مع حلول فصل الخريف يعاني بعض الأشخاص من الاكتئاب. فما أسباب ذلك؟ وكيف يمكن مواجهته؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، قالت الدكتورة زابينه باري إن الشعور بالاكتئاب خلال فصلي الخريف والشتاء يندرج ضمن ما يعرف "بالاضطراب العاطفي الموسمي"، مشيرة إلى أن الشعور بالاكتئاب يرجع إلى قِصر النهار والأجواء الغائمة والكئيبة خلال هذا الوقت من العام.
وأوضحت الطبيبة النفسية الألمانية أن ضوء النهار يتمتع بأهمية كبيرة لإنتاج فيتامين "د"، الذي يؤثر على حالتنا المزاجية.
وأشارت باري إلى أنه يمكن مواجهة اكتئاب الشتاء من خلال الحرص على التعرض لضوء النهار، من أجل شحن مخزون الجسم من فيتامين "د"، مع إمكانية تناول المكملات الغذائية المحتوية على فيتامين "د"، في حال النقص الشديد تحت إشراف الطبيب.
ويمكن أيضا استخدام ما يعرف "بمصباح ضوء النهار"، والذي يحاكي – كما يتضح من اسمه - ضوء النهار. ويراعى أن يتمتع المصباح بإضاءة لا تقل عن 10000 لوكس.
ولدعم إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي، من الأفضل الجلوس أمام المصباح في الصباح لمدة نصف ساعة على الأقل، ويمكن أيضا القيام بذلك في وقت آخر من اليوم، ولكن ليس قبل الذهاب إلى الفراش مباشرة.
ويراعى التحديق في الضوء بين الحين والآخر، مع مراعاة عدم النظر إلى المصباح طوال الوقت؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى الإضرار بالعين على المدى الطويل.
ومن المفيد أيضاً تناول الأغذية المحتوية على هرمون "التربتوفان"، وهو مرحلة أولية "للسيروتونين"، والذي يعرف باسم "هرمون السعادة". وتتمثل المصادر الغذائية لهرمون التربتوفان في الجبن والأسماك واللحوم والمكسرات والبقوليات، بالإضافة إلى الشوكولاتة، التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو.
ومن المهم أيضا تناول الخضروات والفواكه الطازجة بكثرة، إلى جانب المواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الشتاء ضوء النهار
إقرأ أيضاً:
رحيل الفصول
في الظهيرة كانت الشمس تتوارى خلف أغصان السنديانة العملاقة، وقفت تلك الطفلة ذات الأعوام الستة تحت ظلال الشجرة بفستانها القطني الأبيض وشعرها الأحمر المموّج، حافية القدمين، تتهادى مع نسمات الهواء المنعشة، من بين أناملها الصغيرة التي تحركها برشاقة وكأنها تعزف على قيثارة سحرية، تخرج قطع من الغيوم ترتفع وتحلق في السماء وترتفع معها الطفلة فتبدو كأنها كوكب دريّ، ترسم بأناملها قططًا... سلاحف ونجومًا عديدة بين الغيوم، ثم تعود للهبوط على أرض البستان بلطف وسكينة تزينها ابتسامتها الساحرة، طفلة جذابة تسلب عقل كل من تقع عيناه عليها برقّتها وحذقها تتسلل إلى القلوب.
انتهى فصل الخريف ومن قبله الصيف، وعندما آن موعد الشتاء قرر أن يغيب هذا العام، لكن الربيع أبدى استياءه وامتعاضه من الأمر، الربيع ذو أطباع هادئة ومشاعر مرهفة لم يُعرف عنه إظهار القسوة أو الغضب، دائمًا يكون مصدرًا للحنان واللطف والجمال، لكن قسوة الشتاء وأنانيته لم تدعا للربيع مجالًا ليتعامل مع الشتاء بلطف ولين.
أحضرت التقويم السنوي اقتطعت منه بضع أوراق كانت تمثل أيام الشتاء القارسة، ظننت أن الأمر في غاية السهولة، تتطاير بضع أوراق من التقويم فتتطاير معها أيام من السنة كلها ليختفي فصل كامل ويصبح عامنا بلا شتاء.
لكن السنة أبت أن تمضي دون شتاء رفضت أن تجعل الأمر يعبر دون ترفيه عن نفسها بمعركة بين الفصول، أرسل الربيع جيشًا للقتال مكوّنًا من الورود المتنوعة والعصافير المختلفة ليجبر الشتاء على العودة والانضمام لفصول السنة الأربعة مجددًا، بالمقابل جهز الشتاء حراسه من زخات المطر الباردة وقطع الجليد اللامعة ليدافع بهم عن نفسه ضد جيش الربيع، اتقدت الحرب بينهما واستمرت لأيام وأسابيع طويلة حتى أصيب الجيشان كلاهما بالتعب والإرهاق، بعد مضي خمسة أسابيع توقفت الحرب وكانت خسائر الفصلين فادحة، حينها نصّب الخريف الحكيم نفسه قاضيًا في ساحة المعركة لينهي الأمر ويحافظ على ما تبقى من أرواح، أصدر قرارًا لكل من الربيع والشتاء أنه لابد أن يستبعدا من فصول السنة عقابًا لهما هذا العام بل ويجب عليهما إصلاح الأضرار التي خلفتها الحرب بينهما، قدم الربيع اعتراضه وأبدى حزنه واحتجاجه لشعوره بالظلم فلم يكن خطؤه منذ البداية، لقد أجبره الشتاء على التخلي عن صفاته اللطيفة التي طالما عُرف بها، لكن كلماته تبعثرت مع نسمات الهواء.
وحيدة كنت أسير على رمال الشاطئ الزهرية، لبرهة ظننت أن الشمس تغرق في مياه المحيط، كل شيء حولي كان يصطبغ بلون أحمر ياقوتي، أمعنت النظر في تلك الشمس التي تعلقت بأطراف الماء وكأنها تخشى أن تنطفئ، القمر يطل من خلف غيمة صغيرة على استحياء، بانتظار مغيب الشمس، عندما طال بقاء الشمس أرسل القمر بعض حراسه من النجوم ليختطفوا الشمس ويخبئوها في غرفة بلورية تقفل بمفتاح فضي صُنع من شعاع القمر، لا تستطيع الفرار منها حتى يحين موعد الصبح فتُطلَق سراحها، كل يوم وكل ليلة.
كل ما حولي مضحك مبكٍ، الشمس والقمر، الصباح والمساء، فصول السنة، والأغراب من هذا وذاك تلك الأرانب التي يزرعها والدي في حديقة المنزل، فتنتج أشجارًا من زهور أرنبية، تتفتح في الظهيرة وتذبل عند حلول المساء، هذه البذور كان قد ابتاعها من إحدى رحلاته إلى دولة تقع في أقاصي الشرق، بداية لم يكن أحد منا يصدق أن البذور حقيقية، لم يؤمن بحقيقتها سوى أبي، إلى أن نبتت بعضها صدفة في ليلة جميلة ماطرة، سرّ أبي بها وكان يعتني بها حتى أصبح يمتلك مزرعة هائلة من هذه الأشجار، من عجائب قريتنا الدافئة أن كل ما هو غير قابل للحدوث في سائر بقاع الأرض الشاسعة يمكن حدوثه فيها، فقط عليك أن تتحلى باليسير من الصبر وفيض من الإيمان.
بين حبات الرمال الزجاجية وجدت عصفورًا يختبئ من معركة الفصول، يختبئ ظنًا منه بأن الحرب ما زالت قائمة، مددت له يدي ليشعر بالأمان واحتضنته بحب وفرح عميقين عندما علم أن المعركة انتهت وإن السلام عاد ليعم أرجاء المدينة، يرتجف جسده النحيل بقوة، لمح في عينيه الذعر، تتوسع حدقة عينيه أشعر بها ترغب في أن تلتهم كل ما في الكون من طمأنينة، بوجه فقد بريقه، وجسد أصفر باهت، كيف لي أن أزرع الطمأنينة في وجدان هذا الصغير؟
بجوار المدفأة جلست أرتشف كوبًا من الشوكولاتة الساخنة، وأنا أستمع إلى مقطوعة موسيقية كلاسيكية، أتأمل لوحة بدأت برسمها منذ بضعة أيام، لوحة لفتى يحمل كرة زرقاء بيمينه، وفي كفه الأيسر ومضة أمل تشتعل وكأنها نجم سماوي سقط ليستقر في راحة يده، ابتسامته تشرق بالسعادة، ومن حوله في اللوحة تتطاير عصافير ملونة فهذه حمراء وتلك بنفسجية وهنالك في زاوية اللوحة يحدق بي عصفور أصفر صغير، عصفوري الذي وجدته بين طيات الرمال، وكأنه يأبى أن يفارقني فتوارى في لوحتي لكن حُسنه كان واضحًا بين الجمع، فرّ من اللوحة وحلّق عالياً ليقطف بعضًا من الغيوم الناعسة والتي كانت تنساب من بين أنامل الطفلة البهية أحضرها لي... طلب مني أن أتذوقها، ذابت في فمي وكأنها حلوى قطنية طعمها يشبه ندى الصباح... بل إنه أشبه بطعم الغد... ذلك الغد الذي نترقب قدومه حاملًا معه غائبًا وعد ذات يوم بالعودة لكنه نسي في غمرة الحياة أن يعود.
خاتمة..
خلف النافذة المغلقة هنالك من ينتظر.