الربط السككي مع إيران.. أيهجر أهالي شط العرب أم يقتل ميناء الفاو؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
شفق نيوز/ يثير الحديث عن مشروع الربط السككي بين العراق وإيران مخاوف بين أوساط من عامة العراقيين، حيث يطالب العشرات منهم بتعويضات "مجزية" لقاء مروره بأراضٍ تابعة لهم أقصى جنوبي البلاد، في حين يصف متخصصون في مجال السياسة والاقتصاد المشروع بأنه "غامض ويجري بسرعة كبيرة"، محذرين من قتل الواجهة الاقتصادية للعراق المتمثلة بميناء الفاو الكبير الذي يعتبر واحداً من 10 موانئ كبيرة في العالم.
ويتظاهر العشرات من أهالي قضاء شط العرب شرقي البصرة أقصى جنوبي العراق، خلال شهر كانون الاول الماضي، احتجاجا على الربط السككي مع الجانب الإيراني
مواطنون يطالبون بالتعويض
يقول الناشط المدني في قضاء شط العرب، جواد القطراني، إن "مواطني القضاء لا يعترضون على أمر الربط السككي بين العراق وإيران، لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بالحصول على تعويضات تتناسب مع ما يتركونه و يرحلون عنه لغير مكان".
ويضيف القطراني، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "التظاهرات التي حصلت مؤخراً في قضاء شط العرب لم تكن ضد مشروع الربط السككي بين العراق وإيران، وإنما كانت تطالب بتغيير المسار الخاص به حالياً، كون مساره يمر بالعديد من الأراضي المملوكة للمئات من المواطنين"، لافتاً إلى إن "عدد المواطنين الذي يعتدي عليهم المسار الحالي يتراوح بين الـ 1000 والـ1500 منزل".
ويشير القطراني، إلى أن "المسار المعترض عليه، يبلغ طوله 5 كيلومترات، حيث أن المواطنين باتوا معرضين لخسارة أراضيهم ومحالهم التجارية في هذه المنطقة، وما نطمح اليه هو الحصول على تعويضات تناسب ما سنتعرض له"، مشيراً إلى أن "الاعتراضات حول المشروع لن تجدي نفعاً، كون القانون بجانب الحكومة".
ويوضح القطراني، ان "المواطنين طالبوا بتدخل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من أجل حل موضوعهم، ولكنه لغاية الآن لم يرسل وفداً للقاء المواطنين والاستماع لطلباتهم".
التعويض وفق قرارات القضاء
تقول الحكومة المحلية في قضاء شط العرب بمحافظة البصرة، إن مشروع الربط السككي مع إيران، وحسب الاتفاقية الرسمية بين البلدين هو للسفر فقط ولن يكون لأغراض التجارة.
وذكر قائممقام قضاء شط العرب، حيدر طعمة لوكالة شفق نيوز، إن "موضوع الربط السككي مع إيران وحسب الاتفاقية بين الطرفين ينص على قضية نقل المسافرين فقط، ونبدي استغراباً كبيراً من قيام بعض الشخصيات بانتقاد هذا الربط"، لافتاً إلى أن "النهضة العمرانية في البلاد تقاس بمدى تطور النقل فيه، والتي تمثل السكك الحديدية أحد أعمدته".
وأضاف طعمة، إن "قضية نقل البضائع التي يتم التحدث عنها في وسائل الإعلام، هي ليست بالقضية السهلة، واللجوء إلى ربط السكك الحديدية بين العراق وإيران، هو للاقتصاد في استهلاك الوقود وزيادة الأمان في الطرق بين البلدين"، مبينا إن "الحديث عن إزالة 5000 منزل لغرض أكمال الربط السككي غير صحيح، وأن المنازل التي ستمر خلالها سكة القطار هي منازل معدودة".
وتابع قائممقام قضاء شط العرب، أن "هناك ناشطين قاموا بتضخيم قضية إزالة الدور السكنية، التي هي بالحقيقة غالبيتها دور متجاوزة على الأرض التابعة للدولة، وبعضها أملاك خاصة "، مشيراً إلى إن " الحكومة المحلية في القضاء والجهات المختصة في المركز، لن تتوانى في تعويض المواطنين الذين تعرضوا للضرر بسبب المشروع، وسيكون تعويض أصحاب الأملاك الخاصة، حصراً عن طريق المحاكم المختصة، أما المتجاوزين فهناك خطط وضعت لنقلهم لمكان آخر وتأمين العيش الكريم لهم".
ووصفت إيران في وقت سابق، عن طريق نائب رئيس جمهوريتها الأول، محمد مخبر، مشروع الربط السككي مع العراق بـ"الحدث المبارك"، مؤكدة أن المساعي من المشروع ستحدث قفزة كبيرة في أسواق التبادل التجاري في المنطقة، حيث سيرتفع سقف التبادل التجاري مع العراق إلى 30 مليار يورو سنوياً ، فيما سيصل نقلنا التجاري عبر هذا الربط الى حدود البحر المتوسط، فضلا عن توفير الأرضية المناسبة لربط العتبات المقدسة بين البلدين في المستقبل.
قاتل ميناء الفاو
في هذا الإطار شن، عضو مجلس النواب العراقي ووزير النقل الأسبق، عامر عبد الجبار، هجوماً حاداً على قضية الربط السككي مع إيران، معتبراً إياه رصاصة الرحمة في جسد ميناء الفاو الكبير.
وقال عبد الجبار، لوكالة شفق نيوز، إن "الربط السككي مع إيران لم يحدد بنقل المسافرين بل سيشمل البضائع أيضاً"، لافتا إلى أن "التصريحات الحكومية حول اقتصار الطريق على المسافرين فقط، غير صحيحة ولدينا الكثير من الأدلة التي تؤكد ما نقوله".
وأضاف، إن "مشروع الربط السككي، أطلق رصاصة الرحمة في جسد ميناء الفاو الكبير، وقتل أهميته الإستراتيجية، حيث إن خطوة الربط السككي تخدم المصالح الإيرانية بالدرجة الأولى".
وأشار عبدالجبار، إلى إن "العراق سيمنح الكويت، ربطا سككيا خلال الفترة المقبلة، مما يجعلها تستأنف العمل في إكمال ميناء مبارك، بعد ما أوقفت العمل فيه منذ 2019 عندما رفضت الحكومة العراقية آنذاك منح إيران الربط السككي"، مستغرباً "إصرار الحكومة الحالية على منح إيران ربط سككي بحمولة محورية قدرها 25 طناًً لكل محور".
ملف غامض
من جانبه يقول الخبير في الشأن الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، ان ملف الربط السككي مع إيران، غير شفاف وغامض، حيث أن غالبية المختصين لا يملكون الكثير من البيانات عنه، وإن ما نحصل عليه من معلومات عبر وسائل الإعلام الإيرانية أكثر بكثير من تقوله الحكومة العراقية لنا.
ويذكر المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الاعتقاد السائد بين الخبراء المختصين، هو أن المشروع سيقتل بشكل كبير ميناء الفاو الكبير"، مؤكداً أن " المشروع يحمل جنبة سياسية أكثر من جنبته الاقتصادية في الوقت الحالي، حيث أن الربط الحالي، هو ربط مستعجل عليه بشكل كبير".
وأوضح، إن "الاستعجال يتمثل بمحاولة إيران منذ زمن حيدر ألعبادي مروراً بعادل عبد المهدي، والى مصطفى الكاظمي، وأخيراً محمد شياع السوداني، لغرض إكمال هذا الربط بمسافة لا تتجاوز الـ25 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية وعلى نفقتها الخاصة، حيث إن العراق كان الأجدر به الانتظار لحين تشغيل المرحلة الأولى من ميناء الفاو الكبير، وعندها بإمكانه إعطاء الربط السككي لأي دولة جارة معه".
وتابع، ان "إعطاء الربط السككي مع إيران كأولوية قبل إكمال المرحلة الأولى من ميناء الفاو، يمثل خطر كبير على مستقبل الخطط الاقتصادية البحرية للعراق، كون إن افتتاح الربط قبل إكمال الميناء من قبل العراق، يعني إن البضاعة سيكون مستقرها في ميناء بندر عباس الإيراني، وبالتالي سيتم نقلها عبر السكك الحديدية التي تربط العراق بإيران ومن ثم إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط مستقبلاً".
ولفت المشهداني، إلى أن " ميناء الفاو يعتبر واحداً من أكبر 10 موانئ عالمية في حال لو تم إكماله، كونه ذو إطلالة مباشرة إلى البحر عند رأس البيشة دون أي مضايقة من الجانبين الإيراني أو الكويتي، وهو مخطط له أن يكون الطريق المكمل لقناة السويس باتجاه أوروبا، إلا إن إقدام الحكومة على الربط السككي مع دول تملك موانئ جاهزة في الوقت الحالي وتم توسيع بعضها مؤخراً سيجعل الميناء الخاص بك في خطر خلال المستقبل عند افتتاحه".
وفي الثاني من أيلول 2023، وضع حجر الأساس لمشروع الربط السككي بين منطقة شلمجة الإيرانية ومدينة البصرة العراقية، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحضور نائب الرئيس الإيراني، محمد مخبر.
وتحدث السوداني حينها عن أهمية المشروع في نقل المسافرين وزائري العتبات المقدسة من إيران وبلدان وسط آسيا، فضلاً عن أهميته في تعزيز البنى التحتية لاقتصاد العراق، في حين قال المسؤول الإيراني إنه سوف يؤدي إلى تحقيق "قفزة هائلة في التبادل التجاري مع العراق".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق شط العرب إيران الربط السككي ميناء الفاو الكبير الربط السککی مع إیران مشروع الربط السککی میناء الفاو الکبیر بین العراق وإیران الربط السککی بین لوکالة شفق نیوز إلى أن
إقرأ أيضاً:
بغداد 2025: قمة العرب بين الطموح والواقع 2/2
مايو 15, 2025آخر تحديث: مايو 15, 2025
المستقلة/- يترقب العراق، بعد سنوات من الأزمات والتحديات، استضافة القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد يوم السبت (17 أيار 2025)، كفرصة لتأكيد دوره المحوري على الساحة العربية والإقليمية. لكن رغم الحفاوة الرسمية والاستعدادات المكثفة التي تحظى بدعم سياسي واسع، يثار جدل متزايد حول مدى قدرة القمة على تجاوز الشعارات والحوارات التقليدية لتقديم حلول واقعية لمشاكل المنطقة.
الاستعدادات السياسية الرسمية: زخم حكومي غير مسبوقأشاد عدد من السياسيين العراقيين بالجهود الحكومية لاستضافة القمة، معتبرين أن انعقادها في بغداد هو تأكيد على عودة العراق إلى “البيت العربي” ومركز القرار، خاصة مع توقيت انعقادها في ظل تصاعد التحديات السياسية والاقتصادية على مستوى الإقليم. تصريحات قيادات مثل نوري المالكي وجاسم العرادي تعكس التفاؤل بأن القمة ستكون نقطة تحول نحو تعزيز التعاون العربي وتوحيد المواقف.
في المقابل، يطرح مراقبون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه القمة ستتمكن بالفعل من توحيد الصفوف في مواجهة التحديات الإقليمية الحادة، خاصة في ظل الخلافات السياسية المتراكمة بين بعض الدول العربية، إضافة إلى القضايا الإقليمية الحساسة التي غالباً ما تعصف بجدول الأعمال العربي.
تحديات جدية تواجه العراقبالرغم من الدعم الرسمي، لا يمكن تجاهل الأزمات الداخلية التي ما زالت تعاني منها البلاد، من انقسامات سياسية وأزمات أمنية واقتصادية، والتي قد تعيق قدرة العراق على ترجمة استضافة القمة إلى مكاسب عملية ملموسة. كما أن توقعات كثيرة تشير إلى أن المواقف المتباينة بين الدول المشاركة ستقود إلى اتفاقيات بروتوكولية أكثر منها خطوات تنفيذية فعالة.
وأعرب بعض السياسيين العراقيين عن أملهم في أن تخرج القمة بقرارات قوية وموحدة، لكنها تواجه خطر أن تتحول إلى مجرد استعراض سياسي، خصوصاً في ظل غياب إرادة حقيقية لحل أزمات المنطقة المعقدة، مثل النزاعات في سوريا واليمن وفلسطين.
الدعوات لتضامن عربي حقيقي.. هل هو ممكن؟الشيخ قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، طالب القادة العرب بأن يتحملوا مسؤولياتهم وأن تكون القمة “على مستوى التحديات”، مؤكدًا ضرورة دعم القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى. لكن هذا الطموح يلقى حواجز متكررة على أرض الواقع، إذ تستمر الخلافات والاختلافات الجيوسياسية التي تعيق أي تعاون عربي فعال.
في الوقت نفسه، يشير بعض الخبراء إلى أن العراق بحاجة إلى حراك سياسي واقتصادي داخلي أعمق قبل أن يتمكن من قيادة تحولات إقليمية كبيرة، مؤكدين أن مجرد استضافة القمة لا تكفي لإعادة بناء الدور العربي للعراق.
خلاصة: القمة بين الأمل والانتظارفي الوقت الذي تتجه الأنظار نحو بغداد لاستقبال قادة العرب، يبقى السؤال الأكبر: هل ستكون هذه القمة بداية جديدة لتوحيد العرب في مواجهة تحديات حقيقية، أم أنها ستظل صفحة أخرى في تاريخ الاجتماعات التي لا تُترجم إلى واقع ملموس؟
الإجابة على هذا السؤال لا تزال بيد القادة المشاركين وإرادتهم السياسية، بينما يبقى العراقيون بانتظار نتائج القمة وتأثيرها على واقعهم اليومي، في بلد يتطلع إلى الاستقرار والازدهار وسط ظروف إقليمية معقدة.