جراح الحروب أبو ستة: طواقم غزة الطبية تباد بشكل ممنهج وشعبنا لن يرحل
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
وأكد أبو ستة وهو طبيب فلسطيني بريطاني، في حلقة استثنائية من برنامج "المقابلة" على قناة الجزيرة، أنه لا يشعر بالنجاة رغم خروجه حيّا من مجزرة مستشفى المعمداني، معتبرا أن من ينجو من الموت في مثل هذه الأحداث يبقى أسيرا لتجربتها طوال حياته، ويحمل في داخله شعورا بالذنب وواجبا أخلاقيا بأن يكون صوتا للذين قضوا.
وأضاف أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة كشف عن رغبة صهيونية في تغيير البنية المجتمعية لمجتمعات المقاومة، سواء في فلسطين أو لبنان، عبر استهداف منهجي للعائلات وقتلها بأكملها، مؤكدا أن ما يميّز هذه الحرب هو التحول من استهداف أفراد إلى محو سلالات كاملة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4غسان أبو ستة.. "طبيب الحروب" الشاهد على مجزرة المعمداني بغزةlist 2 of 4فرنسا تمنع دخول الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة إلى أراضيهاlist 3 of 4غسان أبو ستة يتحدى الحظر ويلقي محاضرة بمجلس الشيوخ الفرنسيlist 4 of 4استباحة حرمات المستشفيات والمدارس واستهداف إسرائيلي للجامعاتend of listوتحدث الطبيب الفلسطيني عن صراعه الدائم بين مهنة الطب بوصفها ممارسة للحياة، وبين واقع الحروب الذي يقحم الأطباء في قلب الموت، مستذكرا لحظة استعداده للموت داخل غرفة العمليات في مستشفى الشفاء خلال قصف عنيف، حين جلس في الزاوية لمراجعة مسيرة حياته.
وأوضح أن وعيه السياسي والمهني بدأ منذ طفولته، وتحديدا في سن الـ13 حين شاهد على التلفاز مشاهد اجتياح بيروت عام 1982 واستهداف الطواقم الطبية، وهو ما جعله يقرر أن يصبح طبيبا في خدمة مشروع شعبه، وهو القرار الذي التزم به منذ ذلك الحين.
إعلان تجارب سابقةوذكر أبو ستة أنه شارك متطوعا في الضفة الغربية وقطاع غزة أثناء الانتفاضة الأولى، وتوجه لاحقا إلى العراق بعد حرب الخليج الأولى ضمن فريق طبي لدراسة آثار الحرب، قبل أن يعمل في جنوب لبنان خلال عدوان "عناقيد الغضب"، ثم في سوريا واليمن لاحقا.
وأشار إلى أن انتقاله إلى الجامعة الأميركية في بيروت عام 2011 أتاح له تأسيس مسار أكاديمي في طب النزاعات، حيث دمج بين الممارسة الميدانية والبحث العلمي، مما ساعده في توثيق العلاقة بين الحرب وصحة الإنسان من منظور طبي ومجتمعي أوسع.
وكشف أن قطاع غزة كان بمثابة حقل تجارب لأسلحة الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن استخدام الفسفور الأبيض بدأ يظهر بشكل متكرر منذ عام 2009، وأنه شخصيا عاين الإصابات المروعة الناتجة عنه، حيث يحترق الجلد ويتفاعل الفسفور مع الأكسجين ليعود للاشتعال داخل الجسد.
وأوضح أن الطواقم الطبية في غزة عملت ضمن إمكانيات شحيحة، مشيدا بجهود وزارة الصحة في غزة التي استطاعت تطوير كوادرها الطبية رغم الحصار، ونجحت في تدريب فرق الإسعاف لتقديم الإسعاف الأولي المتقدم وتثبيت الإصابات في ظروف شبه ميدانية.
وتوقف عند أصعب اللحظات التي عاشها خلال العدوان، حين اضطر إلى إجراء عمليات جراحية للأطفال دون تخدير بسبب نفاد الأدوية، مؤكدا أن مثل هذه التجارب تترك أثرا نفسيا بالغا على الطفل، وتغيّر عتبة الألم لديه بشكل دائم.
فقد الأحبةوتحدث بحرقة عن استشهاد عدد من زملائه الأطباء، ومن بينهم الدكتور مدحت صيدم والدكتور همام اللوح والدكتور عدنان البرش، الذين فقدوا حياتهم إما تحت القصف أو بعد الاعتقال، واصفا ما جرى بأنه استهداف متعمد للكوادر الطبية لِشلّ القطاع الصحي.
وأوضح أن أكثر من 1200 من الطواقم الطبية استشهدوا، وتم تدمير 33 من أصل 36 مستشفى، ولم يتبقَ إلا 4 غرف عمليات لا تعمل بطاقتها الكاملة، معتبرا أن إعادة بناء هذا القطاع ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات ماديًا، وجيل كامل بشريًا.
إعلانولم يتردد أبو ستة في تقديم شهادته أمام المحكمة الجنائية الدولية، متحدثا عن قصف مستشفى المعمداني واستهداف الجرحى داخل المستشفيات بطائرات مسيّرة، وقد تم اعتماد هذه الشهادة ضمن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة، رغم الضغوط السياسية الهائلة لعرقلة المحاسبة.
وانتقد أبو ستة صمت المؤسسات الغربية الطبية والحقوقية، رغم تحرك العديد من الأفراد في أوروبا وأميركا، مشيرا إلى أن القيم الليبرالية التي تأسست عليها الدولة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية يتم التضحية بها اليوم دفاعا عن مشروع الإبادة الإسرائيلي.
وحذر من أن قطاع غزة يواجه خطر التحول إلى منطقة غير قابلة للحياة، إذ إن الأطفال المصابين بالحرب يبلغ عددهم نحو 50 ألفا، وكل واحد منهم بحاجة إلى 8 إلى 12 عملية جراحية، مما يعني الحاجة إلى مئات آلاف العمليات بمجرد انتهاء الحرب.
تواطؤ الغربوأبدى استغرابه من تواطؤ النخب الحاكمة في الغرب مع هذه الجرائم، مقابل تعاطف شعبي كبير ظهر في الجامعات والشارع الغربي، مشيرا إلى أن أكثر من 3200 طالب أميركي اعتقلوا خلال مظاهرات دعم غزة، في حين تواصل الأنظمة الغربية قمع الأصوات المتضامنة.
وانتقد ضعف التفاعل في العالم العربي، لاسيما في الجامعات والمؤسسات التعليمية، مؤكدا أن هذه الحرب كشفت عزلة المجتمعات العربية عن القضية الفلسطينية، بل وغيابها عن التاريخ، وفق تعبيره، مقارنة بما يجري من حراك غربي متقدم.
وتحدث عن انتخابه رئيسا لجامعة غلاسكو بنسبة تأييد تجاوزت 80% من الطلاب، معتبرا أن ذلك يمثل رسالة رمزية مؤثرة، خصوصا أن بلفور نفسه كان رئيسا سابقا لنفس الجامعة، وها هو أحد ضحاياه يعود إلى المنصب ذاته، في دلالة تاريخية عميقة.
وعند سؤاله عن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، رأى أبو ستة أن ما جرى كان محاولة لقطع الطريق على تصفية القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الوضع في غزة قبل العملية كان يشير إلى قبول دولي باستمرار الحصار وتهميش النكبة، مما عزز الشعور بضرورة التحرك.
إعلانوختم بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يرحل، وأن اللاجئ الذي تذوّق مرارة النكبة لن يقبل بإعادة إنتاجها، مضيفا أن من يعيشون في غزة يفضلون الموت الجسدي على الموت الاجتماعي المرتبط باللجوء، وأن هذه القناعة المتجذرة ستحول دون تمرير أي مشاريع ترحيل.
1/6/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أبو ستة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
د. شيماء الناصر تكتب: المرأة بين الأضرار والحرب على البيئة
تتداخل الأزمات العالمية مع حياة الأفراد وتكون المرأة والطفل في غالب الأحيان الأكثر تاثراً بتلك الأزمات في خضم الحروب والنزاعات المسلحة وبنفس الحين يضيف تلوث البيئة بعداً آخر للمأساة كل هذه الظروف تؤثر سلباً على أوضاع النساء وتزيد من تدهورها في بلدان هي بطبيعة حالها نامية أو أقل من نامية ,حيث تعاني المرأة تحت وطأة الحروب من آلام الفقد ويجدن أنفسهن أصبحن معيلات لأسرهن في ظل ظروف إنسانية قاسية يحفها الفقر المدقع والنزوح الداخلي أو الخارجي في ظل غياب الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم بالإضافة لما تتعرض له من عنف جنسي واستغلال مما يؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل أطفالهن .
هذه الصورة المأساوية يضاف إليها مشهد يزد منها سوء وهو تأثير هذة الحروب والنزاعات على البيئة وتلوثيها لكافة موارد البيئة الطبيعية اللأزمة لعيش الأنسان من مياه وهواء وتربة مهددين الأمن الغذائي وأسط مقومات الحياه الإنسانية ,تخلف الألأت الحربية وراها مخلفات حربية يصعب على البيئة التخلص منها لسنوات عديدة مثل الألغام الأرضية التي تزرع وكسح أجزاء كبيرة من الغطاء النباتي فهي تدمر الترب الزراعية وغير الزراعية وتهجر المزارعين من أراضيهم وخلال القصف الجوي والجوي من البلاد على بعض البعض تتدمر البنى التحتية اللأزمة لتامين إحتياجات الانسان ومحطات المياة والكهرباء والمنشات الصناعية كما حدث في اليمن منذ أيام بالأضافة لقصف وتدمير السواحل وغرق السفن قبالها مما يعرض البيئة البحرية للتلوث بزيت هذة السفن ومخلفات صواريخ القصف وفقدان الثروة السمكية والموائل التي كانت مصدر رزق ومصدر لمأكل الألأف من الاسراليمنية كما ان قصف مصافى أستخراج النفط ومراكز التصنيع والتخزين تؤدي لتصاعد الكثير من الادخنة التي تزيد من غازات الاحتباس الحراي وتسبب تلوث للهواء وتدهور لجودته وأصابة الألأف من بأمراض الجهاز التنفسي والربو وحتى الامراض السرطانية كما حادث بمدينة الحسكة السورية وماتم رصده لأرتفاع معدلات الأصابة بالامراض التنفسية والأمراض السرطانية وانه من أكثر الفئات المعرضة لذلك النساء وخاصاً الحوامل منهمن والاطفال وكبار السن ولم يقف الحد هنا بل امتد لتلويث مصادر المياه الجوفية نتيجة لتسريب بعض هذة الزيوت وبقاياها للتربة ونفاذها للطبقات السفلى ولم يقتصر حجم ونطاق التلوث على منطقة الصراع فقط بل قد يمتد لععد من الدول المجاورة مما يوسع ويعمق من حجم التأثير البيئي.
كل هذا ماهو الا صورة مصغرة جداً لما يحدث في الواقع المرير حيث يمكن وصف الآلة الحربية بآله إبادة بيئية لم تقتصر على إبادة العنصر البشري فقط .
وسط كل هذا الكم من الخراب تجد المرأة مع باقي الفئات الضعيفة في المجتمع من الأطفال وكبار السن الذين يحتاجوا رعايتها باعتبارها الأقدر على إدارة الموارد الطبيعية في سباق طويل وشاق من أجل الحصول على بضع لترات من الماء النظيف أو تأمين قدر بسيط من الغذاء مما يزيد من أرتباطهن بالبيئة وتأثرهن بكل ما يؤثر عليها سلباً وإيجاباً.
تحتاج المرأة في ظل الحروب إلي دعم شامل يعزز من حقوقها الأساسية ويوفر لها سبل العيش مع ضرورة التركيز على تحسين الظروف البيئية والحد من تدهورها ,حيث أن صحة المرأة ورفاهيتها مرتبطة أرتباطاً وثيقاً بالبيئة المحيطة بها .
وتقديم الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي وتوفير فرص التعلم والتدريب المهني والتوعية البيئية لاستطاعة التكيف مع التحديات البيئية , بالإضافة للتعاون الدولي مع المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية لتنسيق الجهود حيث يمكن أن تسهم الشراكات في تحسين الوضع البيئي والاجتماعي للنساء والأطفال في مناطق النزاع ويجب أن تتضمن هذه الاستجابة الدولية للأزمات مشاريع الاستعادة البيئية لتعزيز قدرة المجتمعات على التعافي من الأزمات
فكما توضع خطط لتعافي المجتمعات من الآثار المدمرة للحروب والنزاعات يجب أن توضع خطط التعافي البيئة أيضاً مما لحق بها من أثار مدمرة جراء الحروب فهما من قبيل الأزمات المتقاطعة و ليضعها على مسار طريق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد والحد من معدلات التلوث الذي ينادي به العالم بأسره لتحقيق التوازن بين احتياجاتنا وبين احتياجات البيئة وحق الأجيال القادمة في الحياة .