نجلاء سليمان تكتب| اترك العالم خلفك.. ماذا لو انقطعت كل وسائل الاتصال؟
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
حينما تشاهد صورة نجمة هوليوود الشهيرة جوليا روبرتس على بوستر فيلم جديد، تعتقد أنك على موعد مع ساعتين من الرومانسية وخفة الظل، ومناقشة قضية اجتماعية عاطفية جديدة تليق بتقدمها في السن وحفاظها على تجاعيد وجهها وجسدها بعدما بلغت من العمر 56 عاما.
بالفعل، تفتح شاشة هاتفك أو تلفازك الذكي، وتقرر مشاهدة Leave the World Behind الذي يعرض على منصة نتفليكس، وتقوم فيه جوليا روبرتس بدور زوجة إيثان هوك، وأم لبنت وشاب في مقتبل العمر، يقرران الذهاب في رحلة للهرب من ضغوط الحياة.
فيلم اجتماعي هاديء، يتحدث عن مشكلات أسرية واهتمامات المراهقين المختلفة، وقصص عائلة أنهكها التعب والإجهاد نتيجة العمل والتفكير في الالتزامات بصورة مستمرة.
حتى تنقلب الحياة رأسا على عقب، وتشعر أنك على موعد مع المزيد من الإثارة المصحوبة بلحظات من الرعب والتشكيك، لتذهب إلى محرك البحث جوجل، وتبحث عن قصة الفيلم الماخوذ من رواية نشرت عام 2020، وحققت نجاحا وانتشارا كبيرا.
تعود إلى الفيلم لمعرفة ماذا سيحدث لأماندا وعائلتها؟، ولماذا انقطعت الاتصالات والانترنت عن أمريكا؟، ليتضح أن العالم على وشك الانتهاء أو هكذا يعتقدون!.
قرار جوليا روبرتس بتأجير منزل في منطقة مطلة على المحيط عبر الانترنت، جاء نتيجة عبارة شيقة وجذابة وضعها صاحب البيت على إعلان الإيجار"Leave the World Behind" أو "اترك العالم خلفك".
وبالفعل تركت عائلة أماندا وكلاي العالم، ليتورطا مع ماهيرشالا علي مالك المنزل الأصلي الذي زارهما في الليل مع ابنته وطلب منهما الإقامة معهما بعد قطعت الكهرباء والانترنت عن المدينة.
تتربص العائلتان ببعضهما، وتشعر الأم بالخوف على أسرتها من الغرباء وهي غريزة طبيعية بالنسبة لها، في الوقت نفسه يعاني ابنها المراهق من أفكاره الجنسية تجاه ابنة مالك المنزل، وتستمر ابنتها في التفكير بمصير "روس وريتشيل" وهما شخصيات رئيسية في المسلسل الكوميدي الاجتماعي الشهير Friends.
انقطع الانترنت قبل أن تعرف روز أن ريتشيل خرجت من الطائرة وعادت إلى روس، ولكنها في نهاية الأحداث ستعرف كل شيء، فهما في النهاية بمثابة عائلة بالنسبة لها ولكل من تعلق بهذا العمل الخارج عن المألوف في نجاحه وتأثيره.
بمرور الأحداث ومع انقطاع كل وسائل التواصل تتكشف الحقائق، ويتبين أن أمريكا تعرضت لهجوم سيبراني كبير، وأن كل شيء أصبح تحت سيطرة القراصنة، وأصبحت الحياة مهددة.
عزلان مهاجرة في مجموعات، سيارات جديدة الصنع تتخبط في بعضها على الطرق السريعة حتى أغلقتها، طيور الفلامينجو التي تسبح في حمام السباحة الخاص بالمجموعة حتى يزعجها صوت صفارة حتى البشر لم يقوو على تحمله.
كل هذه علامات على أن ما يحدث هو النهاية، ويكشف مالك المنزل "جي.اتش" عن معلومات مهمة لديه، تبين أن قد تكون بداية الهجوم من الخارج، ومن أعداء أمريكا الذين يحاولون دفعهم لتحمل مسئولية أخطائهم وتقصيرهم في حق العالم، لكن في النهاية وحدهم سكان هذه الدولة العظمى من سيقررون النهاية، وإذا لم يتحدوا سويا فستكون الحرب الأهلية هي السبيل الوحيد للتخلص من كل هذا الإزعاج.
تكشف القصة نظريات المؤامرة الكونية، وتناقش قضايا بطريقة خفية وسلسلة مثل العنصرية وفارق الأفكار بين الأجيال، وعودة نظام المقايضة بطريقة حديثة، وقدرة التكنولوجيا على شل حركة العالم، لكن في النهاية يمكن مواجهة كل ذلك بالثقة في الآخرين، وقدرة البشر على النجاة بالتعاملات المباشرة الطيبة.
وهو ما نجح مخرج العمل سام إسماعيل، وأبطاله على إبرازه بطريقة سلسلة ومشاهد مليئة بالقدرات التمثيلية القوية، وسيناريو محكم، ورغم النهاية المبهمة إلا أن الرسالة المقصودة واضحة، يمكننا حل المشكلات بالتعاون سويا، أو الاختباء في الجحور حتى تعود الأمور إلى طبيعتها أو هكذا نأمل !.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نجمة هوليوود محرك البحث جوجل جوليا روبرتس هوليوود
إقرأ أيضاً:
نورهان خفاجي تكتب: صنعاء بلا أجنحة
قبل نحو عامين أو أكثر جمعني لقاء مع الدكتور محمد عبدالقادر رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، حينها كان في رحلة علاجية بالقاهرة، ولم ينشر للأسف هذا اللقاء؛ اليوم، حيث يتم الإعلان عن تدمير آخر طائرة يمنية مدنية على مهبط مطار صنعاء.. يحضرني تفاصيل هذا اللقاء وما تناوله عن أوضاع اليمن الشقيق بشكل عام وعن أجواء – قطاع الطيران - اليمن بشكل خاص.
قبل نحو عامين، كان بالكاد قد عادت صناعة الطيران المدني العالمية يبزغ نجمها من جديد، محاولةٍ نفض غبار أزمة الجائحة الوبائية التي كبلت العالم كله، حينها كان اليمن في هدنة وجيزة من الحرب، يخطط خلالها بأمل خافت في تأهيل مطار صنعاء بكلفة قدرتها السلطات حينها بنحو أكثر من 15 مليون دولار، كان مازال هناك طائرات، أربعة للخطوط اليمنية وكانت تنتظر انضمام الخامسة وطائرة تابعة لشركة السعيدة، كانا ينفذان إلى خارج صنعاء، ربما ليس لعالمِ بعيد ولكن كانا على الأقل يذهبان في فسحة إلى دول الجوار: ' القاهرة وعمان والأردن والخرطوم وجيبوتي وأحيانا بومبي بالهند'.. اليوم بإعلان تدمير آخر الطائرات، باتت صنعاء بلا طائرات.. بلا أجنحة ترفرف في السماء'.
في أوان الجائحة، كتبت عن اليمن، وقولت: إنه إذا كانت دول العالم تتأفف وتعاني نزيف الخسائر بالمليارات، لإغلاق حدودها الجوية لعدة أشهر بسبب الوباء، فما بالك باليمن الشقيق وهو يصارع وحيدا منذ 7 سنوات - حتى عام 2022 تاريخ اللقاء - ؛ بعدما أغلقت الأجواء على سكانه .. سنوات متواصلة من الغلق لم تأخذ خلالها طائرات صنعاء فسحة للسماء. المشهد يصور الحال، إن مطارات اليمن لم تطأ مدارجها طائرة منذ سنوات؛ أبراج المراقبة الجوية لم تُفتح شاشات راداراتها أيضا منذ سنوات؛ صالات الركاب مسدلة نوافذها.. 7 سنوات من العزلة والحرب ازدادت اليوم إلى عشرة وعادت صنعاء بلا طائرات.
في وجود الطائرات حتى شهور قريبة، قبل أن يلتهم جميعها القصف، كان المواطنون اليمنيون الراغبون في الخروج من البلاد وغالبيتهم طلاب أو مرضى أو بعض رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار، يخرجون في طريق يستغرق قرابة الـ 20 ساعة بالتحديد 18 ساعة، يمرون بين عشرات نقاط التفتيش حتى يستطيعون الوصول لأحد المطارات التي مازالت تعمل وكان على الأغلب مطاري عدن وسيئون، بديلا عن مطار العاصمة صنعاء الذي كان أيضًا قد دمرت قدراته بالكامل.
يحكي رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، عن الحال، أنه في الطريق بين المطارات كانت تسقط بعض حالات المرضى صريعة، الطلاب يتعرضون للنهب والسرقة والتعدي وأيضًا رجال الأعمال، لا أحد يُستثني من النهب، كان هذا هو الحال في وجود الطائرات!.
يقول إنه في وجود الطائرات المُصرح لها الهبوط على أرض مطار صنعاء، رغم القصف وقلة الإمكانيات، كان المهندسون اليمنيون يبذلون كامل جهدهم في صيانة التجهيزات الفنية والملاحية الموجودة بالمطار حتى لا تنقطع الخدمة، في ظل حرمانهم من تجديدها أو استبدالها بسبب الحصار المفروض على البلاد، ذاك الحصار الذي منع إدخال شحنة مساعدات وتجهيزات ملاحية جديدة للمطار، ولجأت صنعاء حينها إلى جيبوتي قبل ثلاث سنوات لتخزين هذه المساعدات حتى تأذن ساعة فك هذا الحصار.
اليوم تضاف ثلاث سنواتٍ جديدة منذ تاريخ هذا اللقاء، ويزداد معه تضييق الخناق على صنعاء، خاصة بعد الاستهداف الأخير على المطار من قبل الاحتلال لآخر طائرة مدنية كانت تستعد لنقل فوجٍ من الحجاج، أربعة صواريخ إسرائيلية استهدفت طائرة صنعاء وتناثرت أجنحتها في ساحة المطار، وتناثر معه آمال عودة التشغيل القريب لهذا المطار، خاصة بعد أن وصلت كلفة إصلاح التدمير إلى 500 مليون دولار بدلا من 15 مليون دولار قبل ثلاثة أعوام، وتم إعلان وقف العمليات بالمطار لأجل غير مسمى!