اليوم التالي لحرب غزة.. سيناريوهات مختلفة بهدف إنهاء الحرب
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
مع اقتراب الصراع في غزة من عتبة الثلاثة أشهر، بدأ إسرائيليون وفلسطينيون وأميركيون وآخرون التحدث بانفتاح أكبر عما سيعقب انتهاء الحرب.
لن ترضي أي من الخطط التي تجري مناقشتها رغبات جميع الأطراف، لكنها ستقدم إطار عمل لأي مفاوضات قد تحدث، وفقا لرويترز.
وتقول إسرائيل إن حركة حماس قتلت 1200 شخص واحتجزت 240 رهينة خلال التوغل عبر الحدود من غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
صار وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الخميس، أحدث مشارك في الصراع يوضّح تفاصيل ما وصفها بأنها خطة "لليوم التالي".
وتضع الخطة تصورا أن يحكم الفلسطينيون من دون حماس، وأن تعيد وحدة مهام إعمار القطاع، وأن تضطلع مصر بدور بارز، وأن يمتلك الجيش الإسرائيلي الحرية في تنفيذ العمليات حسب الحاجة لضمان ألّا تشكل غزة بعد ذلك أي تهديد أمني.
وذكر غالانت في بيان "لن تحكم حماس غزة، لن تحكم إسرائيل مدنيي غزة. سكان غزة فلسطينيون، لذلك ستتولى هيئات فلسطينية المسؤولية، بشرط ألا توجد أعمال عدائية أو تهديدات لدولة إسرائيل".
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، اضطلاع السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما محدودا في الضفة الغربية المحتلة بدور في قطاع غزة.
وقدم غالانت قليلا من التفاصيل حول ما سيبدو عليه الحكم الفلسطيني.
وقال: "ستستغل الهيئة التي ستسيطر على الأراضي قدرات الآلية الإدارية الحالية (المجتمعات المدنية) في غزة، وهي جهات محلية غير عدائية".
وذكر غالانت أن القتال سيستمر حتى تحرير 132 رهينة متبقين، وقضاء إسرائيل على قدرات حماس العسكرية والحوكمية، والتخلص من التهديدات العسكرية من قطاع غزة.
الولايات المتحدةسيعقد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مزيدا من المناقشات حول الكيفية التي ستُدار بها غزة إذا حققت إسرائيل هدفها بالقضاء على حماس وحين تحققه. وبدأ بلينكن، الجمعة، جولة دبلوماسية جديدة في الشرق الأوسط.
وتدير حماس قطاع غزة منذ عام 2007.
وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الخميس: "ما أوضحناه هو أننا نريد أن نرى على المدى الطويل تحقق إعادة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت حكم بقيادة فلسطينية، وذلك ما نعمل على تحقيقه".
وأضاف "ندرك أن سيكون بالطبع ثمة حاجة إلى فترة انتقالية، لكن تلك هي الرؤية التي سترون الوزير يحرز تقدما فيها خلال هذه الرحلة على مدى الأسبوع المقبل".
مصرلعبت مصر، جارة إسرائيل وشريكتها في معاهدة السلام، الموقعة عام 1979، دور الوسيط في المفاوضات الإسرائيلية مع حركة حماس طيلة سنوات.
وقال مصدران أمنيان مصريان لرويترز، الشهر الماضي، إن حماس وحركة الجهاد الإسلامي المتحالفة معها رفضتا اقتراح القاهرة بأن تتخليا عن السلطة من أجل إقرار وقف دائم لإطلاق النار.
وأشار المصدران إلى أن مصر اقترحت إجراء انتخابات وقدمت ضمانات لحماس بعدم ملاحقة أعضائها أو محاكمتهم، لكن الحركة رفضت تقديم أي تنازلات سوى إطلاق سراح المحتجزين.
حماسردا على الاقتراح المصري، قال مسؤول في حماس لرويترز إن مستقبل غزة لا يمكن أن يحدده سوى الفلسطينيون أنفسهم مما يجعل أي تنازل عن السلطة تحت تهديد إسرائيلي غير مقبول.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في خطاب بثه التلفزيون، الشهر الماضي: "أي ترتيب في غزة أو بشأن القضية الفلسطينية من دون حماس أو فصائل المقاومة هو وهم وسراب".
وقالت حماس إنها سترحب بحكومة وحدة وطنية مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى، لكن زعماءها رفضوا هذا الأمر في الآونة الأخيرة كشرط لوقف إطلاق النار وبالتأكيد ليس شرطا تمليه إسرائيل والولايات المتحدة.
السلطة الفلسطينيةدعا رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى وقف فوري للحرب في قطاع غزة وعقد مؤتمر دولي للسلام للتوصل إلى حل سياسي دائم يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وجدد عباس في مقابلة أجرتها معه رويترز، في الثامن من ديسمبر، تأكيد موقفه الثابت لصالح التفاوض بدلا من المقاومة المسلحة لإنهاء الاحتلال الذي طال أمده.
وأشار مسؤول أميركي كبير إلى مناقشة فكرة عقد مؤتمر دولي بين شركاء مختلفين، لكن الاقتراح لا يزال في مرحلة أولية للغاية.
وقال عباس إنه بناء على اتفاق دولي ملزم، فإنه سيعمل على إحياء السلطة الفلسطينية الضعيفة وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تم تعليقها بعد فوز حماس، في عام 2006، وإبعاد السلطة الفلسطينية بعدها من غزة.
ولم يطرح عباس رؤية ملموسة لخطة ما بعد الحرب التي تمت مناقشتها مع المسؤولين الأميركيين والتي بموجبها ستتولى السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع.
وقال نتانياهو إن إسرائيل لن تقبل بحكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة بالشكل الحالي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هدنة مؤقتة خدعة دائمة: لا بديل عن إنهاء الحرب
انقلبت الأمور رأسا على عقب لتعكس توازنا جديدا في غزة طالما أصرت حكومة نتنياهو المتطرفة على إنكاره. وبين يومي الجمعة 25 والأحد 27 من الشهر الجاري انتقلت السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة من النقيض إلى النقيض، من إعلان خطة لشن هجوم شامل على دير البلح، إلى وقف الهجوم وتحويل دير البلح إلى واحدة من مناطق ثلاث يتوقف فيها إطلاق النار يوميا لمدة عشر ساعات.
ومن سحب الوفد الإسرائيلي من المفاوضات في الدوحة، إلى إعلان أن المشاورات بين أطراف المفاوضات مستمرة ولم تتوقف، بما في ذلك الاتصالات بين المفاوض الأمريكي والمسؤولين القطريين، والاتصالات مع القاهرة بشأن فتح معبر كرم أبو سالم لمرور المساعدات الإنسانية.
هذا الانقلاب التكتيكي في الموقف الإسرائيلي من طرف واحد خارج نطاق المفاوضات، مع أنه يسمح بمرور مساعدات إنسانية تحت إشراف الجيش الإسرائيلي إلى مناطق محددة في قطاع غزة، تتمتع دون غيرها بهدنة إنسانية لمدة 10 ساعات يوميا، فإنه يسهم في خلق وضع قد يتعايش فيه العالم مع بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة، ويسمح لإسرائيل بامتصاص غضب أهالي المحتجزين، والغضب الدولي، بادعاء أنها تقدم لحماس تنازلات مجانية من دون مقابل، وأن حماس هي التي ترفض تسليم المحتجزين.
كنت قد تناولت في الأسبوع الماضي معضلة مفاوضات الدوحة، وقلت إنها دخلت في طريق مسدود، لأنها تحاول النجاح بواسطة صفقة جزئية بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما يتم فيها تبادل الأسرى والمحتجزين على الجانبين. وتوقفت المفاوضات في الأسبوع الماضي.
ودعا الرئيس الأمريكي صراحة إلى «قتل حماس». وأعلنت حكومة تل أبيب النازية أنها تتشاور مع البيت الأبيض بشأن بدائل أخرى لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين.
وكنت قد أشرت في مقالات سابقة، بما فيها مقال الأسبوع الماضي إلى أن نتنياهو يحلم باستعادة الأسرى بعملية عسكرية خاطفة، وأنه أصدر أوامره إلى جيش الاحتلال بشن عملية عسكرية شاملة في دير البلح، التي يُعتقد أن حماس وفصائل المقاومة أقامت فيها مواقع احتجاز الرهائن الإسرائيليين. الآن، وبعد الانقلاب التكتيكي، صرفت إسرائيل النظر عن عملية دير البلح (من دون تصريح)، وأعلنت هدنة إنسانية جزئية مؤقتة، قد تستمر أسابيع أو أشهر، وفتحت معبر كرم أبو سالم لعبور المساعدات الإنسانية من مصر تحت سيطرة جيش الاحتلال، وسمحت لمنظمات الأمم المتحدة باستقبال وإدارة قوافل الإغاثة الإنسانية.
وفي الوقت نفسه تراجع ترامب عن تصريحاته السابقة، داعيا الى وقف الحرب في صفقة شاملة تضمن استعادة المحتجزين. في هذا السياق يصبح من الضروري إعادة زيارة مسرح العمليات لتحديد ملامح الموقف العملياتي التكتيكي وعلاقته باستراتيجية الحرب لدى كل من الطرفين.
وكنت قد استشهدت في الأسبوع الماضي بوجهتي نظر تتعلقان بتقييم الوضع على مسرح العمليات، واحدة يتبناها السفير دينيس روس مسؤول ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض لفترة طويلة، تقول بعدم جدوى المفاوضات ذات الأهداف الجزئية التي تقل عن هدف إنهاء الحرب.
والثانية يتبناها أحد أهم أساتذة العلوم السياسية في إسرائيل هو البروفيسور عازار غات، تتعلق باستراتيجية الحرب الإسرائيلية يقرر فيها أن ما لم تحققه الحرب في أكثر من عام ونصف العام، ربما لا يمكن تحقيقه على الإطلاق. وجهة نظر دينيس روس تفيد بفساد المفاوضات ما لم يكن الهدف منها هو إنهاء الحرب. بينما وجهة نظر عازار غات تفيد بفساد أهداف الحرب التي يشنها نتنياهو على غزة، وتدعو إلى إعادة تحديدها.
وقف إطلاق نار من طرف واحد
نص إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي على أن وقف إطلاق النار لمدة 10 ساعات يوميا يشمل ثلاث مناطق هي، المواصي الساحلية في وسط جنوب غزة، ودير البلح في الوسط، ومدينة غزة في الشمال. وتشكل هذه المناطق مجتمعة ما يعادل 25 في المئة تقريبا من مساحة قطاع غزة، ويقيم فيها حاليا معظم السكان المدنيين.
وعندما سألت صحيفة «جيروسالم بوست» المتحدث باسم الجيش عن مدة وقف إطلاق النار، رد بالقول: «حتى إشعار آخر»، ما يعني أن هذه الترتيبات قد تستمر لأسابيع أو حتى أشهر. وقد يكون هذا الإجراء بداية لتطبيق خطة تقسيم قطاع غزة إلى أربع مناطق، الأولى تحت الاحتلال تماما تتخلل قطاع غزة بأكمله، طولا وعرضا، بمساحة تعادل 75 في المئة من أرض القطاع (حوالي 270 كم مربع)، وثلاث مناطق فلسطينية منفصلة عن بعضها بمساحة كلية في حدود 70 كم مربع على النحو التالي: (1) مدينة غزة، وتكون محاطة بمحورين عسكريين، محور في الشمال يفصلها عن شمال قطاع غزة وإسرائيل، ومحور آخر إلى الجنوب يفصلها عن وسط القطاع. (2) منطقة دير البلح في الوسط، يفصلها محور عسكري عن جنوب القطاع. (3) منطقة المواصي الساحلية في غرب جنوب القطاع، يفصلها محور فيلادلفيا عن الحدود المصرية.
كما تتضمن الخطة عزل مناطق غرب قطاع غزة عن الشرق باتجاه مستوطنات «غلاف غزة» بمحور رأسي يمتد من الشمال إلى الجنوب، بعمق يتراوح بين كيلومترين في الشمال (شرق مدينة غزة) إلى ثلاثة كيلومترات في الجنوب. وبمقتضى الترتيبات المعلنة للخطة الإسرائيلية الجديدة، فإن الهدف الأكبر «تكتيكيا» أصبح إبقاء سيطرة الجيش على ثلاثة أرباع قطاع غزة، مع امتصاص الضغوط الدولية لتحرير تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بفتح معبر كرم أبوسالم، تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي تماما، لمرور المساعدات التي يقرر الجيش إدخالها بعد الفحص، ومنع ما لم يتم التصريح به من الدخول، وهو ما يتيح لإسرائيل التحكم في عدد قوافل الإغاثة ونوعية المواد التي تحملها.
وتتضمن التعديلات كذلك التراجع عن مصادرة دور الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، والسماح لها بتوزيع شحنات المساعدات على الفلسطينيين داخل المعازل الثلاثة المنفصلة. هذه الترتيبات الجديدة لا تمنع المتطرفين الإسرائيليين وعصابات البلطجية التي أنشأها جهاز الشاباك من العمل على استهداف قوافل الإغاثة ونهبها في الطريق وتعريض حياة القائمين عليها من سائقين وإداريين للخطر، بل إن وحدات من الجيش الإسرائيلي نفسه قد تسهم في ضرب القوافل وتسهيل نهبها.
إن ما ينطوي عليه الانقلاب التكتيكي في موقف إسرائيل من الحرب في غزة، هو القفز على المفاوضات، ومحاولة إقامة حقائق جديدة على الأرض، كان المفاوض الفلسطيني قد رفضها مثل خطوط المناطق العازلة، وخطوط انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الحقائق الجديدة على الأرض، التي تقيمها إسرائيل من طرف واحد يمكن أن تتراجع عنها من طرف واحد أيضا، لأنها تتم من دون التزام. ومن ثم فإن الترحيب بالترتيبات ذات الطابع الإنساني في قطاع غزة، التي تتم في إطار هذا الانقلاب التكتيكي، يجب أن يترافق مع التأكيد على ضرورة تأمين قوافل الإغاثة، وخطورة استمرار الاحتلال، وضرورة استمرار مفاوضات إنهاء الحرب، ووضع جدول زمني وخريطة جغرافية لإنهاء الاحتلال تماما.
وهنا فإننا نعيد التأكيد على أن الترتيبات كافة المتفق عليها، يجب النص عليها بدقة، ضمن اتفاق تفاوضي شامل، من خلال خطوتين متلازمتين، الأولى هي إصدار إعلان سياسي بإنهاء الحرب تماما وإقامة علاقات للتعايش على أسس المساواة وعدم التهديد بالحرب. والثانية هي وضع آليات وخرائط جغرافية وزمنية لانسحاب قوات الاحتلال وإنهاء الحرب، وتبادل جميع الأسرى والمحتجزين دفعة واحدة.
ومن الضروري أن ينص الإعلان السياسي على وجود ضمانات دولية بعدم الاعتداء، وحماية الفلسطينيين. ومن المهم تحويل الإعلان السياسي إلى قانون يوافق عليه الكنيست الإسرائيلي، غير قابل للإلغاء أو التعديل من طرف واحد لفترة زمنية تصل إلى 25 عاما، ما يضمن استقرار الوضع في غزة بصرف النظر عن التغييرات الحكومية في إسرائيل، ويحقق تحييد النفوذ السياسي للقوى الصهيونية الدينية المتطرفة.
من يوقع الإعلان عن الجانب الفلسطيني؟
حتى الآن لا تمثل السلطة الفلسطينية شريكا في مفاوضات الدوحة بشأن إنهاء الحرب في غزة. وليس من المنطقي أن توقع حماس وفصائل المقاومة في غزة إعلانا بإنهاء الحرب من دون أن تكون شريكا في مرحلة صنع السلام وإعادة البناء.
وهنا تبدو المعضلة التي تواجهها السلطة الفلسطينية في رام الله، التي تدعو قيادتها إلى تجريد حماس من السلاح، وحرمانها من أي دور في غزة في اليوم التالي لإنهاء الحرب. ومن ثم فإن مسألة وحدة البيت الفلسطيني تعود إلى الواجهة مرة أخرى، بحثا عن صيغة عملية سياسيا قابلة للتنفيذ، وليس صيغة مبنية على أساس أيديولوجي، محملة بروح الانتقام وتصفية الحسابات.
القدس العربي