عمل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، برئاسة المهندس محمد أبو سعدة،  خلال ٢٠٢٣، على استكمال خطة عدد من المشروعات والمبادرات التى يُنفذها في القاهرة والمحافظات من أجل حماية وحفظ وصون التراث الحضاري المصري.


حيث سارع الجهاز بتنفيذ توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بوضع تصور لإنشاء مقبرة الخالدين تضم رفات مشاهير وعظماء مصر في مختلف المجالات تخليداً لذكراهم وبما يليق بهم وبانجازاتهم ويكون فيه مساحات لخلق فرصة للأجيال للاطلاع علي إنجازاتهم، ومتحفًا لأعمالهم وقطع أثرية من المقابر القديمة والسيرة الذاتية تكريمًا لهم، من خلال اقتراح مزار الخالدين كامتداد لمشروع ذاكرة المدينة - عاش هنا - حكاية شارع – لحظات، والعمل على مشروع إحياء منزل الأديب محمود عباس العقاد في أسوان بالتعاون مع المركز القومي لبحوث الإسكان مع وضع تصور للمبنى ليكون مركزا تنويريا.


كما يعمل الجهاز على وضع مقترحات لإعادة صياغة الفضاءات والساحة والميادين العامة في القاهرة والمحافظات ومنها "المرحلة الثانية لمشروع تطوير ميدان الجامع الكبير والمحيط العمراني بمدينة سيوة في مرسى مطروح، المرحل الثانية لمشروع إعادة إحياء قرية القرنة الجديدة– قرية حسن فتحي في الأقصر، تطوير ساحة مسجد الإمام الشافعي، تأهيل ساحة مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، تطوير ميدان المحطة (الشهداء) بمدينة الإسكندرية، تطوير ساحة عدد من المساجد بمحافظة الإسكندرية.


وضمن برنامج تنمية الموهوبين والمبدعين، نظم الجهاز "مسابقة تراثي للتصوير الفوتوغرافي بالقاهرة ومُدن العالم الإسلامي" احتفالًا بالقاهرة عاصمة للثقافة في دول العالم الاسلامي بالتعاون مع منظمة "الإيسيسكو"، وأطلق مسابقة اختيار العمل الممثل لمصر بمعرض بينالي فيــــنيسيا الدولي للعمارة في دورته 18، جاء هذا العام بعنوانThe Laboratory of the Future  أو معمل المستقبل، كما تم إطلاق مسابقة التصميم المعماري لأكشاك سور حديقة الأزبكية التراثية للوصول إلي أفضل تصميم عدد 14 كشك للكتب وغيرها من الأنشطة تقدم لها 174 مشروعا، وأطلق الجهاز تحت رعايـة رئيـس مجلـس الـوزراء ووزارة الثقافـة تصميــم المياديــن وعناصــر فــرش الطــرق والفراغــات المفتوحــة بالمــدن الرئيســية وعواصــم محافظـات جمهوريـة مصـر العربيـة، وذلك للحصـول علــي أفكار مبتكـرة لتصميــم وصياغــة الرؤيــة الجماليــة لبعــض مــن مياديــن المحافظــات، كما نظم الجهاز عددًا من  الندوات والفعاليات الثقافية التي ناقشت العمارة التقليدية والتراثية.


ويستكمل الجهاز إعداد الأرشيف القومي للمباني والمنشئات ذات الطابع المعماري المتميز، وذلك لأهميتها فى جمع وإدخال ومعالجة وتحليل المعلومات المكانية وربطها بالبيانات الوصفية حيث تم حصر 7057 عقارًا في 23 محافظة، وجاري العمل على حصر باقي المحافظات، إلى جانب استكمال أعمال التوثيق المعماري ثلاثي الأبعاد للمباني التراثية.
كما يعمل الجهاز على مشروع رفع الصورة البصرية للمناطق التراثية، ومنها المرحلة الأولى لرفع كفاءة شارع فؤاد بالإسكندرية، وضع تصور لقرية حسن فتحي  بباريس في محافظة الوادي الجديد التى تقع على مساحة 70 فدانا.


أما في مشروع لافتات المباني التراثية تم الانتهاء هذا العام من 200 لوحة موزعين علي محافظتي القاهرة بأحياء "الزمالك، مصر الجديدة، بولاق أبو العلا" وجاري العمل على إعداد 200 لوحة لأحياء "الزيتون، حي القبة، عابدين، العمرانية"، وفي مشروع "عاش هنا" وصل عدد الشخصيات التى وثق لها المشروع منذ انطلاقه إلى 965 شخصية، أما مشروع "حكاية شارع"  تم الانتهاء من تنفيذ 265 لوحة مقسمة علي (55 محافظة الإسكندرية - 50 محافظة الجيزة - 160 محافظة القاهرة) ويستهدف المشروع تنفيذ 50 لوحة في المرحلة السادسة بمحافظتي الإسكندرية وبورسعيد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المشروعات والمبادرات القاهرة والمحافظات وصون التراث

إقرأ أيضاً:

المقاومة.. الأفق الحضاري في مواجهة القُطرية

في زمن الانقسام والارتهان، يتكرر الحديث عن جدوى المشاريع القُطرية الكبرى في العالم الإسلامي والعربي، مثل تلك التي تشهدها دول كتركيا ومصر وإيران، حيث يروج البعض لهذه المشاريع باعتبارها الأمل المتاح في ظل إكراهات الواقع، ويعللون دعمهم لها بأنها قادرة، حين تقوى، على أن تصبح رافعة للإقليم بأكمله، خاصة في ظل عجز الأقطار الصغيرة وضعفها، والتي غالبا ما تُستخدم كأدوات هدم أو توابع تخضع لهيمنة القوى الكبرى. لكن هذا التفاؤل يصطدم بجدار من الحقائق السياسية والتاريخية العميقة التي تؤكد أن هذه المشاريع، مهما بلغت من تطور، تظل أسيرة لعقلية القُطر والحدود السياسية المصطنعة، ولا تتحرر من رواسب الاستعمار الذي قسّم الأمة إلى وحدات وظيفية تقوم بأدوار محددة.

فالمشروع التركي رغم تبنيه لخطاب إسلامي ظاهري، إلا أنه في جوهره قومي يخدم المصلحة التركية أولا، وكذلك المشروع الإيراني الذي يتحرك ضمن أفق قومي شيعي واضح، أما المشروع المصري فظل رهين نزعة قُطرية تتضخم على حساب غيرها من الأقطار. ومن هنا يظهر أن منطق دعم هذه المشاريع باعتبارها الوسيلة الوحيدة المتاحة، يتجاهل أن النظام الدولي القائم لا يسمح لتلك القوى بأن تتجاوز سقفا معينا، إذ يتم دعمها مرحليا لاستخدامها في ضرب قوى أخرى، ثم تُكبح حين تحاول الخروج عن الدور المرسوم لها، وهو ما حدث مع العراق سابقا، ومع إيران وتركيا ومصر في محطات متعددة.

هذا الواقع لا ينبع فقط من طبيعة النظام الدولي، بل أيضا من ضعف حضاري داخلي، وفقدان لمشروع جامع يتجاوز القُطرية، إذ إن التيارات الإسلامية نفسها انزلقت في مستنقع التحيز لقطر على حساب قُطر آخر، وبدل أن تكون قوة توحيد وبعث حضاري، صارت أداة في لعبة المحاور الإقليمية، تُستخدم وتُستنزف وتُعاد صياغتها بحسب متطلبات النظام الذي تعمل تحته.

وقد يقال إن غلبة إحدى القوى الكبرى في الأمة ليس بالضرورة أمرا سلبيا، بل كان في عصور ماضية مدخلا لحماية الإقليم وضمان استقراره، كما حدث في فترات الدولة العثمانية، أو حتى المماليك، حيث كانت غلبة دولة مركزية قوية تؤدي إلى نوع من الوحدة السياسية والعسكرية التي تحفظ الأمة وتحمي حدودها، وكانت تلك القوى، رغم ما فيها من خلل، تعتبر نفسها مسؤولة عن كامل الجغرافيا الإسلامية، وكان في قدرتها أن تتدخل لحماية الشعوب الضعيفة وصد العدوان عنها، لكن ذلك كان قبل الانقلاب الحضاري الكبير الذي قلب موازين القوة عالميا، وهيّأ لهيمنة الغرب الحديثة، ومعه تسرب الفكر القُطري إلى بنية الوعي العام في الأمة، بحيث باتت كل دولة ترى نفسها كيانا منفصلا، له مصالحه وهويته الخاصة، بل ويعاد تعريف الإسلام نفسه داخل هذه الأطر الضيقة.

وفي هذا السياق يبدو أن المقاومة، بوصفها مشروعا شعبيا تحرريا جامعا، هي البديل الحقيقي لكل المشاريع القومية والقُطرية، فهي وحدها القادرة على تجاوز حدود سايكس بيكو، وعلى إعادة الاعتبار للأمة كوحدة حضارية، لا كمجموعة دول متفرقة. فالمقاومة ليست مجرد فعل عسكري، بل منظومة متكاملة من القيم والوعي والتعبئة الشعبية، تنهض بالأفراد وتوحد الشعوب وتعيد تشكيل الانتماء على أساس جامع يتجاوز الجغرافيا والسياسة الضيقة، وهي التي تربك العدو وتُرهق المحتل، وتفتح الباب لإبداع نابع من الأرض والناس والحق، لا من الأنظمة والصفقات والتفاهمات المرحلية. بل إن المقاومة في عمقها الأصيل، كما يبيّن طه عبد الرحمن في كتابه "ثغور المرابطة، ليست موقفا سياسيا فحسب، بل مقام روحي، تُربى فيه النفس على العبودية الحقة، وتُختبر فيه الإرادة على مقام الصبر والتوكل، حيث تتحول المواجهة إلى نوع من المجاهدة، ويصبح الثغر الذي يُرابط عليه المقاوم ليس مجرد ساحة قتال، بل ساحة تزكية وتطهر، يتجدد فيها المعنى، ويُستعاد فيها الإنسان من بين أنقاض التشييء والارتهان.

فالمقاومة ليست مشروع قوة فقط، بل مشروع إحياء، ولا يمكن أن تستقيم ما لم تتصل بالغيب وتتشبّع بالأخلاق، إذ بدون هذا البعد، تتحول إلى رد فعل غريزي سرعان ما يُستهلك، بينما حين تُصبح مرابطة على الثغور بمعناها الوجودي، تصير فعلا دائما يعيد تشكيل الزمن ويُنبِت المعنى في أرضٍ جُرفت منها الروح.

والمقاومة، بخلاف المشاريع الأخرى، لا ترتبط بدولة أو نظام، بل هي وعي شعبي متجذر، لا يُخترق بسهولة، ولا يُستبدل حين تتغير التحالفات، بل يُراكم وعيه ويصنع واقعه بإرادته، ولهذا فإن القوى الكبرى تخشاه وتحاول ضربه أو تشويهه لأنه يعجزها عن السيطرة عليه.

ومن هنا فإن المقاومة هي خيار المستقبل، لأنها المشروع الوحيد الذي يجمع بين القيم والتحرر، بين الدين والكرامة، بين الوعي والقوة، في حين أن كل المشاريع القومية أو القُطرية أثبتت أنها تظل محدودة، بل وخادمة لغيرها في كثير من الأحيان، وربما تتحول إلى أدوات تُستخدم ضد الأمة نفسها.

لذا فإن الرهان الحقيقي لا يكون على حدود رسمها المستعمر، ولا على أنظمة ترعى مصالحه، بل على شعوب قادرة على قلب الطاولة حين تدرك أن المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل مشروع حياة شامل يعيد تشكيل الواقع ويعيد للأمة دورها ومكانتها بين الأمم.

مقالات مشابهة

  • المقاومة.. الأفق الحضاري في مواجهة القُطرية
  • حزب المصريين: تطوير كورنيش الإسكندرية يُعيد لعروس المتوسط جمالها ورونقها
  • لتعزيز التنسيق جنوبًا.. زيارة ميدانية لقائد القطاع الشرقي في اليونيفيل
  • مرسى عجمان والمنطقة التراثية يجذبان الزوار
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يدشّن مشروع توزيع لحوم الأضاحي في محافظة المهرة
  • بالصور.. ميادين وطرق الأحساء تتزين بالأضواء والتكبيرات احتفالًا بعيد الأضحى
  • مشروع استكمال وتطوير ميناء السخنة.. خطوة لتحويله إلى مركز لوجستي محوري.. صور
  • شاهد.. ملامح الفرح بالعيد الكبير في ميادين الغربية حاجة تانية
  • التفاصيل الكاملة لاستعدادات محافظة الإسكندرية لعيد الأضحى
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع (1.483) سلة غذائية في محافظة دمشق