاون مع وزارة الاتصالات ووزارة التخطيط وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي .
كما تم رقمنة بيانات الترع والمصارف والمنشآت المائية والمساقي، وبناء قواعد بيانات موحّدة، وتطوير تطبيقات للمزارعين لإتاحة مواعيد المناوبات وخدمات التراخيص والمتابعة، فضلًا عن تطوير تطبيقات للإدارة مثل تطهيرات الترع والمصارف، وتطبيق للخرائط وبيانات منشآت الري حيث تم تطوير ٢٧ تطبيقًا حتى الآن، وهو ما يساهم في الرقابة على المشروعات، مما يساعد في درء الفساد، ورفع كفاءة التنسيق بين قطاعات الوزارة والجهات الشريكة .
وفيما يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية، فقد تم تحديث البنية الهيدروليكية لتحسين عملية التحكم في منظومة توزيع المياه وتعظيم عوامل الأمان، ويشمل ذلك تأهيل الترع (مع دراسة استخدام مواد صديقة للبيئة)، وتطوير منظومات المراقبة والتشغيل بالسد العالي بأحدث وسائل التكنولوجيا، لضمان كفاءة تشغيله كأحد أعمدة الأمن المائي المصري، وتنفيذ مشروع إحلال وتأهيل المنشآت، مثل قناطر ديروط الجديدة، وإنشاء مصبات لنهايات الترع، وهو ما يهدف لإطالة عمر الأصول والمنشآت المائية، ورفع كفاءة توزيع المياه، وتحسين القدرة على المناورة في فترات الطوارئ .
فضلًا عن تنفيذ حزمة متكاملة من الحلول التقليدية والطبيعية لحماية السواحل، والمتمثلة في تنفيذ مشروعات فى المحافظات الساحلية مثل الإسكندرية ودمياط ومطروح، ومشروع حائط رشيد، ومشروع تعزيز التكيف بالساحل الشمالي ودلتا النيل بمواد صديقة للبيئة، وداخليًا، تم تنفيذ منشآت للحماية من أخطار السيول فى المحافظات المعرّضة للمخاطر، مع الاستفادة من مياه الأمطار والسيول التي يتم تخزينها في تغذية الخزان الجوفي بتلك المناطق، أو استخدامها كمصادر مائية للمجتمعات المحلية، هذا بالإضافة إلى تأهيل وصيانة محطات الرفع للحفاظ على المناسيب الآمنة خلال النوات .
وفيما يتعلق بضبط وحماية النيل كشرطٍ لاستدامة المنظومة، ننفّذ خلاله إزالة شاملة للتعدّيات، ونحرص على إزالتها في المهد، ويتم التوسع في استخدام الأساليب والتقنيات الحديثة، كالاستشعار عن بعد والدرون، لرفعٍ مساحيٍّ دقيقٍ لجسور النهر، و وضع قيودٍ وضوابط لاستخدامات أراضي طرح النهر، ونشارك المحافظات النيلية في تطوير واجهاتها على نهر النيل .
هذا بالإضافة إلى تنمية الموارد البشرية والحوكمة، بما يتيح بناء قيادات شابة قادرة على إدارة منظومة الري الحديثة، تحت مظلة برنامج "قيادات الجيل الثاني"، كما تسعى الوزارة إلى زيادة العائد الاقتصادي من خلال جذب استثمارات جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف تعظيم موارد الدولة، وكذلك رفع دخل العاملين الذي وصل حتى الآن إلى نحو ٢٠٠%، مع استهداف تحقيق زيادةٍ إضافيةٍ قدرها ١٠٠% أخرى بحلول عام ٢٠٢٦ .
وعلى المدى البعيد، وحتى عام ٢٠٣٠، تهدف الوزارة إلى تحقيق مستوى دخلٍ تنافسيٍ لجميع العاملين يُمكّنها من الاحتفاظ بكوادرها المتميزة ومواصلة تطوير قدراتهم .
وفي هذا السياق، لا يفوتنا أن نُشير إلى التطورات الإقليمية الأخيرة، حيث نجحت الجهود المصرية، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في التوصل إلى اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، بعد مسارٍ تفاوضيٍ كُلل بالنجاح مؤخراً بمدينة شرم الشيخ بمشاركة فاعلة من مختلف الأطراف الدولية، وتُعرب وزارة الموارد المائية والرى عن خالص تهنئتها للأشقاء في فلسطين، وتؤكد التزامها بمواصلة دعم الشعب الفلسطيني في جهود إعادة الإعمار، ولا سيّما في قطاعات المياه والخدمات الأساسية، مع استعداد الوزارة لنقل خبراتها الفنية والمساهمة في المشروعات ذات الصلة .
وفى الختام، أشكر كل من أسهم في تنظيم هذا الأسبوع، وكل شركائنا من الدول والمؤسسات والمجتمع العلمي والقطاع الخاص، لنعمل معًا - من القاهرة إلى كل عاصمة - على أن نجعل من هذه الدورة علامة فارقة تُقاس بقدر ما تُحدِثه من تغيير على الأرض .