بوتين ونظيره البرازيلي يبحثان الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
أجرى الرئيس الروسي، "فلاديمير بوتين"، مُكالمة هاتفية مع الرئيس البرازيلي، "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا"، بحثا خلالها الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا، حسبما أفادت وسائل إعلام روسية، مساء اليوم الإثنين.
وقال الكرملين في بيانه: "بمبادرة من الجانب البرازيلي، أجرى رئيس روسيا فلاديمير بوتين محادثة هاتفية مع رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وأعربا عن قلقهما البالغ إزاء العدد المتزايد من الضحايا المدنيين، وشددا على ضروروة وقف إطلاق النار في أسرع وقت، وإجلاء الأجانب من قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى القطاع.
ومع الأخذ في الاعتبار رئاسة البرازيل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الشهر، استعرض الرئيسان جوانب العمل معا لاتخاذ إجراءات عبر الأمم المتحدة لتهدئة الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية ودفع عملية السلام إلى الأمام على أساس قانوني دولي، بشكل يضمن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
وأشار الكرملين إلى أن بوتين أطلع الرئيس البرازيلي على تقييمه للخط المدمر الذي يتبعه نظام كييف ورعاته الغربيين، وأكد من جديد انفتاح روسيا على الحوار، شريطة أن تفي سلطات كييف بالشروط الروسية المعروفة، وتأخذ في الاعتبار الحقائق الجديدة.
ومن جهته أيد رئيس البرازيل فكرة إيجاد سبل لحل النزاع الأوكراني من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية.
تفاصيل اتصال بوتين ونتنياهو في ظل حرب غزة وإسرائيلأكد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، استعداد روسيا لمواصلة العمل من أجل وقف المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية بطرق سياسية ودبلوماسية، حسبما أفادت وسائل إعلام روسية، مساء اليوم الإثنين.
وجاء في بيان صادر عن الكرملين في أعقاب الاتصال الهاتفي بين بوتين ونتنياهو، يوم الاثنين، أن المناقشة كانت تتمحور حول "الأزمة الناجمة عن التصعيد الحاد للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بوتين الكرملين لولا دا سيلفا روسيا بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟
في مقالين سابقين يتمحوران حول «فلسطين: الدولة الضرورة»، طرحتُ رؤية ترى أن الدولة الفلسطينية لم تعد ترفاً سياسياً، بل ضرورة استراتيجية لبناء أمن إقليمي حقيقي. اليوم، أعود، من منظور آخر، لأسأل: هل قُتل شيمون بيريز، رمز التطبيع الاقتصادي والسلام التكنولوجي، تحت ركام الحرب والمجاعة في غزة؟
بصيغة أخرى: هل ماتت الأفكار الفلسفية التي شكّلت الأساس لرؤية بيريز في كتابه الشهير «الشرق الأوسط الجديد» (1993)؟ تلك الرؤية التي تخيّلت الإقليم مساحة تَعبر فيها المصالح فوق الجدران، وتقود فيه التكنولوجيا الإسرائيلية التنمية المشتركة.
فلسطين، في نظر بيريز، لم تكن عبئاً أمنياً، بل عنصراً أساسياً في نجاح التكامل. رؤيته لم تُولَد من فراغ؛ فقد استندت إلى جذور فلسفية واضحة: صهيونية غير قومية، كما في أفكار ناحوم غولدمان، وبراغماتية جون ديوي التي تمزج النظرية بالتطبيق، وفلسفة مارتن بوبر عن الحوار والتعددية.
بيريز أراد محاكاة النموذج الأوروبي: استبدال المصلحة بالقومية، والمشروعات بالحرب، لكنَّه لم يكن نزيهاً بالكامل؛ فرؤيته تجاهلت الاحتلال، وتغاضت عن أنَّ إسرائيل تمارس شكلاً من الفصل العنصري لا يقل فداحة عن نظام جنوب أفريقيا قبل مانديلا. مشروعه كان سلاماً بلا عدالة، لكنه، ورغم كل هذا، مهّد الطريق لاحقاً للاتفاقات.
في قلب تلك الرؤية كان الافتراض بأنَّ إسرائيل قادرة على «إدارة» التهديدات القريبة، لا إنهاء أسبابها. وقد تبنّت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هذا المنطق في التسعينات، معتبرة أن غزة والضفة يمكن ضبطهما أمنياً دون الحاجة لحل جذري.
بعد ثلاثة عقود، ورث بنيامين نتنياهو الدولة، لكن دون أن يرث رؤية بيريز. على العكس، بنى مشروعاً نقيضاً: مشروع «إسرائيل الكبرى»، مستخدماً السابع من أكتوبر ذريعة لتصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتطهير والمجاعة، لا عبر الاندماج.
نتنياهو أخذ عنوان «الشرق الأوسط الجديد» وجرّده من مضمونه. شعاره كان «السلام مقابل السلام»، بلا دولة فلسطينية، بل خريطة لإسرائيل الكبرى. وتزامَن ذلك مع صعود أصوات في واشنطن تعلن صهيونيتها علناً، دون خجل. بعد السابع من أكتوبر، لم تعد غزة مشكلة أمنية، بل «تهديداً يجب اقتلاعه»، وانهارت معها فكرة الاندماج الإقليمي. إسرائيل لم تعد تفكر في الربط عبر سكك الحديد أو مشاريع المياه، بل عبر الجدران الإلكترونية والطائرات المسيّرة وغرف المراقبة. تحوّل «غلاف غزة» إلى مبدأ إقليمي: جنوب لبنان منطقة عازلة، غور الأردن شريط أمني، وإيران خريطة ردع تمتد إلى نطنز وفوردو.
تطبيع دون تعايش. اندماج في الأسواق دون انفتاح على الشعوب. مشاريع تنمية بلا التزامات سياسية أو أخلاقية.
في هذا السياق، نعم: شيمون بيريز قُتل رمزياً في غزة. لم يُقصف جسده، لكن جرى اغتيال رؤيته برُمّتها. ورغم افتقاد رؤيته للعدالة لكننا نتحسر عليها في زمن الإبادة والمجاعة. سقطت فكرة بيريز التي كانت ترى إسرائيل جسراً اقتصادياً، عند أول صاروخ ضرب منزلاً في رفح، وعند أول غرفة عمليات حلّت محل غرفة التجارة. تحولت التنمية من شراكة إلى أداة سيطرة. وتحوّل الحلم إلى كابوس الإبادة.
نتنياهو لا يريد شرق أوسط جديداً كما تصوّره بيريز، بل شرق أوسط تحت السيطرة الأمنية الكاملة. تطبيع دون تعايش. اندماج في الأسواق دون انفتاح على الشعوب. مشاريع تنمية بلا التزامات سياسية أو أخلاقية. وهذا نموذج لا يمكن أن يستقر.
المفارقة أن إسرائيل التي تطمح إلى الاندماج التجاري، تُواصل بناء الأسوار والحواجز الأمنية. كأنَّها تريد أن تكون جزءاً من المنطقة اقتصادياً، ومعزولة عنها أمنياً. لكن في علم السياسة، هذا التناقض لا يصمد طويلاً، فلا يمكن لدولة أن تهيمن بالسلاح، وتُعامَل كشريك استثماري في الوقت نفسه.
مشروع بيريز كان ناقصاً، لم يعترف بالاحتلال، ولم يضع فلسطين شرطاً بل وسيلة، لكنَّه أدرك أنَّ العزلة خطر استراتيجي. أمَّا مشروع نتنياهو فيجعل من العزلة قيمة، ويَعدّ أن التفوق العسكري هو مفتاح الاستقرار.
ما نشهده، اليوم، ليس غلافاً أمنياً لإسرائيل، بل طوق خانق يلف المنطقة كلها.
«غلاف غزة» تمدَّد ليشمل دول الجوار. وهذه ليست وصفة لأمن مشترك، بل لتفجُّر دائم. ليس سلاماً، بل إملاء أمني.
من هنا، علينا نحن العرب أن نتمسك بالمسلَّمة الأساسية: لا شرق أوسط جديداً دون فلسطين. لا أمن دون عدالة. ولا استقرار دون دولة فلسطينية ذات سيادة. وها هي فرنسا تقترب من هذه الرؤية العربية التي تحتاج إلى مزيد من الزخم.
شيمون بيريز مات رمزياً في غزة، لكن رؤيته قابلة للإنقاذ، إذا أُعيد تعريف الشرق الأوسط الجديد كحاجة عربية، لا كتصوّر إسرائيلي مفروض. وإن حجر الأساس لهذا الشرق الأوسط الجديد هو الدولة الفلسطينية.
الشرق الأوسط