السودان يستدعي سفيره لدى كينيا احتجاجا على زيارة دقلو لنيروبي
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
استدعت الحكومة السودانية يوم الخميس، سفيرها لدى نيروبي للتشاور احتجاجا على استقبال الرئيس الكيني وليام روتو قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وقال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق في بيان نشرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) إن "السودان استدعى سفيره في نيروبي للتشاور احتجاجا على الاستقبال الرسمي الذي نظمته الحكومة الكينية لقائد ميليشيا التمرد لدى زيارته إليها أمس الأربعاء، متناسية الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قواته المحلولة والدمار الذي ألحقته بالبنى التحتية ومقدرات البلاد وممتلكات المواطنين ".
وأضاف الوزير أن "التشاور مع السفير سيغطى كل الاحتمالات لمآلات علاقات السودان مع كينيا التي ظلت منذ اندلاع الحرب الغادرة في البلاد توالى التمرد وتستضيف قادته وداعميه، فضلا عن التآمر مع القوى الإقليمية المعادية ضد السودان".
وقد اندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو في منتصف أبريل 2022.
وأدت الحرب إلى سقوط 12 ألف قتيل وفق تقدير لمنظمة "أكليد" يعتقد على نطاق واسع أنه أدنى من الحصيلة الفعلية. كما تسببت المعارك بتهجير أكثر من سبعة ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.
ومنذ اندلعت الحرب نادرا ما خرج دقلو إلى العلن إذ أنه كان يتحدث بشكل رئيسي من خلال رسائل صوتية. لكن هذا الجنرال الملقب بـ"حميدتي" زار في الأيام الأخيرة عواصم إفريقية عديدة واجتمع مع قادة أوغندا وجيبوتي وكينيا وجنوب إفريقيا وإثيوبيا.
وفي كلمة ألقاها البرهان ليلة رأس السنة بمناسبة ذكرى استقلال السودان، دعا الدول التي تستقبل "هؤلاء القتلة" إلى التوقّف عن التدخل "في شأننا لأنّ أيّ تسهيلات تُقدّم لقيادة المجموعة المتمرّدة تعتبر شراكة في الجُرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره".
وتشهد العلاقات بين السودان وكينيا توترا منذ أشهر، حيث اتهمت الخارجية السودانية نيروبي مرارا بالانحياز إلى قوات الدعم السريع.
وباءت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إجراء مفاوضات سلام في السودان بالفشل حتى الآن، وبينها جهود بذلتها الولايات المتّحدة والمملكة العربية السعودية، ومؤخراً الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد)، وميدانيا تتقدم "قوات الدعم السريع" منذ أشهر في كل أنحاء البلاد، مواجهة مقاومة ضعيفة من الجيش.
وتسيطر قوات الدعم السريع حاليا على شوارع العاصمة الخرطوم، وعلى كل منطقة غرب دارفور الشاسعة تقريبا، ودخلت ولاية الجزيرة في وسط شرق البلاد.
المصدر: RT + وكالات
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الجيش السوداني انقلاب السودان عبد الفتاح البرهان قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
زوبعة الحكومة الموازية في السودان
يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.
الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.
الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.
داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.
ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.
وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.
الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.
المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.
الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.
الشرق الأوسط