كيف أثمر عناق بايدن ونتانياهو؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
كتبت الصحافية في "واشنطن بوست" جنيفر روبين أنه لو استمع الرئيس الأمريكي جو بايدن لمطالب اليسار بفرض شروط على المساعدات لإسرائيل، أو إدانة عملياتها الحربية علناً، أو المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، لكانت هناك فرصة ضئيلة لإطلاق سراح أي رهائن، أو زيادة المساعدات الإنسانية. وأوضحت الكاتبة أن بايدن فهم أمرين لم يفهمهما منتقدوه.
ثمة طريقة صحيحة للتأثير على عملية صنع القرار الإسرائيلية
أولاً، بالرغم من افتراض منتقدي إسرائيل، لا تملك الولايات المتحدة القدرة على توجيه أوامر إلى إسرائيل كما لو كانت دولة تابعة. إسرائيل ستفعل ما يجب عليها من أجل البقاء. وحتى من دون موافقة الولايات المتحدة، قامت وستقوم بعمليات عسكرية تعتبرها حكومتها ضرورية لأمنها القومي. بعبارة أخرى، كما هي الحال مع أي دولة أخرى على هذا الكوكب، ستعمل إسرائيل للدفاع عن نفسها حتى بوجود تحدٍ لرغبات الحلفاء.
ثانياً، يجب على أي حكومة إسرائيلية، مهما بلغت غطرستها، أن تهتم بالرأي العام الإسرائيلي. إذا كان الجمهور الإسرائيلي يثق بالرئيس الأمريكي ويحتضنه، فسوف يميل إلى دعم وجهات نظره بشأن المنطقة وتفكيره الاستراتيجي. إن رئيساً أمريكياً يعتقدون أنه يتعاطف مع مصالحهم يمكنه إقناع الإسرائيليين بأنهم محميون بالشكل الأفضل إذا تعاونت حكومتهم مع الولايات المتحدة. إن عمليات سابقة لتجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية والهدنة في الحروب مع غزة، والتنازلات الإقليمية (كالانسحاب الإسرائيلي من غزة)، جاءت بضغوط لطيفة من رؤساء أمريكيين موثوق بهم.
If Biden had listened to demands from the left to condition aid to Israel, publicly condemn its war operations or demand an immediate cease-fire, there is little chance any hostages would have been released or humanitarian aid increased. https://t.co/1aw7YDSzCy
— Jennifer Truthful, Not Neutral Rubin ???????????????? (@JRubinBlogger) November 27, 2023
بالنظر إلى هذين العاملين، تابعت الكاتبة، يعرف بايدن أفضل من معظم الجمهوريين وبعض الديمقراطيين أن ثمة طريقة صحيحة للتأثير على عملية صنع القرار الإسرائيلية. يعتقد الجمهوريون عن خطأً أن تشجيع الميول الإسرائيلية الأكثر تبجحاً وعدوانية هو السبيل لتحقيق السلام؛ ويبدو أن بعض الديمقراطيين يعتقدون أن الانتقاد العلني لإسرائيل سيجلب السلام. يؤكد الوضع الحالي حكمة تكتيكات بايدن التي صقلها، عبر عقود من الخبرة في السياسة الخارجية، وتوليه منصب نائب الرئيس.
ثم بدأ نهج ثنائي المسار، وهو نهج بطيء وثابت ودقيق. علناً، لم يتردد بايدن قط في دعم أهداف الحرب الإسرائيلية. مع ذلك، ركز بايدن بشكل متزايد على الجزء الثاني من رسالته: الفلسطينيون هم ضحايا حماس أيضاً، وهذا يعني ضرورة بذل مقدار أكبر من الاهتمام لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، ولإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتحقيق تطلعات الفلسطينيين في تقرير المصير. وحذر بشكل قاطع من إعادة احتلال إسرائيل الدائم لغزة. مزيد من الخطوات
في الوقت نفسه، استخدم بايدن رأسماله السياسي هذا سراً للضغط على إسرائيل، من أجل وقف الحرب موقتاً، وزيادة المساعدات الإنسانية. ومع أنه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قد غيرت تكتيكاتها بسبب بايدن، من المؤكد أن قلقه المستمر بشأن الخسائر في صفوف المدنيين أرخى بثقله على عقول القادة والسياسيين الإسرائيليين.
Biden’s bear hug worked with Israel, @JRubinBlogger writes. https://t.co/HDJ8eeuydQ
— Washington Post Opinions (@PostOpinions) November 27, 2023
إلى جانب تحذيراته لإسرائيل، استخدم بايدن الهواتف بمقدار ما تستطيع قلة من الرؤساء الأمريكيين فعله. من خلال اتصالاته المستمرة مع قطر ومصر ومع فريق تفاوضي مفوض بالكامل لمعالجة التفاصيل، أجبر جميع الأطراف على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. يعتقد عدد قليل من خبراء الشرق الأوسط أن نتانياهو كان سيوافق على وقف موقت للحرب في غياب إطلاق سراح جميع الرهائن، لولا بايدن، إلى جانب ضغط عائلات الرهائن. وبالمثل، لم يكن مرجحاً أن تعود عملية تبادل الرهائن إلى مسارها الصحيح ليل السبت، لولا تدخل بايدن.
تمكن بايدن مرة أخرى من تجاوز التوقعات. واتضح، كما ختمت روبين، أنه يفهم نتانياهو وديناميكية الشرق الأوسط بشكل أفضل بكثير من النقاد والجناح اليساري في حزبه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
محام وبرلماني إسباني للجزيرة نت: هدفنا تثبيت جرائم الحرب الإسرائيلية قضائيا
مدريد- تقدّم الميكانيكي البحري سيرخيو توريبيو، الخميس الماضي، بشكوى أمام المحكمة الوطنية الإسبانية، بصفته المواطن الإسباني الوحيد ضمن طاقم سفينة "مادلين" التي كانت تحمل مساعدات إنسانية وتهدف لكسر الحصار عن قطاع غزة، لكن طاقمها تعرض للقمع والاختطاف على يد القوات البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية، قبل أن يتم ترحيلهم لاحقا.
ويتولى المحامي والنائب في البرلمان الأوروبي عن إسبانيا خاومي أسينس تمثيل موكله مقدم الشكوى سيرخيو توريبيو أمام المحكمة. ويشغل أسينس عضوية لجنة الحريات المدنية وحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، وعضوية لجنة العلاقات مع فلسطين، بالإضافة إلى عضويته باللجان الفرعية لحقوق الإنسان والشؤون الخارجية.
الجزيرة نت حاورت المحامي أسينس الذي أكد أن الشكوى مقدمة باسم توريبيو بصفته من وقع عليه الضرر، لكن آخرين من أفراد الطاقم مثل الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، والنائبة الفرنسية ريما حسن، وغيرهم، سيكونون شهودا في الشكوى.
وقال أسينس إن الشكوى تتضمن "وقائع تعد جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، وتندرج ضمن هجوم ممنهج وواسع النطاق ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، وضد من يحاول مساعدتهم. وهي أيضا جرائم ضد الإنسانية، تتضمن الحرمان التعسفي من الحرية، والمعاملة المهينة، وانتهاك حقوق طاقم السفينة".
وتتمثل قائمة الأفعال التي أقدمت على تنفيذها القوات الإسرائيلية على متن سفينة "مادلين" يوم 8 يونيو/حزيران الماضي والتي سيتم تضمينها في الشكوى القضائية، الآتي:
الاقتحام العنيف لسفينة مساعدات إنسانية في المياه الدولية، باستخدام وسائل قسرية كقنابل الغاز المسيل للدموع. ثم الترحيل القسري للطاقم المكون من 12 شخصا إلى إسرائيل، حيث بقوا ساعات من دون تواصل خارجي، ودون حضور محام أو ضمانات إجرائية. ثم ترحيل أفراد الطاقم إلى بلادهم من دون أي إجراء قضائي. إعلانكما أوضح المحامي الإسباني أن الشكوى الجنائية سترفع ضد كل من:
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصفته أعلى سلطة تنفيذية والقائد الأعلى للجيش الإسرائيلي، وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة. وزير الدفاع السابق يوآف غالانت بصفته أنه كان المسؤول الأول عن العمليات العسكرية الإسرائيلية، وهو مطلوب أيضا للمحكمة الجنائية الدولية. قائد سلاح البحرية الإسرائيلية دافيد سالاما. المتحدث الرسمي السابق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري. كبار قادة وحدة "شايطيت 13" وهي وحدة كوماندوز النخبة في البحرية الإسرائيلية، وسيتم التعرف على القادة المتورطين وتحديد هوياتهم في التحقيق لاحقا.ورغم أن الشكوى قُدمت باسم توريبيو، باعتباره أحد الضحايا المباشرين، فإن الضرر لم يقتصر عليه وحده -كما يوضح أسينس- "لأن الهدف من الهجوم كان منع وصول المساعدات إلى سكان غزة المحاصرين، لذا فالمتضررون هم سكان غزة جميعهم، وكل الفلسطينيين الذين لهم أقارب أو أصدقاء هناك".
وبناء على ذلك، انضمت إلى الدعوى "لجنة التضامن مع الشأن العربي" -وهي جمعية إسبانية تهدف لتعزيز الوعي بالوضع في العالم العربي وتعبئة المساندة الشعبية والسياسية في إسبانيا- باعتبارها تمثل الادعاء الشعبي، وهو أمر يسمح به القانون الإسباني.
ولاية قضائية عالميةيعتبر أسينس أن الأصل بالتحقيق في مثل هذه الوقائع أن يكون في المكان الذي حدثت فيه، "لكن إسرائيل لا تحقق في هذا النوع من الوقائع، وقد امتنعت عن التحقيق في الماضي، بل إنها تتفاخر بهذا".
وأضاف "لأنه لا توجد آلية فعالة في إسرائيل للتحقيق، ولأنها تستهين بالقانون الدولي وبقرارات المحكمة الجنائية الدولية، وبمجلس الأمن، وبالجمعية العامة للأمم المتحدة، فلا يمكن تقديم شكوى هناك".
وعن طلبهم مزيدا من الأدلة والإيضاحات من الجانب الإسرائيلي، مثل أسماء القادة العسكريين، والأوامر التي صدرت، وسلسلة القيادة، يقول المحامي "نحن نعلم أنهم لن يردوا، لأنهم لا يعترفون بأي محكمة غير محكمتهم، وهذا بحد ذاته يدعم حجتنا بأن إسرائيل لا نية لديها بالتحقيق".
وبناء على ذلك، بيّن أسينس أن هذه الشكوى القضائية المرفوعة تعد وسيلة لتفعيل مبدأ "الولاية القضائية العالمية"، ولخص فكرته بالقول إن "بعض الجرائم البشعة عند حدوثها لا تهين فقط ضحاياها، بل تهين البشرية جمعاء، ويجب ملاحقتها من أي مكان، بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية الضحايا أو الجناة".
ورغم أن هذا المبدأ المعمول به في البلاد يتيح للمحاكم الإسبانية متابعة هذا النوع من القضايا الدولية، فإنه تم تخفيض أثره في المحاكم، بموجب تعديل أجراه الحزب الشعبي الحاكم عام 2014، بضغط من الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف إغلاق الملفات القضائية المرفوعة ضدهما.
وفي المحصلة، يؤكد رجل القانون والسياسة أن "فرص نجاح هذه الشكوى ضئيلة، لكنها ليست معدومة، إذ إنه يمكن تفعيلها فقط إذا دخل المتهمون الأراضي الإسبانية".
يؤكد المحامي خاومي أسينس أن الهدف من هذا التحرك القانوني هو استصدار مذكرات توقيف دولية، "رغم علمنا أن ذلك سيكون صعبا للغاية، ولكن على الأقل نطلب تحقيقا قضائيا بسيطا، يضمن سماع شهادة الضحية، وهذا جزء من الحق في الحماية القضائية".
إعلانوأضاف "نريد أن تثبت السلطات القضائية في إسبانيا الطبيعة الجنائية لهذه الأفعال التي قامت بها إسرائيل، وتحديد المسؤولين عنها، حتى لو لم تتقدم القضية لاحقا. هذا مهم، لأننا نؤمن بأن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وطالب المحكمة الوطنية أن تُبلّغ المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بالوقائع التي جرت على متن السفينة وفي أماكن الاحتجاز الإسرائيلية، ليرى إن كان من المناسب إدراجها في التحقيقات الجارية حاليا ضد نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين.
وذكّر أسينس بأن المحكمة الجنائية الدولية صرحت أكثر من مرة بأنها تواجه ضغوطا ومهامّ كثيرة، وأنها تدعو الدول الأعضاء إلى فتح تحقيقاتها الخاصة، "ونحن نريد التعاون معها من خلال فتح جزء من التحقيق في إسبانيا".
كما وجه دعوته للقضاة، معتبرا أنهم أيضا يتحملون مسؤولية تجاه ما يحدث في فلسطين، ولديهم أدوات قانونية لا تستخدم غالبا، "لذلك من واجبنا أن نسلط الضوء على دورهم".
وردا على سؤال عما إذا كان القائمون على الشكوى يتوقعون دعما شعبيا، أجاب "نعم، الشكوى لها بُعد رمزي وسياسي وأخلاقي، ولكن أيضا قانوني، ونريد تسليط الضوء على ما حدث، وتعزيز التضامن مع هذه المبادرات، لأنها تُظهر أن المجتمع المدني يتحرك، بينما الحكومات تواصل دعم إسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ومن ثم تتواطأ في الجريمة" حسب قوله.
وختم بقوله "نأمل أن تلهم هذه الشكوى بلدانا أخرى للقيام بالمثل، خصوصا الدول التي ينتمي إليها طاقم السفينة. هناك دول لديها قوانين تسمح بالولاية القضائية العالمية أكثر من غيرها، كحال السويد التي يمكن لنيابتها العامة أن تتحرك".