الهدنة فى غزة تبعث آمالا لسلام طويل الأمد.. وتصريحات إسرائيل بمواصلة الحرب تثير شكوكا حول الاتفاق
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
بعد مرور ٤٥ يومًا على الصراع المدمر، توصَّلت إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق يتضمَّن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وهو رغم أنه تأخر كثيرا حيث جاء بعد أن أصبحت غزة ركاما، فإنه يُعتبر إنجازًا دبلوماسيًّا هامًا في النزاع.
أفادت صحيفة "تليجراف" البريطانية أن العديد من الدبلوماسيين يرجون أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس نقطة انطلاق جديدة نحو سلام أطول أمدا، على الرغم من هشاشته، متطلعين إلى أن يدرك كل طرف أن استمرار الحرب لن يفيده.
تشير الصحيفة إلى أن الاتفاق الحالي قد يكون هشًا جدًا، ولكن الجهود الدبلوماسية في مناطق متعددة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط وأمريكا وأوروبا، ستسعى جاهدة لتحويل هذا الاتفاق إلى جهود سلام أكبر.
على الرغم من ذلك، قالت الصحيفة إنه لا توجد دوافع واضحة للتفاؤل في الوقت الحالي، حيث تفتقر الصفقة إلى المبادئ الأخلاقية واللغة الملهمة. ومن المتوقع أن يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العمليات العسكرية في جنوب غزة بعد انقضاء الهدنة التي تستمر لمدة ٤ إلى ٥ أيام.
ومع ذلك، يرى البعض أن الواقع الميداني للصراع قد يفتح الباب أمام الدبلوماسيين للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يكون أكثر فاعلية وجدوى.
هذا التحليل يوضح الرؤية المتفائلة لبعض الدبلوماسيين الذين يرجحون أن الوضع الراهن ربما يكون نقطة البداية لجهود السلام الدائم، لكنهم يعترفون بصعوبة هذه المهمة نظرًا لضعف الاتفاق الحالي وتعقيدات الصراع بين الطرفين.
قبل عقد اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي وافق في وقت متأخر من الثلاثاء الماضي على الصفقة، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل في حالة حرب، وأن الحرب ستستمر حتى يتم تحقيق جميع أهدافها.
توضح الصحيفة أن إسرائيل تواجه تحديات عسكرية وسياسية كبيرة، إذ كان هناك تقديرات تشير في بداية الصراع إلى وجود ما بين ٣٠ إلى ٤٠ ألف مقاتل من حماس في غزة، ومنذ ذلك الحين، قتلت إسرائيل حوالي ١٤ ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، في ظل عدم الإعلان حصيلة رسمية عن حصيلة من استشهد من مقاتلي حماس.
وتشير "تليجراف" إلى أزمة إنسانية فريدة من نوعها تواجه إسرائيل، حيث في الأحوال العادية خلال الحروب، يمكن أن يهرب السكان لتجنب الأضرار الإنسانية، ولكن في غزة، لا توجد هذه الخيارات، إذ إنه نحو ٢.٣ مليون شخص محاصرين في ظروف معيشية صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى الطعام والمياه والكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، صرح نتنياهو عن حق إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية المعلنة، مما يعكس الصعوبات التي تواجهها البلاد في التعامل مع التهديدات الأمنية والصعوبات الإنسانية المتزايدة في غزة.
شكوك حول الاتفاق
من جهتها؛ أفادت "بي بي سي" بأن ثمة شكوكًا متسارعة حول إمكانية تحويل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل إلى اتفاق دائم في ظل تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي الذين يعتبرون أنه من الضروري مواصلة العمليات العسكرية في غزة، فيما أعرب هؤلاء القادة بوضوح عن استعدادهم لزيادة حدة العمليات بعد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وبعد نهاية فترة الهدنة التي استمرت أربعة أيام.
تشير التقارير إلى أن قادة إسرائيل يخشون أن ينظر إلى اتفاق الهدنة باعتباره انتصارًا لحماس وهزيمة للقوات الإسرائيلية، خاصةً مع إصرارهم على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين دون أي شروط أو بوساطة عسكرية.
ومنذ ٧ أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من ١٤ ألفا و١٢٨ قتيلا فلسطينيا، بينهم أكثر من ٥ آلاف و٨٤٠ طفلا و٣ آلاف و٩٢٠ امرأة، فضلا عن أكثر من ٣٣ ألف مصاب، ٧٥ بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
اتفاق متأخر
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحماس بهدف إطلاق سراح الأسرى وتفعيل هدنة إنسانية، جاء بعد الأضرار الهائلة التي لحقت بقطاع غزة نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى الدمار الهائل الذي ألحق بمناطق شاسعة في غزة، حيث ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أن حوالي ٤٥٪ من الوحدات السكنية في القطاع تضررت أو دمرت بشكل كبير، مشيرة إلى التدمير الواسع النطاق الذي تعرضت له المنطقة نتيجة الأعمال العسكرية الحادة.
ووفقًا للصحيفة، تواصل إسرائيل إلقاء آلاف القذائف يوميًا على مختلف الأهداف في غزة، وبشكل خاص في مناطق شمال القطاع، حيث تحولت مدينة بيت حانون التي كانت موطنًا لأكثر من ٥٠ ألف شخص إلى أنقاض، ولم يبق سوى مبنى واحد صالح للسكن.
ونقلت الصحيفة تقريرًا لصحفي إسرائيلي قام بزيارة المدينة في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أوضح أن صور الأقمار الصناعية والتقارير من الطائرات بدون طيار تظهر تحول المدينة من مكان مزدحم بالحياة إلى مشهد مأساوي من الدمار والخراب.
وتؤكد الصحيفة أن الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل كبير، حيث يعيش العديد من الفلسطينيين في مخيمات مؤقتة أو في مناطق محاصرة تديرها الأمم المتحدة والتي لا تزال تتعرض للقصف الإسرائيلي، كما أن البنية التحتية الحيوية من مستشفيات إلى محطات تحلية المياه تواجه الفشل والإغلاق، وتحذر مسئولي الأمم المتحدة من تزايد حالات الجوع والأمراض في المنطقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل حماس إلى اتفاق أکثر من إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
بعد أحداث الخامس والعشرين من أكتوبر، وبعد استقالة حمدوك من رئاسة الوزراء، سعى الجيش السوداني لإزالة الاحتقان السياسي وفتح قنوات تواصل مع قوى الحرية والتغيير. تمخضت هذه الاجتماعات عن تكوين لجنة للتفاوض بين الجيش وقوى الحرية والتغيير..
كان الغرض الأساسي من تلك اللجنة هو التمهيد للوصول إلى اتفاق شامل بأفق وظروف جديدة متجاوزة لفترة حكم اتفاق كورنثيا، فضلاً عن توسيع دائرة المشاركة والاتفاق على صيغة جديدة تعالج الإخفاقات التي وقعت في الفترة الانتقالية وتمهد لفترة انتقالية جديدة تقود إلى الانتخابات. كان من وجهة نظر الجيش أن الوصول لتسوية شاملة يزيل مخاوف القوى السياسية التي رأت في أحداث أكتوبر انقلاب سيفرض مسار شمولي تكون فيه السيطرة للجيش..
ومن ناحية أخرى أراد الجيش أن يرسل رسالة للخارج بأنه ملتزم بعملية سياسية تقود لحكومة مدنية، بعيداً عن مخاوف عودة الإسلاميين. ومن هنا بدأ التواصل مع قحت وبدأ ما يسمى بالاتفاق الإطاري. وحتى لا تتفاجأ، فالجيش هو من مهد له، بعيداً عن الدعم الصريع، ولكن ليس بصيغته النهائية المعروفة..
إذا ماذا حدث، ولماذا الجيش الذي نادى باتفاق مع قحت رفضه في النهاية؟
ببساطة لأن ما حدث هو أن قوى الحرية والتغيير استفادت من دعوة الجيش لها، وقامت بتطوير الاتفاق والاتفاق مع الدعم الصريع على توظيف دعوة الاتفاق لتكون خصما على الجيش، وكل ذلك برعاية من دول إقليمية أرادت أن تضع الجيش في زاوية ضيقة، خصوصاً وهو من دعا للاتفاق. فقام الدعم الصريع بسرقة المبادرة وتطويعها لإقصاء الطرف المبادر وهو الجيش. بمعنى أن قوى الحرية والتغيير استحوذت على مبادرة الجيش وبنت تحالفاً انقلابياً على الطرف المبادر، وقدمت له اتفاقاً خصماً عليه..
فالجيش الذي نادى بالاتفاق وجد نفسه في اتفاق ينتقص منه ويجرده من صلاحياته لصالح قوى مدنية متحالفة مع الدعم الصريع. ذهب الجيش للاتفاق الإطاري البديل، ووجد نفسه مجددا مضطرا للمضي فيه بضغط خارجي، وتكشفت له أجندة جديدة وألغام مزروعة، كلما تخطى واحدة وجد نفسه أمام مشكلات كثيرة..
تورط الجيش بدخوله في اتفاق دعا له هو، وتحول إلى عبء عليه. بعد مدة اكتشفت استخبارات الجيش أن هنالك لجنة تنسيق سرية بين قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع برعاية دول عربية، هدفها الأساسي توحيد الرؤى والأهداف قبل بداية اللجان المشكلة..
فما كان يظنه الجيش موقف خاص للدعم، ما كان إلا جزءا من تبادل أدوار بينه وبين وقوى الحرية والتغيير..
وبعدما تم كشف تلك اللجان السرية واتخاذ الجيش موقف رافض لبعض بنود الاتفاق، ودعا لمعالجة بعض القضايا قبل الذهاب لاتفاق مع قوى متحالفة ضده، لم يعد أمام قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع إلا الانقلاب..
فبالمعطيات التي حصل عليها الجيش من تلك اللجان، لم يكن أمامهم سوى التحرك لحماية مستقبلهم، لكونهم تورطوا في مؤامرة استهدفت الدولة وجيشها. قام الانقلاب وفشل، وتبخرت أحلام الدعم وحلفائه.
الآن تحاول نفس القوى الإقليمية إعادة نفس مشاريعها لجر الجيش لتبني مبادرة للحل، ليعاد توظيف هذه المبادرة لتكون خصماً على الجيش كما حدث من قبل وتوجيه دعوات الحل لمصلحة أطراف أخرى..
لسنا محتاجين لتذكير الجيش بأخطائه، ولكن ما نطلبه منه هو بناء رؤية واضحة للحل، بعيداً عن سياسة اللا رؤية والفوضى التي انتهجها في السنين السابقة. وأول خطوات هذه الرؤية هي محاسبة الذين تآمروا عليه، واتخاذ موقف واضح منهم واجتثاثهم، حتى لا يأتي يوم ونرى الجيش يستجدي خصومه ليشركوه في الحل ويشركوه في التشاور.
حسبو البيلي
#السودان