دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى توفير الحماية الدولية إلى المدنيين الأبرياء ووقف ترويعهم واستهدافهم، محذرا من أزمة إنسانية خطيرة في قطاع غزة ومن محاولات التهجير القسري بممارسات ترفضها مصر والعالم والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مشددا على رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية.

وقال الرئيس السيسي ـ في كلمته خلال افتتاح أعمال «قمة القاهرة للسلام 2023» امس في العاصمة الإدارية الجديدة: «نلتقي بالقاهرة، في أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا تختبر عمق إيماننا، بقيمة الإنسان، وحقه في الحياة وتضع المبادئ، التي ندعي أننا نعتنقها، في موضع التساؤل والفحص».

وأضاف: «أقول لكم بصراحة، إن شعوب العالم كله، وليس فقط شعوب المنطقة تترقب بعيون متسعة مواقفنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، اتصالا بالتصعيد العسكري الحالي، في إسرائيل والأرض الفلسطينية».

وأكد أن مصر تدين، بوضوح كامل، استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين، وفي الوقت ذاته، تعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة يفرض عليهم عقاب جماعي وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم المتحضر، ما يدفعنا لتأكيد دعوتنا، بتوفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء. وتساءل السيسي: أين قيم الحضارة الإنسانية التي شيدناها على امتداد الألفيات والقرون؟ أين المساواة بين أرواح البشر دون تمييز أو تفرقة أو معايير مزدوجة؟، مؤكدا أن مصر، منذ اللحظة الأولى، انخرطت في جهود مضنية، لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين في غزة، ولم تغلق معبر رفح البري في أي لحظة، إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبه الفلسطيني حال دون عمله.

وتابع: «وفي هذه الظروف الميدانية القاسية، اتفقت مع الرئيس الأميركي جو بايدن على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشراف وتنسيق مع الأمم المتحدة، ووكالة «الأونروا»، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وأن يتم توزيع المساعدات، بإشراف الأمم المتحدة، على السكان، في قطاع غزة».

الضغط الإنساني

وقال الرئيس المصري إن العالم لا يجب أن يقبل، استخدام الضغط الإنساني، للإجبار على التهجير، وقد أكدت مصر وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القســـري للفلسطينيـــين، ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، إذ إن ذلك ليس إلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة وإهدارا لكفاح الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار في العالم، على مدار 75 عاما، هي عمر القضية الفلسطينية.

وتابع: «يخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني، من يظن، أن هذا الشعب الأبي الصامد راغب في مغادرة أرضه، حتى لو كانت هذه الأرض تحت الاحتلال، أو القصف.. كما أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين وبتعبير صادق، عن إرادة جميع أبناء الشعب المصري فردا فردا»، مشددا على أن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفي كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبدا.

وتساءل الرئيس السيسي: هل كتب على هذه المنطقة أن تعيش في هذا الصراع للأبد؟ ألم يأن الوقت للتعامل مع جذر مشكلة الشرق الأوسط؟ ألم يأت الحين الذي ننبذ فيه الأوهام السياسية، بأن الوضع القائم قابل للاستمرار؟ وضع الاجراءات الأحادية والاستيطان وتدنيس المقدسات وخلع الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم، ومن القدس الشريف؟

وتابع: «واليوم تقول لكم مصر بكلمات ناصحة أمينة إن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى بل إن حلها الوحيد هو العدل، بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، في دولة مستقلة على أرضهم مثلهم، مثل باقي شعوب الأرض».

منع اتساع الصراع

وأضاف «نحن أمام أزمة غير مسبوقة تتطلب الانتباه الكامل، للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين، لذلك وجهت لكم الدعوة اليوم، لنناقش معا، ونعمل على التوصل إلى توافق محدد، على خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة وتنتقل فورا، إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار ثم البدء العاجل، في مفاوضات لإحياء عملية السلام، وصولا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش جنبا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشـرعـيـــة، للاضطـــــلاع بمهامها، بشكل كامل، في الأراضي الفلسطينية».

وقال الرئيس السيسي «دعونا نوجه رسالة لشعوب العالم بأن قادته يدركون عظم المسؤولية ويرون بأعينهم، فداحة الكارثة الإنسانية ويتألمون من أعماق قلوبهم، لكل طفل برئ، يموت بسبب صراع لا يفهمه يأتيه الموت بقذيفة أو قصف أو يأتي بطيئا، لجرح لا يجد دواء أو لجوع، لا يجد زادا».

لن نقبل التهجير

من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن قمة القاهرة للسلام تنعقد خلال ظروف في غاية الصعوبة والقسوة، إذ يواجه الشعب الفلسطيني الأعزل عدوانا وحشيا وغاشم من آلية الحرب الإسرائيلية، والتي تنتهك المحرمات والقانون الدولي الإنساني باستهدافها آلاف المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء والمنشآت دون تمييز، خاصة المشافي والمدارس ومراكز إيواء المدنيين الناجين من ويلات الحرب وقصف بيوتهم.

وأضاف خلال كلمته في القمة: «نحذر من محاولات تهجير شعبنا في غزة إلى خارجها، ومن أي عمليات طرد للفلسطينيين من بيوتهم أو تهجيرهم من القدس أو الضفة الغربية، ولن نقبل التهجير وسنبقى صامدين على أرضنا مهما كانت التحديات».

وقال: «نحذر من محاولات تهجير شعبنا في غزة إلى خارجها، ومن أي عمليات طرد للفلسطينيين من بيوتهم أو تهجيرهم من القدس أو الضفة الغربية، ولن نقبل التهجير وسنبقى صامدين على أرضنا مهما كانت التحديات». وأضاف «لن نرحل، لن نرحل، لن نرحل، وسنبقى في أرضنا»، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى أن يتحمل مسؤوليته لحماية الشعب الفلسطيني.

عواقب الصمت الدولي وخيمة

كما أكد الملك عبدالله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، خلال كلمته في القمة إن التقاعس والصمت العالمي على ما يحدث في الأراضي الفلسطينية ستكون عواقبه وخيمة على الجميع.

وأضاف العاهل الأردني «العهدة العمرية التي صدرت على عتبة بوابات القدس منذ نحو 15 قرنا من الزمان، وقبل أكثر من 1000 عام من صدور اتفاقيات جنيف، أمرت الجنود المسلمين بألا يقتلوا طفلا ولا امرأة ولا كبيرا في السن، وألا يقطعوا شجرة، ولا يؤذوا راهبا، ولا يدمروا كنيسة، وهذه قواعد الاشتباك التي يجب على المسلمين تطبيقها والالتزام بها، كما يتحتم ان يلتزم بها كل من يؤمن بإنسانيتنا المشتركة، فحياة كل المدنيين ثمينة».

وأوضح أن ما يحدث في غزة عقاب جماعي لسكان محاصرين لا حول لهم ولا قوة، وانتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب، وكلما تزداد وحشية الأحداث يبدو أن اهتمام العالم يقل شيئا فشيء، متابعا: «في أي مكان آخر كان العالم يدين استهداف البنية التحتية للمدنيين، والحرمان المتعمد للسكان من الغذاء والمياه والكهرباء، والاحتياجات الأساسية، وبالتأكيد كان لتتم مساءلة الفاعل فورا».

وشرح العاهل الأردني، إن أولوياتنا اليوم واضحة وعاجلة، أولا الوقف الفوري للحرب على غزة وحماية المدنيين وتبني موقف موحد يدين استهدافهم من الجانبين، انسجاما مع قيمنا المشتركة وقانوننا الدولي الذي يفقد كل قيمة إذا تم تنفيذه بشكل انتقائي.

قصف المستشفيات والمدارس والملاجئ

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيـريـــش، إن الشـعـــــب الفلسطيني صاحب قضية عادلة وشرعية، وعلى المجتمع الدولي العمل لإنهاء معاناته، مشددا على أهمية استمرار تقديم المساعدات الإنسانية باستدامة ودون توقف وتحرير الرهائن فورا، وبذل الجهود لمنع انتشار واستشراء العنف في المنطقة.

وأضاف غوتيريش، خلال كلمته في القمة، أنه يجب إنهاء الصراع المستمر على مدار عقود، لافتا إلى أن الأمور المروعة بحق الفلسطينيين، تتطلب تطبيق القانون الدولي لحمايتهم، وفق اتفاقية جنيف.

وأكد أهمية أن تتوقف إسرائيل عن قصف المستشفيات والمدارس والملاجئ ومقار الأمم المتحدة، داعيا إلى وقف إطلاق النار الآن، وبذل المزيد من الجهد لوقف بحر الدم لتحقيق الأمن والسلام على أساس الدولتين: «حان الوقت لاتخاذ إجراءات لإنهاء الكابوس المرعب الذي يهدد الأطفال في فلسطين».

احتواء الأزمة الخطيرة

كما قال جلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك البحرين، خلال القمة أمس انه «لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط دون تأمين حقوق الشعب الفلسطيني، وأن معاناة الشعب الفلسطيني تؤكد الحاجة الملحة إلى احتواء الأزمة الخطيرة وتوابعها الإنسانية».

وأضاف: «نتمسك بمبادئ الحوار والنهج السلمي كسبيل وحيد لتسوية النزاعات في المنطقة، نجدد تأييدنا للدور المحوري لمصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي وإسهاماتها في القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي»، مؤكدا أن تطورات الأحداث في غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق والظروف الصعبة والقاسية، التي يمر بها تؤكد الحاجة الملحة إلى احتواء هذه الأزمة الخطيرة وتأثيراتها الإنسانية.

وأكد أن الأزمة تتطلب جهدا ديبلوماسيا متواصلا بين كل الأطراف الإقليمية والدولية لوقف التصعيد، مضيفا: «يأتي ذلك علاوة على توفير الحماية للمدنيين الأبرياء، وتسهيل وصول المساعدات الطبية والمياه والوقود والكهرباء والغطاء لغزة بموجب القانون الدولي الإنساني».

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الدولی الإنسانی الشعب الفلسطینی فی غزة

إقرأ أيضاً:

برلماني يطالب المجتمع الدولي بالتوقف عن الصمت المريب تجاه الكارثة الإنسانية في غزة

أكد الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، أن التحركات الدبلوماسية والسياسية التي تقودها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه الأزمة في قطاع غزة، تمثل تجسيدا حقيقيا لضمير الأمة العربية، وانعكاسا لدور مصر التاريخي الذي لم يتغير في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والوقوف بجانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وجه آلة الحرب والانتهاكات الممنهجة، مشيرا إلى أن  الرئيس السيسي منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب على غزة تحرك على كافة المستويات الإقليمية والدولية، سواء عبر اتصالات مكثفة بقادة الدول المؤثرة، أو المشاركة في القمم الإقليمية، أو من خلال التنسيق الوثيق مع المنظمات الدولية، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية شاملة ووقف دائم لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها القطاع بشدة.

وأشار "محسب"،  إلى أن وزارة الخارجية المصرية، وبالتعاون مع الأجهزة المعنية وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة، أدت دورا حيويا في إدارة اتصالات معقدة بين الأطراف المتصارعة، كما عملت بشكل يومي على إدخال قوافل الإغاثة وتوفير الاحتياجات العاجلة، رغم العراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي في معبر كرم أبو سالم، مؤكدا ؤ أن مصر لا تنحاز لطرف ضد آخر، بل تتحرك من منطلق إنساني وأخلاقي، وتسعى إلى إنقاذ المدنيين، خاصة النساء والأطفال، الذين يدفعون ثمن حرب لا ذنب لهم فيها، مؤكدا أن التحركات المصرية تؤكد أن القاهرة لا تزال صوت العقل في منطقة مضطربة، وأنها قادرة على ملء فراغ سياسي دولي واضح في التعاطي مع الملف الفلسطيني.

وانتقد عضو مجلس النواب ،  الصمت الدولي تجاه الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة، قائلا: " إن المجتمع الدولي لم يثبت حتى الآن جديته في منع تصعيد الكارثة، بل اكتفى ببعض بيانات الإدانة التي لا تغني ولا تسمن من جوع"، مؤكدا  أن استمرار هذا الصمت المريب يبعث برسائل سلبية، ويشجع الاحتلال على مواصلة العدوان دون خوف من محاسبة، مطالبا  بضرورة تحرك عاجل من المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم في غزة، والعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

وشدد النائب أيمن محسب ، على أن دعم مصر في تحركاتها أصبح ضرورة أخلاقية وسياسية في آنٍ واحد، وأن جهود الدولة المصرية يجب أن تُقابل بدعم حقيقي من الدول الكبرى والمنظمات الدولية،  مؤكدا أن مصر ستظل في مقدمة الدول المدافعة عن الحقوق العربية، ولن تتراجع عن دورها مهما كانت التحديات، داعيا إلى دعم رؤية مصر التي تهدف لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

طباعة شارك أيمن محسب الشؤون العربية عبد الفتاح السيسي غزة فلسطين

مقالات مشابهة

  • تصاعد التنديد الدولي بعد اعتراض الاحتلال سفينة مادلين الإنسانية
  • حماس تدعو الأمم المتحدة للتحرك العاجل وكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني
  • “الجهاد الإسلامي” : استهداف العدو الإسرائيلي للقيادة لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا ثباتا وعزيمة
  • فتح: عيد الأضحى هذا العام يمر على الشعب الفلسطيني في ظل استمرار القتل
  • بعد الاطمئنان عليه .. الإمام الدبشة يشيد بمواقف الرئيس السيسي الإنسانية
  • فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها الفلسطينية
  • منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إلى مقاطعة مؤسسة «غزة الإنسانية»
  • برلماني يطالب المجتمع الدولي بالتوقف عن الصمت المريب تجاه الكارثة الإنسانية في غزة
  • رونالدو يحسم موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية.. ويؤكد: الكرة الذهبية فقدت قيمتها
  • الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح “ويتكوف” منحاز بشكل فاضح ضد حماس