هذه توقعات المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات عن الحرب في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات"، تقريرا، تحدث فيه عن الاشتباكات الدائرة بين مؤيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين، في جميع أنحاء العالم، والمسيرات الداعمة للفلسطينيين في كل من النمسا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والعراق وألمانيا واليمن وتشيلي وإيران وكولومبيا والأردن وبلجيكا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن فرنسا شهدت اشتباكات بين رجال الشرطة والمتظاهرين خلال الاحتجاجات المناهضة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في فرنسا. ومع أن الولايات المتحدة تؤمن بانتصار دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها بدأت منذ الجمعة 13 تشرين الأول/ أكتوبر إجلاء جميع مواطنيها من هناك.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن صراع دولة الاحتلال الإسرائيلي مع العالم العربي، يقود دولة الاحتلال بالفعل إلى مواجهة مع مصر والجزائر والكويت والبحرين ودول عربية أخرى. وبناء على ذلك، بات وقف تعزيز العلاقات الخليجية والمغاربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يمثل أولوية رئيسية لحماس ومساعديها.
وذكر الموقع أنه كلما طال أمد الحرب تقلّصت فرص فض نزاعات دولة الاحتلال الإسرائيلي طويلة الأمد مع الممالك العربية والدول الإسلامية الأخرى، بما في ذلك باكستان التي صرح رئيس أركانها العامة بأنه إذا شنّت دولة الاحتلال الإسرائيلي عملية برية ضد قطاع غزة سوف تقدم إسلام آباد الدعم الصاروخي الباليستي لحماس.
من المرجح وقف المفاوضات الناشئة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية، وكذلك مع الإمارات العربية المتحدة، وهو ما يخدم مصالح ايران. وقد تؤدي تصرّفات دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى إحباط الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين السعودية ودولة الاحتلال، أو نسفها تمامًا. وقد تعصف التطورات الأخيرة بمخطط مشروع الممر عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، الذي يعبر السعودية والأردن ودولة الاحتلال.
وأضاف الموقع أن استمرار الإمدادات إلى أوكرانيا، التي تستنزف المستودعات العسكرية الأمريكية وكذلك المستودعات العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بات مهمة صعبة. استفاد الأميركيون بشكل رئيسي من الهجوم الذي شنته حماس على الكيان ويتجلى ذلك في ارتفاع أسعار أسهم الشركات العسكرية الأمريكية بشكل حاد على خلفية الأعمال العدائية في دولة الاحتلال وقطاع غزة. في الوقت نفسه، قد تؤدي الحرب بين دولة الاحتلال وفلسطين إلى ارتفاع أسعار النفط، ما يهدد حوالي 40 بالمئة من صادرات النفط العالمية.
بعد هجوم حماس على الاحتلال الإسرائيلي، ارتفعت أسعار النفط بنسبة تزيد على 3 بالمئة. و نظرا لتوتر علاقات العرب مع دولة الاحتلال وفي ظل احتمال انخراط الدول المجاورة في الصراع، قد ترتفع أسعار النفط بشكل كبير. تُهدّد التطورات الأخيرة الإمدادات بشكل مباشر نظرًا لوجود دولتين مهمتين لإنتاج النفط بالقرب منها هما العراق وإيران، جنبا إلى جنب مع مضيق هرمز الذي يخدم جميع صادرات هذه الدول.
وحسب الرسم البياني الذي نشرته وكالة "بلومبرغ" حول مخاطر النفط في أعقاب الهجمات على دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن انتقام دولة الاحتلال المحتمل ضد إيران وسط تقارير عن تورطها في الهجمات يزيد بالفعل من المخاوف بشأن مضيق هرمز، الذي يمثّل شريان شحن حيوي هددت إيران في السابق بإغلاقه بسبب إرسال الولايات المتحدة سفنا حربية إلى المنطقة.
هل سيمتد الصراع إلى بقية المنطقة؟
أورد الموقع أن تجار النفط لا يتوقعون قفزة حادة في الأسعار في ظل غياب تهديد فوري للإمدادات. في المقابل، تنصب جميع الاهتمامات على طرق النقل والرد الأمريكي وإيران، باعتبارها أكبر منتج للنفط والداعم الرئيسي لحركة حماس التي هاجمت دولة الاحتلال الإسرائيلي.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة رفعت بالفعل العقوبات النفطية المفروضة على إيران سنة 2023 في محاولة منها لخفض عائدات موسكو والسماح لطهران ببيع الكمية التي تريدها من النفط. وعليه، يمكن للوبي دولة الاحتلال الإسرائيلي المتشدد في الكونغرس ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض إعادة فرض العقوبات ضد إيران، ما من شأنه زيادة دخل الاقتصاد الروسي من صادرات النفط والغاز.
وذكر الموقع أن الصراع الفلسطيني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي قد يتحول إلى دافع لاندلاع العديد من الاحتجاجات العربية الضخمة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى. وبسبب تكبد الفلسطينيين خسائر جسيمة تغيّر الرأي العام. حسب إحصاء اجتماعي تشهد فرنسا ارتفاعًا سريعًا في مستوى معاداة السامية. وبينما أصدر الحزب اليساري بقيادة جان لوك ميلينشون بيانا صحفيا يدعو إلى إنهاء "الاستعمار الإسرائيلي"، تعمل حكومة ماكرون على تعزيز الأمن في المدارس والمعابد اليهودية التي قد تكون معرضة للخطر.
تجبر الاحتجاجات المؤيدة لحماس وفلسطين في العديد من العواصم الأوروبية سلطات الدول الأوروبية على إظهار المرونة في هذا الأمر، وعدم إدانة العرب وتمجيد دولة الاحتلال الإسرائيلي دون تفكير. ونظراً لنسبة المسلمين في التركيبة العرقية الحالية لسكان البلدان الأوروبية، يتزايد حجم السخط الشعبي. لذلك، فإن الاتحاد الأوروبي الذي أراد في البداية تجميد المساعدات لفلسطين تراجع عن هذه الخطوة.
وبسبب المسيرات التي جابت دول الاتحاد الأوروبي دعما لفلسطين، توقع إيلون ماسك خلال تغريدة نشرها على التويتر قيام حرب أهلية في أوروبا قائلا: "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن الحرب الأهلية في أوروبا أمر لا مفر منه". وفي الوقت نفسه، تظهر العديد من مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت بالفعل اشتباكات بين أنصار حماس والشرطة في ألمانيا.
وفي بريطانيا، عقد جناح اليسار في حزب العمال مؤتمرًا لتهنئة حركة الشباب الفلسطينيين. ومن المرجّح وصول حزب العمال إلى السلطة في إنجلترا في الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت مبكر من السنة المقبلة، متغلبًا على المحافظين. وفي الوقت الحالي، يدعو حزب العمال البريطاني، دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "احترام القانون الدولي وعدم اللجوء إلى قتل المدنيين الفلسطينيين".
وحسب المحللين، أدّت الحرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى تفاقم الانقسام السياسي في أوروبا والولايات المتحدة والغرب ككل. وفي السنوات الأخيرة، تزايدت نسبة المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة، حيث تجاوزت في الوقت الراهن 31 بالمئة، مقابل 54 مؤيدين لإسرائيل. فيما يتعلّق بالديمقراطيين، يتعاطف الأغلبية مع العرب وليس مع المحتلّين مما يهدد بتفاقم الانقسام ويجعل دولة الاحتلال الإسرائيلي رهينة للحروب الثقافية المشتعلة حاليًا في الولايات المتحدة.
وفي الأثناء، هناك دعوات في الكونغرس لوقف الدعم الأميركي لـ "نظام الفصل العنصري" وفرض عقوبات في حال شنتدولة الاحتلال الإسرائيلي عملية بريّة في قطاع غزة. ومن جانبها، تطالب عضوة الكونغرس إلهان عمر بشكل مباشر بوقف قصف قطاع غزة وتتهم دولة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب.
وفي ختام التقرير، أشار الموقع إلى إمكانية تصاعد الوضع ما ينذر بنشوب حروب الشوارع في الغرب في كل مكان تقريبًا خاصة على خلفية الصراع الجاري بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة والفلسطينيين، بدعم من إيران ومسلمين آخرين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الفلسطيني فلسطين غزة طوفان الاقصي طوفان القدس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی والولایات المتحدة الولایات المتحدة الموقع أن فی الوقت
إقرأ أيضاً:
هل هناك مخطط سري لتفكيك سوريا؟
نشر السفير الأميركي في أنقرة، توم باراك، بصفته مبعوثًا خاصًا لبلاده إلى سوريا، رسالة لافتة عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، تناول فيها بالنقد سياسة الدول الإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط، وكشف عن الإستراتيجية التي تعتزم بلاده اتباعها في سوريا، قائلًا:
"قبل قرن من الزمان، فرض الغرب خرائط وحدودًا مرسومة وإدارات انتدابية وحكومات أجنبية. لقد قسم اتفاق سايكس-بيكو سوريا والمنطقة الأوسع من أجل المكاسب الإمبريالية، وليس من أجل السلام. وقد كلّف هذا الخطأ أجيالًا متعاقبة. لن نكرّر ذلك مجددًا.
إن زمن التدخلات الغربية قد ولى. المستقبل للدبلوماسية القائمة على الحلول الإقليمية، والشراكات، والاحترام المتبادل. وكما أكد الرئيس ترامب في خطابه في الرياض بتاريخ 13 مايو/ أيار، فإن الأيام التي كانت فيها القوى الغربية تأتي إلى الشرق الأوسط لتعطي دروسًا حول كيفية العيش وإدارة الشؤون، قد انقضت.
لقد وُلدت مأساة سوريا من رحم الانقسام. ولا يمكن أن تولد من جديد إلا عبر الكرامة والوحدة والاستثمار في شعبها. وهذا يبدأ بالحقيقة والمساءلة والتعاون مع أبناء المنطقة، لا بتجاوز المشكلة دون حلها.
نحن إلى جانب تركيا ودول الخليج وأوروبا- لا بالجنود والخطب والحدود الوهمية، بل إلى جانب الشعب السوري ذاته. بسقوط نظام الأسد، فتحنا الباب نحو السلام؛ ومن خلال رفع العقوبات، نتيح للشعب السوري فرصة فتح ذلك الباب واكتشاف طريق نحو ازدهار وأمن متجددين".
إعلانمن اللافت أن تأتي رسالة كهذه من سفير الولايات المتحدة، التي لطالما كانت واحدة من أركان القوى الإمبريالية المتورطة في غمر الشرق الأوسط بالدم عبر سياسات الاحتلال، متحدثًا عن "المندوبين" البريطانيين والفرنسيين، كما لو أن بلاده لم تسلك النهج ذاته.
ومن اللافت أيضًا، أن الولايات المتحدة -التي تنتقد ما فعلته بريطانيا وفرنسا قبل قرن- هي نفسها اليوم من تحدد مصير دول الشرق الأوسط، من بُعد 15 ألف كيلومتر.
محتوى الرسالةما أثار استغرابي استشهاد السفير الأميركي باراك باتفاقية سايكس-بيكو، التي لم تتجاوز في حقيقتها تبادلًا للمراسلات بين وزراء ودبلوماسيين وبيروقراطيين في بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، ولم تُوقَّع قط.
لقد سميت "اتفاقية سايكس-بيكو" نسبة إلى الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرنسوا جورج بيكو، وهي خطة سرية صيغت إبان تفكك الإمبراطورية العثمانية، لتحديد كيفية تقسيم الشرق الأوسط بين هذه القوى الاستعمارية.
لكنها، رغم تسميتها "اتفاقية"، لم تتعدَ كونها خطة بقيت في طور النقاش. فقد جرت المفاوضات بشأن بنودها بين 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 1915، و3 يناير/ كانون الثاني 1916 بمشاركة روسيا، وبريطانيا، وفرنسا. ولكنها لم تتحول إلى اتفاقية رسمية بسبب قيام الثورة البلشفية في أكتوبر/ تشرين الأول 1917 في روسيا.
وبعد سقوط الحكم القيصري، نشر البلاشفة نص "خطة سايكس-بيكو" في صحيفة "إزفستيا" بتاريخ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، في إطار حربهم الإعلامية ضد القوى الرأسمالية الأوروبية التي خشيت من تمدد الشيوعية إلى أراضيها. وكانت تلك المرة الأولى التي اطلع فيها العالم على نوايا بريطانيا، وفرنسا لتقسيم المنطقة، ما كشف الأهداف الحقيقية للإمبريالية الغربية.
لقد تجاهلت هذه الخطة الخصوصيات الإثنية والدينية لسكان الشرق الأوسط، وسعت إلى تقسيمه على الورق إلى دول وحدود اصطناعية. والاستثناء الوحيد في الخطة كان ما يتعلق بفلسطين، إذ دعم وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، في رسالته الشهيرة بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 إلى اللورد روتشيلد، إقامةَ وطن قومي لليهود في فلسطين. وكانت تلك الرسالة بمثابة الشرارة الأولى في حريق الشرق الأوسط.
إعلانوقد تأسست الدولة الصهيونية الإسرائيلية في عام 1948، ومنذ عام 1967 وحتى اليوم، تواصل إشعال الحروب في المنطقة، وعلى رأسها فلسطين، لتحقيق أهدافها الصهيونية.
ورغم أن "خطة سايكس-بيكو" لم توقّع رسميًا، فقد تم تطبيقها جزئيًا: خضعت سوريا للانتداب الفرنسي، بينما وُضع العراق وبعض دول الخليج تحت انتداب بريطاني.
وفي أعقاب توقيع هدنة مودروس عام 1918، والتي أنهت الحرب بين الدولة العثمانية والحلفاء، تم تسريح الجيش العثماني، واحتلت فرنسا مدن عنتاب وأورفا ومَرعش في جنوب الأناضول. وبإيعاز بريطاني، نزلت القوات اليونانية إلى إزمير يوم 19 مايو/ أيار 1919، لتبدأ مرحلة احتلال الأناضول.
وفي 23 أبريل/ نيسان 1920، ومع افتتاح الجمعية الوطنية الكبرى في أنقرة، انتهت الدولة العثمانية من الناحيتين القانونية والعملية. وبعد عامين، أنهت حرب الاستقلال التركية الوجود الأجنبي، ورسمت حدود الجمهورية الحديثة.
وهكذا، أدّى انسحاب الدولة العثمانية من الشرق الأوسط، وتحديدًا من سوريا، والعراق، إلى فوضى مستمرة منذ أكثر من قرن، كانت الدول الغربية السبب الرئيسي فيها.
وقد أدار البريطانيون والفرنسيون المنطقة عبر أنظمة انتدابية تابعة لهم، واستمرت هذه الأنظمة حتى سبعينيات القرن الماضي. ثم جاء دور إسرائيل، التي زرعت الفوضى والحروب والانقسامات، ولم تعرف هذه البلدان الاستقرار، ولم تتوقف الصراعات الإثنية والدينية منذ ذلك الحين. وما نشهده اليوم في العراق، ولبنان، وسوريا هو نتيجة ذلك الإرث الاستعماري.
هل الهدف تقسيمات جديدة؟من الواضح أن رغبة الولايات المتحدة في أن تحلّ محل بريطانيا، وفرنسا في معركة السيطرة على الشرق الأوسط تمثل العامل الأبرز وراء هذه الرسالة. لكن مضمون الرسالة يحمل دلالات عميقة وإشارات إلى ما قد يحدث في المستقبل.
حين تحدّث السفير عن سوريا وحدودها بعد الحرب الأهلية، انتابني شك عميق. فبيانه الذي لم يركز بشكل كافٍ على وحدة الأراضي السورية يثير تساؤلات: هل تمهّد الولايات المتحدة عبره الطريق لتقسيم جديد داخل سوريا بناءً على الانتماءات الدينية والإثنية؟
إعلانوهنا تذكرت ما قاله الرئيس الأميركي وودرو ويلسون أمام الكونغرس يوم 8 يناير/ كانون الثاني 1918، حين عرض رؤيته لعالم ما بعد الحرب العالمية الأولى في 14 بندًا، أحدها يتناول الدولة العثمانية:
"يجب ضمان سيادة آمنة للأتراك في المناطق التركية الحالية من الدولة العثمانية، ويجب تأمين حرية تامة للتطور الذاتي للشعوب الأخرى التي تخضع للحكم التركي، بما يضمن أمنها التام دون أي تهديد".
إذا كان توم باراك يريد أن يبشرنا برسالة من هذا القبيل، فعلينا أن نتهيأ لصراعات جديدة؛ لأن هذا التوجّه يعني، في جوهره، تفكيك الدولة القومية في الشرق الأوسط، وإرساء كيانات على أسس طائفية أو عرقية، وهو ما سيمهّد لحروب أهلية ونزاعات دموية لا تنتهي.
وفي العراق مثلًا، قد يتم تقسيم البلد إلى ثلاث مناطق: شيعية، وسنية، وكردية. وفي سوريا، قد تُرسم خرائط جديدة على أساس العرقيات والطوائف: العرب، والدروز، والأكراد، وتنظيمات مثل PKK/PYD، والعلويين.
ولعل ما تقوم به إسرائيل من تحركات تجاه الدروز والمنظمات الكردية الانفصالية مثل PKK/PYD-YPG في سوريا ليس إلا مؤشرًا على هذا المخطط.
ومن الأسباب الأخرى التي تدعو إلى الشك، ما قاله السفير باراك عقب لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في إسطنبول، حيث صرّح: "أوضحت أن تعليق العقوبات الأميركية على سوريا سيساهم في تحقيق هدفنا الأساسي، وهو الهزيمة الدائمة لتنظيم الدولة، وسيوفر فرصة أفضل لمستقبل الشعب السوري. كما هنأت الرئيس الشرع على خطواته العملية التي تتماشى مع ما طرحه الرئيس ترامب بشأن المقاتلين الأجانب، وتدابير مكافحة تنظيم الدولة، والعلاقات مع إسرائيل، والمخيمات ومراكز الاعتقال في شمال سوريا".
وأبرز ما طالب به ترامب خلال زيارته السعودية كان: "الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل".
إعلانإن مطالبة سوريا، التي تحتل إسرائيل أراضيها، بالانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام" ليست مجرد فكرة شخصية للرئيس ترامب. لذا، علينا أن نتفحص بعناية كلمات وتصريحات توم باراك. لأنه من غير الممكن أن تقدم الولايات المتحدة على أي خطوة في الشرق الأوسط دون علم إسرائيل أو إذنها أو دعمها.
وفي كل علاقة تكون إسرائيل جزءًا منها، سواء علنًا أو سرًا، تكون الحسابات دائمًا لصالح المشروع الصهيوني. ولهذا، يجب الحذر مما قد تخفيه التصريحات المفرطة في الود والغموض التي تصدر عن السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص لبلاده إلى سوريا، توم باراك، لأن بلاده، التي تتخذ النسر شعارًا وطنيًا، ليست صاحبة تاريخ في تبني سياسة سلام دون حسابات خفية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline