محمد إبراهيم طبيب خمسيني يداوي جراح مصابي غزة: «لوجه الله»
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
داخل مستشفى العريش العام في محافظة شمال سيناء، وعلى بُعد كيلومترات قليلة من معبر رفح الذي يستقبل الجرحى القادمين من قطاع غزة، يرتدي الطبيب الخمسيني المتطوع محمد إبراهيم، البالطو الأبيض بغرفة العمليات، في حين يرقد المصابون على عدد من الأسِرَّة في انتظار تخديرهم وتجهيزهم للتدخل الجراحي.
تدخلات جراحية لمصابي غزة«إصابات وحشية، وجروح قطعية، وتهتكات متفرقة»، مشهد مأساوي وصفه طبيب الجراحة العامة وأستاذ جراحة الأورام بجامعة الفيوم، إذ أنّ أغلب الإصابات كانت من الأطفال الذين تقع أعمارُهم بين 3 إلى 7 سنوات، بالإضافة إلى السيدات اللاتي كانت إصابتهن لا تختلف عن الجرحى الذين استقبلتهم المستشفيات المصرية في سيناء.
يقول الطبيب المتطوع محمد إبراهيم، في حديثه لـ«الوطن»، إنّ جميع الإصابات القادمة من غزة كانت في أماكن متفرقة من الجسد وهي صعبة ووحشية للغاية، وكل جريح يعاني من 3 أو 4 إصابات كلها بالغة الخطورة وتحتاج إلى إجراء عمليات عاجلة.
ويضيف «إبراهيم» أنه على الرغْم مما يمر به الجرحى وذووهم من آلام جسدية ونفسية إلاّ أنّ كلمة «الحمد لله» كانت حاضرة حتى في صمتهم، مردفًا: «أكتر حاجة أثرت فيّ إنهم عندهم إيمان وثقة في ربنا وماعندهمش استعداد يسيبوا بلدهم حتى لو الثمن حياتهم».
رحلة التطوع لعلاج مصابي غزةوحول تجرِبة التطوع يقول الطبيب، إنّ نجله الوحيد وزوجته كانا داعمين له في رحلته لإنقاذ مصابي الحرب في غزة، مردفًا: «أول مرة أقرر إني أتطوع، والحقيقة المحرك الأساسي ليا كان تعاطفي مع غزة، بالإضافة إلى مشاهد الإصابات اللي انتشرت من أول الحرب واللي ماحصلتش قبل كده».
وبعدما انفطر قلبه حزنًا على مصابي غزة الذين ينزفون دمًا- آناء الليل وأطراف النهار- نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، قرر الطبيب الجراح التقدم للتطوع بواسطة نِقابة الأطباء موضحًا: «قدمت تاني يوم من العدوان الإسرائيلي على غزة، وبعدها وزارة الصحة أعلنت حاجتها لأطباء متطوعين واستطعت السفر إلى سيناء لمدة أسبوع بداية من يوم 10 إلى 17 نوفمبر الجاري وكنا 18 طبيبًا في قافلة وزارة الصحة».
وفيما يتعلق بتفاصيل رحلة التطوع يقول محمد إبراهيم: «وزارة الصحة بتحدد أسماء الأطباء اللي تم اختيارهم وبعدين نتجمع عند مقر الوزارة، ونتحرك في باصات نحو العريش، وهناك بيتم توفير سكن وأماكن للإقامة وكل الأجواء هناك مهيأة للعمل وخدمة أهالينا الفلسطينيين»، لافتًا إلى أنّ الأطباء المتطوعين غير مقيدين بساعات محددة للعمل».
وعما إذا كان قد تلقى مقابل مادي نظير تطوعه يواصل الطبيب الجراح حديثه: «التطوع بيكون لوجه الله لذا كلنا نشتغل على قد ما نقدر ووفق للحالات الموجودة وحاجتها للعمليات العاجلة».
مستشفيات مجهزة لاستقبال الجرحىويشير «إبراهيم» إلى أنّ المستشفيات التي استقبلت الجرحى الفلسطينيين تحظى بالتجهيز على أعلى مستوى، بما في ذلك مستشفى العريش الذي يحظى بخدمة طبية متكاملة، بالإضافة إلى توفير سبل الراحلة للمصابين ومرافقيهم.
ويضيف الطبيب الجراح، أنّ جمعية الهلال الأحمر المصري تقوم بمجهود استثنائي، كما يقدم أعضاء الهلال الأحمر الدعم للفلسطينيين الذين طالتهم نيران الحرب، بالإضافة إلى توفير المكالمات الهاتفية المجانية لأهاليهم داخل القطاع للاطمئنان عليهم في ظل ما يتعرضون من إجرام الاحتلال.
4 مراحل لعلاج مصابي غزةوعن المرضى الذين استقرت حالتهم بعد تلقيهم العلاج في مستشفى العريش، يقول محمد إبراهيم، إنّهم لم يعودوا إلى غزة مرّة أخرى، ويتم التعامل معهم على 4 مراحل كالآتي: «المريض اللي حالته تستقر يفضل في المستشفى لحين الانتهاء من جميع فحوصاته، أمّا إذا كانت حالته حرجة فبيتم تحويله إلى معهد ناصر، وفي حال احتاج إلى غيارات للحروق ففي هذه الحالة يتم نقله إلى مستشفى عين شمس العام في القاهرة».
وأكد أنّ الحكومة المصريّة قد جهزت دارًا للضيافة في شمال سيناء ليقيم فيها المصابين الذين تحسنت حالتهم لحين العودة لأراضيهم سالمين.
وحول إمكانية العودة للتطوع مرة أخرى داخل المستشفيات المصرية لحين انتهاء الحرب على القطاع، يختتم حديثه قائلًا: «أكيد طبعا بسعى إني أسافر تطوع تاني لأني بقدم واجبي، كمان عندي استعداد للدخول إلى قطاع غزة في حال تم فتح معبر رفح للمساعدة في علاج أهالينا هناك، ولكن بشرط واحد وهو أن يكون ذلك الأمر تحت مظلة وإشراف وتنسيق الدولة المصرية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة العريش التطوع الأطباء العدوان الإسرائيلي محمد إبراهیم بالإضافة إلى مصابی غزة
إقرأ أيضاً:
ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني
يمانيون / خاص
في محاضرة إيمانية عميقة المضمون، تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، مستخلصاً منها دروساً خالدة في الثبات على الحق، والبراءة من الباطل، ومواجهة الطغيان بالحُجَّة والموقف المبدئي، ضمن ثلاثة محاور رئيسية تمثل جوهر الرسالة الإبراهيمية في مواجهة الباطل والاستكبار.
المحور الأول: الحُجَّة القاطعة في وجه الطاغوت
استعرض السيد القائد يحفظه الله جانباً من الحوار الذي دار بين نبي الله إبراهيم عليه السلام والطاغية الذي يجادل في الله، حيث استخدم إبراهيم عليه السلام الحُجَّة العقلية والمنطقية التي تُبطل مزاعمه في قوله تعالى : {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب} فبهت الذي كفر، وسقطت كل محاولاته التي كانت تقوم على المكابرة لا على الحُجَّة.
وأكد السيد القائد أن الانتقال من مستوى الحُجَّة إلى مستوى إفحام الخصم بالبرهان القاطع، هو من سمات الأنبياء في مواجهة الاستكبار، لأن الطاغية لا يتراجع بسبب الجهل، بل بسبب التكبر. وهذه سنة من سنن الله: أن أهل الباطل حين تُزهق حُجَجهم، لا يعترفون بالحق، بل يستمرون في العناد.
المحور الثاني: عناد الكافرين رغم وضوح الحُجَج
أشار السيد القائد إلى أن الكافرين كلما ازدادت البراهين وضوحاً، ازدادوا عناداً واستكباراً، كما في قوله تعالى: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون} ، رغم هذا الاعتراف الداخلي، عادوا إلى باطلهم، وتشبثوا بما لا منطق فيه ولا عقل، تماماً كما فعل قوم إبراهيم حين ألقوه في النار، رغم علمهم بأنه نبي من عند الله.
بل إن أعظم معجزة شهدوها، وهي تحول النار إلى برد وسلام على إبراهيم عليه السلام، لم تُثنهم عن غيّهم، ولم تدفعهم إلى الإيمان، والسبب في ذلك – كما بين السيد القائد – هو التعلُّق بالروابط الخاطئة مع الطغاة والمضلين، والركون إليهم، ما يجعل القلب معانداً مهما وضحت له الحقيقة.
المحور الثالث: إبراهيم عليه السلام نموذجٌ متكامل للثبات والدعوة والبراءة والهجرة
استخلص السيد القائد من قصة إبراهيم عليه السلام نموذجاً إيمانياً متكاملاً، حيث مثَّل النبي إبراهيم عليه السلام: الثبات على المبدأ رغم الإيذاء والتكذيب والدعوة إلى التوحيد بالحُجَّة والمنطق، دون عنف أو مجاملة والبراءة من الباطل بوضوح لا يقبل التنازل :{إنني براءٌ مما تعبدون} ، والهجرة في سبيل الله عندما تعذر استمرار الدعوة وسط بيئة طاغوتية: {وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين}
وقد أكد السيد القائد أن الهجرة هنا ليست انسحاباً، بل انطلاقة نحو أفق أوسع للرسالة، ونقطة تحول في المسار الرسالي، فتحت لإبراهيم آفاق النصر، والتبليغ، والتأسيس لأمة مسلمة خالصة لله.
رسائل إيمانية هامة من المحاضرة
– العبادة الخالصة لله هي الخير كله في الدنيا والآخرة، وكل عبودية لغير الله هي ظلم للنفس، وإساءة إلى أعظم حقيقة التوحيد.
– الحُجَج القرآنية دامغة، لكن أصحاب القلوب المغلقة لا ينتفعون بها لأنهم يؤثرون الطاغوت على الله.
– الصراع بين الحق والباطل صراع قديم متجدد، تحسمه المواقف لا الأرقام، ويكسبه من يثبت على المبدأ لا من يساوم عليه.
– الهجرة في سبيل الله فعل شجاع يصنعه المؤمن حين تضيق سبل الحق في موطنه، فينطلق حيث يمكنه أن يعبد الله بحرية، ويدعو إلى دينه.
– الخاسر الحقيقي هم أولئك الذين تركوا إبراهيم، واصطفوا مع الطاغوت، أما هو فقد حمل النور، وفتح الله له الأرض، وأقام الحجة.
ختاماً
إن قراءة قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام كما وردت في محاضرة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تعطينا تصوراً متكاملاً عن الثبات على الحق، والرفض الحاسم للباطل، وأن المؤمن لا يساوم على عقيدته، بل يقف بها، ويفتديها، ويهاجر بها، حتى يحقق وعد الله بالنصر والتمكين.
قصة إبراهيم ليست حكاية ماضية، بل نهج حيٌ، يجب أن يُحتذى به في زمن الطغيان، والاستكبار العالمي، والتضليل الإعلامي. وفي زمن كهذا، نحتاج إلى أن نكون “إبراهيميي الموقف”، ثابتين، متجردين لله، مستقلين عن الطغاة، عاملين لدين الله بقلب سليم وعقل بصير.