ظاهرة القمر الفائق أو العملاق هي من الظواهر الفلكية التي تجتذب هواة الفلك في العالم، لما تقدمه من مشهد سماوي بديع، يظهر كل عام عدة مرات في سماء الليل.

وقد ظهر القمر الفائق (العملاق) الأول لهذا العام والمسمى "باك مون" في ليالي 2 و3 و4 يوليو/تموز الجاري، وهو الأكثر انخفاضا في السماء وبلغ الكمال على مسافة 361 ألفا و934 كيلومترا عن الأرض، وقد رآه سكان النصف الشمالي للكرة الأرضية وظهر في السماء الجنوبية الشرقية.

باك مون.. الأول والأصغر؟

ويوصف باك مون (Buck Moon) بأنه قمر عملاق لأنه يكون أقرب قليلا إلى الأرض من المتوسط، لذلك يبدو أكبر قليلا وأكثر إشراقا، ويستمد القمر اسمه من قرون ذكران الغزلان (ذكر الظبي) التي تنمو في هذا الوقت.

وإلى جانب كونه أقرب إلى الأرض من المتوسط، فإن باك مون هو أيضا واحد من أدنى الأقمار الكاملة في العام، ويُرى من نصف الكرة الشمالي، ذلك لأن اكتمال القمر في الليل يعكس وضع الشمس أثناء النهار، وعندما تكون الشمس في ذروتها في السماء أثناء النهار -كما هو الحال بالقرب من الانقلاب الصيفي في نصف الكرة الشمالي- يكون القمر الكامل في أدنى مستوياته، والعكس في ديسمبر/كانون الأول عندما يرتفع القمر عاليا ليلا فإنه يُرى من أعلى خط الاستواء.

ولأن القمر لم يكن مرئيا لأجزاء كبيرة من العالم، كما لم يكن حجمه أو إشراقه ملحوظا في بعض مناطق عالمنا العربي، فقد قام عالم الفلك جيانلوكا ماسي ومشروع التلسكوب الافتراضي (Virtual Telescope Project) في روما بإيطاليا ببث مباشر لقمر باك مون الكامل في سماء الليل لمراقبي السماء غير القادرين على مشاهدة القمر شخصيا.

وقد كتب ماسي "يوفر لنا القمر العملاق فرصة عظيمة للبحث عن السماء واكتشافها. إن إظهار الجمال المذهل هناك، وإشباع الرغبة في الاستمتاع به أكثر وأفضل، وفهم سبب اختفائه من مدننا، يجعل من الممكن إشراك الناس وتعزيز الإجراءات والسلوكيات المسؤولة تلقائيًا في استخدام الضوء الاصطناعي".

ما زال أمام الهواة 3 أقمار

وعادة ما تحدث الأقمار العملاقة عندما يكون القمر أقرب إلى الأرض من المتوسط؛ وذلك نظرًا لأن مدار القمر حول كوكبنا بيضاوي الشكل، لذلك فإن لكل شهر نقطة حضيض (أقرب مسافة) وأوج (أبعد مسافة)، وبالتالي يظهر فيها القمر أكبر أو أصغر قليلاً مع تغير المسافة بينه وبيننا، ووفقا لفريد إسبيناك، عالم الفلك في وكالة ناسا، فإن الأقمار التي تقع في حدود 90% من نقطة الحضيض في شهر معين تعتبر أقمارا عملاقة.

باك مون الكامل وهو يمر خلف مبنى إمباير ستيت في مدينة نيويورك في 23 يوليو/تموز 2021 (غاري هيرشورن/غيتي)

وإذا كان قد فاتتك مشاهد القمر العملاق الأول، فقد تبقى أمامك 3 من الأقمار الفائقة هذا العام، تظهر خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبلين، ويتوقع أن تكون تلك الأقمار أكبر قليلا وأكثر إشراقا.

حيث يظهر قمر الحفش (Sturgeon moon) في الأول من أغسطس/آب المقبل، يليه القمر الأزرق (Blue moon) في 30 من الشهر نفسه، ثم آخر الأقمار العملاقة لهذا العام وهو قمر الحصاد (Harvest moon) في 29 سبتمبر/أيلول المقبل.

وسيكون أكبر وألمع قمر عملاق في عام 2023 هو القمر الأزرق الذي سيبلغ الكمال على بُعد 357 ألفا و344 كيلومترا، ما يجعله الأقرب على الإطلاق للأرض هذا العام.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!

تتباين التقييمات المتعلقة بالاقتصاد العراقي، حسب اختلاف مصادرها سواء كانت تقارير دولية، أو تصريحات وأرقام رسمية عراقية (في حال توفرها طبعا، فثمة عداء تاريخ بين المؤسسات العراقية وحق الوصول إلى المعلومات) حتى ليبدو الأمر وكأننا نتحدث عن دولتين مختلفتين!

فلو راجعنا موقع البنك المركزي العراقي، سنجد أن آخر تقرير عن الاستقرار المالي يعود إلى عام 2023، وإلى نهاية الشهر الخامس عام 2025، ولم يصدر تقرير الاستقرار المالي لعام 2024!

كما لم يصدر حتى اللحظة التقرير الخاص بالفصل الأول من عام 2025 الخاص بـ«الإنذار المبكر للقطاع المصرفي». لكن مراجعة التقرير الخاص بالفصل الرابع عام 2024 تكشف انخفاض صافي الاحتياطي الأجنبي بنسبة (10.2٪) حيث بلغ 103.8 ترليون دينار عراقي بعد أن كان 145.6 تريليون دينار عراقي نهاية الفصل الرابع عام 2023، ولم يقدم البنك تفسيرا لأسباب هذا الانخفاض، بل اكتفى بالقول إن «النسبة بقيت إيجابية ومؤثرة لأنها أعلى من النسبة المعيارية المحددة بنسبة 100٪»!

يشير التقرير أيضا إلى أن الدين الداخلي حقق نموا في الفصل الرابع من العام 2024 بنسبة 17.0٪ مقارنة بذات الفصل من العام 2023، ليسجل 83.1 ترليون دينار عراقي (حوالي 63 مليار دولار) بعد أن كان 70.6 ترليون دينار (53.48 مليار دولار) في الفصل الرابع من العام 2023. وأن نسبة هذا الدين بلغت 53.92٪ من إجمالي الدين العام، فيما انخفض معدل الدين الخارجي في هذا الفصل بنسبة 2.9٪ مقارنة بذات الفصل من العام 2023، وشكل الدين الخارجي 46.08٪ من إجمالي الدين في هذا الفصل (مقارنة الدين الخارجي هذه بالأرقام التي أطلقها الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية والذي تحدث عن انخفاض الدين الخارجي الى 9 مليارات دولار فقط تبيّن الاستخدام السياسي لهذه الأرقام)!

أما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، فيشير التقرير إلى أنه قد سجل ارتفاعا في الفصل الرابع من العام 2024 ليبلغ 95.6 ترليون دينار عراقي بالأسعار الجارية، مسجلا نموا بنسبة 7.5٪ مقارنة بذات الفصل من عام 2023، إذ كان يبلغ 88.9 ترليون دينار. ويقدم التقرير سببا وحيدا لهذا النمو وهو «نتيجة ارتفاع الإنفاق الحكومي بنسبة تجاوزت 30٪ خلال ذات الفترة»! ولكن التقرير لا يقدم لنا أي معلومة أو تفسير لأسباب هذا الارتفاع غير المفهوم للإنفاق الحكومي، وإذا ما كان مرتبطا بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام، أم مرتبط بسياسات ارتجالية ذات أهداف سياسية بحتة، فارتفاع الإنفاق الحكومي قد يكون في أحيان كثيرة دليل على الفشل وليس النجاح، خاصة إذا أدى الى عجز أو ارتفاع الدين العام وزيادة معدلات الفساد!

أما فيما يتعلق بالتضخم، فتقرير العام 2023 «الإنذار المبكر للقطاع المصرفي» ينبهنا إلى الانخفاض في نسب التضخم إلى آلية حساب تلك النسبة، إضافة إلى تغيير سنة الأساس من احتساب الرقم القياسي للأسعار من 2012 إلى 2022، وبالتالي نحن أمام أرقام خادعة تماما فيما يتعلق بحساب نسب التضخم وذلك لارتفاع نسبة التضخم في العام 2022 قياسا إلى العام 2012.

واعتمادا على ذلك فقد سجل معدل التضخم في الفصل الرابع من عام 2024 (2.8٪) بعد أن كان 3.5٪ في الفصل الثالث من ذات العام، لينتهي إلى أن هذا يدل على «وجود استقرار في المستوى العام للأسعار»، من دون أن يقارن ذلك مع معدل التضخم في الفصل الرابع من العام 2023 وفقا لمنهجية التقرير! ولكن الترسيمة المصاحبة تقول شيئا مختلفا تماما، فقد سجل الفصل الأول من العام 2024 تضخما بنسبة 0.8٪، ليرتفع هذا المعدل في الفصل الثاني إلى 3.3٪، ثم ليرتفع إلى 3.5٪ في الفصل الثالث، وبالتالي فإن الانخفاض الذي سجله الفصل الرابع الذي عده التقرير دليلا على «الاستقرار في المستوى العام للأسعار» تنقضه تماما هذه الأرقام، وتكشف عن معدل تضخم وصل في الفصل الرابع إلى 3.5 أضعاف معدل التضخم في الفصل الأول، وهو دليل على عدم استقرار المستوى العام للأسعار!

وبدلا من أن تدق هذه الأرقام ناقوس الخطر حول الوضع المالي، أعلنت الحكومة العراقية في جلستها يوم 15 نيسان 2025، تخويل وزارة المالية سحب مبالغ الأمانات الضريبية التي لم يمض عليها خمس سنوات، وهي تزيد على 3 ترليونات و45 مليار دينار عراقي لتمويل وتسديد رواتب شهر نيسان والأشهر اللاحقة، ويعني هذا عمليا أنها قد أضافت إلى موازنتها المقررة مبلغا يزيد على 2.6 مليار دولار، وأنها أضافت دينا داخليا إضافيا إلى إجمالي الدين العام بمبلغ يزيد على 2.6 مليار دولار دون سند قانوني، وأنها خالفت قانون الموازنة وقانون الإدارة المالية للدولة!

على الجانب الآخر أصدر صندوق النقد الدولي يوم 15 أيار 2025 البيان الختامي لخبراء الصندوق في ختام مشاورات جرت في بغداد وعمان. وكان من بين التوصيات أن على العراق اتخاذ تدابير عاجلة للمحافظة على الاستقرار المالي.

فالتقرير يتوقع أن يتراجع الناتح المحلي الاجمالي للعراق الى نسبة 2.5٪ في العام 2014، وهو ما يتناقض مع الأرقام التي قدمها البنك المركزي! ويرجع التقرير إلى التباطؤ في الاستثمار العام، وفي قطاع الخدمات، فضلا عن زيادة الضعف في الميزان التجاري، وبالتالي لا أحد يعرف أين يذهب هذا الحجم الكبير من الإنفاق العام الذي أشار اليه البنك المركزي العراقي.

لكن تقرير صندوق النقد الدولي يتورط باعتماد الرقم الرسمي العراقي المتعلق بنسبة التضخم، دون أن ينتبه إلى مغالطة الأرقام!

والتقرير يشرح أسباب تراجع الوضع المالي وانخفاض الاحتياطي الاجنبي، فيؤشر على أن العجز المالي للعام 2014 بلغ 4.2٪ من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بنسبة 1.1٪ في العام 2023. وهو يعزو أسباب ارتفاع الإنفاق الحكومي إلى الارتفاع في الأجور والرواتب (بسبب سياسات التوظيف المرتبطة برشوة الجمهور) ومشتريات الطاقة، وليس إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام. ويتوقع التقرير أن يتباطأ الناتج المحلي الاجمالي عام 2025، فضلا عن انخفاض الاحتياطات الأجنبية!

أما بالنسبة لأولويات السياسات المطلوبة تبعا لصندوق النقد الدولي، فيقينا أن لا يلتفت إليها أحد في العراق؛ ولن توقف الحكومة الحالية التوسع الكبير في الإنفاق الحكومي والمالية العامة، أو تقوم بفرض ضرائب انتقائية على الاستهلاك أو زيادتها، لاسيما أننا في موسم انتخابات، بل بالعكس هو ما سيحدث!

وستبقى سياسات التوظيف قائمة لأنها أداة رئيسية لرشوة الجمهور ووسيلة لصنع الجمهور الزبائني، وبالتالي لن يتوقف ارتفاع الدين العام، تحديدا الدين الداخلي، لتمويل العجز، ولن تفكر أي حكومة في إصلاح ضريبة الدخل، أو الحد من الاعفاءات الضريبية، أو تحسين الجباية فيما يتعلق بالخدمات، أو فرض ضريبة مبيعات، أو الحد من التوظيف في القطاع العام، أما مكافحة الفساد، او الحد منه، فهو أمر مستحيل، لأن الفساد في العراق أصبح فسادا بنيويا، وبات جزءا من بنية النظام السياسي، وجزءا من بنية الدولة نفسها، والأخطر من ذلك أنه تحول إلى سلوك بطولي في المجتمع العراقي!

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • دراسة..نصف سكان العالم تعرضوا لشهر إضافي من الحر الشديد بسبب التغير المناخي
  • وسط منظومة استعدادات مبكرة.. صندوق الشهداء يستقبل الحجاج من مستفيديه لعام 1446هـ
  • كيف عوّضت الأرض فلسطينيا بعد فقدان عمله خلال الحرب؟
  • الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقرب من المريخ
  • لأول مرة.. الصين تطلق نبضات ليزر دقيقة إلى القمر نهارا
  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • « الفضاء المصرية» تستضيف طلاب أسيوط في رحلة لاكتشاف أسرار الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الفضائية
  • السماء تبتسم.. هلال القمر يتلألأ بين نجمين في ظاهرة فلكية ساحرة!
  • فلكية جدة: ابتسامة سماوية في سماء المملكة اليوم
  • انخفاض نسبة المدخنين في مصر إلى 14% لعام (2023/2024)