يخلد الشعب المغربي، غدا السبت، بكل فخر واعتزاز، الذكرى الثامنة والستين لعيد الاستقلال المجيد الذي جسد انتصار إرادة العرش والشعب والتحامهما الوثيق للذود عن وحدة الوطن وسيادته ومقدساته.

 

وتعد هذه الذكرى المجيدة (18 نونبر من كل سنة) من أبرز المنعطفات التاريخية التي طبعت مسار المملكة، ومن أغلى الملاحم الوطنية الراسخة في قلوب المغاربة، لما تحمله من دلالات عميقة ودروس بليغة وبطولات عظيمة وتضحيات جسام وأمجاد تاريخية خالدة.

 

وتحل ذكرى عيد الاستقلال، كلحظة تاريخية للتأمل والتدبر في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، في سياق نضالي شامل ومتكامل يشج أواصر العروة الوثقى بين العرش والشعب، ويعزز العهد الوثيق القائم بينهما، للمضي قدما على درب تحقيق النمو والازدهار في كل المجالات وبلوغ المملكة المكانة التي تستحقها بين دول العالم.

 

وكثيرة هي المعارك البطولية والانتفاضات الشعبية التي خاضها أبناء الشعب المغربي بكافة ربوع المملكة في مواجهة الوجود الأجنبي والتسلط الاستعماري. ومن تلك البطولات، معارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان وانتفاضة قبائل آيت باعمران والأقاليم الجنوبية وغيرها من المحطات التاريخية التي لقن فيها المقاومون للقوات الاستعمارية دروسا رائعة في الصمود والتضحية.

 

ومن أبرز المحطات التاريخية التي طبعت مسار الكفاح الوطني الزيارة التاريخية التي قام بها بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة يوم 9 أبريل 1947، تأكيدا على تشبث المغرب، ملكا وشعبا، بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته.

 

وبعد تلك الزيارة الحبلى بقيم التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار، اشتد تكالب سلطات الحماية، لاسيما أن جلالة المغفور له محمد الخامس لم يخضع لضغوطها، فكانت مواقفه الرافضة لكل مساومة سببا في شروع المستعمر في تدبير مؤامرة النفي.

 

وفي لحظة التحام للأمة، تعكس ذكرى كفاح شعب توحد وراء ملكه، انطلقت شرارة ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953، التي يعد الاحتفاء بها مناسبة للأجيال الصاعدة لإدراك حجم التضحيات التي بذلها أجدادهم للتحرر من جور الاستعمار واسترجاع المغرب لاستقلاله.

 

وانتصرت الإرادة القوية للأمة، بتناغم مع العرش للدفاع عن القيم الوطنية المقدسة، ضدا على مخططات المستعمر الذي لم يدرك أنه بإقدامه على نفي رمز الأمة، جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته الشريفة، لم يقم سوى بتأجيج وطنية المغاربة والتعجيل بنهاية عهد الحجر والحماية.

 

ولم يهدأ بال المغاربة في كافة ربوع المملكة إلا بعودة جلالة المغفور له محمد الخامس في 16 نونبر 1955، حاملا معه لواء الحرية والاستقلال ومعلنا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، من أجل بناء مغرب الاستقلال.

 

وفي الـ18 من نونبر، أعلن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، وإلى جانبه رفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني، "انتهاء ربقة الاحتلال وبزوغ عهد الحرية والاستقلال".

 

وبعد تحقيق الاستقلال، دخلت المملكة المغربية في حقبة جديدة، تمثلت في المقولة الشهيرة لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس: "لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، حيث انخرطت المملكة في العديد من الإصلاحات التي همت كل القطاعات الحيوية من أجل بناء المغرب الجديد ومواصلة ملحمة تحقيق الوحدة الترابية.

 

وسيرا على نهج والده المنعم، خاض جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني معركة استكمال الوحدة الترابية، فتم في عهده استرجاع مدينة سيدي إفني في 30 يونيو 1969، كما تحقق استرجاع الأقاليم الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء التي انطلقت يوم 6 نونبر 1975. وفضلا عن ذلك حرص جلالة المغفور له الحسن الثاني على بناء دولة القانون والمؤسسات الحديثة، وإرساء نظام سياسي وديموقراطي ي حتذى به.

 

وترسيخا لمسيرة البناء، التي نهجها جلالة المغفور له محمد الخامس ومن بعده جلالة المغفور له الحسن الثاني، يشهد المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس العديد من الأوراش التنموية العملاقة والإصلاحات الكبرى التي تهم مختلف المجالات، لاسيما من خلال إطلاق النموذج التنموي الجديد، وورش تعميم الحماية الاجتماعية، مما يعكس العناية التي يوليها جلالته للعنصر البشري، وذلك منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين.

 

ومن المؤكد أن الاحتفال بعيد الاستقلال يمثل لحظة للقيام بوقفة تأملية تستحضر تاريخ المغرب الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة من أجل الذود عن مقدسات البلاد، ومناسبة لاستلهام ما تزخر به هذه الذكرى من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة الشاملة، وزرع روح المواطنة، وتحصين المكاسب الديمقراطية، ومواصلة مسيرة الجهاد الأكبر، وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية للمغرب، وربط الماضي التليد بالحاضر المجيد والمستقبل الواعد.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الوحدة الترابیة التاریخیة التی الحسن الثانی من أجل

إقرأ أيضاً:

الوحدة اليمنية.. ذكرى تتجدد في ظل تحديات غير مسبوقة

يمن مونيتور/ تعز/من إفتخار عبده

تحل اليوم الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية، ذكرى توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي، هذه الوحدة التي لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل نتيجة لنضال طويل الأمد لشعب سعى لتحقيق حلمه بالوحدة والاستقرار.

وتأتي اليوم هذه المناسبة في ظل وضع مأساوي مرير تعيشه اليمن في ظل صراع القوى المحلية، وطمع القوى الخارجية، وفي ظل تهديداتٍ كبيرة ومحاولاتٍ كثيرة للقضاء عليها.

ورغم تعقيدات المشهد السياسي الراهن، وتعدد الفاعلين المحليين والإقليميين، لا يزال اليمنيون متمسكين بالوحدة مؤكدين أنها ليست مجرد ضم جغرافيّ؛ بل إرادة وطنية شاملة لتحقيق تطلعات شعبٍ عانى مرارة التشطير والضياع”.

وحظيت هذه المناسبة بتفاعل كبير من قبل اليمنيين، سواء من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالاحتفاء بها على أرض الواقع، في الوقت الذي كان يتوقع فيه المتآمرون أنها قد غادرت القلوب قبل الأذهان.

إرادة شعب

بهذا الشأن يقول الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي” في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م تحقق حلم اليمنيين بوحدة وطنية جمعت شطري البلاد، الشمال والجنوب، في كيان واحد بعد ألم التشطير الطويل”.

وأضاف الجبزي لـ”يمن مونيتور” اليوم وبعد 35 عامًا، تأتي هذه الذكرى في ظل واقع مرير، يعيشه الوطن الممزق سياسيًا واجتماعيًا، وعقائديًا، لتكون هذه الذكرى شاهدة على أن الوحدة هي المصير الحتمي لبقاء اليمن عزيزا”.

وأشار إلى أنه” منذ انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014، دخل اليمن في دوامة من الصراعات، أدت إلى انهيار الدولة ومؤسساتها، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، في الشمال والجنوب، ما أدى إلى ظهور دعوات للانفصال لعل الانفصال يكون الحل المناسب لما يعيشه أبناء الجنوب”.

وتابع” الجنوبيون الذين يدعون إلى الانفصال اليوم، هم منقسمون إلى قسمين قسمٌ يبحث عن العيش الكريم ويرى في الوحدة عائقًا كبيرا، وهذا لا يدري ما حقيقة المعاناة التي يعيشها، وقسم آخر يدعو إلى الانفصال لأنه ممول خاريجيًا من أجل أن يعمل على زعزعة الصف ونشر الفوضى؛ وهذا متمثل بالمجلس الانتقالي المدعوم خارجيا”.

وأردف” اليوم جماعة الانتقالي ترفع أعلامًا غير العلم الوطني فوق المؤسسات الحكومية، بدعم من قوى خارجية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب وحدة اليمن واستقراره، وفي المقابل، يقاتل الحوثيون تحت راية مذهبية، مدعومين من دول تسعى لفرض سيطرتها على اليمن، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري”.

وواصل” أما القوى الوطنية التي تؤمن بالمشروع الجمهوري الوحدوي، فتجد نفسها دون دعم أو سند، في مواجهة تحديات جسام تهدد كيان الدولة اليمنية الجمهورية الموحدة، وهذا ما جعل الوحدة اليمنية تعيش اليوم على المحك، بين تمسك الشعب بها وبين نبذها من قبل أصحاب الأطماع والمصالح الشخصية”.

واختتم” في الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية، نستذكر تضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل هذا الوطن، ونجدد العهد على المضي قدمًا نحو تحقيق وحدة حقيقية، قائمة على العدالة والمساواة، بعيدًا عن الصراعات والمصالح الضيقة، وسيظل 22 مايو 1990 شمعة مضيئة في تاريخ اليمن، ونقطة انطلاق نحو مستقبل يسوده السلام والوحدة والتنمية”.

مقاومةٌ ضد مشاريع التمزيق

في السياق ذاته يقول الناشط الحقوقي والمجتمعي، محمد العامري” اليوم نستقبل الذكرى الخامسة والثلاثين لـ22 من مايو بقلبٍ مثقلٍ بالحزن وعقلٍ مشتعلٍ بالغضب ونفسٍ لا تزال تؤمن أن هذا الوطن لم يُخلق ليُقسم ولم يُولد ليموت”.

وأضاف العامري لـ” يمن مونيتور” نحتفي بهذه المناسبة في زمنٍ تكالبت فيه خناجر الداخل والخارج وتحوّلت فيه السلطة إلى سوق نخاسة والفساد إلى دينٍ جديد تُمارس طقوسه في دهاليز الدولة ومكاتب المنظمات وساحات الموانئ”.

وأردف” نعم خذلتنا الأنظمة وباعنا الزعماء وتمزقت أرضنا كما تمزقت قلوبنا وانتشر الخبث وتفشى الهَرج وساد الفساد حتى في السواحل والجزر والموانئ، لكنا ومع هذا كله نحتفل اليوم بهذه المناسبة العظيمة”.

وتابع” نحتفل لا طربًا بل عناد نحتفل لا نكرانًا للألم بل تمسك بالأمل، نحتفل لأننا نعرف أن الوحدة ليست قرارًا سياسيًا بل إيمان في الصدور وعقيدة في الضمير ومقاومة ضد مشاريع التمزيق والخنوع”.

وواصل” لن نيأس حتى ييأس اليأس منا، وسنظل نحلم ونقاوم، حتى تعود اليمن لليمنيين، تعود موحدة وحرّة كريمة تُنيرها العدالة لا الشموع، وتُروى من النهر لا من الدمع، وكل عام والوطن والشرفاء فيه بألف خير”.

ضرورة بشرية

بدوره يقول التربوي محمد علي قاسم” الوحدة ليست خيارًا سياسيا.. بل فريضة دينية وواجب وجودي، وضرورة بشرية، هي ليست مجرد تجميع أرض وشعوب؛ بل تأليف بين قلوب، وليست قوة عددية بل قوة ربانية ورابطة إيمانية”.

وأضاف محمد لـ “يمن مونيتور” لا تزال الوحدة اليمنية قائمة على أصولها رغم ما يقوم به المتآمرون عليها، الذين يكسبون المال ويضحون بالأوطان مقابل ذلك، لا يزال الشعب اليمني ذا وعيٍ بأهمية هذه الوحدة وما يزال متمسكا به رغم الظروف القاسية التي تعصف به من كل الاتجاهات”.

وأردف” اليوم أصبحنا نرى قصابين يحاولون فصل رأس اليمن عن جسده العربي والإسلامي لتقديمه قربانا لغريب أجنبي كي يمنحهم الأجنبي صك غفران سلالي أو زعامة فئوية، ونرى هنالك صعلوكاً – يحاول عبثًا- بيع قلعة الوطن بعاس(قطعة من خبز) وتمزيق نسيجها ليكشف للأجنبي سترها ويهتك عرضها مقابل دراهم معدودة”.

وتابع” بهذه المناسبة تؤكد أننا لا ننتمي لأولئك البيادق الشطرنجية الذين تعبث بهم وتحركهم أيادٍ أجنبية، ولا ننتمي لتلك الأجساد السلالية التي تبدو ظاهرها يمنية عربية قحطانية، لكن باطنها عنصرية فارسية عدوانية، نحن يمنيون ولهذا نحب هذا الوطن ونحب وحدته ونحتفي بهذه المناسبة، وسنعمل جاهدين على ترسيخها والحفاظ عليها”.

وواصل” لن نفقد الأمل بعودة الوطن إلى أحضان الأمن والأمان والسلم، لن نستسلم لهذه الظروف العصيبة، التي تحاول ثنينا، ليس منا أبدًا من فرق، وليس منا أبدا من مزق، هذا الوطن بحاجة إلى رجال يذودون عنه وعن وحدته وجمهوريته، بحاجة إلى رجال يكون شعارهم’ لن ترى الدنيا على أرضي وصيا”.

 

مقالات مشابهة

  • الوحدة اليمنية.. ذكرى تتجدد في ظل تحديات غير مسبوقة
  • عيد الاستقلال قصة أحياء وبناء نهضوي
  • رئيس مجلس الشورى: الوحدة اليمنية قيمة روحية ودينية.. ويحييها الشعب اليمني هذا العام وهو يخوض معركة “الجهاد المقدس والفتح الموعود”
  • سفير المملكة لدى المغرب يتفقّد صالة مبادرة “طريق مكة” في مطار محمد الخامس الدولي
  • رئيس مجلس النواب يهنئ القيادة والشعب اليمني بالعيد الوطني
  • الراعي يهنئ القيادة والشعب اليمني بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية
  • العيسوي: الأردن بقيادة الملك ووعي أبنائه متمسك بوحدة وإرادة إصلاح ووفاء لقضية فلسطين
  • جلالة الملك يستقبل اليوم الأربعاء الولاة والعمال الجدد المعينين الأسبوع الماضي
  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى في حريب القراميش بمأرب إعلانا للجاهزية ونصرة لغزة
  • الصفدي ينقل رسالة من الملك إلى الشرع