بعد مرور ٤٥ يومًا على الصراع المدمر، توصَّلت إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق يتضمَّن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وهو رغم أنه تأخر كثيرا حيث جاء بعد أن أصبحت غزة ركاما، فإنه يُعتبر إنجازًا دبلوماسيًّا هامًا في النزاع.
أفادت صحيفة "تليجراف" البريطانية أن العديد من الدبلوماسيين يرجون أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس نقطة انطلاق جديدة نحو سلام أطول أمدا، على الرغم من هشاشته، متطلعين إلى أن يدرك كل طرف أن استمرار الحرب لن يفيده.


تشير الصحيفة إلى أن الاتفاق الحالي قد يكون هشًا جدًا، ولكن الجهود الدبلوماسية في مناطق متعددة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط وأمريكا وأوروبا، ستسعى جاهدة لتحويل هذا الاتفاق إلى جهود سلام أكبر.
على الرغم من ذلك، قالت الصحيفة إنه لا توجد دوافع واضحة للتفاؤل في الوقت الحالي، حيث تفتقر الصفقة إلى المبادئ الأخلاقية واللغة الملهمة. ومن المتوقع أن يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العمليات العسكرية في جنوب غزة بعد انقضاء الهدنة التي تستمر لمدة ٤ إلى ٥ أيام.
ومع ذلك، يرى البعض أن الواقع الميداني للصراع قد يفتح الباب أمام الدبلوماسيين للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يكون أكثر فاعلية وجدوى.
هذا التحليل يوضح الرؤية المتفائلة لبعض الدبلوماسيين الذين يرجحون أن الوضع الراهن ربما يكون نقطة البداية لجهود السلام الدائم، لكنهم يعترفون بصعوبة هذه المهمة نظرًا لضعف الاتفاق الحالي وتعقيدات الصراع بين الطرفين.
قبل عقد اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي وافق في وقت متأخر من الثلاثاء الماضي على الصفقة، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل في حالة حرب، وأن الحرب ستستمر حتى يتم تحقيق جميع أهدافها.
توضح الصحيفة أن إسرائيل تواجه تحديات عسكرية وسياسية كبيرة، إذ كان هناك تقديرات تشير في بداية الصراع إلى وجود ما بين ٣٠ إلى ٤٠ ألف مقاتل من حماس في غزة، ومنذ ذلك الحين، قتلت إسرائيل حوالي ١٤ ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، في ظل عدم الإعلان حصيلة رسمية عن حصيلة من استشهد من مقاتلي حماس.
وتشير "تليجراف" إلى أزمة إنسانية فريدة من نوعها تواجه إسرائيل، حيث في الأحوال العادية خلال الحروب، يمكن أن يهرب السكان لتجنب الأضرار الإنسانية، ولكن في غزة، لا توجد هذه الخيارات، إذ إنه نحو ٢.٣ مليون شخص محاصرين في ظروف معيشية صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى الطعام والمياه والكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، صرح نتنياهو عن حق إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية المعلنة، مما يعكس الصعوبات التي تواجهها البلاد في التعامل مع التهديدات الأمنية والصعوبات الإنسانية المتزايدة في غزة.
شكوك حول الاتفاق
من جهتها؛ أفادت "بي بي سي" بأن ثمة شكوكًا متسارعة حول إمكانية تحويل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل إلى اتفاق دائم في ظل تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي الذين يعتبرون أنه من الضروري مواصلة العمليات العسكرية في غزة، فيما أعرب هؤلاء القادة بوضوح عن استعدادهم لزيادة حدة العمليات بعد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وبعد نهاية فترة الهدنة التي استمرت أربعة أيام.
تشير التقارير إلى أن قادة إسرائيل يخشون أن ينظر إلى اتفاق الهدنة باعتباره انتصارًا لحماس وهزيمة للقوات الإسرائيلية، خاصةً مع إصرارهم على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين دون أي شروط أو بوساطة عسكرية.
ومنذ ٧ أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من ١٤ ألفا و١٢٨ قتيلا فلسطينيا، بينهم أكثر من ٥ آلاف و٨٤٠ طفلا و٣ آلاف و٩٢٠ امرأة، فضلا عن أكثر من ٣٣ ألف مصاب، ٧٥ بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
اتفاق متأخر
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحماس بهدف إطلاق سراح الأسرى وتفعيل هدنة إنسانية، جاء بعد الأضرار الهائلة التي لحقت بقطاع غزة نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى الدمار الهائل الذي ألحق بمناطق شاسعة في غزة، حيث ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أن حوالي ٤٥٪ من الوحدات السكنية في القطاع تضررت أو دمرت بشكل كبير، مشيرة إلى التدمير الواسع النطاق الذي تعرضت له المنطقة نتيجة الأعمال العسكرية الحادة.
ووفقًا للصحيفة، تواصل إسرائيل إلقاء آلاف القذائف يوميًا على مختلف الأهداف في غزة، وبشكل خاص في مناطق شمال القطاع، حيث تحولت مدينة بيت حانون التي كانت موطنًا لأكثر من ٥٠ ألف شخص إلى أنقاض، ولم يبق سوى مبنى واحد صالح للسكن.
ونقلت الصحيفة تقريرًا لصحفي إسرائيلي قام بزيارة المدينة في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أوضح أن صور الأقمار الصناعية والتقارير من الطائرات بدون طيار تظهر تحول المدينة من مكان مزدحم بالحياة إلى مشهد مأساوي من الدمار والخراب.
وتؤكد الصحيفة أن الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل كبير، حيث يعيش العديد من الفلسطينيين في مخيمات مؤقتة أو في مناطق محاصرة تديرها الأمم المتحدة والتي لا تزال تتعرض للقصف الإسرائيلي، كما أن البنية التحتية الحيوية من مستشفيات إلى محطات تحلية المياه تواجه الفشل والإغلاق، وتحذر مسئولي الأمم المتحدة من تزايد حالات الجوع والأمراض في المنطقة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إسرائيل حماس إلى اتفاق أکثر من إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

حماس تسعى لإدخال تعديلات على مقترح الهدنة الأمريكي

القاهرة/القدس"رويترز": قالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إنها تسعى لإدخال تعديلات على المقترح المدعوم من الولايات المتحدة لوقف مؤقت لإطلاق النار بين الحركة وإسرائيل في غزة، لكن ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن رد حماس "غير مقبول على الإطلاق".

وقالت حماس في بيان إنها مستعدة لإطلاق سراح "10 من أسرى الاحتلال الأحياء لدى المقاومة، إضافة إلى تسليم 18 جثمانا، مقابل عدد يُتّفق عليه من الأسرى الفلسطينيين". لكنها جددت مطالبها بإنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وهي شروط ترفضها إسرائيل.

وقال مسؤول في حماس إن الحركة ردت بشكل إيجابي على اقتراح وقف إطلاق النار في غزة لكنها تسعى إلى إدخال بعض التعديلات. ولم يوضح المسؤول التعديلات التي تسعى الحركة إلى إدخالها.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه بينما وافقت حكومته على خطة ويتكوف، تواصل حماس رفضها. وأضاف في بيان "ستواصل إسرائيل جهودها لاستعادة الرهائن".

وقالت حماس في بيان إن الاتفاق يجب أن يتضمن "وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا شاملا من قطاع غزة وضمان تدفق المساعدات إلى شعبنا وأهلنا في القطاع".

وتطالب الوثيقة التي تحتوي على رد حماس، بالسماح لسكان القطاع "بالسفر والعودة من وإلى قطاع غزة عبر معبر رفح دون أي قيود، وعودة حركة البضائع والتجارة".

وتدعو إلى "إعادة تأهيل البنية التحتية (الكهرباء، الماء، الصرف الصحي والاتصالات والطرق) وإدخال المواد اللازمة لها بما فيها مواد البناء، وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمخابز في جميع مناطق القطاع".

وتشمل خطة حماس وقف كل الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة عندما يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وتسليم المساعدات عن طريق الأمم المتحدة والهلال الأحمر وقنوات أخرى متفق عليها.

وتقول الوثيقة "يضمن الوسطاء الضامنون (الولايات المتحدة، مصر، قطر) استمرار وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، ويضمنون استمرار المفاوضات حتى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الدائم، مع استمرار وقف العمليات العسكرية ودخول المساعدات الإنسانية".

وقالت الحركة الفلسطينية إنها ستقدم "معلومات عن أعداد الأحياء والأموات لمن تبقى من الأسرى طرف حماس والفصائل الفلسطينية، وفي المقابل تقدم إسرائيل معلومات كاملة عن جميع الأسرى الأحياء والأموات ممن تم أسرهم من سكان قطاع غزة" منذ السابع من أكتوبر 2023.

وذكرت حماس في الوثيقة "سيقوم الرئيس ترامب بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار شخصيا، إن الولايات المتحدة والرئيس ترامب ملتزمون بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات بجدية لغاية التوصل لاتفاق نهائي".

وينص المقترح على هدنة لمدة 60 يوما، وتبادل 28 رهينة من أصل 58 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة مقابل أكثر من 1200 معتقل فلسطيني، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

ونفى باسم نعيم القيادي في حماس رفض الحركة لمقترح ويتكوف، وقال إن رد إسرائيل يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه.

وأضاف "نحن لم نرفض مقترح السيد ويتكوف، نحن توافقنا مع ويتكوف على مقترح وأعتبره مقبولا كمقترح للتفاوض وجاءنا برد الطرف الآخر عليه، وكان لا يتفق مع أي بند مما توافقنا عليه".واتهم نعيم المبعوث الأمريكي بالتصرف "بانحياز كامل للطرف الإسرائيلي".

وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات إن من بين التعديلات التي تسعى حماس لإدخالها إطلاق سراح الرهائن على ثلاث مراحل خلال الهدنة التي تستمر 60 يوما وتوزيع المزيد من المساعدات في مختلف المناطق. وأضاف المسؤول أن حماس تريد أيضا ضمانات بأن الاتفاق سيؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وقال ويتكوف إنه تلقى رد حماس، وكتب في منشور على منصة إكس "هذا أمر غير مقبول بالمرة ويعيدنا إلى الوراء. على حماس قبول مقترح الإطار الذي طرحناه كأساس لمحادثات غير مباشرة والتي يمكننا البدء بها فورا هذا الأسبوع".

مقالات مشابهة

  • فيديو- طابور العطش في غزة طويل والأطفال ينتظرون بفارغ الصبر أن تصلهم قطرة ماء
  • صدمة في حماس.. ومراقبون: مسودة «ويتكوف» غامضة ومخادعة
  • مراكز المساعدة تتحول إلى ساحات دم.. 102 شهيد خلال 8 أيام في غزة
  • روسيا وأوكرانيا تفشلان مرة أخرى في الاتفاق على وقف إطلاق النار وتلتزمان بتبادل الأسرى
  • مفاوضات غزة: إسرائيل تُقرّر عدم إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة
  • الانتقالي يرفض فتح عقبة ثرة.. وتصريحات قيادته تثير غضب مشايخ أبين 
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يُصدر تعليماته للجيش بمواصلة التقدم في غزة رغم المفاوضات
  • حماس تسعى لإدخال تعديلات على مقترح الهدنة الأمريكي
  • عائلات أسرى الاحتلال بغزة: نطالب ترامب بمنع نتنياهو من تعطيل الاتفاق
  • «مقترح ويتكوف».. اتفاق لوقف النار «يلوح بالأفق»