منذ اندلاع الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ظل الشرق الأوسط ينزلق نحو شفا حرب إقليمية، لكن الأيام القليلة الأخيرة أظهرت أن حافة الهاوية يمكن أن تنهار بسرعة، وفقا لجوليان بورجر في تحليل بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian).

ويشن جيس الاحتلال حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأحد 21 ألفا و822 شهيدا، و56 ألفا و451 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

بورجر قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "خلال ساعات من اندلاع حرب غزة، بدأ حزب الله في لبنان بإطلاق النار على بلدات وقرى شمال إسرائيل؛ تضامنا مع الفلسطينيين، مما أدى إلى شن غارات جوية إسرائيلية. كما هاجمت قوات الحوثيين في اليمن السفن (الخاصة بالشحن والمرتبطة بإسرائيل) في البحر الأحمر".

وأضاف أن "الولايات المتحدة نقلت حاملتي طائرات والمجموعات الضاربة المرافقة لهما إلى المنطقة، حيث تعرضت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق لهجمات من الجماعات المرتبطة بإيران".

ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب الإسرائيلية" بغزة.

و"في الوقت نفسه اندلعت احتجاجات في الضفة الغربية على قصف المدنيين في غزة، وسرعان ما ركب المستوطنون اليهود المتطرفون موجة الغضب الإسرائيلي من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وترويع سكانها"، كما قال بورجر.

((1))

مواجهة مفتوحة

بورجر قال إن "كل من مسارح الصراع هذه قادر على إشعال حريق كبير في الشرق الأوسط. وأظهرت الأيام القليلة الماضية مدى سهولة التصعيد، سواء كان مقصودا أم لا، بما يمكن أن يدفع إسرائيل إلى مواجهة مفتوحة مع إيران، ويجذب الولايات المتحدة أيضا".

ولتف إلى أن غارة جوية إسرائيلية خارج دمشق، قبل أيام، قتلت شخصية بارزة في الحرس الثوري الإيراني، وهو رضي موسوي، الذي كان مسؤولا عن الاتصال العسكري بين سوريا وإيران، وقد توعد الحرس "النظام الصهيوني الغاصب والوحشي سيدفع ثمن هذه الجريمة".

وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

و"في الوقت نفسه، أطلق حلفاء طهران الحوثيون النار على قوة المهام البحرية "حارس الازدهار"، بقيادة الولايات المتحدة، والتي تم تجميعها لحماية الشحن في البحر الأحمر"، كما زاد بورجر.

وتابع: "وأسقطت السفن الحربية الأمريكية العشرات من الطائرات بدون طيار ومجموعة من الصواريخ الباليستية. وأصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانا قالت فيه إن واشنطن لديها "كل الأسباب للاعتقاد بأن هذه الهجمات، رغم شنها من جانب الحوثيين في اليمن، إلا أنه تم تمكينها بالكامل من قبل إيران".

ورجح بورجر أنه "إذا تعرضت سفينة حربية أمريكية لهجوم، فسيواجه بايدن (ديمقراطي) ضغوطا شديدة لاتخاذ رد حاسم، مع دخوله عام انتخابي (2024) وولايته معلقة في الميزان (يأمل في الفوز بولاية ثانية) ويتطلع الجمهوريون إلى التركيز على أي أثر للضعف".

((2))

عنصر متفجر

وبموازاة الحرب في غزة، كثف جيش الاحتلال عدوانه في الضفة الغربية المحتلة، فقتل 527 فلسطينيا وأصاب نحو 3 آلاف و800 بجروح واعتقل 4 آلاف و876، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

ووفقا لخالد الجندي، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإن "القوات الإسرائيلية تشن حملة مبالغة في محاولة لردع الانتفاضة في الضفة الغربية، تضامنا مع غزة".

وتابع: "العقلية الإسرائيلية تعتقد أنهم يمنعون انتفاضة ثالثة (بعد انتفاضتي الحجارة عام 1987 والأقصى 2000)، لكنني أعتقد أن الطريقة التي يعملون بها ربما تسبب في حدوث ذلك".

الجندي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "عنصر متفجر في الحالة القابلة للاشتعال في المنطقة".

وتسود ترجحيات في إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بشأن الإخفاقات في مواجهة "حماس" ستطيح بقادة سياسيين وعسكريين واستخباراتيين، في مقدمتهم نتنياهو.

ويُصر نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل البقاء في منصبه بعدها، من خلال إعادة الأسرى، وإنهاء حكم "حماس" المستمر لغزة منذ يونيو/ حزيران 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال القائم لفلسطين منذ عقود.

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

"وبصراحة، نتنياهو هو الذي يملي الشروط على جميع الجبهات.. في غزة، وعلى حدود لبنان، وفي جميع أنحاء المنطقة، ولأسباب تخصه، فهذه حربه وفي كل يوم يمضي فيها، فإننا نقترب من التوسع الإقليمي لهذه الفوضى"، كما أردف الجندي.

((3))

المصدر | جوليان بورجر/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

إقرأ أيضاً:

حماس: تصريحات نتنياهو تعكس عقلية إجرامية وتشكل خطرا على العالم

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الأربعاء، أن "تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعكس عقلية إجرامية مريضة، وتثبت ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب بحق أهلنا في غزة".

وقالت حركة حماس في بيان، إن "التصريحات الوقحة لمجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية نتنياهو، والتي أنكر فيها وجود مجاعة في قطاع غزة مُستشهداً باعتقال جيشه الفاشي آلاف المدنيين وتصويرهم عراة، وتناوله الساخر للمأساة الإنسانية التي صنعها في غزة؛ هو تعبير عن عقلية إجرامية مريضة باتت تشكّل خطراً على العالم، وعلى منظومة القوانين والقيم الإنسانية".

وأضافت أن "هذا التصريح ليس مجرد استخفاف بعقول العالم، بل هو اعتراف صريح بارتكاب جرائم إذلال جماعي، وتوثيق لما كشفته صور المعتقلين العُزّل الذين جُرّدوا من ملابسهم وأُهينوا أمام عدسات جنود الاحتلال".

وذكرت أن "هذه التصريحات الإجرامية تعبّر عن انفصال كامل عن السلوك الإنساني، واستهتار صارخ بمعاناة أكثر من مليوني نازح بلا طعام أو ماء أو دواء، قضى المئات منهم جوعاً ومرضاً وحرماناً، وفق تقارير أممية موثقة".

ودعت المؤسسات القضائية الدولية، وفي مقدمتها محكمتا العدل الدولية والجنائية الدولية، إلى توثيق هذه التصريحات الإجرامية، والعمل على استكمال إجراءات محاسبة الكيان الفاشي، وجلب قادته للعدالة.



وطالبت المجتمع الدولي بـ"عدم الاكتفاء بالإدانات، بل التحرّك العاجل لرفع الحصانة عن مجرمي الحرب قادة الاحتلال، وإيقاف هذه الجريمة المتواصلة، والانتهاك الفاضح للقوانين والمواثيق الدولية، المستمر منذ أكثر من 600 يوم".

واعترف نتنياهو مساء الثلاثاء، باعتقال آلاف الفلسطينيين في غزة وتصويرهم عراة، زاعما أنه لا تظهر عليهم آثار سياسة التجويع الممنهج التي تنتهجها إسرائيل في القطاع المحاصر منذ 600 يوم.

وقال نتنياهو مبررا سياسة التجويع ضد المدنيين في غزة، "نأخذ آلاف الأسرى ونصورهم ونطلب منهم خلع قمصانهم للتأكد من عدم وجود أحزمة ناسفة".

وتابع: "آلاف وآلاف من الأسرى يخلعون قمصانهم، ولا ترى أي واحد منهم هزيلا منذ بداية الحرب وحتى اليوم، بل ترون العكس تماما"، وفق تعبيره.

وأوصلت سياسات الاحتلال 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر لمدة 90 يوما بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزة
  • موقع عبري: مقترح ويتكوف الجديد يستجيب لمعظم طلبات إسرائيل ولا يضمن نهاية الحرب 
  • أولمرت .. غزة أرض فلسطينية و”إسرائيل” ترتكب جرائم حرب
  • عدن على حافة الانهيار وتحذيرات من موت جماعي بسبب تدهور الأوضاع المعيشية 
  • إشارات خاطفة رأيتها للتو في إسرائيل
  • نتنياهو: إسرائيل تغير وجه الشرق الأوسط وتعزز مكانتها كقوة إقليمية
  • حماس: تصريحات نتنياهو تعكس عقلية إجرامية وتشكل خطرا على العالم
  • إسرائيل: سلاسل بشرية وبالونات صفراء بمناسبة مرور 600 يوم على احتجاز الرهائن لدى حماس
  • كيف يعزّز فشل إسرائيل العسكري في غزة من مكاسب حماس الاستراتيجية والدولية؟
  • من إسرائيل وحماس والولايات المتحدة.. رسائل متضاربة عن الهدنة